responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 3  صفحه : 224
فَصَارَ الطَّرِيقُ الْمُتَنَاهِي فِي أُصُولِ الشَّرِيعَةِ وَفُرُوعِهَا عَلَى الْكَمَالِ هُوَ طَرِيقَ أَصْحَابِنَا بِحَمْدِ اللَّهِ إلَيْهِمْ انْتَهَى الدِّينُ بِكَمَالِهِ وَبِفَتْوَاهُمْ قَامَ الشَّرْعُ إلَى آخِرِ الدَّهْرِ بِخِصَالِهِ لَكِنَّهُ بَحْرٌ عَمِيقٌ لَا يَقْطَعُهُ كُلُّ سَانِحٍ وَالشُّرُوطُ كَثِيرَةٌ لَا يَجْمَعُهَا كُلُّ طَالِبٍ وَهَذَا الِاخْتِلَافُ فِي كُلِّ مَا ثَبَتَ عَنْهُمْ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ بَيْنَهُمْ وَمِنْ غَيْرِ أَنْ يَثْبُتَ أَنَّهُ بَلَغَ غَيْرَ قَائِلِهِ فَسَكَتَ مُسَلِّمًا لَهُ، فَأَمَّا إذَا اخْتَلَفُوا فِي شَيْءٍ فَإِنَّ الْحَقَّ فِي أَقْوَالِهِمْ لَا يَعْدُوهُمْ عِنْدَنَا عَلَى مَا نُبَيِّنُ فِي بَابِ الْإِجْمَاعِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَلَا يَسْقُطُ الْبَعْضُ بِالْبَعْضِ بِالتَّعَارُضِ؛ لِأَنَّهُمْ لَمَّا اخْتَلَفُوا وَلَمْ تَجْرِ الْمُحَاجَّةُ بِالْحَدِيثِ الْمَرْفُوعِ سَقَطَ احْتِمَالُ التَّوْقِيفِ وَتَعَيَّنَ وَجْهُ الرَّأْيِ وَالِاجْتِهَادِ فَصَارَ تَعَارُضُ أَقْوَالِهِمْ كَتَعَارُضِ وُجُوهِ الْقِيَاسِ، وَذَلِكَ يُوجِبُ التَّرْجِيحَ فَإِنْ تَعَذَّرَ التَّرْجِيحُ وَجَبَ الْعَمَلُ بِأَيِّهَا شَاءَ الْمُجْتَهِدُ عَلَى أَنَّ الصَّوَابَ وَاحِدٌ مِنْهَا لَا غَيْرُ ثُمَّ لَا يَجُوزُ الْعَمَلُ بِالثَّانِي مِنْ بَعْدُ إلَّا بِدَلِيلٍ عَلَى مَا مَرَّ فِي بَابِ الْمُعَارَضَةِ

وَأَمَّا التَّابِعِيُّ فَإِنْ كَانَ لَمْ يَبْلُغْ دَرَجَةَ الْفَتْوَى فِي زَمَانِ الصَّحَابَةِ وَلَمْ يُزَاحِمْهُمْ فِي الرَّأْيِ كَانَ أُسْوَةَ سَائِرِ أَئِمَّةِ الْفَتْوَى مِنْ السَّلَفِ لَا يَصِحُّ تَقْلِيدُهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQبِمُشَاهَدَةِ أَحْوَالِ الْخِطَابِ عَلَى غَيْرِهِمْ مِمَّنْ لَمْ يُشَاهِدْ وَلَا يُقَالُ هَذِهِ أُمُورٌ بَاطِنَةٌ، وَإِنَّمَا أُمِرْنَا بِبِنَاءِ الْحُكْمِ عَلَى مَا هُوَ الظَّاهِرُ؛ لِأَنَّ بِنَاءَ الْحُكْمِ عَلَى الظَّاهِرِ مُسْتَقِيمٌ عِنْدَنَا وَلَكِنْ فِي مَوْضِعٍ يَتَعَذَّرُ اعْتِبَارُ الْبَاطِنِ فَأَمَّا إذَا أَمْكَنَ اعْتِبَارُهُمَا جَمِيعًا فَلَا شُبْهَةَ أَنَّ اعْتِبَارَهُمَا يَتَقَدَّمُ عَلَى مُجَرَّدِ اعْتِبَارِ الظَّاهِرِ وَفِي الْأَخْذِ بِقَوْلِ الصَّحَابِيِّ اعْتِبَارُهُمَا وَفِي الْعَمَلِ بِالرَّأْيِ اعْتِبَارُ الظَّاهِرِ فَقَدْ كَانَ الْأَوَّلُ أَوْلَى كَذَا قَرَّرَ الْإِمَامُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -.
قَوْلُهُ (فَكَانَ هَذَا الطَّرِيقُ) أَيْ إيجَابُ مُتَابَعَةِ الصَّحَابِيِّ وَتَقْلِيدِهِمْ أَوْ الطَّرِيقُ الَّذِي اخْتَرْنَاهُ فِي بَابِ السُّنَّةِ مِنْ قَبُولِ الْمُسْنَدِ وَالْمُرْسَلِ رِوَايَةً وَالْمَعْرُوفِ وَالْمَجْهُولِ وَإِيجَابِ تَقْلِيدِ الصَّحَابَةِ هُوَ النِّهَايَةُ فِي الْعَمَلِ بِالسُّنَّةِ لِيَكُونَ لِلسُّنَّةِ بِجَمِيعِ وُجُوهِهَا مِنْ الْمُتَوَاتِرِ وَالْمَشْهُورِ وَالْآحَادِ وَالْمُسْنَدِ وَالْمُرْسَلِ وَغَيْرِهَا وَشَبَهِهَا مِنْ أَقْوَالِ الصَّحَابَةِ مُقَدَّمًا عَلَى الْقِيَاسِ ثُمَّ الْقِيَاسُ أَيْ ثُمَّ يَكُونُ الْقِيَاسُ بِأَقْوَى وُجُوهِهِ وَهِيَ الْإِحَالَةُ وَالسُّنَّةُ وَالطَّرْدُ وَالْقِيَاسُ بِالْوَصْفِ الْمُؤَثِّرِ حُجَّةً بَعْدَ جَمِيعِ أَقْسَامِ السُّنَّةِ وَشَبَهِهَا فَقَدْ ضَيَّعَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَامَّةَ وُجُوهِ السُّنَنِ، فَإِنَّهُ رَدَّ الْمَرَاسِيلَ مَعَ كَثْرَتِهَا وَلَمْ يَقْبَلْ رِوَايَةَ الْمَجْهُولِ مِنْ الْقُرُونِ الْأُولَى مَعَ شَهَادَةِ الرَّسُولِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَهُمْ بِالْخَيْرِيَّةِ وَفِيهِ تَعْطِيلُ كَثِيرٍ مِنْ السُّنَّةِ وَلَمْ يَرَ تَقْلِيدَ الصَّحَابَةِ وَفِيهِ إعْرَاضٌ عَنْ كَثِيرٍ مِمَّا فِيهِ شُبْهَةُ السَّمَاعِ لِإِضَافَةِ الْوُجُوبِ أَيْ ثُبُوتِ الْحُكْمِ إلَيْهِ كَمَنْ تَرَكَ الْقِيَاسَ أَيْ لَمْ يُجَوِّزْ الْعَمَلَ بِهِ وَعَمِلَ بِاسْتِصْحَابِ الْحَالِ مِثْلُ دَاوُد الْأَصْفَهَانِيِّ الظَّاهِرِيِّ وَأَمْثَالِهِ مِنْ نُفَاةِ الْقِيَاسِ فَجَعَلَ أَيْ الشَّافِعِيُّ الِاحْتِيَاطَ، فَإِنَّهُ يَرُدُّ الْمَرَاسِيلَ وَرِوَايَةَ الْمَجْهُولِ وَقَوْلَ الصَّحَابِيِّ احْتِيَاطًا مَدْرَجَةً أَيْ طَرِيقًا وَوَسِيلَةً إلَى الْوُقُوعِ فِي الْعَمَلِ بِمَا لَيْسَ بِدَلِيلٍ مُوجِبٍ وَهُوَ قِيَاسُ الشَّبَهِ وَفِي أَصْلِهِ شُبْهَةٌ أَيْ فِي أَصْلِ الْقِيَاسِ الصَّحِيحِ شُبْهَةٌ فَفِي قِيَاسِ الشَّبَهِ أَوْلَى أَوْ جَعْلِهِ وَسِيلَةً إلَى الْعَمَلِ بِمَا لَيْسَ بِدَلِيلٍ مُوجِبٍ وَهُوَ نَفْسُ الْقِيَاسِ، وَإِنَّهُ مُظْهِرٌ وَلَيْسَ بِمُثْبِتٍ وَفِي أَصْلِهِ شَبَهٌ أَنَّهُ صَوَابٌ أَوْ خَطَأٌ وَلَا شُبْهَةَ فِي أَصْلِ السُّنَّةِ إنَّمَا الشُّبْهَةُ فِي طَرِيقِهَا قَامَ الشَّرْعُ بِخِصَالِهِ أَيْ مُلْتَبِسًا بِخِصَالِهِ وَهِيَ مَحَاسِنُهُ وَأَحْكَامُهُ.
فَإِنْ قِيلَ: إنَّكُمْ قَدَّمْتُمْ شُبْهَةَ السَّمَاعِ عَلَى الْقِيَاسِ مِنْ حَيْثُ أَوْجَبْتُمْ تَقْلِيدَ الصَّحَابِيِّ ثُمَّ قَدَّمْتُمْ الْقِيَاسَ عَلَى حَقِيقَةِ السَّمَاعِ فِي حَدِيثِ الْمُصِرَّاتِ وَأَمْثَالِهِ مَعَ كَوْنِ الرَّاوِي مَعْرُوفًا بِالضَّبْطِ وَالْإِتْقَانِ وَالْعَدَالَةِ وَكَوْنِهِ مِنْ أَجَلِّ الصَّحَابَةِ، وَهَذَا تَنَاقُضٌ ظَاهِرٌ قُلْنَا: لَيْسَ كَذَلِكَ، فَإِنَّ الْمُرَادَ مِنْ الصَّحَابَةِ فِيمَا ذَكَرْنَا الْفُقَهَاءُ مِنْهُمْ دُونَ غَيْرِهِمْ بِدَلِيلِ مَا ذَكَرَ صَدْرُ الْإِسْلَامِ أَبُو الْيُسْرِ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ أَنَّهُ رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي تَقْلِيدِ الصَّحَابِيِّ ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ فِي رِوَايَةٍ يَجِبُ تَقْلِيدُ كُلِّ صَحَابِيٍّ وَتَقْدِيمُ قَوْلِهِ عَلَى الْقِيَاسِ وَفِي رِوَايَةٍ لَا يَجِبُ التَّقْلِيدُ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ مُوَافِقًا لِلْقِيَاسِ وَإِلَيْهِ مَالَ أَبُو الْحَسَنِ مَعَ جَمَاعَةٍ وَفِي رِوَايَةٍ يَجِبُ تَقْلِيدُ الْفُقَهَاءِ مِنْ الصَّحَابَةِ وَلَا يَجِبُ تَقْلِيدُ غَيْرِهِمْ وَإِلَيْهِ مَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْبَرْدَعِيُّ وَأَكْثَرُ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَا ذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي شَرْحِ الْإِيمَانِ مِنْ الْمَبْسُوطِ وَلَكِنَّ قَوْلَ الْوَاحِدِ مِنْ فُقَهَائِهِمْ فِيمَا يُخَالِفُ الْقِيَاسَ حُجَّةٌ يُتْرَكُ بِهِ الْقِيَاسُ وَفِي شَرْحِ الْبُيُوعِ فِي مَسْأَلَةِ اشْتِرَاطِ إعْلَامِ قَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ، وَمَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مَرْوِيٌّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وَقَوْلُ الْفَقِيهِ مِنْ الصَّحَابَةِ مُقَدَّمٌ عَلَى الْقِيَاسِ وَفِي بَابِ الْبَيْعِ إذَا كَانَ فِيهِ شَرْطٌ وَقَوْلُ الْوَاحِدِ مِنْ فُقَهَاءِ الصَّحَابَةِ مُقَدَّمٌ عَلَى الْقِيَاسِ عِنْدَنَا وَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْقَاضِي الْإِمَامُ فِي التَّقْوِيمِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ قَوْلِهِ: «أَصْحَابِي

نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 3  صفحه : 224
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست