responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 3  صفحه : 219
أَمَّا فِيمَا لَا يُدْرَكُ بِالْقِيَاسِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْعَمَلِ بِهِ حَمْلًا لِذَلِكَ عَلَى التَّوْقِيفِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَا وَجْهَ لَهُ غَيْرَ هَذَا إلَّا التَّكْذِيبُ، وَذَلِكَ بَاطِلٌ فَوَجَبَ الْعَمَلُ بِهِ لَا مَحَالَةَ فَأَمَّا فِيمَا يُعْقَلُ بِالْقِيَاسِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQبِثَمَانِ مِائَةِ دِرْهَمٍ إلَى الْعَطَاءِ فَاحْتَاجَ إلَى ثَمَنِهِ فَاشْتَرَيْته مِنْهُ قَبْلَ مَحَلِّ الْأَجَلِ بِسِتِّمِائَةٍ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - بِئْسَمَا شَرَيْت وَاشْتَرَيْت أَبْلَغِي زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَبْطَلَ جِهَادَهُ وَحَجَّهُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنْ لَمْ يَتُبْ فَأَتَاهَا زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ مُعْتَذِرًا فَتَلَتْ قَوْله تَعَالَى {فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ} [البقرة: 275] فَتَرَكْنَا الْقِيَاسَ بِهِ؛ لِأَنَّ الْقِيَاسَ لَمَّا كَانَ مُخَالِفًا لِقَوْلِهَا تَعَيَّنَ جِهَةُ السَّمَاعِ فِيهِ وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّهَا جَعَلَتْ جَزَاءَهُ عَلَى مُبَاشَرَةِ هَذَا الْعَقْدِ بُطْلَانَ الْحَجِّ وَالْجِهَادِ وَأَجْزِئَةُ الْجَرَائِمِ لَا تُعْرَفُ بِالرَّأْيِ فَعُلِمَ أَنَّ ذَلِكَ كَالْمَسْمُوعِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاعْتِذَارُ زَيْدٍ إلَيْهَا دَلِيلٌ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا، فَإِنَّ بَعْضَهُمْ كَانَ يُخَالِفُ بَعْضًا فِي الْمُجْتَهَدَاتِ وَمَا كَانَ يَعْتَذِرُ إلَى صَاحِبِهِ.
وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيَانِ الْأَقْوَالِ شَرَعَ فِي إقَامَةِ الدَّلَائِلِ عَلَيْهَا وَبَدَأَ بِمَا اتَّفَقَ أَصْحَابُنَا عَلَى وُجُوبِ التَّقْلِيدِ فِيهِ فَقَالَ: أَمَّا فِيمَا لَا يُدْرَكُ بِالْقِيَاسِ نَحْوُ الْمَقَادِيرِ وَغَيْرِهَا فَلَا بُدَّ مِنْ الْعَمَلِ بِهِ أَيْ بِقَوْلِ الصَّحَابِيِّ فِيهِ حَمْلًا لِقَوْلِهِ عَلَى التَّوْقِيفِ أَيْ السَّمَاعِ وَالتَّنْصِيصِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ لِأَنَّهُ لَا يُظَنُّ بِهِمْ الْمُجَازَفَةَ فِي الْقَوْلِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُحْمَلَ قَوْلُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ، فَإِنَّ طَرِيقَ الدِّينِ مِنْ النُّصُوصِ إنَّمَا انْتَقَلَ إلَيْنَا بِرِوَايَتِهِمْ وَفِي حَمْلِ قَوْلِهِمْ عَلَى الْكَذِبِ وَالْبَاطِلِ قَوْلٌ بِفِسْقِهِمْ وَذَلِكَ يُبْطِلُ رِوَايَتَهُمْ فَلَمْ يَبْقَ إلَّا الرَّأْيُ وَالسَّمَاعُ مِمَّنْ يَنْزِلُ عَلَيْهِ الْوَحْيُ وَلَا مَدْخَلَ لِلرَّأْيِ فِي هَذَا الْبَابِ فَتَعَيَّنَ السَّمَاعُ وَصَارَ فَتْوَاهُ مُطْلَقَةً كَرِوَايَتِهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا شَكَّ أَنَّهُ لَوْ ذَكَرَ سَمَاعَهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ ذَلِكَ حُجَّةً لِإِثْبَاتِ الْحُكْمِ بِهِ فَكَذَا إذَا أَفْتَى بِهِ وَلَا طَرِيقَ لِفَتْوَاهُ إلَّا السَّمَاعُ، فَإِنْ قِيلَ: يَجُوزُ أَنَّهُ إنَّمَا أَفْتَى لِخَبَرٍ ظَنَّهُ دَلِيلًا وَلَا يَكُونُ كَذَلِكَ وَمَعَ جَوَازِ أَنْ لَا يَكُونَ دَلِيلًا لَا يَلْزَمُ غَيْرَهُ كَالِاجْتِهَادِ لَمَّا احْتَمَلَ أَنْ لَا يَكُونَ دَلِيلًا لَا يَكُونُ حُجَّةً عَلَى مُجْتَهِدٍ آخَرَ أَلَا تَرَى أَنَّ قَوْلَهُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ عَلَى صَحَابِيٍّ مِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ كَالْمَسْمُوعِ لَكَانَ حُجَّةً عَلَيْهِ.
وَأَلَا تَرَى أَنَّ هَذَا الْمَعْنَى يُوجَدُ فِي حَقِّ التَّابِعِيِّ وَسَائِرِ الْمُجْتَهِدِينَ إذْ لَا يُظَنُّ الْمُجَازَفَةُ فِي الْقَوْلِ بِالْمُجْتَهِدِ فِي كُلِّ عَصْرٍ وَلَا يَجُوزُ حَمْلُ كَلَامِهِ عَلَى الْكَذِبِ ثُمَّ لَا يَكُونُ فَتْوَاهُ حُجَّةً فِيمَا لَا مَدْخَلَ لِلْقِيَاسِ فِيهِ كَمَا لَا يَكُونُ حُجَّةً فِيمَا يُعْرَفُ بِالْقِيَاسِ.
قُلْنَا هَذَا مَحْمَلٌ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّ تَقَدُّمَهُمْ فِي الْعِلْمِ وَالْوَرَعِ وَاحْتِيَاطَهُمْ فِي أُمُورِ الدِّينِ وَدِقَّةَ نَظَرِهِمْ فِيهَا يَرُدُّ ذَلِكَ كَيْفَ وَإِنَّهُ يُؤَدِّي إلَى سُقُوطِ رِوَايَتِهِمْ وَتَرْكِ الِاعْتِمَادِ عَلَى قَوْلِهِمْ؛ لِأَنَّ ظَنَّ مَا لَيْسَ بِدَلِيلٍ دَلِيلًا وَالِاعْتِمَادَ عَلَيْهِ لِلْفَتْوَى مِنْ بَابِ الْمُسَاهَلَةِ وَقِلَّةِ الْمُبَالَاةِ وَتَرْكِ الِاحْتِيَاطِ، وَرِوَايَةُ الْمُتَسَاهِلِ لَا تُقْبَلُ وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ مِثْلَ هَذَا الظَّنِّ بِهِمْ فَاسِدٌ لَا يُؤَدِّي إلَيْهِ كَذَلِكَ وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ قَوْلَهُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ عَلَى صَحَابِيٍّ آخَرَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ فِيمَا كَانَ لِلْقِيَاسِ مَدْخَلٌ فِيهِ لِاحْتِمَالِ السَّمَاعِ وَالرَّأْيِ فَأَمَّا فِيمَا لَا مَدْخَلَ لِلْقِيَاسِ فِيهِ فَلَا يَتَعَيَّنُ إلَّا جِهَةُ السَّمَاعِ فِيهِ فَيَكُونُ حُجَّةً عَلَى الْكُلِّ
فَأَمَّا قَوْلُ التَّابِعِيِّ فَلَيْسَ بِحُجَّةٍ؛ لِأَنَّ احْتِمَالَ اتِّصَالِ قَوْلِهِ بِالسَّمَاعِ يَكُونُ بِوَاسِطَةٍ وَتِلْكَ الْوَاسِطَةُ لَا يُمْكِنُ إثْبَاتُهَا بِغَيْرِ دَلِيلٍ وَبِدُونِهَا لَا يَثْبُتُ السَّمَاعُ بِوَجْهٍ فَأَمَّا الصَّحَابِيُّ فَقَدْ كَانَ مُصَاحِبًا لِمَنْ نَزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ فَكَانَ الْأَصْلُ فِي حَقِّهِ السَّمَاعَ فَلَا يُجْعَلُ قَوْلٌ مُنْقَطِعًا عَنْ السَّمَاعِ إلَّا إذَا ظَهَرَ دَلِيلٌ غَيْرُهُ وَهُوَ الرَّأْيُ فَلَمْ يُوجَدْ فَلَا يَثْبُتُ الِانْقِطَاعُ بِالِاحْتِمَالِ إلَيْهِ أَشَارَ الْقَاضِي الْإِمَامُ فِي التَّقْوِيمِ وَالدَّلِيلُ عَلَى الْفَرْقِ أَنَّ الْحَدِيثَ فِي حَقِّ

نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 3  صفحه : 219
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست