responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 3  صفحه : 288
وَصَارَ حُكْمُ النَّصِّ وُجُوبَ التَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمَا فِي الْقَدْرِ ثُمَّ الْحُرْمَةَ بِنَاءً عَلَى فَوَاتِ حُكْمِ الْأَمْرِ هَذَا حُكْمُ هَذَا النَّصِّ عَرَفْنَاهُ بِالتَّأَمُّلِ فِي صِيغَةِ النَّصِّ فَوَجَبَ عَلَيْنَا التَّأَمُّلُ فِيمَا هُوَ دَاعٍ إلَى هَذَا الْحُكْمِ مِمَّا هُوَ ثَابِتٌ بِهَذَا النَّصِّ، وَهُوَ إيجَابُ الْمُمَاثَلَةِ عِنْدَ الْبَيْعِ بِجِنْسِهَا، وَإِذَا تَأَمَّلْنَا وَجَدْنَا الدَّاعِيَ إلَى هَذَا الْقَدْرِ وَالْجِنْسِ؛ لِأَنَّ إيجَابَ التَّسْوِيَةِ بَيْنَ هَذِهِ الْأَمْوَالِ يَقْتَضِي أَنْ تَكُونَ أَمْثَالًا مُتَسَاوِيَةً وَلَنْ تَكُونَ أَمْثَالًا مُتَسَاوِيَةً إلَّا بِالْجِنْسِ وَالْقَدْرِ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَوْجُودٍ مِنْ الْمُحْدَثِ مَوْجُودٌ بِصُورَتِهِ وَمَعْنَاهُ؛ فَإِنَّمَا تَقُومُ الْمُمَاثَلَةُ بِهِمَا فَالْقَدْرُ عِبَارَةٌ عَنْ امْتِلَاءِ الْمِعْيَارِ بِمَنْزِلَةِ الطُّولِ وَالْعَرْضِ فَصَارَ بِهِ يَحْصُلُ الْمُمَاثَلَةُ صُورَةً وَالْجِنْسُ عِبَارَةٌ عَنْ مُشَاكَلَةِ الْمَعَانِي فَتَثْبُتُ بِهِ الْمُمَاثَلَةُ مَعْنًى
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْفَضْلُ عَلَى الْكَيْلِ مَوْجُودٌ حَرُمَ وَلَوْ كَانَ عَلَى عَكْسِهِ لَمْ يَحْرُمْ فَعَرَفْنَا أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْفَضْلُ عَلَى الْكَيْلِ.
وَذُكِرَ فِي بَعْضِ الشُّرُوحِ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ قَوْلِهِ فَكَذَلِكَ الْفَضْلُ عَلَيْهَا لَا مَحَالَةَ اشْتِرَاطُ الْكَيْلِ فِي الْفَضْلِ يَعْنِي كَمَا أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُمَاثَلَةِ هُوَ الْمُمَاثَلَةُ فِي الْكَيْلِ لَا مُطْلَقُ الْمُمَاثَلَةِ فَكَذَلِكَ الْفَضْلُ عَلَى مِلْكِ الْمُمَاثَلَةِ لَا يَكُونُ حَرَامًا مَا لَمْ يَكُنْ مَكِيلًا لِأَنَّ السَّابِقَ مِثْلٌ بِمِثْلٍ.
وَالْمُرَادُ مِنْهُ الْقَدْرُ أَيْ الْكَيْلُ وَالْفَضْلُ مَعْهُودٌ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ مِنْ جِنْسِ السَّابِقِ فَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْفَضْلُ قَدْرًا أَيْ كَيْلًا وَهَذَا غَيْرُ سَدِيدٍ؛ فَإِنَّ هَذَا التَّرْكِيبَ لَا يُنْبِئُ عَنْهُ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِلرِّوَايَاتِ؛ فَإِنَّهُ قَدْ نَصَّ فِي غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ كُتُبِ الْفِقْهِ أَنَّ أَدْنَى مَا يَجْرِي فِيهِ الرِّبَا مِنْ الْأَشْيَاءِ الْمَكِيلَةِ نِصْفُ صَاعٍ وَذَلِكَ مُدَّانِ حَتَّى لَوْ بَاعَ مُدَّيْنِ مِنْ الْحِنْطَةِ بِثَلَاثَةِ أَمْنَاءٍ مِنْهَا لَا يَجُوزُ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمَنَّ الْوَاحِدَ مِمَّا لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْكَيْلِ، وَكَذَا لَوْ بَاعَ قَفِيزًا مِنْ الْحِنْطَةِ بِقَفِيزٍ مِنْهَا وَدِرْهَمٍ لَا يَجُوزُ بِالْإِجْمَاعِ فَعَرَفْنَا أَنَّ الزِّيَادَةَ حَرَامٌ وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ الْكَيْلَ.
قَوْلُهُ (فَصَارَ حُكْمُ النَّصِّ وُجُوبَ التَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمَا فِي الْقَدْرِ) يَعْنِي ثَبَتَ بِالتَّقْرِيرِ الَّذِي ذَكَرْنَا أَنَّ الْحُكْمَ الْأَصْلِيَّ فِي هَذَا النَّصِّ وُجُوبُ التَّسْوِيَةِ بَيْنَ الْبَدَلَيْنِ الْمُتَجَانِسَيْنِ فِي الْقَدْرِ شَرْطًا لِجَوَازِ الْعَقْدِ، ثُمَّ الْحُرْمَةُ أَيْ ثُبُوتُ الْحُرْمَةِ بِنَاءً عَلَى فَوَاتِ حُكْمِ الْأَمْرِ وَهُوَ التَّسْوِيَةُ الْوَاجِبَةُ بِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «الْحِنْطَةُ بِالْحِنْطَةِ مِثْلًا بِمِثْلٍ» أَيْ بِيعُوا الْحِنْطَةَ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ كَانَ مَحَلُّ الْحُكْمِ مَا يَقْبَلُ الْمُمَاثَلَةَ كَيْلًا فَلَمْ يَكُنْ مَا لَا يَجْرِي فِيهِ الْكَيْلُ مَحَلًّا لِلْحُكْمِ وَلَا يَتَحَقَّقُ فِيهِ الْفَضْلُ الْحَرَامُ لِعَدَمِ تَصَوُّرِ مَا تُبْتَنَى الْحُرْمَةُ عَلَيْهِ، وَهُوَ فَوَاتُ التَّسْوِيَةِ مَعَ إمْكَانِ رِعَايَتِهَا فَيَجُوزُ بَيْعُ الْحَفْنَةِ بِالْحَفْنَتَيْنِ وَالتُّفَّاحَةَ بِالتُّفَّاحَتَيْنِ عِنْدَ الْبَيْعِ بِجِنْسِهَا أَيْ عِنْدَ بَيْعِ الْحِنْطَةِ بِجِنْسِهَا أَوْ بَيْعِ هَذِهِ الْأَمْوَالِ الْمَذْكُورَةِ فِي النَّصِّ بِجِنْسِهَا، وَإِذَا تَأَمَّلْنَا وَجَدْنَا الدَّاعِيَ إلَى هَذَا الْحُكْمِ، وَهُوَ وُجُوبُ التَّسْوِيَةِ الْقَدْرَ وَالْجِنْسَ قَالَ الْإِمَامُ الْبُرْغَرِيُّ فِي طَرِيقَتِهِ وَلَمَّا ثَبَتَ أَنَّ حُكْمَ النَّصِّ وُجُوبُ التَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمَا فِي الْكَيْلِ احْتِرَازًا عَنْ الْفَضْلِ الْحَرَامِ، وَهُوَ الْفَضْلُ عَلَى الْكَيْلِ عَلَّلْنَا فَقُلْنَا: إنَّمَا وَجَبَتْ هَذِهِ التَّسْوِيَةُ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَمْوَالَ أَمْثَالٌ مُتَسَاوِيَةُ الْمَالِيَّةِ وَكَوْنُهَا أَمْثَالًا مُتَسَاوِيَةَ الْمَالِيَّةِ مُؤَثِّرٌ فِي إيجَابِ التَّسْوِيَةِ دَفْعًا لِلظُّلْمِ؛ فَإِنَّ الْبَدَلَيْنِ لَمَّا تَسَاوَيَا كَانَ الزَّائِدُ فَضْلًا خَالِيًا عَنْ الْعِوَضِ فِي الْبَيْعِ فَيَكُونُ أَخْذُهُ ظُلْمًا.
وَإِنَّمَا صَارَتْ أَمْثَالًا مُتَسَاوِيَةً بِالْكَيْلِ وَالْجِنْسِ؛ لِأَنَّ الْكَيْلَ يُسَوِّي بَيْنَهُمَا فِي الذَّاتِ وَالْجِنْسَ فِي الْمَعْنَى وَالْمَوْجُودُ لَيْسَ إلَّا الصُّورَةُ وَالْمَعْنَى فَإِذَا اسْتَوَيَا صُورَةً وَمَعْنًى اسْتَوَيَا قَطْعًا فَصَارَ وُجُوبُ التَّسْوِيَةِ مُضَافًا إلَى كَوْنِهَا أَمْثَالًا مُتَسَاوِيَةً وَكَوْنُهَا أَمْثَالًا ثَابِتٌ بِالْكَيْلِ وَالْجِنْسِ فَيُضَافُ وُجُوبُ التَّسْوِيَةِ إلَى الْكَيْلِ وَالْجِنْسِ بِهَذِهِ الْوَاسِطَةِ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ يُضَافُ إلَى عِلَّةِ الْعِلَّةِ عَلَى مَا عُرِفَ فِي مَسْأَلَةِ شِرَاءِ الْقَرِيبِ وَصَارَتْ حُرْمَةُ الْفَضْلِ مُضَافَةً إلَى الْكَيْلِ وَالْجِنْسِ؛ لِأَنَّ إيجَابَ الْفِعْلِ يَقْتَضِي نَهْيًا عَنْ ضِدِّهِ فَإِيجَابُ التَّسْوِيَةِ كَيْلًا بِكَيْلٍ يَكُونُ تَحْرِيمًا لِلْفَضْلِ عَلَى الْكَيْلِ فَالْكَيْلُ وَنَعْنِي بِهِ كَوْنَ الْمَحَلِّ قَابِلًا لِلْكَيْلِ جُعِلَ عَلَمًا عَلَى الْحِلِّ فِي الْمُتَمَاثِلَيْنِ وَعَلَمًا عَلَى ثُبُوتِ الْحُرْمَةِ فِي الْمُتَفَاضِلَيْنِ كَالنِّكَاحِ جُعِلَ عَلَمًا لِلْحِلِّ فِي حَقِّ الزَّوْجِ وَلِلْحُرْمَةِ فِي حَقِّ غَيْرِهِ بِمَنْزِلَةِ الطُّولِ وَالْعَرْضِ يَعْنِي فِيمَا لَهُ طُولٌ وَعَرْضٌ؛ فَإِنَّ ذِرَاعًا مِنْ الثَّوْبِ يُمَاثِلُ ذِرَاعًا مِنْ اللُّبَدِ صُورَةً كَمَا أَنَّ ذِرَاعًا مِنْ الثَّوْبِ يُمَاثِلُ ذِرَاعًا آخَرَ مِنْ الثَّوْبِ

نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 3  صفحه : 288
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست