responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 3  صفحه : 278
وَأَمَّا السُّنَّةُ فَأَكْثَرُ مَنْ أَنْ يُحْصَى مِنْ ذَلِكَ مَا رُوِيَ عَنْ «النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ بَعَثَ مُعَاذًا إلَى الْيَمَنِ قَالَ: بِمَ تَقْضِي؟ قَالَ: بِمَا فِي كِتَابِ اللَّهِ.
قَالَ: فَإِنْ لَمْ تَجِدْ فِي كِتَابِ اللَّهِ؟ قَالَ: أَقْضِي بِمَا قَضَى بِهِ رَسُولُ اللَّهِ. قَالَ: فَإِنْ لَمْ تَجِدْ فِيمَا قَضَى بِهِ رَسُولُ اللَّهِ؟ قَالَ: أَجْتَهِدُ بِرَأْيِي. قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَفَّقَ رَسُولَ رَسُولِهِ» وَهَذَا نَصٌّ صَحِيحٌ
ـــــــــــــــــــــــــــــQكَذَلِكَ وَمِثْلُهُ تَنْكِيرُ الْحَيَاةِ فِي قَوْلِهِ عَزَّ ذِكْرُهُ {وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ} [البقرة: 96] ؛ فَإِنَّ الْحِرْصَ لِمَا يَكُنْ مُتَعَلِّقًا بِالْحَيَاةِ عَلَى الْإِطْلَاقِ بَلْ بِهَا فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ وَهِيَ الْحَيَاةُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ إذْ الْحِرْصُ لَا يَكُونُ عَلَى الْحَيَاةِ الْمَاضِيَةِ وَالرَّاهِبَةِ حَسُنَ التَّنْكِيرُ.
وَلِأَنَّ الْحَيَاةَ الْحَاصِلَةَ بِالِارْتِدَاعِ عَنْ الْقَتْلِ لَا يَكُونُ فِي حَقِّ الْكُلِّ؛ فَإِنَّ كَثِيرًا مِنْ النَّاسِ قَدْ لَا يَكُونُ لَهُمْ عَدُوٌّ يَقْصِدُ قَتْلَهُمْ حَتَّى يَمْنَعَهُ خَوْفُ الْقِصَاصِ عَنْهُ فَيَحْصُلُ لَهُمْ الْحَيَاةُ بِالِارْتِدَاعِ بَلْ يَكُونُ فِي حَقِّ الْبَعْضِ وَلَمَّا دَخَلَ الْخُصُوصُ فِي هَذِهِ الْقَضِيَّةِ وَجَبَ تَنْكِيرُ لَفْظِ الْحَيَاةِ كَمَا وَجَبَ تَنْكِيرُ لَفْظِ الشِّفَاءِ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ {يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ} [النحل: 69] حَيْثُ لَمْ يَكُنْ شِفَاءً لِلْجَمِيعِ لِيَصِحَّ التَّعْرِيفُ وَهَذَا لَا يُعْقَلُ إلَّا بِالتَّأَمُّلِ أَيْ كَوْنُ الْقِصَاصِ حَيَاةً لَا يُدْرَكُ إلَّا بِالتَّأَمُّلِ وَاسْتِعْمَالِ الرَّأْيِ فَعَرَفْنَا أَنَّ اسْتِعْمَالَ الرَّأْيِ لِاسْتِخْرَاجِ مَعَانٍ النُّصُوصِ أَمْرٌ سَائِغٌ فِي الشَّرْعِ وَالْقِيَاسُ لَيْسَ إلَّا اسْتِعْمَالُ الرَّأْيِ لِاسْتِخْرَاجِ مَعْنَى النَّصِّ فَيَكُونُ مَشْرُوعًا.
قَالَ الْقَاضِي الْإِمَامُ فِي التَّقْوِيمِ وَاَللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} [البقرة: 179] ، وَفِيهِ هَلَاكٌ حِسًّا وَإِنَّمَا الْحَيَاةُ فِي الِاعْتِبَارِ عَنْ قَتْلٍ فَقُتِلَ لِيَنْزَجِرَ عَنْ الْقَتْلِ ابْتِدَاءً فَلَا يُقْتَلُ جَزَاءً وَهَذَا ضَرْبٌ مِنْ الرَّأْيِ، فَإِنْ قَالَ الْخَصْمُ: أَنَا لَا أُنْكِرُ اسْتِعْمَالَ الرَّأْيِ لِمِثْلِ هَذَا الْمَعْنَى إذْ لَا بُدَّ مِنْ فَهْمِ مَعْنَى الْكَلَامِ لُغَةً وَاسْتِعَارَاتِهِ وَإِشَارَاتِهِ وَذَلِكَ لَا يَتَأَتَّى إلَّا بِهِ إنَّمَا الْكَلَامُ فِي اسْتِعْمَالِهِ لِإِثْبَاتِ الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ فِي مَحَلٍّ غَيْرِ مَنْصُوصٍ عَلَيْهِ وَلَا دَلَالَةَ لِلْآيَةِ عَلَى جَوَازِهِ فِيهِ، فَالْجَوَابُ عَنْهُ هُوَ الْجَوَابُ عَنْ السُّؤَالِ الْمَذْكُورِ فِي الْكِتَابِ كَمَا سَيَجِيءُ بَيَانُهُ.
1 -
قَوْلُهُ (وَأَمَّا السُّنَّةُ فَأَكْثَرُ مِنْ أَنْ يُحْصَى) وَاحْتَجَّ مُثْبِتُو الْقِيَاسِ أَيْضًا بِمَا ثَبَتَ بِالتَّوَاتُرِ الْمَعْنَوِيِّ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِلَيْهِ أُشِيرَ بِقَوْلِهِ فَأَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُحْصَى مَا يَدُلُّ عَلَى شَرْعِيَّةِ الْقِيَاسِ وَوُجُوبِ الْعَمَلِ بِهِ مِثْلُ حَدِيثِ مُعَاذٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -؛ فَإِنَّهُ لَمَّا قَالَ: أَجْتَهِدُ بِرَأْيِي؛ ضَرَبَ عَلَى صَدْرِهِ.
وَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَفَّقَ رَسُولَ رَسُولِ اللَّهِ. فَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ فِي قَوْلِهِ: أَجْتَهِدُ بِرَأْيِي، بَلْ مَدَحَهُ وَحَمِدَ اللَّهَ عَلَى ذَلِكَ فَدَلَّ عَلَى جَوَازِ الْعَمَلِ بِالْقِيَاسِ عِنْدَ عَدَمِ النَّصِّ وَأَمَرَ بِهِ أَبَا مُوسَى - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - حِينَ وَجَّهَهُ إلَى الْيَمَنِ فَقَالَ: اقْضِ بِكِتَابِ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَجِدْ فَبِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَجِدْ فَاجْتَهِدْ رَأْيَك، وَقَالَ لِعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ اقْضِ مَا بَيْنَ هَذَيْنِ فَقَالَ عَلَى مَاذَا أَقْضِي فَقَالَ: عَلَى أَنَّك إنْ اجْتَهَدْت فَأَصَبْت لَك عَشْرُ حَسَنَاتٍ وَإِنْ أَخْطَأْت فَلَكَ حَسَنَةٌ وَاحِدَةٌ وَقَوْلُهُ وَهَذَا نَصٌّ صَحِيحٌ إشَارَةً إلَى الْجَوَابِ عَمَّا قِيلَ لَا يَصِحُّ التَّمَسُّكُ بِخَبَرِ مُعَاذٍ؛ فَإِنَّهُ خَبَرٌ مُرْسَلٌ فَلَا يَكُونُ حُجَّةً عِنْدَ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَخَبَرٌ غَرِيبٌ فِيمَا يَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى فَلَا يَكُونُ حُجَّةً عِنْدَ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ فَكَانَ الْإِجْمَاعُ مِنْ الْفَرِيقَيْنِ مُنْعَقِدًا عَلَى سُقُوطِ الِاحْتِجَاجِ، فَقَالَ هَذَا نَصٌّ صَحِيحٌ لَيْسَ بِمُرْسَلٍ وَلَا غَرِيبٍ؛ فَإِنَّ أَئِمَّةَ الْحَدِيثِ أَسْنَدُوهُ فِي كُتُبِهِمْ وَتَلَقَّوْهُ بِالْقَبُولِ فَيَصِحُّ الِاحْتِجَاجُ بِهِ.
قَالَ الْغَزَالِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: هَذَا حَدِيثٌ تَلَقَّتْهُ الْأُمَّةُ بِالْقَبُولِ وَلَمْ يُظْهِرْ أَحَدٌ فِيهِ طَعْنًا وَإِنْكَارًا وَمَا كَانَ كَذَلِكَ لَا يَقْدَحُ فِيهِ كَوْنُهُ مُرْسَلًا بَلْ لَا يَجِبُ الْبَحْثُ عَنْ إسْنَادِهِ، وَهُوَ كَقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ» «وَلَا تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا» «وَلَا يَتَوَارَثُ أَهْلُ مِلَّتَيْنِ شَتَّى» وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا عَمِلَتْ بِهِ الْأُمَّةُ كَافَّةً وَذَكَرَ غَيْرُهُ أَنَّ مُثْبِتِي الْقِيَاسِ أَبَدًا كَانُوا يَتَمَسَّكُونَ بِهِ فِي إثْبَاتِ

نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 3  صفحه : 278
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست