responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 3  صفحه : 253
أَمَّا الْكِتَابُ؛ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى} [النساء: 115] فَأَوْجَبَ هَذَا أَنْ يَكُونَ سَبِيلُ الْمُؤْمِنِينَ حَقًّا بِيَقِينٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَنْ يَكُونَ مَحَلُّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْجَمَاعَةِ أَسْوَدَ أَوْ أَبْيَضَ وَلَا يَكُونُ الْجَمِيعُ بِتِلْكَ الصِّفَةِ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ لَا يَكُونُ إجْمَاعُهُمْ حُجَّةً قَاطِعَةً كَقَوْلِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ.
قَوْلُهُ (لَكِنَّ هَذَا) أَيْ مَا ذَكَرَهُ الْمُخَالِفُ خِلَافُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالدَّلِيلِ الْمَعْقُولِ؛ فَإِنَّ هَذِهِ الدَّلَائِلَ تُوجِبُ أَنَّهُ حُجَّةٌ كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْجُمْهُورُ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ.
1 -
أَمَّا الْكِتَابُ فَقَوْلُهُ تَعَالَى {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ} [النساء: 115] وَجْهُ التَّمَسُّكِ بِهِ عَلَى مَا هُوَ الْمَذْكُورُ فِي عَامَّةِ الْكُتُبِ أَنَّهُ تَعَالَى تَوَعَّدَ عَلَى مُتَابَعَةِ غَيْرِ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ كَمَا تَوَعَّدَ عَلَى مُخَالَفَةِ الرَّسُولِ وَالسَّبِيلُ مَا يَخْتَارُ الْإِنْسَانُ لِنَفْسِهِ قَوْلًا وَعَمَلًا وَلَوْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مُحَرَّمًا لَمَّا تَوَعَّدَ عَلَيْهِ وَلَمَا حَسُنَ الْجَمْعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُشَاقِّ الرَّسُولِ فِي الْوَعِيدِ كَمَا لَا يَحْسُنُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْكُفْرِ وَأَكْلِ الْخُبْزِ الْمُبَاحِ فِي الْوَعِيدِ، وَإِذَا حَرُمَ اتِّبَاعُ غَيْرِ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ وَجَبَ اتِّبَاعُ سَبِيلِهِمْ فَيَكُونُ الْإِجْمَاعُ حُجَّةً؛ لِأَنَّهُ سَبِيلُهُمْ وَعَلَى مَا ذُكِرَ فِي هَذَا الْكِتَابِ أَنَّهُ تَعَالَى جَعَلَ مُتَابَعَةَ غَيْرِ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ بِمَنْزِلَةِ مُشَاقَّةِ الرَّسُولِ فِي اسْتِيجَابِ النَّارِ وَسَوَّى بَيْنَهُمَا فَكَانَ تَرْكُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَاجِبًا قَطْعًا.
ثُمَّ تَرْكُ الْمُشَاقَّةِ إنَّمَا وَجَبَ قَطْعًا؛ لِأَنَّ قَوْلَ الرَّسُولِ حَقٌّ بِيَقِينٍ فَكَذَلِكَ تَرْكُ اتِّبَاعِ غَيْرِ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ إنَّمَا وَجَبَ قَطْعًا؛ لِأَنَّ سَبِيلَهُمْ حَقٌّ بِيَقِينٍ وَلَا مَعْنَى لِقَوْلِ مَنْ يَقُولُ: إنَّ اتِّبَاعَ غَيْرِ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ مُتَوَعَّدٌ عَلَيْهِ بِشَرْطِ مُشَاقَّةِ الرَّسُولِ فَلَا يَثْبُتُ التَّوَعُّدُ بِدُونِهَا إذْ الْمُعَلَّقُ بِالشَّرْطِ مَعْدُومٌ قَبْلَ وُجُودِ الشَّرْطِ؛ لِأَنَّهُ إنْ أَرَادَ بِكَوْنِهِ مَشْرُوطًا بِهَا الِاشْتِرَاطَ اللَّفْظِيَّ فَهُوَ مَمْنُوعٌ إذْ لَيْسَ فِي اللَّفْظِ مَا يَدُلُّ عَلَى تَعَلُّقِ الِاتِّبَاعِ بِالْمُشَاقَّةِ فِي صِحَّةِ تَرَتُّبِ الْوَعِيدِ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَرَادَ بِهِ أَنَّ الْوَعِيدَ تَرَتَّبَ عَلَى الْمُشَاقَّةِ وَالِاتِّبَاعِ الْمَذْكُورَيْنِ مَجْمُوعًا فَلَا يَثْبُتُ تَرَتُّبُ الْوَعِيدِ عَلَى الِاتِّبَاعِ بِانْفِرَادِهِ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ الْمُعَلَّقَ بِشَرْطَيْنِ لَا يَثْبُتُ عِنْدَ وُجُودِ أَحَدِهِمَا كَمَا لَوْ قَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ وَكَلَّمْت زَيْدًا فَأَنْتِ طَالِقٌ لَا يَثْبُتُ الطَّلَاقُ بِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ فَذَلِكَ فَاسِدٌ أَيْضًا قَدْ ثَبَتَ أَنَّ الْمُشَاقَّةَ بِانْفِرَادِهَا سَبَبٌ لِاسْتِحْقَاقِ الْوَعِيدِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَنْ يُشَاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [الأنفال: 13] .
، وَقَدْ سَاعَدَنَا الْخَصْمُ فِي ذَلِكَ فَلَوْ كَانَ الْمَجْمُوعُ شَرْطًا وَسَبَبًا لِاسْتِحْقَاقِ الْعَذَابِ يَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ لَا يَكُونَ الْمُشَاقَّةُ بِانْفِرَادِهِ سَبَبًا لِذَلِكَ، وَهُوَ خِلَافُ النَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ، وَإِذَا كَانَتْ الْمُشَاقَّةُ بِانْفِرَادِهَا سَبَبًا لِذَلِكَ كَانَ الِاتِّبَاعُ بِانْفِرَادِهِ سَبَبًا لَهُ أَيْضًا إذْ لَوْ لَمْ يُجْعَلْ سَبَبًا لَهُ لَمْ يَبْقَ لِذِكْرِهِ فَائِدَةٌ وَصَارَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا} [الفرقان: 68] فِي أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ سَبَبٌ لِلْإِثْمِ فَإِنْ قِيلَ: الِاسْتِدْلَال بِهَذِهِ الْآيَةِ إنَّمَا يَتِمُّ لَوْ ثَبَتَ أَنَّ الِاتِّبَاعَ عِبَارَةٌ عَنْ مُجَرَّدِ الْإِتْيَانِ بِمِثْلِ فِعْلِ الْغَيْرِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَإِلَّا يَلْزَمْ أَنْ يُقَالَ الْمُسْلِمُونَ أَتْبَاعُ الْيَهُودِ فِي الْإِيمَانِ بِاَللَّهِ وَنُبُوَّةِ مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بَلْ مُتَابَعَةُ الْغَيْرِ عِبَارَةٌ عَنْ الْإِتْيَانِ بِمِثْلِ فِعْلِ الْغَيْرِ لِأَجْلِ أَنَّهُ فَعَلَهُ، فَأَمَّا الْآتِي بِمِثْلِ فِعْلِ الْغَيْرِ لَا لِأَجْلِ أَنَّ الْغَيْرَ فَعَلَهُ بَلْ لِأَنَّ الدَّلِيلَ سَاقَهُ إلَيْهِ لَمْ يَكُنْ مُتَّبِعًا لِلْغَيْرِ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ حَصَلَ بَيْنَ مُتَابَعَةِ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ وَبَيْنَ مُتَابَعَةِ غَيْرِ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ وَاسِطَةٌ وَهِيَ أَنْ لَا يُتَّبَعَ أَحَدٌ أَصْلًا بَلْ يُتَوَقَّفُ إلَى ظُهُورِ الدَّلِيلِ، وَإِذَا حَصَلَتْ هَذِهِ الْوَاسِطَةُ لَمْ يَلْزَمْ مِنْ تَحْرِيمِ اتِّبَاعِ غَيْرِ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ وُجُوبُ اتِّبَاعِ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ فَيَسْقُطُ

نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 3  صفحه : 253
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست