responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 3  صفحه : 291
وَشَرْحًا لِلصُّدُورِ وَثَبَتَ بِهِ تَعْمِيمُ أَحْكَامِ النُّصُوصِ وَفِي ذَلِكَ تَعْظِيمُ حُدُودِهَا.
وَلَزِمَنَا بِهَذَا الْأَصْلِ مُحَافَظَةُ النُّصُوصِ بِظَوَاهِرِهَا وَمَعَانِيهَا وَمُحَافَظَةُ مَا تَضَمَّنَتْهُ مِنْ الْمَعَانِي الَّتِي تَعَلَّقَتْ بِهَا أَحْكَامُهَا جَمْعًا بَيْنَ الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ مَعًا، وَهُوَ الْحَقُّ وَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إلَّا الضَّلَالُ وَمَا لِلْخَصْمِ إلَّا التَّمَسُّكُ بِالْجَهْلِ وَصَارَ تَعْلِيقُ الْحُكْمِ بِمَعْنًى مِنْ الْمَعَانِي ثَابِتًا بِحُجَّةٍ فِيهَا ضَرْبُ شُبْهَةٍ وَفِي التَّعْيِينِ احْتِمَالٌ وَجَائِزٌ وَضْعُ الْأَسْبَابِ لِلْعَمَلِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَعْنَى الَّذِي هُوَ مُتَعَلَّقُ الْحُكْمِ وَإِنْ حَصَلَ لَهُ الْيَقِينُ قَبْلَهُ، أَلَا تَرَى أَنَّ إبْرَاهِيمَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْه طَلَبَ اطْمِئْنَانَ الْقَلْبِ بِقَوْلِهِ {رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى} [البقرة: 260] بَعْدَمَا قَدْ حَصَلَ الْيَقِينُ لَهُ حَتَّى قَالَ {بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} [البقرة: 260] .
وَطُمَأْنِينَةُ الْقَلْبِ عِبَارَةٌ عَنْ ثَبَاتِهِ عَلَى مَا اعْتَقَدَهُ مِنْ الْحَقِّ وَسُكُونِهِ إلَيْهِ وَشَرْحُ الصَّدْرِ عِبَارَةٌ عَنْ تَوْسِيعِهِ وَتَفْسِيحِهِ لِقَبُولِ الْحَقِّ وَالشَّرْحُ يُضَافُ إلَى الصَّدْرِ؛ لِأَنَّهُ فِنَاءُ الْقَلْبِ وَالتَّوَسُّعُ يُضَافُ إلَى الْفِنَاءِ يُقَالُ فُلَانٌ رَحْبُ الْفِنَاءِ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ هَذِهِ الشَّرِيعَةَ نُورًا وَشَرْحًا لِلصَّدْرِ فَقَالَ {أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ} [الزمر: 22] ، وَقَالَ {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ} [الأنعام: 125] وَالْقَلْبُ يَرَى الْغَائِبَ بِالتَّأَمُّلِ فِيهِ كَالْعَيْنِ تَرَى الْحَاضِرَ بِالنَّظَرِ، ثُمَّ لَا إشْكَالَ أَنَّ بِرُؤْيَةِ الْعَيْنِ يَحْصُلُ مِنْ الطُّمَأْنِينَةِ فَوْقَ مَا يَحْصُلُ بِالْخَبَرِ إذْ لَيْسَ الْخَبَرُ كَالْمُعَايَنَةِ، وَنَعْلَمُ أَنَّ مَنْ ضَلَّ الطَّرِيقَ إذَا أَخْبَرَهُ مُخْبِرٌ بِالطَّرِيقِ وَاعْتَقَدَ الصِّدْقَ فِي خَبَرِهِ يَحْصُلُ لَهُ بَعْضُ الِانْشِرَاحِ وَإِنَّمَا يَتِمُّ انْشِرَاحُهُ إذَا عَايَنَ أَعْلَامَ الطَّرِيقِ فَكَذَلِكَ فِي رُؤْيَةِ الْقَلْبِ؛ فَإِنَّهُ إذَا تَأَمَّلَ فِي مَعْنَى النُّصُوصِ حَتَّى وَقَعَتْ عَلَيْهِ يَتِمُّ بِهِ انْشِرَاحُ الصَّدْرِ وَيَحْصُلُ طُمَأْنِينَةُ الْقَلْبِ وَذَلِكَ بِالنُّورِ الَّذِي جَعَلَهُ اللَّهُ فِي قَلْبِ كُلِّ مُسْلِمٍ فَالْمَنْعُ مِنْ هَذَا التَّأَمُّلِ وَالْأَمْرُ بِالْوُقُوفِ عَلَى مَوَاضِعِ النَّصِّ مِنْ غَيْرِ طَلَبِ الْمَعْنَى يَكُونُ نَوْعَ حَجْرٍ وَرَفْعًا لِتَحْقِيقِ مَعْنَى انْشِرَاحِ الصَّدْرِ وَطُمَأْنِينَةِ الْقَلْبِ الثَّابِتِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ} [النساء: 83] .
فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ يَسْتَقِيمُ هَذَا وَالْقِيَاسُ لَا يُوجِبُ الْعِلْمَ وَالْمُجْتَهِدُ يُخْطِئُ وَيُصِيبُ عِنْدَكُمْ؟ قُلْنَا: نَعَمْ وَلَكِنْ يَحْصُلُ لَهُ بِالِاجْتِهَادِ الْعِلْمُ مِنْ طَرِيقِ الظَّاهِرِ عَلَى وَجْهٍ يَطْمَئِنُّ قَلْبُهُ وَإِنْ كَانَ لَا يُدْرِكُ مَا هُوَ الْحَقُّ بِاجْتِهَادِهِ، وَهُوَ نَظِيرُ قَوْله تَعَالَى {فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ} [الممتحنة: 10] بِأَنَّ الْعِلْمَ يَثْبُتُ بِهِ مِنْ حَيْثُ الظَّاهِرُ.
وَيَثْبُتُ بِهِ أَيْ بِإِثْبَاتِ الْمَعَانِي تَعْمِيمُ أَحْكَامِ النُّصُوصِ؛ فَإِنَّ حُكْمَ النَّصِّ يَكُونُ مُقْتَصِرًا قَبْلَ التَّعْلِيلِ عَلَى الْمَحَلِّ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ وَبَعْدَ اسْتِخْرَاجِ الْوَصْفِ الْمُؤَثِّرِ يَثْبُتُ فِيهِ وَفِي غَيْرِهِ مِمَّا لَمْ يُنَصَّ عَلَيْهِ كَحُكْمِ نَصِّ الرِّبَا كَانَ مُقْتَصِرًا عَلَى الْأَشْيَاءِ السِّتَّةِ وَبَعْدَ التَّعْلِيلِ عَمَّ سَائِرَ الْمَكِيلَاتِ وَالْمَوْزُونَاتِ، وَفِي ذَلِكَ أَيْ وَفِي تَعْمِيمِ أَحْكَامِهَا تَعْظِيمُ حُدُودِهَا؛ لِأَنَّ فِيهِ عَمَلًا بِظَوَاهِرِ النُّصُوصِ فِيمَا نُصَّ عَلَيْهِ وَبِمَعَانِيهَا فِيمَا لَمْ يُنَصَّ عَلَيْهِ مِنْ الْفُرُوعِ فَكَانَ أَوْلَى مِمَّا ذَهَبَ إلَيْهِ الْخَصْمُ مِنْ تَخْصِيصِ إعْمَالِ النُّصُوصِ فِيمَا نُصَّ عَلَيْهِ وَإِهْمَالِهَا فِيمَا لَمْ يُنَصَّ عَلَيْهِ.
وَلَزِمَنَا بِهَذَا الْأَصْلِ أَيْ بِسَبَبِ اسْتِعْمَالِ الْقِيَاسِ مُحَافَظَةُ النُّصُوصِ بِظَوَاهِرِهَا وَمَعَانِيهَا أَيْ مَعَانِيهَا اللُّغَوِيَّةِ وَمُحَافَظَةُ مَا تَضَمَّنَتْهُ أَيْ النُّصُوصُ مِنْ الْمَعَانِي الَّتِي تَعَلَّقَتْ بِهَا أَحْكَامُ النُّصُوصِ وَهِيَ الْمَعَانِي الشَّرْعِيَّةُ؛ لِأَنَّهُ مَا لَمْ يَقِفْ عَلَى النُّصُوصِ وَمَعَانِيهَا اللُّغَوِيَّةِ لَا يَعْرِفُ أَنَّ هَذِهِ الْحَادِثَةَ لَا نَصَّ فِيهَا وَمَا لَمْ يَقِفْ عَلَى مَعَانِيهَا الشَّرْعِيَّةِ لَا يُمْكِنُهُ رَدُّ الْحَادِثَةِ إلَى مَا يُنَاسِبُهَا مِنْ النُّصُوصِ جَمْعًا أَيْ لِأَجْلِ حُصُولِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ جَمِيعًا، وَهُوَ الْحَقُّ أَيْ حِفْظُ النُّصُوصِ بِظَوَاهِرِهَا وَمَعَانِيهَا اللُّغَوِيَّةِ وَالشَّرْعِيَّةِ هُوَ الْحَقُّ فَكَانَ مَا يُفْضِي إلَيْهِ، وَهُوَ الْقِيَاسُ حَقًّا وَلَيْسَ بَعْدَ الْحَقِّ إلَّا الضَّلَالُ فَكَانَ مَا قَالَ الْخَصْمُ أَنَّ فِي الْمَنْعِ عَنْ الْقِيَاسِ مُحَافَظَةَ النُّصُوصِ بِمَعَانِيهَا زَعْمًا بَاطِلًا وَوَهْمًا خَطَأً وَمَا لِلْخَصْمِ، وَهُمْ نُفَاةُ الْقِيَاسِ إلَّا التَّمَسُّكُ

نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 3  صفحه : 291
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست