responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 3  صفحه : 211
إلَّا أَنَّا اخْتَرْنَا تَقْدِيمَ انْتِظَارِ الْوَحْيِ؛ لِأَنَّهُ مُكَرَّمٌ بِالْوَحْيِ الَّذِي يُغْنِيه عَنْ الرَّأْيِ وَعَلَى ذَلِكَ غَالِبُ أَحْوَالِهِ فِي أَنْ لَا يُخْلَى عَنْ الْوَحْيِ، وَالرَّأْيُ ضَرُورِيٌّ فَوَجَبَ تَقْدِيمُ الطَّلَبِ لِاحْتِمَالِ الْإِصَابَةِ غَالِبًا كَالتَّيَمُّمِ لَا يَجُوزُ فِي مَوْضِعِ وُجُودِ الْمَاءِ غَالِبًا إلَّا بَعْدَ الطَّلَبِ وَصَارَ ذَلِكَ كَطَلَبِ النَّصِّ النَّازِلِ الْخَفِيِّ بَيْنَ النُّصُوصِ فِي حَقِّ سَائِرِ الْمُجْتَهِدِينَ وَمُدَّةِ الِانْتِظَارِ عَلَى مَا يَرْجُو نُزُولَهُ إلَّا أَنْ يَخَافَ الْفَوْتَ فِي الْحَادِثَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَلَا مَعْنَى لِقَوْلِ مَنْ يَقُولُ إنَّمَا كَانَ يَسْتَشِيرُهُمْ فِي الْأَحْكَامِ لِتَطْيِيبِ قُلُوبِهِمْ؛ لِأَنَّ فِيمَا كَانَ الْوَحْيُ ظَاهِرًا مَعْلُومًا مَا كَانَ يَسْتَشِيرُهُمْ وَفِيمَا كَانَ يَسْتَشِيرُهُمْ لَا يَخْلُو إمَّا إنْ كَانَ يَعْمَلُ بِرَأْيِهِمْ أَوْ لَا يَعْمَلُ، فَإِنْ كَانَ لَا يَعْمَلُ بِرَأْيِهِمْ وَكَانَ ذَلِكَ مَعْلُومًا لَهُمْ فَلَيْسَ فِي هَذِهِ الِاسْتِشَارَةِ تَطْيِيبُ النَّفْسِ بَلْ هِيَ نَوْعٌ مِنْ الِاسْتِهْزَاءِ وَظَنُّ ذَلِكَ بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُحَالٌ وَإِنْ كَانَ يَسْتَشِيرُهُمْ لِيَعْمَلَ بِرَأْيِهِمْ فَلَا شَكَّ أَنَّ رَأْيَهُ كَانَ أَقْوَى مِنْ رَأْيِهِمْ.
وَإِذَا جَازَ لَهُ الْعَمَلُ بِرَأْيِهِمْ فِيمَا لَا نَصَّ فِيهِ فَجَوَازُ ذَلِكَ بِرَأْيِهِ أَوْلَى وَيَتَبَيَّنُ أَنَّهُ إنَّمَا كَانَ يَسْتَشِيرُهُمْ لِتَقْرِيبِ الْوُجُوهِ وَتَخْمِيرِ الرَّأْيِ عَلَى مَا كَانَ يُقَالُ الْمَشُورَةُ تَلْقِيحُ الْعُقُولِ وَيُقَالُ مِنْ الْحَزْمِ أَنْ تَسْتَشِيرَ ذَا رَأْيٍ ثُمَّ تُطِيعَهُ ثُمَّ إنَّمَا أَعَادَ قَوْلَهُ إلَّا أَنَّ النَّبِيَّ مَعْصُومٌ عَنْ الْقَرَارِ عَلَى الْخَطَأِ وَبَعْدَهُ مَا ذَكَرَهُ مَرَّةً رَدًّا لِكَلَامِ الْخَصْمِ وَجَوَابًا عَنْ قَوْلِهِمْ الِاجْتِهَادُ يَحْتَمِلُ لِلْخَطَأِ فَلَا يَصْلُحُ لِنَصْبِ الشَّرْعِ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ أَيْ وَإِذَا كَانَ الْأَمْرُ كَمَا قُلْنَا: إنَّهُ مَعْصُومٌ عَنْ الْقَرَارِ عَلَى الْخَطَأِ كَانَ اجْتِهَادُهُ وَرَأْيُهُ بَعْدَمَا قُرِّرَ عَلَيْهِ صَوَابًا بِلَا شُبْهَةٍ وَيَجُوزُ أَنْ يَصْدُرَ الْحُكْمُ عَنْ الِاجْتِهَادِ ثُمَّ يَنْضَمَّ إلَيْهِ مَا يُوجِبُ الْقَطْعَ بِالصِّحَّةِ وَيَنْضَمَّ تَحْرِيمُ الْمُخَالَفَةِ كَالْإِجْمَاعِ الصَّادِرِ عَنْ الِاجْتِهَادِ وَقَوْلُهُ إلَّا أَنَّا اخْتَرْنَا تَقْدِيمَ انْتِظَارِ الْوَحْيِ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ الْقَوْلِ الثَّانِي وَبَيَانٌ لِلْمَذْهَبِ الْمُخْتَارِ وَهَذَا عَلَى قَوْلِ مَنْ جَعَلَ الْحَقَّ فِي الْمُجْتَهَدَاتِ وَاحِدًا فَأَمَّا عَلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ بِتَعَدُّدِ الْحُقُوقِ فَلَا يُتَصَوَّرُ الْخَطَأُ فِي اجْتِهَادِهِ عِنْدَهُ؛ لِأَنَّ اجْتِهَادَ غَيْرِهِ لَا يَحْتَمِلُ الْخَطَأَ فَاجْتِهَادُهُ أَوْلَى فَوَجَبَ تَقْدِيمُ الطَّلَبِ أَيْ طَلَبُ النَّصِّ بِانْتِظَارِ الْوَحْيِ لِاحْتِمَالِ الْإِصَابَةِ أَيْ إصَابَةُ النَّصِّ بِنُزُولِ الْوَحْيِ وَصَارَ ذَلِكَ أَيْ انْتِظَارُ الْوَحْيِ فِي حَقِّهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - كَطَلَبِ النَّصِّ النَّازِلِ الْخَفِيِّ بَيْنَ النُّصُوصِ فِي حَقِّ سَائِرِ الْمُجْتَهِدِينَ يَعْنِي النَّصَّ الَّذِي اخْتَفَى بَيْنَ النُّصُوصِ وَلَمْ يَصِلْ إلَى الْمُجْتَهِدِ إذْ لَمْ يَحِلَّ لَهُ الِاجْتِهَادُ قَبْلَ طَلَبِهِ قَالَ الْقَاضِي الْإِمَامُ وَكَانَ تَرَبُّصُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لِنُزُولِ الْوَحْيِ بِمَنْزِلَةِ تَرَبُّصِنَا لِلتَّأَمُّلِ فِي الْمُنْزَلِ وَقَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ وَكَانَ الِانْتِظَارُ فِي حَقِّهِ بِمَنْزِلَةِ التَّأَمُّلِ فِي النَّصِّ الْمُؤَوَّلِ وَالْخَفِيِّ فِي حَقِّ غَيْرِهِ وَمُدَّةُ الِانْتِظَارِ عَلَى مَا نَرْجُو نُزُولَهُ أَيْ نُزُولَ الْوَحْيِ يَعْنِي هِيَ مَا فِيهِ مَا دَامَ رَجَاءُ نُزُولِ الْوَحْيِ بَاقِيًا إلَّا أَنْ يُخَافَ الْفَوْتُ أَيْ فَوْتُ الْغَرَضِ أَوْ فَوْتُ الْحُكْمِ فِي الْحَادِثَةِ يَعْنِي يُخَافُ أَنْ يَفُوتَ الْحَادِثَةُ بِلَا حُكْمٍ وَحِينَئِذٍ يَنْقَطِعُ طَمَعُهُ عَنْ الْوَحْيِ فَيُحْكَمُ بِالرَّأْيِ.
قَالَ صَاحِبُ الْمِيزَانِ وَهَذَا الْقَوْلُ حَسَنٌ يَعْنِي اشْتِرَاطَ الِانْتِظَارِ مَا دَامَ يُرْجَى نُزُولُ الْوَحْيِ أَحْسَنَ لَكِنَّ قَوْلَ الْعَامَّةِ أَحَقُّ وَكَانَ عَلَيْهِ الْعَمَلُ لِجَمِيعِ أَنْوَاعِ الْوَحْيِ وَالتَّبْلِيغُ عِنْدَ الْحَاجَةِ وَالِانْتِظَارُ لِلْوَحْيِ الظَّاهِرِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ الْحَاجَةِ.
1 -
وَأَمَّا تَمَسُّكُ الْخَصْمِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى} [النجم: 3] فَفَاسِدٌ إذْ لَا دَلِيلَ عَلَى مَوْضِعِ النِّزَاعِ، فَإِنَّهُ نَزَلَ فِي شَأْنِ الْقُرْآنِ رَدًّا لِمَا زَعَمَ الْكُفَّارُ أَنَّهُ افْتِرَاءٌ مِنْ عِنْدِهِ فَكَانَ مَعْنَاهُ أَنَّ مَا يَنْطِقُ بِهِ قُرْآنًا فَهُوَ وَحْيٌ لَا عَنْ هَوًى لَا أَنَّ مَا يَنْطِقُ بِهِ مُطْلَقًا كَذَلِكَ وَلَئِنْ سَلَّمْنَا أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ التَّعْمِيمُ؛ لِأَنَّ بِخُصُوصِ السَّبَبِ لَا يُتَخَصَّصُ عُمُومُ اللَّفْظِ فَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ اجْتِهَادَهُ مَعَ التَّقْرِيرِ عَلَيْهِ لَيْسَ بِوَحْيٍ بَلْ هُوَ وَحْيٌ بَانَ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّيْخُ وَلِأَنَّهُ إذَا تَعَبَّدَنَا بِالِاجْتِهَادِ بِالْوَحْيِ يَكُونُ نُطْقُهُ بِذَلِكَ الْحُكْمِ عَنْ وَحْيٍ لَا عَنْ هَوًى وَلِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ الْهَوَى هُوَ النَّفْسُ الْبَاطِلُ لَا الرَّأْيُ الصَّوَابُ

نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 3  صفحه : 211
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست