responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 3  صفحه : 357
وَذَلِكَ مِمَّا يُعْرَفُ بِالْبَيَانِ، وَالْوَصْفُ يُوَجَّهُ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ عَلَى مَا نُبَيِّنُ فَوَجَبَ الْمَصِيرُ إلَيْهِ كَالْأَثَرِ الدَّالِّ عَلَى غَيْرِ الْمَحْسُوسِ، وَأَمَّا الْخَيَالُ فَأَمْرٌ بَاطِلٌ لِأَنَّهُ ظَنٌّ لَا حَقِيقَةَ لَهُ وَلِأَنَّهُ بَاطِنٌ لَا يَصْلُحُ دَلِيلًا عَلَى الْخَصْمِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQهُوَ الصِّدْقُ، وَكَذَلِكَ أَيْ وَكَمَا نَعْرِفُ صِدْقَ الشَّاهِدِ بِمَا ذَكَرْنَا نَعْرِفُ الصَّانِعَ جَلَّ جَلَالُهُ بِالِاسْتِدْلَالِ بِآثَارِ صُنْعِهِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ تَعَالَى فِي آيَاتٍ كَثِيرَةٍ مِثْلُ قَوْله تَعَالَى {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ} [البقرة: 164] وَإِلَى قَوْلِهِ {لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} [البقرة: 164] وَقَوْلُهُ عَزَّ اسْمُهُ {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ} [الروم: 20] إلَى قَوْلِهِ {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ بِأَمْرِهِ} [الروم: 25] وَقَوْلُهُ جَلَّ ذِكْرُهُ {إِنَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} [الجاثية: 3] إلَى آخَرِ الْآيَاتِ وَقَالَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: الْبَعْرَةُ تَدُلُّ عَلَى الْبَعِيرِ وَآثَارُ الْمَشْيِ تَدُلُّ عَلَى الْمَسِيرِ، وَهَذَا الْهَيْكَلُ الْعُلْوِيُّ وَالْمَرْكَزُ السُّفْلِيُّ أَمَا تَدُلَّانِ عَلَى الصَّانِعِ الْعَلِيمِ الْخَبِيرِ، وَاسْتِدْلَالًا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُنْتَصِبًا عَلَى الْحَالِ إذْ الْمَصْدَرُ يَقَعُ حَالًا يُعْرَفُ الصَّانِعُ مُسْتَدِلِّينَ بِإِثَارِ صُنْعِهِ.
وَذَلِكَ أَيْ مَعْرِفَةُ الصَّانِعِ إنَّمَا يُعْرَفُ بِالْوَصْفِ وَالْبَيَانِ يَعْنِي أَنَّا إنَّمَا نَعْرِفُ حُصُولَ الْمَعْرِفَةِ لِلْمُسْتَدِلِّ إذَا قَدَرَ عَلَى الْوَصْفِ وَالْبَيَانِ بِوَجْهٍ مُجْمَعٍ عَلَيْهِ بِأَنْ يَقُولَ: الْأَشْيَاءُ الْمُحْكَمَةُ الْمُتْقَنَةُ مَوْجُودَةٌ عَلَى وَجْهٍ تَقْتَضِيهِ الْحِكْمَةُ فَعَرَفْنَا أَنَّ لَهَا مُوجِدًا وَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ وَاحِدًا حَيًّا قَدِيمًا عَالِمًا قَادِرًا حَكِيمًا وَبَيْنَ سَائِرِ الْأَوْصَافِ الَّذِي يَجِبُ الْإِيمَانُ بِهِ لَا أَنْ يَقُولَ عَرَفْت بِالِاسْتِدْلَالِ أَنَّهُ مُتَمَكِّنٌ، أَوْ ذُو جِهَةٍ، أَوْ ذُو صُورَةٍ؛ لِأَنَّا لَا نَرَى فِي الشَّاهِدِ مَوْجُودًا إلَّا مُتَحَيِّزًا أَوْ ذَا جِهَةٍ، أَوْ ذَا صُورَةٍ فَإِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِاسْتِدْلَالٍ بَلْ هُوَ ضَلَالٌ فَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ بِوَجْهٍ مُجْمَعٍ عَلَيْهِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ عَلَى مَا نُبَيِّنُ يَعْنِي فِي بَابِ الْعَقْلِ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ إشَارَةٌ إلَى الْجَوَابِ عَنْ قَوْلِهِمْ: الْأَثَرُ لَيْسَ بِمَحْسُوسٍ فَوَجَبَ النَّقْلُ إلَى تَحْكِيمِ الْقَلْبِ وَإِنَّ ذَلِكَ إشَارَةً إلَى الْأَثَرِ يَعْنِي أَثَرَ الْوَصْفِ إنْ لَمْ يَكُنْ مَحْسُوسًا فَهُوَ مِمَّا يُعْرَفُ بِالْبَيَانِ وَالْوَصْفِ بِوَجْهٍ مُجْمَعٍ عَلَيْهِ أَيْ بِأَنْ تَبَيَّنَ ظُهُورُ أَثَرِهِ فِي مَحَلٍّ مُجْمَعٍ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَوْ بَيَّنَهُ فِي مَحَلٍّ مُخْتَلِفٍ فِيهِ لَمْ يَصْلُحْ لِلْإِلْزَامِ عَلَى الْخَصْمِ عَلَى مَا نُبَيِّنُ أَيْ فِي هَذَا الْبَابِ.

وَإِذَا كَانَ الْأَثَرُ مِمَّا يُعْلَمُ بِالْوَصْفِ وَالْبَيَانِ وَجَبَ الْمَصِيرُ إلَيْهِ لِمَعْرِفَةِ صِحَّةِ الْوَصْفِ كَمَا يَجِبُ الْمَصِيرُ إلَى الْأَثَرِ الْمَحْسُوسِ الدَّالِّ عَلَى غَيْرِ الْمَحْسُوسِ، مِثْلُ الْبِنَاءِ الدَّالِّ عَلَى الْبَانِي وَالسَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الدَّالَّةِ عَلَى وُجُودِ الصَّانِعِ عَزَّ وَجَلَّ وَيُؤَيِّدُهُ مَا ذَكَرَ الشَّيْخُ فِي مُخْتَصَرِ التَّقْوِيمِ أَمَّا قَوْلُهُمْ الْأَثَرُ غَيْرُ مَحْسُوسٍ فَمُسَلَّمٌ لَكِنَّهُ مَعْقُولٌ، وَلَيْسَ كُلُّ مَعْلُومٍ يَكُونُ مَعْلُومًا بِالْحِسِّ بَلْ يَكُونُ مَعْلُومًا بِالْعَقْلِ أَيْضًا وَمَا كَانَ مَعْقُولًا فَوْقَ الَّذِي كَانَ مَحْسُوسًا.
أَلَا تَرَى أَنَّ الشَّاهِدَ يَتَعَرَّفُ صِدْقُهُ بِمُجَانَبَتِهِ عَنْ مَحْظُورَاتِ دِينِهِ وَفِي الْحَقِيقَةِ الِاجْتِنَابُ عَنْ الْمَعَاصِي تَرْكٌ وَذَلِكَ غَيْرُ مَحْسُوسٍ.
وَلَمَّا فَرَغَ عَنْ إقَامَةِ الدَّلِيلِ عَلَى مُدَّعَاهُ شَرَعَ فِي الْجَوَابِ عَنْ كَلِمَاتِ الْخُصُومِ فَقَالَ: وَأَمَّا الْخَيَالُ الَّذِي اعْتَبَرَهُ الْفَرِيقُ الْأَوَّلُ فَأَمْرٌ بَاطِلٌ لِأَنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ مُجَرَّدِ الظَّنِّ؛ لِأَنَّ الْخَيَالَ وَالظَّنَّ وَاحِدٌ وَالظَّنُّ لَا يُغْنِي مِنْ الْحَقِّ شَيْئًا وَلَا يُقَالُ: الظَّنُّ مُعْتَبَرٌ فِي الشَّرْعِ فِي وُجُوبِ الْعَمَلِ بِهِ كَخَبَرِ الْوَاحِدِ وَالْقِيَاسِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ الْمُعْتَبَرُ هُوَ الظَّنُّ الَّذِي قَامَ دَلِيلٌ قَطْعِيٌّ عَلَى اعْتِبَارِهِ فِي وُجُوبِ الْعَمَلِ، لَا مُطْلَقُ الظَّنِّ وَلَمْ يَقُمْ هَاهُنَا دَلِيلٌ عَلَى اعْتِبَارِهِ شَرْعًا فَوَجَبَ إهْدَارُهُ؛ وَلِأَنَّهُ أَيْ الْخَيَالُ أَمْرٌ بَاطِنٌ أَيْ لَا يُمْكِنُ الْوُقُوفُ عَلَيْهِ لِغَيْرِهِ فَلَا يَصِحُّ دَلِيلًا مُلْزِمًا عَلَى الْغَيْرِ لِأَنَّ الْحُجَّةَ عَلَى الْغَيْرِ مَا يُقِرُّ الْغَيْرُ بِهِ، أَلَا تَرَى أَنَّ التَّحَرِّيَ لَمَّا كَانَ أَمْرًا بَاطِنًا لَا يُوقَفُ عَلَيْهِ لَمْ يَكُنْ حُجَّةً عَلَى الْغَيْرِ حَتَّى أَنَّ كُلَّ أَحَدٍ يَعْمَلُ بِتَحَرِّيهِ دُونَ صَاحِبِهِ

نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 3  صفحه : 357
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست