responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 3  صفحه : 337
فَبَيَانُهُ أَنَّ الشَّاةَ يَقَعُ لِلَّهِ - تَعَالَى - بِابْتِدَاءِ قَبْضِ الْفَقِيرِ قُرْبَةً مُطَهَّرَةً فَتَصِيرُ مِنْ الْأَوْسَاخِ كَالْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ قَالَ النَّبِيُّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «يَا بَنِي هَاشِمٍ إنَّ اللَّهَ - تَعَالَى - كَرِهَ لَكُمْ أَوْسَاخَ النَّاسِ وَعَوَّضَكُمْ مِنْهَا بِخُمُسِ الْخُمُسِ» وَقَدْ كَانَتْ النَّارُ تَنْزِلُ فِي الْأُمَمِ الْمَاضِيَةِ فَتُحْرِقُ الْمُتَقَبَّلَ مِنْ الصَّدَقَاتِ، وَأُحِلَّتْ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ بَعْدَ أَنْ ثَبَتَ خَبَثُهَا بِشَرْطِ الْحَاجَةِ وَالضَّرُورَةِ كَمَا تَحِلُّ الْمَيْتَةُ بِالضَّرُورَةِ وَحُرِّمَتْ عَلَى الْغَنِيِّ فَصَارَ صَلَاحُ الصَّرْفِ إلَى الْفَقِيرِ بَعْدَ الْوُقُوعِ لِلَّهِ - تَعَالَى - بِابْتِدَاءِ الْيَدِ لِيَصِيرَ مَصْرُوفًا إلَى الْفَقِيرِ بِدَوَامِ يَدِهِ حُكْمًا شَرْعِيًّا فِي الشَّاةِ فَعَلَّلْنَاهُ بِالتَّقْوِيمِ وَعَدَّيْنَاهُ إلَى سَائِرِ الْأَمْوَالِ عَلَى مُوَافَقَةِ سَائِرِ الْعِلَلِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQبِمَا يَصْلُحُ لِدَفْعِ حَاجَةِ الْفَقِيرِ، وَمَا لَا يَصْلُحُ لَهُ فَالتَّعْلِيلُ لِبَيَانِ أَنَّ الِاسْتِبْدَالَ إنَّمَا يَجُوزُ بِمَا يَصْلُحُ لِدَفْعِ حَاجَةِ الْفَقِيرِ مِنْ الْأَمْوَالِ إلَّا بِمَا لَا يَصْلُحُ لَهُ لَوْ أَسْكَنَ الْفَقِيرَ دَارِهِ مُدَّةً بِنِيَّةِ الزَّكَاةِ لَا يَجُوزُ عَنْ الزَّكَاةِ؛ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ لَا يَصْلُحُ بَدَلًا عَنْ الْعَيْنِ فِي هَذَا الْبَابِ لِأَنَّ الْعَيْنَ خَيْرٌ مِنْ الْمَنْفَعَةِ عَلَى مَا عُرِفَ أَوْ هُوَ رَدٌّ لِكَلَامِ الْخَصْمِ فَإِنَّهُ لَمَّا زَعَمَ أَنَّ تَعْلِيلَنَا وَقَعَ لِإِبْطَالِ حَقٍّ مُسْتَحَقٍّ لِلْفَقِيرِ لَا لِتَعْدِيَةِ حُكْمٍ شَرَعَ إلَى مَوْضِعٍ لَا نَصَّ فِيهِ بَيَّنَ أَوَّلًا أَنَّهُ لَا حَقَّ لِلْفَقِيرِ، وَأَنَّ التَّغْيِيرَ إنْ حَصَلَ حَصَلَ بِمُقْتَضَى النَّصِّ وَبَيَّنَ ثَانِيًا أَنَّ التَّعْلِيلَ لَمْ يَقَعْ إلَّا لِحُكْمٍ شَرْعِيٍّ فَإِنَّ لِهَذَا النَّصِّ حُكْمَيْنِ وُجُوبَ الشَّاةِ وَصَلَاحِيَةَ الشَّاةِ لِكِفَايَةِ حَقِّ الْفَقِيرِ فَنَحْنُ نُعَلِّلُ صَلَاحِيَةَ الشَّاةِ وَنُبَيِّنُ الْمَعْنَى الَّذِي بِهِ صَارَتْ الشَّاةُ صَالِحَةً كِفَايَةَ حَقِّ الْفَقِيرِ لِتَعَدِّيهَا بِهِ إلَى مَا لَا نَصَّ فِيهِ.
وَبَيَانُهُ أَيْ بَيَانُ أَنَّ كَوْنَ الشَّاةِ صَالِحَةً لِلتَّسْلِيمِ إلَى الْفَقِيرِ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ أَنَّ الشَّاةَ يَقَعُ لِلَّهِ - تَعَالَى - بِابْتِدَاءِ قَبْضِ الْفَقِيرِ يَعْنِي يَقَعُ تَسْلِيمُ الشَّاةِ إلَى الْفَقِيرِ لِلَّهِ - تَعَالَى - عَلَى الْخُلُوصِ فِي ابْتِدَاءِ الْقَبْضِ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ} [التوبة: 104] ، وَقَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «الصَّدَقَةُ تَقَعُ فِي كَفِّ الرَّحْمَنِ قَبْلَ أَنْ تَقَعَ فِي كَفِّ الْفَقِيرِ» .
ثُمَّ يَصِيرُ لِلْفَقِيرِ بِدَوَامِ يَدِهِ عَلَيْهِ كَمَنْ أَمَرَ لِآخَرَ أَنْ يَهَبَ لِفُلَانٍ عَشَرَةً عَلَى أَنَّهُ ضَامِنٌ فَوَهَبَ يَصِيرُ الْمَوْهُوبُ لَهُ قَابِضًا لِلْآمِرِ أَوَّلًا ثُمَّ قَابِضًا لِنَفْسِهِ بِدَوَامِ يَدِهِ قُرْبَةً مُطَهِّرَةً يَعْنِي مُطَهِّرَةً لِنَفْسِهِ عَنْ الْآثَامِ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ} [التوبة: 103] وَلِمَا لَهُ مِنْ الْخَبَثِ كَمَا قَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «إنَّ هَذِهِ الْبِيَاعَاتِ يَحْضُرُهَا اللَّغْوُ وَالْكَذِبُ فَشُوبُوهَا بِالصَّدَقَةِ» أَمَرَ بِالصَّدَقَةِ لِيَرْتَفِعَ الْخَبَثُ الْمُتَمَكِّنُ فِي الْبِيَاعَاتِ بِسَبَبِ اللَّغْوِ وَالْكَذِبِ، وَإِذَا ارْتَفَعَ الْخَبَثُ عَنْ السَّبَبِ، وَهُوَ الْبَيْعُ يَرْتَفِعُ عَنْ الْمُسَبَّبِ، وَهُوَ الْمَالُ وَإِذَا وَقَعَتْ قُرْبَةً مُطَهِّرَةً صَارَتْ مِنْ الْأَوْسَاخِ كَالْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ عَلَى مَا وَقَعَتْ الْإِشَارَةُ النَّبَوِيَّةُ إلَيْهِ فِي قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «يَا مَعْشَرَ بَنِي هَاشِمٍ إنَّ اللَّهَ - تَعَالَى - كَرِهَ لَكُمْ أَوْسَاخَ النَّاسِ وَفِي رِوَايَةٍ غُسَالَةَ النَّاسِ وَعَوَّضَكُمْ مِنْهَا بِخُمُسِ الْخُمُسِ» وَلِهَذَا كَانَتْ النَّارُ يُتْرَكُ فِي الْأُمَمِ الْمَاضِيَةِ فَيُحْرِقُ الْمُتَقَبَّلَ مِنْ الصَّدَقَاتِ وَالْقَرَابِينِ، وَلَمْ يَكُنْ يَنْتَفِعُ بِهَا أَحَدٌ، وَأُحِلَّتْ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ بَعْدَ أَنْ ثَبَتَ خَبَثُهَا بِشَرْطِ الْحَاجَةِ كَمَا أُحِلَّتْ الْمَيْتَةُ بِالضَّرُورَةِ وَلِهَذَا لَمْ تَحِلَّ لِلْغَنِيِّ إذَا لَمْ يَكُنْ عَامِلًا لِعَدَمِ الْحَاجَةِ فَثَبَتَ أَنَّ حُكْمَ النَّصِّ صَلَاحِيَةُ الْمَحَلِّ لِلصَّرْفِ إلَى كِفَايَةِ الْفَقِيرِ؛ لِأَنَّ حُكْمَ النَّصِّ مَا أَوْجَبَهُ النَّصُّ وَالنَّصُّ الْمُوجِبُ لِلشَّاةِ أَوْجَبَ صَلَاحِيَّتَهَا لِلصَّرْفِ إلَى الْفَقِيرِ فَيَكُونُ ثُبُوتُ الصَّلَاحِيَةِ حُكْمَ النَّصِّ وَلَا يُقَالُ صَلَاحِيَةُ الشَّاةِ لِأَدَاءِ حَقِّ الْفَقِيرِ لَمْ يَثْبُتْ بِالنَّصِّ بَلْ كَانَتْ بِأَصْلِ الْخِلْقَةِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ نَحْنُ مَا عَلَّلْنَا تِلْكَ الصَّلَاحِيَةَ بَلْ صَلَاحِيَةٌ حَدَثَتْ بَعْدَمَا قَدْ بَطَلَتْ فِي الْأُمَمِ الْمُتَقَدِّمَةِ عَلَى مَا قَرَّرْنَا، وَهِيَ تَثْبُتُ بِالنَّصِّ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ فَيَكُونُ حُكْمَ النَّصِّ.
فَعَلَّلْنَاهُ بِالتَّقْوِيمِ يَعْنِي قُلْنَا: إنَّمَا حَدَثَتْ صَلَاحِيَةُ الصَّرْفِ لِلشَّاةِ إلَى الْفَقِيرِ بِاعْتِبَارِ كَوْنِهَا مَالًا مُتَقَوِّمًا؛ لِأَنَّ حَاجَةَ الْفَقِيرِ تَنْدَفِعُ بِاعْتِبَارِ التَّقَوُّمِ، أَلَا تَرَى أَنَّ الدَّرَاهِمَ الْخَمْسَةَ الْوَاجِبَةَ فِي الْمِائَتَيْنِ مِنْهَا أَوْ نِصْفِ مِثْقَالٍ مِنْ الذَّهَبِ الْوَاجِبِ فِي عِشْرِينَ مِثْقَالًا مِنْهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ مُتَقَوِّمَةً لَمْ يَنْدَفِعْ بِهَا حَاجَةُ الْفَقِيرِ أَصْلًا فَعَلَّلْنَا هَذِهِ الصَّلَاحِيَةَ بِعِلَّةِ التَّقَوُّمِ، وَعَدَّيْنَاهَا إلَى سَائِرِ الْأَمْوَالِ لِلِاشْتِرَاكِ فِي الْعِلَّةِ عَلَى مُوَافَقَةِ سَائِرِ الْعِلَلِ، فَإِنَّ حُكْمَهَا تَعْمِيمُ حُكْمِ النَّصِّ مِنْ بَقَاءِ حُكْمِ النَّصِّ

نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 3  صفحه : 337
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست