responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 3  صفحه : 271
وَاحْتَجَّ مَنْ أَبْطَلَ الْقِيَاسَ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْمَعْقُولِ، أَمَّا الْكِتَابُ فَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ} [النحل: 89] وقَوْله تَعَالَى {وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} [الأنعام: 59] وَمَنْ جَعَلَ الْقِيَاسَ حُجَّةً لَمْ يَجْعَلْ الْكِتَابَ كَافِيًا.
وَأَمَّا السُّنَّةُ فَقَوْلُ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «لَمْ يَزَلْ أَمْرُ بَنِي إسْرَائِيلَ مُسْتَقِيمًا حَتَّى كَثُرَتْ فِيهِمْ أَوْلَادُ السَّبَايَا فَقَاسُوا مَا لَمْ يَكُنْ بِمَا قَدْ كَانَ فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا»
ـــــــــــــــــــــــــــــQالتَّعَبُّدَ بِالْأَقْيِسَةِ الشَّرْعِيَّةِ؛ لِأَنَّ النُّصُوصَ لَا تَفِي بِجَمِيعِ الْأَحْكَامِ لِتَنَاهِيهَا وَعَدَمِ تَنَاهِي الْأَحْكَامِ فَقَضَى الْعَقْلُ بِوُجُوبِ التَّعَبُّدِ بِالْقِيَاسِ تَحَرُّزًا عَنْ خُلُوِّ الْوَقَائِعِ عَنْ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ وَإِلَى وُجُوبِ التَّعَبُّدِ بِالْعَقْلِ ذَهَبَ الْقَفَّالُ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ أَيْضًا كَذَا ذُكِرَ فِي عَامَّةِ نُسَخِ أُصُولِ الْفِقْهِ، ثُمَّ قَوْلُهُ فِي الْكِتَابِ: فَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا دَلِيلَ مِنْ قِبَلِ الْعَقْلِ أَصْلًا إشَارَةٌ إلَى قَوْلِ مَنْ أَنْكَرَ الْقِيَاسَ الْعَقْلِيَّ فِي أُصُولِ الدِّينِ. وَأَنْكَرَ جَوَازَ التَّعَبُّدِ بِالْقِيَاسِ الشَّرْعِيِّ فِي فُرُوعِهِ عَقْلًا، وَهُمْ الْإِمَامِيَّةُ وَالْخَوَارِجُ.
وَقَوْلُهُ الْقِيَاسُ قِسْمٌ مِنْهُ أَيْ مِنْ دَلِيلِ الْعَقْلِ وَالْقَوْلُ الثَّانِي إشَارَةٌ إلَى قَوْلِ مَنْ أَثْبَتَ الْقِيَاسَ الْعَقْلِيَّ وَنَفَى الْقِيَاسَ الشَّرْعِيَّ عَقْلًا، وَهُمْ بَقِيَّةُ الشِّيعَةِ وَالنَّظَّامُ وَمُتَابِعُوهُ، وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ إشَارَةً إلَى قَوْلِ مَنْ أَنْكَرَ وُقُوعَهُ سَمْعًا كَدَاوُد وَمُتَابِعِيهِ؛ فَإِنَّ الْقِيَاسَ لَمَّا كَانَ دَلِيلًا ضَرُورِيًّا عِنْدَ هَذَا الْبَعْضِ لَمْ يَكُنْ مُمْتَنِعًا لَكِنَّهُ لَمَّا لَمْ يَرِدْ نَصٌّ يَدُلُّ عَلَى اعْتِبَارِهِ مَعَ وُجُودِ الِاسْتِصْحَابِ وَتَرَجُّحِهِ عَلَيْهِ لَمْ يَكُنْ مَعْمُولًا بِهِ بَلْ يَكُونُ سَاقِطًا بِالِاسْتِصْحَابِ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ إشَارَةً إلَى قَوْلِ طَائِفَةٍ مِنْ الْقَائِلِينَ بِامْتِنَاعِ التَّعَبُّدِ بِالْقِيَاسِ عَقْلًا؛ فَإِنَّهُمْ بَعْدَ اتِّفَاقِهِمْ عَلَى امْتِنَاعِهِ عَقْلًا اخْتَلَفُوا فِي مَأْخَذِ الِامْتِنَاعِ الْعَقْلِيِّ عَلَى مَا عُرِفَ فَعِنْدَ فَرِيقٍ مِنْهُمْ الِامْتِنَاعُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعَمَلَ بِالدَّلِيلِ الْأَضْعَفِ الضَّرُورِيِّ عَلَى مُخَالَفَةِ الدَّلِيلِ الْأَقْوَى الْأَصْلِيِّ مِمَّا يَرُدُّهُ الْعَقْلُ، وَقَدْ أَمْكَنَ الْعَمَلُ بِالدَّلِيلِ الْأَقْوَى فِي مَحَلِّ الْقِيَاسِ، وَهُوَ الْأَصْلُ الَّذِي كَانَ ثَابِتًا بِيَقِينٍ فَلَا يَجُوزُ الْعَمَلُ بِالْقِيَاسِ الَّذِي هُوَ ظَنِّيٌّ عَلَى خِلَافِهِ كَمَا لَوْ وُجِدَ هُنَاكَ نَصٌّ بِخِلَافِهِ.

قَوْلُهُ (وَاحْتَجَّ مَنْ أَبْطَلَ الْقِيَاسَ) إلَى آخِرِهِ تَمَسَّكَ نُفَاةُ الْقِيَاسِ بِآيَاتٍ مِنْ الْكِتَابِ مِثْلِ قَوْله تَعَالَى {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام: 38] أَيْ مَا تَرَكْنَا مِنْ شَيْءٍ إلَّا وَقَدْ بَيَّنَّا لَكُمْ مِمَّا بِكُمْ إلَيْهِ حَاجَةٌ، وقَوْله تَعَالَى {وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} [الأنعام: 59] ذَكَرَ الرَّطْبَ وَالْيَابِسَ لِلتَّعْمِيمِ كَمَا يُقَالُ مَا تَرَكَ فُلَانٌ مِنْ رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إلَّا جَمَعَهُ وَقَوْلِهِ عَزَّ ذِكْرُهُ {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ} [النحل: 89] مِنْ أُمُورِ الشَّرْعِ إذْ لَيْسَ فِيهِ بَيَانُ كُلِّ الْأَشْيَاءِ فَفِي هَذِهِ الْآيَاتِ أَنَّ بَيَانَ الْأَحْكَامِ كُلِّهَا فِي الْكِتَابِ إمَّا فِي نَصِّهِ أَوْ إشَارَتِهِ أَوْ دَلَالَتِهِ أَوْ اقْتِضَائِهِ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فِي شَيْءٍ هَاهُنَا فَالْإِبْقَاءُ عَلَى الْأَصْلِ الثَّابِتِ مِنْ وُجُودٍ أَوْ عَدَمٍ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ} [الأنعام: 145] الْآيَةَ فَقَدْ أَمَرَهُ بِالِاحْتِجَاجِ بِعَدَمِ نُزُولِ التَّحْرِيمِ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى لِبَقَاءِ الْإِبَاحَةِ الْأَصْلِيَّةِ فَيَصِيرُ عَلَى هَذَا بَيَانُ كُلِّ الْأَحْكَامِ مِنْ رَطْبٍ وَيَابِسٍ مَوْجُودًا فِي الْكِتَابِ كَمَا قِيلَ (ش) :
جَمِيعُ الْعِلْمِ فِي الْقُرْآنِ لَكِنْ ... تَقَاصَرَ عَنْهُ أَفْهَامُ الرِّجَالِ
فَيَكُونُ الْقِيَاسُ مُسْتَغْنًى عَنْهُ، فَمَنْ جَعَلَهُ حُجَّةً لَمْ يَجْعَلْ الْكِتَابَ كَافِيًا فِي الْإِبَانَةِ وَالتِّبْيَانِ وَتَعَلَّقُوا بِالْأَخْبَارِ أَيْضًا مِثْلِ حَدِيثِ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «لَمْ يَزَلْ أَمْرُ بَنِي إسْرَائِيلَ مُسْتَقِيمًا حَتَّى حَدَثَ فِيهِمْ أَوْلَادُ السَّبَايَا فَأَفْتَوْا بِرَأْيِهِمْ فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا» وَفِي رِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «فَقَاسُوا مَا لَمْ يَكُنْ بِمَا قَدْ كَانَ فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا» السَّبَايَا جَمْعُ سَبِيَّةٍ بِمَعْنَى مَسْبِيَّةٍ وَأَرَادَ بِهَا الْجَوَارِيَ أَيْ اتَّخَذُوا الْجَوَارِيَ سَرِيَّاتٍ فَوَلَدْنَ لَهُمْ أَوْلَادًا لَيْسُوا بِنُجَبَاءَ إذْ النَّجَابَةُ مِنْ قَبِيلِ الْأُمَّهَاتِ فَصَدَرَ مِنْهُمْ مَا يُفْضِي إلَى الضَّلَالِ وَالْإِضْلَالِ، وَهُوَ الْقِيَاسُ وَمِثْلِ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «تَعْمَلُ هَذِهِ الْأُمَّةُ بُرْهَةً بِكِتَابِ اللَّهِ وَبُرْهَةً بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ وَبُرْهَةً بِالرَّأْيِ فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ ضَلُّوا» وَمِثْلِ مَا رَوَى

نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 3  صفحه : 271
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست