responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 3  صفحه : 267
(بَابُ تَفْسِيرِ الْقِيَاسِ) لِلْقِيَاسِ تَفْسِيرٌ هُوَ الْمُرَادُ بِظَاهِرِ صِيغَتِهِ، وَمَعْنًى هُوَ الْمُرَادُ بِدَلَالَةِ صِيغَتِهِ وَمِثَالُهُ الضَّرْبُ هُوَ اسْمٌ لِفِعْلٍ يُعْرَفُ بِظَاهِرِهِ وَلِمَعْنًى يُعْقَلُ بِدَلَالَتِهِ عَلَى مَا قُلْنَا، أَمَّا الثَّابِتُ بِظَاهِرِ صِيغَتِهِ فَالتَّقْدِيرُ يُقَالُ قِسْ النَّعْلَ بِالنَّعْلِ أَيْ أَحْذِهِ بِهِ وَقَدِّرْهُ بِهِ وَذَلِكَ أَنْ يُلْحَقَ الشَّيْءُ بِغَيْرِهِ فَيُجْعَلَ مِثْلَهُ وَنَظِيرَهُ، وَقَدْ يُسَمَّى مَا يَجْرِي بَيْنَ اثْنَيْنِ مِنْ الْمُنَاظَرَةِ قِيَاسًا، وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ قَايَسْته قِيَاسًا، وَقَدْ يُسَمَّى هَذَا الْقِيَاسُ نَظَرًا مَجَازًا؛ لِأَنَّهُ مِنْ طَرِيقِ النَّظَرِ يُدْرَكُ، وَقَدْ يُسَمَّى اجْتِهَادًا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ طَرِيقُهُ فَسُمِّيَ بِهِ مَجَازًا.
ـــــــــــــــــــــــــــــQلَا يَكُونُ مُفِيدًا، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ مُفِيدًا كَانَ مُهْمَلًا وَصَارَ كَأَلْحَانِ الطُّيُورِ وَلَا يُوجَدُ أَيْ عَلَى وَجْهٍ يُعْتَبَرُ إلَّا عِنْدَ شَرْطِهِ لِأَنَّ شَرْطَ الشَّيْءِ مَا يَتَوَقَّفُ وُجُودُهُ عَلَيْهِ فَلَا يُتَصَوَّرُ وُجُودُ الْمَشْرُوطِ إلَّا بَعْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ، أَلَا تَرَى أَنَّ الصَّلَاةَ لَا تَصِحُّ إلَّا بَعْدَ تَحْصِيلِ الطَّهَارَةِ وَالنِّكَاحُ لَا يَصِحُّ إلَّا بَعْدَ إحْضَارِ الشُّهُودِ فَلِهَذَا قَدَّمَ ذِكْرَ الشَّرْطِ عَلَى الرُّكْنِ وَلَا يَقُومُ إلَّا بِرُكْنِهِ؛ لِأَنَّ رُكْنَ الشَّيْءِ نَفْسُ ذَلِكَ الشَّيْءِ أَوْ بَعْضُ مَا هُوَ دَاخِلٌ فِي مَاهِيَّتِه فَلَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنْ مَعْرِفَتِهِ وَلَمْ يُشْرَعْ إلَّا لِحِكْمَةٍ إذْ الشَّيْءُ إنَّمَا يَخْرُجُ مِنْ حَدِّ السَّفَهِ وَالْعَبَثِ إلَى حَدِّ الْحِكْمَةِ بِكَوْنِهِ مُفِيدًا وَذَلِكَ إنَّمَا يَكُونُ بِحِكْمَةٍ، ثُمَّ لَا يَبْقَى إلَّا الدَّفْعُ أَيْ لَمْ يَبْقَ بَعْدَ تَحَقُّقِ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ إلَّا الدَّفْعُ فَكَانَتْ مَعْرِفَتُهُ مُؤَخَّرَةً عَنْ مَعْرِفَةِ الْجَمِيعِ.
قَوْلُهُ (لِلْقِيَاسِ تَفْسِيرٌ هُوَ الْمُرَادُ بِظَاهِرِ صِيغَتِهِ) أَيْ لَهُ مَعْنًى لُغَوِيٌّ يَدُلُّ ظَاهِرُ صِيغَتِهِ عَلَيْهِ بِالْوَضْعِ وَمَعْنًى هُوَ الْمُرَادُ بِدَلَالَةِ صِيغَتِهِ أَيْ مَعْنًى يَدُلُّ صِيغَتُهُ عَلَيْهِ بِاعْتِبَارِ مَعْنَاهَا لَا بِظَاهِرِهَا، وَمِثَالُهُ أَيْ مِثَالُ الْقِيَاسِ عَلَى التَّفْصِيلِ الَّذِي قُلْنَا الضَّرْبُ؛ فَإِنَّ لَهُ تَفْسِيرًا هُوَ الْمُرَادُ بِظَاهِرِهِ، وَهُوَ إيقَاعُ الْخَشَبَةِ عَلَى جِسْمِ حَيٍّ وَمَعْنًى يُعْقَلُ بِدَلَالَتِهِ، وَهُوَ الْإِيلَامُ فَيَتَنَاوَلُ الْعَضَّ وَالْخَنْقَ وَمَدَّ الشَّعْرِ فِي قَوْلِ الرَّجُلِ: وَاَللَّهِ لَا أَضْرِبُ فُلَانًا بِمَعْنَاهُ لَا بِظَاهِرِهِ وَصُورَتِهِ كَمَا يَتَنَاوَلُ التَّأْفِيفُ الضَّرْبَ وَالشَّتْمَ بِمَعْنَاهُ، وَهُوَ الْإِيذَاءُ لَا بِصُورَتِهِ. وَمِثَالٌ آخَرُ قَوْله تَعَالَى {وَذَرُوا الْبَيْعَ} [الجمعة: 9] ؛ فَإِنَّ تَرْكَ الْبَيْعِ يُفْهَمُ مِنْ ظَاهِرِهِ وَتَرْكُ مَا يَشْغَلُهُ عَنْ السَّعْيِ يُفْهَمُ مِنْ مَعْنَاهُ حَتَّى يَحْرُمَ عَلَيْهِ الِاشْتِغَالُ بِالشِّرَاءِ وَسَائِرِ الْأَعْمَالِ الَّتِي تَمْنَعُهُ عَنْ السَّعْيِ.
1 -
قَوْلُهُ (أَمَّا الثَّابِتُ بِظَاهِرِ صِيغَتِهِ فَالتَّقْدِيرُ) يُقَالُ قِسْت الْأَرْضَ بِالْقَصَبَةِ إذَا قَدَّرْتهَا بِهَا، وَيُقَالُ قَاسَ الطَّبِيبُ الْجُرْحَ إذَا سَبَرَهُ بِالْمِسْبَارِ لِيَعْرِفَ مِقْدَارَ غَوْرِهِ، ثُمَّ التَّقْدِيرُ لَمَّا اسْتَدْعَى أَمْرَيْنِ يُضَافُ أَحَدُهُمَا إلَى الْآخَرِ بِالْمُسَاوَاةِ اُسْتُعْمِلَ بِمَعْنَى الْمُسَاوَاةِ أَيْضًا فَقِيلَ قِسْ النَّعْلَ بِالنَّعْلِ أَيْ أَحَدَهُمَا أَيْ سِوَاهَا بِصَاحِبَتِهَا، وَمِنْهُ يُقَالُ يُقَاسُ فُلَانٌ بِفُلَانٍ وَلَا يُقَاسُ بِفُلَانٍ أَيْ يُسَاوِيهِ وَلَا يُسَاوِيهِ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
خَفْ بِإِلْحَاقِ كَرِيمٍ عَلَى عِرْضٍ يُدَنِّسُهُ ... مَقَالُ كُلِّ سَفِيهٍ لَا يُقَاسُ لَكَا
وَإِلَيْهِ أَشَارَ الشَّيْخُ بِقَوْلِهِ وَذَلِكَ أَيْ التَّقْدِيرُ أَنْ يُلْحَقَ الشَّيْءُ بِغَيْرِهِ فَيُجْعَلُ مِثْلَهُ وَنَظِيرَهُ وَكَانَ غَرَضُهُ مِنْ هَذَا الْكَلَامِ أَنَّ التَّقْدِيرَ فِي الْمَعَانِي وَالْأَحْكَامِ بِإِلْحَاقِ الشَّيْءِ بِغَيْرِهِ لِيُجْعَلَ الشَّيْءُ الْمُلْحَقُ نَظِيرَ الْمُلْحَقِ بِهِ فِي الْحُكْمِ الَّذِي وَقَعَتْ الْحَاجَةُ إلَى إثْبَاتِهِ وَاسْمُ النَّعْلِ مُؤَنَّثٌ سَمَاعِيٌّ إلَّا أَنَّ الشَّيْخَ ذَكَّرَ ضَمِيرَهَا نَظَرًا إلَى ظَاهِرِ اللَّفْظِ وَصِلَةُ الْقِيَاسِ فِي اللُّغَةِ هِيَ الْبَاءُ إلَّا أَنَّ فِي الشَّرْعِ جُعِلَتْ كَلِمَةُ عَلَى فَقِيلَ قَاسَ عَلَيْهِ بِتَضْمِينِ مَعْنَى الْبِنَاءِ لِيَدُلَّ عَلَى أَنَّ الْقِيَاسَ الشَّرْعِيَّ لِلْبِنَاءِ لَا لِلْإِثْبَاتِ ابْتِدَاءً قَوْلُهُ، (وَقَدْ يُسَمَّى مَا يَجْرِي بَيْنَ اثْنَيْنِ مِنْ الْمُنَاظَرَةِ قِيَاسًا) ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَقِيسُ عَلَى أَصْلِهِ وَيَسْعَى فِي أَنْ يَجْعَلَ جَوَابَهُ فِي الْحَادِثَةِ مَثَلًا لِمَا اتَّفَقَا عَلَى كَوْنِهِ أَصْلًا بَيْنَهُمَا كَالْحَنَفِيِّ فِي مُنَاظَرَةِ الشَّافِعِيِّ يَسْعَى فِي إلْحَاقِ الْفَصْدِ وَالْحِجَامَةِ بِالسَّبِيلَيْنِ وَصَاحِبُهُ يَسْعَى فِي إلْحَاقِهِمَا بِالْقَيْءِ الْقَلِيلِ، وَهُوَ أَيْ هَذَا الْقِيَاسُ الَّذِي أُطْلِقَ عَلَى الْمُنَاظَرَةِ مَصْدَرُ قَايَسْته قِيَاسًا لَا مَصْدَرُ قَاسَ يَقِيسُ، وَقَدْ يُسَمَّى هَذَا الْقِيَاسُ أَيْ الْقِيَاسُ الشَّرْعِيُّ الَّذِي يَجْرِي فِي الْمُنَاظَرَةِ نَظَرًا بِطَرِيقِ إطْلَاقِ اسْمِ السَّبَبِ عَلَى الْمُسَبَّبِ؛ فَإِنَّهُ يُصَابُ بِنَظَرِ الْقَلْبِ عَنْ إنْصَافٍ فَيَكُونُ قَوْلُهُ هَذَا

نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 3  صفحه : 267
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست