responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 3  صفحه : 307
وَكَذَلِكَ ثَبَتَ بِالنَّصِّ أَنَّ لِلْبَيْعِ مَحَلًّا مَمْلُوكًا مَقْدُورًا، وَجُوِّزَ السَّلَمُ فِي الدَّيْنِ بِالنَّصِّ، وَهُوَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ أَسْلَمَ مِنْكُمْ فَلْيُسْلِمْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ» وَمَا ثَبَتَ بِهَذَا النَّصِّ إلَّا مُؤَجَّلًا فَلَمْ يَسْتَقِمْ إبْطَالُ الْخُصُوصِ بِالتَّعْلِيلِ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لَمَّا صَحَّ نِكَاحُ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِلَفْظَةِ الْهِبَةِ عَلَى سَبِيلِ الْخُصُوصِ بِقَوْلِهِ: {خَالِصَةً لَكَ} [الأحزاب: 50] بَطَلَ التَّعْلِيلُ، وَقُلْنَا بَلْ الِاخْتِصَاصُ فِي سَلَامَتِهِ بِغَيْرِ عِوَضٍ، وَفِي اخْتِصَاصِهِ بِأَنْ لَا تَحِلَّ لِأَحَدٍ بَعْدَهُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} [الأحزاب: 6] ، وَقَالَ {قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ} [الأحزاب: 50] وَهَذَا مِمَّا لَا يَعْقِلُ كَرَامَةً فَأَمَّا الِاخْتِصَاصُ بِاللَّفْظِ فَلَا وَقَدْ أَبْطَلْنَا التَّعْلِيلَ مِنْ حَيْثُ ثَبَتَ كَرَامَةً
ـــــــــــــــــــــــــــــQلِاخْتِصَاصِهِ مِنْ بَيْنِ الْحَاضِرِينَ بِفَهْمِ جَوَازِ الشَّهَادَةِ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِنَاءً عَلَى قَوْلِهِ كَجَوَازِ الشَّهَادَةِ لِغَيْرِهِ بِنَاءً عَلَى الْعِيَانِ فَإِنَّ قَوْلَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي إفَادَةِ الْعِلْمِ بِمَنْزِلَةِ الْعِيَانِ وَالشَّرْعُ قَدْ جَعَلَ التَّسَامُعَ فِي بَعْضِ الْأَحْكَامِ بِمَنْزِلَةِ الْعِيَانِ فَكَانَ قَوْلُ الرَّسُولِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِذَلِكَ أَوْلَى وَحَلَّ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تِسْعُ نِسْوَةٍ إكْرَامًا لَهُ؛ لِأَنَّهُ تَعَالَى قَصَرَ الْحَالَ فِي النِّسَاءِ عَلَى الْأَرْبَعِ بِقَوْلِهِ عَزَّ اسْمُهُ {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ} [النساء: 3] ثُمَّ خَصَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِإِبَاحَةِ التِّسْعِ وَلَا شَكَّ أَنَّ إبَاحَةَ النِّكَاحِ مِنْ بَابِ الْكَرَامَةِ؛ لِأَنَّهُ إثْبَاتُ الْوِلَايَةِ عَلَى حُرَّةٍ مِثْلِهِ؛ وَلِهَذَا لَا يَمْلِكُ الْعَبْدُ إلَّا تَزَوُّجَ امْرَأَتَيْنِ لِنُقْصَانِ حَالِهِ فَكَانَ إبَاحَةُ الزِّيَادَةِ عَلَى الْأَرْبَعِ لِلرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إكْرَامًا لَهُ فَلَمْ يَجُزْ تَعْلِيلُهُ أَيْ تَعْلِيلُ حِلِّ التِّسْعِ الثَّابِتِ لِرَسُولِ اللَّهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لِتَعْدِيَتِهِ إلَى غَيْرِهِ كَمَا فَعَلَهُ الرَّافِضَةُ حَيْثُ جَوَّزُوا تَزَوُّجَ تِسْعِ نِسْوَةٍ لِغَيْرِ الرَّسُولِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - اعْتِبَارًا بِهِ فَإِنَّهُ أُسْوَةٌ لِأُمَّتِهِ فِي مَا شُرِعَ لَهُ وَعَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ ثَابِتٌ بِطَرِيقِ الْكَرَامَةِ، وَفِي تَعْلِيلِهِ وَتَعْدِيَتِهِ إلَى غَيْرِهِ إبْطَالُ الْكَرَامَةِ كَمَا قُلْنَا.
1 -
قَوْلُهُ: (وَكَذَلِكَ) أَيْ وَكَمَا ثَبَتَ اشْتِرَاطُ الْعَدَدِ فِي عَامَّةِ الشَّهَادَاتِ بِالنَّصِّ ثَبَتَ بِالنَّصِّ، وَهُوَ «قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لِحَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ لَا تَبِعْ مَا لَيْسَ عِنْدَك» أَيْ فِي مِلْكِك، وَنَهْيُهُ عَنْ بَيْعِ الْآبِقِ وَعَنْ بَيْعِ الْخَمْرِ أَنَّ الْبَيْعَ يَقْتَضِي مَحَلًّا مَمْلُوكًا مَقْدُورًا أَيْ مَقْدُورَ التَّسْلِيمِ حِسًّا وَشَرْعًا حَتَّى لَوْ بَاعَ مَا لَا يَمْلِكُهُ ثُمَّ اشْتَرَاهُ وَسَلَّمَهُ أَوْ بَاعَ الْعَبْدَ الْآبِقَ أَوْ الْخَمْرَ لَا يَجُوزُ لِعَدَمِ الْمِلْكِ فِي الْأَوَّلِ، وَعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى التَّسْلِيمِ حِسًّا وَشَرْعًا فِي الْبَاقِينَ وَجَوَّزَ السَّلَمَ فِي الدَّيْنِ أَيْ جَوَّزَ السَّلَمَ فِيمَا لَيْسَ فِي مِلْكِهِ وَلَا فِي يَدِهِ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ الْأَصْلِ بِالنَّصِّ أَيْضًا وَهُوَ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «مَنْ أَسْلَمَ مِنْكُمْ فَلْيُسْلِمْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ» وَمَا ثَبَتَ أَيْ السَّلَمُ بِهَذَا النَّصِّ إلَّا مُؤَجَّلًا؛ لِأَنَّ ظَاهِرَ هَذَا النَّصِّ يَقْتَضِي اشْتِرَاطَ هَذِهِ الْأَوْصَافِ، وَاقْتِصَارَ الْجَوَازِ عَلَيْهَا، كَمَا لَوْ قِيلَ: مَنْ دَخَلَ دَارِي فَلْيَدْخُلْ غَاضَّ الْبَصَرِ، وَمَنْ كَلَّمَنِي فَلْيَتَكَلَّمْ بِالصَّوَابِ كَانَ مُوجَبُهُ حُرْمَةَ الدُّخُولِ وَالتَّكَلُّمَ إلَّا بِصِفَةِ غَضِّ الْبَصَرِ وَالصَّوَابِ، فَكَانَ تَقْدِيرُ الْكَلَامِ مَنْ أَسْلَمَ مِنْكُمْ فَلَا يُسْلِمْ إلَّا فِي كَذَا فَكَانَ الْجَوَازُ مُخْتَصًّا بِالسَّلَمِ حَالَ وُجُودِ هَذِهِ الْأَوْصَافِ جَمِيعًا كَاخْتِصَاصِ قَبُولِ شَهَادَةِ الْمُفْرَدِ بِخُزَيْمَةَ وَحِلِّ التِّسْعِ بِالنَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَلَمْ يَسْتَقِمْ إبْطَالُ الْخُصُوصِ بِالتَّعْلِيلِ كَمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لَمَّا جَازَ السَّلَمُ مُؤَجَّلًا يَجُوزُ حَالًّا لِكَوْنِهِ أَبْعَدَ مِنْ الْغَرَرِ، وَلِأَنَّ الْمُسْلَمَ فِيهِ عِوَضُ دَيْنٍ وَجَبَ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ فَيَثْبُتُ حَالًّا وَمُؤَجَّلًا كَثَمَنِ الْمَبِيعِ؛ لِأَنَّ التَّعْلِيلَ لَا يَصْلُحُ لِإِبْطَالِ مَا ثَبَتَ بِالنَّصِّ.
فَإِنْ قِيلَ: قَدْ عَدَّيْتُمْ حُكْمَ هَذَا النَّصِّ مِنْ الْكَيْلِ وَالْمَوْزُونِ إلَى الثِّيَابِ وَالْعَدَدِيَّاتِ الْمُتَقَارِبَةِ وَغَيْرِهَا بِالتَّعْلِيلِ فَنَحْنُ نُعَدِّيهِ إلَى السَّلَمِ الْحَالِّ أَيْضًا قُلْنَا: لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْحُكْمَ فِي غَيْرِ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ ثَبَتَ بِالتَّعْلِيلِ بَلْ بِإِشَارَةِ النَّصِّ أَوْ دَلَالَتِهِ فَإِنَّ قَوْلَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ يُشِيرُ إلَى أَنَّ الْجَوَازَ بِاعْتِبَارِ حُصُولِ الْعِلْمِ بِالْقَدْرِ فَكُلُّ مَا يَحْصُلُ الْعِلْمُ بِمِقْدَارِهِ بِالِاسْتِيضَافِ يَكُونُ فِي مَعْنَاهُ فَيَلْحَقُ بِهِ بِخِلَافِ السَّلَمِ الْحَالِّ فَإِنَّهُ لَيْسَ فِي مَعْنَى الْمُؤَجَّلِ عَلَى مَا سَيَأْتِيك بَيَانُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ثُمَّ فَرَّعَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَلَى هَذَا الْأَصْلِ عَدَمَ انْعِقَادِ النِّكَاحِ بِلَفْظِ الْهِبَةِ فَقَالَ: قَدْ ثَبَتَ اخْتِصَاصُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالنِّكَاحِ بِلَفْظِ الْهِبَةِ بِالنَّصِّ وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {خَالِصَةً لَكَ} [الأحزاب: 50] بَعْدَ قَوْلِهِ عَزَّ اسْمُهُ

نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 3  صفحه : 307
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست