responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 3  صفحه : 335
وَأَمَّا الزَّكَاةُ فَلَيْسَ فِيهَا حَقٌّ وَاجِبٌ لِلْفَقِيرِ يَتَغَيَّرُ بِالنَّصِّ؛ لِأَنَّ الزَّكَاةَ عِبَادَةٌ مَحْضَةٌ فَلَا تَجِبُ لِلْعِبَادِ بِوَجْهٍ، وَإِنَّمَا الْوَاجِبُ لِلَّهِ تَعَالَى، وَإِنَّمَا سَقَطَ حَقُّهُ فِي الصُّورَةِ بِإِذْنِهِ بِالنَّصِّ لَا بِالتَّعْلِيلِ؛ لِأَنَّهُ وَعَدَ أَرْزَاقَ الْفُقَرَاءِ ثُمَّ أَوْجَبَ مَالًا مُسَمًّى عَلَى الْأَغْنِيَاءِ لِنَفْسِهِ ثُمَّ أَمَرَ بِإِنْجَازِ الْمَوَاعِيدِ مِنْ ذَلِكَ الْمُسَمَّى، وَذَلِكَ لَا يَحْتَمِلُهُ مَعَ اخْتِلَافِ الْمَوَاعِيدِ إلَّا بِالِاسْتِبْدَالِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQلَمْ يَقَعْ عَمَّا تَنَاوَلَهُ ظَاهِرُ اللَّفْظِ؛ إذْ لَوْ كَانَ الِاسْتِثْنَاءُ عَنْهُ لَقِيلَ إلَّا الْحِنْطَةَ أَوْ الشَّعِيرَ أَوْ التُّفَّاحَ أَوْ نَحْوَهَا بَلْ عَمَلٌ يَضْمَنُ اللَّفْظَ مِنْ أَحْوَالِ الْبَيْعِ فَوَجَبَ أَنْ يُثْبِتَ عُمُومَ صَدْرِهِ أَيْ صَدْرِ الْكَلَامِ بِهَذِهِ الدَّلَالَةِ أَيْ بِدَلَالَةِ اسْتِثْنَاءِ الْحَالِ كَمَا فِي قَوْلِك: مَا أَتَانِي زَيْدٌ إلَّا رَاكِبًا أَيْ مَا أَتَانِي فِي شَيْءٍ مِنْ أَحْوَالِهِ إلَّا عَلَى حَالَةِ الرُّكُوبِ وَكَمَا فِي التَّنْزِيلِ {وَلا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلا وَهُمْ كُسَالَى} [التوبة: 54] أَيْ لَا يَأْتُونَهَا فِي شَيْءٍ مِنْ أَحْوَالِهِمْ إلَّا فِي حَالَةِ الْكَسَلِ {لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ} [الأحزاب: 53] أَيْ لَا تَدْخُلُوهَا فِي الْأَحْوَالِ إلَّا حَالَةَ الْإِذْنِ وَهُوَ أَيْ عُمُومُ الْأَحْوَالِ حَالَ التَّسَاوِي وَالتَّفَاضُلِ وَالْمُجَازَفَةِ؛ إذْ لَا حَالَةَ لِبَيْعِ الطَّعَامِ بِالطَّعَامِ سِوَى هَذِهِ الْأَحْوَالِ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ فِي الِاسْتِثْنَاءِ.
وَلَنْ يَثْبُتَ هَذِهِ الْأَحْوَالُ الْمُخْتَلِفَةُ إلَّا فِي الْكَثِيرِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ التَّسَاوِي هُوَ الْمُسَاوَاةُ فِي الْكَيْلِ بِالْإِجْمَاعِ، وَالتَّفَاضُلُ عِبَارَةٌ عَنْ فَضْلٍ عَلَى أَحَدِ الْمُتَسَاوِيَيْنِ كَيْلًا، وَالْمُجَازَفَةُ عِبَارَةٌ عَنْ عَدَمِ الْعِلْمِ بِالْمُسَاوَاةِ وَالْمُفَاضَلَةِ فَكَانَ آخِرُ هَذَا الْكَلَامِ دَلِيلًا عَلَى أَنَّ أَوَّلَهُ لَمْ يَتَنَاوَلْ الْقَلِيلَ فَصَارَ التَّغْيِيرُ بِالنَّصِّ أَيْ حَاصِلًا بِالنَّصِّ يَعْنِي حَصَلَ تَغْيِيرُ أَوَّلِ الْكَلَامِ عَنْ الْعُمُومِ إلَى الْخُصُوصِ بِالنَّصِّ أَيْ بِدَلَالَتِهِ مُصَاحِبًا لِلتَّعْلِيلِ أَيْ مُوَافِقًا لَهُ وَهُوَ مُنْتَصِبٌ عَلَى الْحَالِ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ خَبَرَ صَارَ، وَالتَّقْدِيرُ فَصَارَ التَّغْيِيرُ الْحَاصِلُ بِالنَّصِّ مُصَاحِبًا، أَوْ يَكُونَ خَبَرًا بَعْدَ خَبَرٍ يَعْنِي تَعْلِيلُنَا بِالْكُلِّيَّةِ وَافَقَ التَّغْيِيرَ الَّذِي حَصَلَ بِدَلَالَةِ الِاسْتِثْنَاءِ فِي هَذَا النَّصِّ فَإِنَّ الِاسْتِثْنَاءَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْقَلِيلَ لَيْسَ بِمُرَادٍ عَنْ هَذَا الْكَلَامِ وَتَعْلِيلُنَا بِالْكَيْلِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْقَلِيلَ لَيْسَ بِمَحَلٍّ لِلرِّبَا فَتَوَافَقَا أَنَّ التَّغْيِيرَ حَصَلَ بِالتَّعْلِيلِ عَلَى مَا زَعَمْت وَبَاقِي الْكَلَامِ مَذْكُورٌ فِي فَصْلِ الِاسْتِثْنَاءِ.

قَوْلُهُ: (وَأَمَّا الزَّكَاةُ فَلَيْسَ فِيهَا حَقٌّ وَاجِبٌ لِلْفَقِيرِ يَتَغَيَّرُ بِالتَّعْلِيلِ) أَيْ مَا أَبْطَلْنَا بِالتَّعْلِيلِ حَقًّا مُسْتَحَقًّا لِلْفَقِيرِ؛ لِأَنَّ الزَّكَاةَ لَيْسَتْ بِحَقٍّ لِلْفَقِيرِ وَاعْلَمْ أَنَّ لِمَشَايِخِنَا فِي جَوَابِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ طَرِيقَيْنِ أَحَدَهُمَا أَنَّا مَا أَبْطَلْنَا الْحَقَّ الْمُسْتَحَقَّ عَنْ عَيْنِ الشَّاةِ؛ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لِلْفَقِيرِ فِي صُورَةِ الشَّاةِ، وَإِنَّمَا حَقُّهُ فِي مَالِيَّتِهَا، فَإِنَّ النَّبِيَّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - جَعَلَ الْإِبِلَ ظَرْفًا لِلشَّاةِ بِقَوْلِهِ «فِي خَمْسٍ مِنْ الْإِبِلِ شَاةٌ» وَعَيْنُهَا لَا تُوجَدُ فِي الْإِبِلِ وَإِنَّمَا يُوجَدُ فِيهَا مَالِيَّةُ الشَّاةِ فَعَرَفْنَا أَنَّهُ أَرَادَ بِالشَّاةِ مَالِيَّتَهَا إلَّا أَنَّ الْمَالِيَّةَ بَعْضُ الشَّاةِ فَكُنِّيَ بِذِكْرِ الْكُلِّ عَنْ الْبَعْضِ فَلَمْ يَكُنْ فِي تَعْلِيلِنَا إبْطَالُ حَقِّ الْفَقِيرِ عَنْ صُورَةِ الشَّاةِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ أَدَّى وَاحِدًا مِنْهَا جَازَ بِالْإِجْمَاعِ.
وَلَوْ كَانَ حَقُّهُ مُتَعَلِّقًا بِالصُّورَةِ لَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَجُوزَ كَمَا لَوْ أَدَّى عَنْ خَمْسَةِ دَرَاهِمَ خَمْسَةَ دَنَانِيرَ عَلَى أَصْلِ الْخَصْمِ وَالثَّانِي وَإِلَيْهِ مَالَ الشَّيْخُ وَأَكْثَرُ الْمُحِقِّينَ مِنْ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ لَا حَقَّ لِلْفَقِيرِ فِي الزَّكَاةِ يَتَغَيَّرُ بِالتَّعْلِيلِ؛ إذْ لَوْ كَانَ لَهُ فِيهَا حَقٌّ لَمَا حَلَّ وَطْءُ الْجَارِيَةِ الْمُشْتَرَاةِ لِتِجَارَةٍ بَعْدَ الْحَوْلِ قَبْلَ أَدَاءِ الزَّكَاةِ كَالْجَارِيَةِ الْمُشْتَرَكَةِ، وَلَمَا حَلَّ أَكْلُ طَعَامٍ وَجَبَتْ فِيهِ الزَّكَاةُ قَبْلَ أَدَائِهَا، وَلَمَا جَازَ تَصَرُّفُ الْمَالِكِ فِي مَالِ الزَّكَاةِ بَعْدَ وُجُوبِهَا بِدُونِ إذْنِ الْإِمَامِ بَلْ الزَّكَاةُ عِبَادَةٌ خَالِصَةٌ أَصْلِيَّةٌ مِنْ أَرْكَانِ الدَّيْنِ شُرِعَتْ شُكْرًا عَلَى نِعْمَةِ الْمَالِ كَالصَّلَاةِ شُرِعَتْ شُكْرًا عَلَى نِعْمَةِ الْبُدُونِ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَوْلِهِ «بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ شَهَادَةِ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ» الْحَدِيثَ؛ وَلِهَذَا لَا يَتَأَدَّى بِدُونِ النِّيَّةِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَجِبَ لِلْعِبَادِ بِوَجْهٍ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى الِاشْتِرَاكِ، وَهُوَ يَنْفِي مَعْنَى الْعِبَادَةِ بَلْ الْمُسْتَحِقُّ لِلْعِبَادَةِ هُوَ اللَّهُ - تَعَالَى - لَا غَيْرُ فَيَثْبُتُ أَنَّ الْوَاجِبَ لِلَّهِ - تَعَالَى - عَلَى الْخُلُوصِ ثُمَّ حَقُّ اللَّهِ - تَعَالَى، وَإِنْ كَانَ لَا يَقْبَلُ التَّغْيِيرَ بِالتَّعْلِيلِ كَحَقِّ الْعِبَادِ إلَّا أَنَّ حَقَّهُ هَا هُنَا

نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 3  صفحه : 335
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست