responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 3  صفحه : 203
فَوَجَبَ الْوَقْفُ فِيهِ أَيْضًا، وَوَجْهُ قَوْلِ الْآخَرِ أَنَّ الْإِتْبَاعَ أَصْلٌ؛ لِأَنَّهُ إمَامٌ يُقْتَدَى بِهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى لِإِبْرَاهِيمَ {إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا} [البقرة: 124] فَوَجَبَ التَّمَسُّكُ بِالْأَصْلِ حَتَّى يَقُومَ الدَّلِيلُ عَلَى غَيْرِهِ هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا تَقْسِيمُ السُّنَنِ فِي حَقِّنَا وَهَذَا
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَلَمَّا «قَبَّلَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الْحَجَرَ قَالَ: إنِّي أَعْلَمُ أَنَّك حَجَرٌ لَا تَضُرُّ وَلَا تَنْفَعُ وَلَكِنِّي رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ يُقَبِّلُك» فَرَأَى أَنَّ مُتَابَعَتَهُ عَلَى الظَّاهِرِ مِنْ فِعْلِهِ وَاجِبَةٌ وَالصَّحَابَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - كَانُوا يَرَوْنَ الْمُبَادَرَةَ إلَى مُتَابَعَةِ أَفْعَالِهِ مِثْلَ الْمُبَادَرَةِ إلَى مُتَابَعَةِ أَقْوَالِهِ وَأَمَّا الْكَرْخِيُّ فَقَدْ زَعَمَ أَيْ قَالَ بِأَنَّ الْإِبَاحَةَ مِنْ هَذِهِ الْأَقْسَامِ وَهِيَ الْوُجُوبُ وَالنَّدْبُ وَالْإِبَاحَةُ هِيَ الثَّابِتَةُ فِي حَقِّهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِيَقِينٍ لِتَحَقُّقِهَا فِي كُلِّ الْأَحْوَالِ فَوَجَبَ إثْبَاتُهَا وَلَمْ يَجُزْ إثْبَاتُ غَيْرِهَا إلَّا بِدَلِيلٍ لِوُقُوعِ الشَّكِّ فِيهِ ثُمَّ لِمَا ثَبَتَتْ الْإِبَاحَةُ بِهَذَا الطَّرِيقِ عَلَى مَا اخْتَارَهُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ أَوْ قَامَ دَلِيلٌ يُبَيِّنُ صِفَةَ الْفِعْلِ عَلَى مَا نَقَلَهُ الْقَاضِي الْإِمَامُ لَمْ يَجُزْ مُتَابَعَةٌ فِيهِ إلَّا بِدَلِيلٍ؛ لِأَنَّا قَدْ وَجَدْنَا اخْتِصَاصَ الرَّسُولِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِبَعْضِ الْأَفْعَالِ كَمَا ذَكَرْنَا وَوَجَدْنَا الِاشْتِرَاكَ أَيْ اشْتَرَاكَ النَّبِيِّ وَالْأُمَّةِ فِي الْبَعْضِ وَهَذَا الْفِعْلُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مِمَّا اخْتَصَّ هُوَ بِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مِمَّا هُوَ غَيْرُ مَخْصُوصٍ بِهِ فَعِنْدَ احْتِمَالِ الْوَجْهَيْنِ عَلَى السَّوَاءِ يَجِبُ التَّوَقُّفُ حَتَّى يَقُومَ الدَّلِيلُ لِتَحَقُّقِ الْمُعَارَضَةِ.
قَوْلُهُ (وَوَجْهُ الْقَوْلِ الْآخِرِ) بِكَسْرِ الْخَاءِ وَهُوَ الْجَصَّاصُ أَنَّ الِاتِّبَاعَ أَصْلٌ إلَى آخِرِهِ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الصَّحِيحُ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْجَصَّاصُ؛ لِأَنَّ فِي قَوْله تَعَالَى {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: 21] تَنْصِيصٌ عَلَى جَوَازِ التَّأَسِّي بِهِ فِي أَفْعَالِهِ فَيَكُونُ هَذَا النَّصُّ مَعْمُولًا بِهِ حَتَّى يَقُومَ الدَّلِيلُ الْمَانِعُ وَهُوَ مَا يُوجِبُ تَخْصِيصَهُ بِذَلِكَ وَقَدْ دَلَّ عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ} [الأحزاب: 37] وَفِي هَذَا بَيَانٌ أَنَّ ثُبُوتَ الْحِلِّ فِي حَقِّهِ مُطْلَقًا دَلِيلُ ثُبُوتِهِ فِي حَقِّ الْأُمَّةِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ نَصَّ عَلَى تَخْصِيصِهِ فِيمَا كَانَ هُوَ مَخْصُوصًا بِهِ بِقَوْلِهِ {خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} [الأحزاب: 50] وَهُوَ النِّكَاحُ بِغَيْرِ مَهْرٍ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ مُطْلَقُ فِعْلِهِ دَلِيلًا لِلْأُمَّةِ فِي الْإِقْدَامِ عَلَى مِثْلِهِ لَمْ يَكُنْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {خَالِصَةً لَكَ} [الأحزاب: 50] فَائِدَةً، فَإِنَّ الْخُصُوصِيَّةَ ثَابِتَةٌ بِدُونِ هَذِهِ الْكَلِمَةِ
وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَمَّا «قَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ حِينَ صَلَّى عَلَى الْأَرْضِ فِي يَوْمٍ قَدْ مُطِرُوا فِي السَّفَرِ أَلَمْ يَكُنْ لَك فِي أُسْوَةٌ فَقَالَ أَنْتَ تَسْعَى فِي رَقَبَةٍ قَدْ فُكَّتْ وَأَنَا أَسْعَى فِي رَقَبَةٍ لَمْ يُعْرَفْ فِكَاكُهَا فَقَالَ: إنِّي مَعَ هَذَا أَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَخْشَاكُمْ لِلَّهِ» وَلَمَّا «سَأَلَتْ امْرَأَةٌ أُمَّ سَلَمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - عَنْ الْقُبْلَةِ لِلصَّائِمِ قَالَتْ: إنَّ رَسُولَ اللَّهِ يُقَبِّلُ وَهُوَ صَائِمٌ فَقَالَتْ لَسْنَا كَرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَدْ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ ثُمَّ سَأَلَتْ أُمُّ سَلَمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ سُؤَالِهَا فَقَالَ هَلَّا أَخْبَرْتِهَا أَنِّي أُقَبِّلُ وَأَنَا صَائِمٌ فَقَالَتْ: قَدْ أَخْبَرْتُهَا بِذَلِكَ فَقَالَتْ كَذَا فَقَالَ: إنِّي أَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَتْقَاكُمْ لِلَّهِ وَأَعْلَمَكُمْ بِحُدُودِهِ» فَفِي هَذَا بَيَانٌ أَنَّ اتِّبَاعَهُ فِيمَا يَثْبُتُ مِنْ أَفْعَالِهِ أَصْلٌ حَتَّى يَقُومَ الدَّلِيلُ عَلَى كَوْنِهِ مَخْصُوصًا بِفِعْلٍ.
وَهَذَا لِأَنَّ الرُّسُلَ - عَلَيْهِمْ السَّلَامُ - أَئِمَّةٌ يُقْتَدَى بِهِمْ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا} [البقرة: 124] فَالْأَصْلُ فِي كُلِّ فِعْلٍ يَكُونُ مِنْهُمْ جَوَازُ الِاقْتِدَاءِ بِهِمْ إلَّا مَا يَثْبُتُ فِيهِ دَلِيلُ الْخُصُوصِيَّةِ بِاعْتِبَارِ أَحْوَالِهِمْ وَعُلُوِّ مَنَازِلِهِمْ، وَإِذَا كَانَ الْأَصْلُ هَذَا فَفِي كُلِّ فِعْلٍ يَكُونُ مِنْهُمْ بِصِفَةِ الْخُصُوصِ يَجِبُ بَيَانُ الْخُصُوصِيَّةِ مُقَارِنًا بِهِ إذْ الْحَاجَةُ إلَى ذَلِكَ مَاسَّةٌ عِنْدَ كُلِّ فِعْلٍ يَكُونُ حُكْمُهُ بِخِلَافِ هَذَا الْأَصْلِ وَالسُّكُوتُ عَنْ الْبَيَانِ بَعْدَ تَحَقُّقِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ دَلِيلُ النَّفْيِ فَتَرْكُ بَيَانِ الْخُصُوصِيَّةِ يَكُونُ دَلِيلًا عَلَى أَنَّهُ

نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 3  صفحه : 203
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست