responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 3  صفحه : 186
وَنَسْخُ السُّنَّةِ بِالسُّنَّةِ مِثْلُ قَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنِّي كُنْت نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ أَلَا فَزُورُوهَا فَقَدْ أُذِنَ لِمُحَمَّدٍ فِي زِيَارَةِ قَبْرِ أُمِّهِ وَكُنْت نَهَيْتُكُمْ عَنْ لُحُومِ الْأَضَاحِيِّ أَنْ تُمْسِكُوهَا فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَأَمْسِكُوهَا مَا بَدَا لَكُمْ وَكُنْت نَهَيْتُكُمْ عَنْ النَّبِيذِ فِي الدُّبَّاءِ وَالْحَنْتَمِ وَالنَّقِيرِ وَالْمُزَفَّتِ، فَإِنَّ الظَّرْفَ لَا يُحِلُّ شَيْئًا وَلَا يُحَرِّمُهُ» وَنَسْخُ خَبَرِ الْوَاحِدِ مِثْلُهُ جَائِزٌ أَيْضًا.
ـــــــــــــــــــــــــــــQ [نَسْخُ السُّنَّةِ بِالسُّنَّةِ]
أَيْضًا قَوْلُهُ (وَنَسْخُ السُّنَّةِ بِالسُّنَّةِ) كَذَا لَمْ يَذْكُرْ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَمْثِلَةَ نَسْخِ الْكِتَابِ بِالْكِتَابِ كَمَا ذَكَرَهَا غَيْرُهُ لِظُهُورِهَا وَكَثْرَتِهَا مِثْلَ نَسْخِ آيَاتِ الْمُسَالَمَةِ الَّتِي هِيَ أَكْثَرُ مِنْ مِائَةِ آيَةٍ بِآيَاتِ الْقِتَالِ وَنَسْخِ وُجُوبِ ثَبَاتِ الْوَاحِدِ لِلْعَشْرَةِ الثَّابِتِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ} [الأنفال: 65] بِوُجُوبِ ثَبَاتِهِ لِلِاثْنَيْنِ بِقَوْلِهِ عَزَّ اسْمُهُ {الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ} [الأنفال: 66] الْآيَةَ وَهَذَا النَّصُّ، وَإِنْ كَانَ طَرِيقُهُ طَرِيقَ الْخَبَرِ لَكِنَّهُ أَمْرٌ فِي الْحَقِيقَةِ رُوِيَ عَنْ بَرِيرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «إنِّي نَهَيْتُكُمْ عَنْ الثَّلَاثِ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا فَقَدْ أُذِنَ لِمُحَمَّدٍ فِي زِيَارَةِ قَبْرِ أُمِّهِ وَلَا تَقُولُوا هُجْرًا وَعَنْ لَحْمِ الْأَضَاحِيِّ أَنْ تُمْسِكُوهُ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَأَمْسِكُوهُ مَا بَدَا لَكُمْ وَتَزَوَّدُوا، فَإِنَّمَا نَهَيْتُكُمْ لِيَتَّسِعَ بِهِ مُوسِرُكُمْ عَلَى مُعْسِرِكُمْ وَعَنْ النَّبِيذِ فِي الدُّبَّاءِ وَالْحَنْتَمِ وَالْمُزَفَّتِ فَاشْرَبُوا فِي كُلِّ ظَرْفٍ، فَإِنَّ الظَّرْفَ لَا يُحِلُّ شَيْئًا وَلَا يُحَرِّمُهُ وَلَا تَشْرَبُوا مُسْكِرًا» وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لِهَذَا الْحَدِيثِ قَالَ «وَعَنْ الشُّرْبِ فِي الدُّبَّاءِ وَالْحَنْتَمِ وَالنَّقِيرِ وَالْمُزَفَّتِ فَاشْرَبُوا فِي الظُّرُوفِ وَلَا تَشْرَبُوا مُسْكِرًا» فَهَذَا نَسْخُ السُّنَّةِ بِالسَّنَةِ لِانْتِهَاءِ حُكْمِ النَّهْيِ بِالْإِذْنِ ثُمَّ قِيلَ الْمُرَادُ بِالنَّهْيِ عَنْ الزِّيَارَةِ هُوَ النَّهْيُ عَنْ زِيَارَةِ قُبُورِ الْمُشْرِكِينَ، فَإِنَّهُمْ مَا مُنِعُوا عَنْ زِيَارَةِ قُبُورِ الْمُسْلِمِينَ قَطُّ أَلَا تَرَى أَنَّهُ قَالَ فَقَدْ أُذِنَ لِمُحَمَّدٍ فِي زِيَارَةِ قَبْرِ أُمِّهِ وَكَانَتْ مُشْرِكَةً وَرُوِيَ أَنَّهُ زَارَ قَبْرَهَا فِي أَرْبَعِمِائَةِ فَارِسٍ فَوَقَفُوا بِالْبُعْدِ وَدَنَا هُوَ مِنْ قَبْرِهَا فَبَكَى حَتَّى سُمِعَ نَشِيجُهُ.
وَقِيلَ إنَّمَا نُهُوا عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فِي الِابْتِدَاءِ عَلَى الْإِطْلَاقِ لِمَا كَانَ مِنْ عَادَةِ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَنْدُبُونَ الْمَوْتَى عِنْدَ قُبُورِهِمْ وَرُبَّمَا يَتَكَلَّمُونَ بِمَا هُوَ كَذِبٌ أَوْ مُحَالٌ وَلِهَذَا قَالَ: وَلَا تَقُولُوا هُجْرًا أَيْ لَغْوًا مِنْ الْكَلَامِ فَفِيهِ بَيَانُ أَنَّ الْمَمْنُوعَ كَانَ هُوَ التَّكَلُّمَ بِاللَّغْوِ عِنْدَ الْقُبُورِ وَذَلِكَ مَوْضِعٌ يَنْبَغِي لِلْمَرْءِ أَنْ يَتَّعِظَ بِهِ وَيَتَأَمَّلَ فِي حَالِ نَفْسِهِ وَهَذَا قَائِمٌ لَمْ يَنْتَسِخْ إلَّا أَنَّهُ فِي الِابْتِدَاءِ نَهَاهُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ لِتَحْقِيقِ الزَّجْرِ عَنْ الْهُجْرِ مِنْ الْكَلَامِ ثُمَّ أَذِنَ لَهُمْ فِي الزِّيَارَةِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَقُولُوا هُجْرًا وَقِيلَ الْإِذْنُ ثَبَتَ لِلرِّجَالِ دُونَ النِّسَاءِ فَالنِّسَاءُ يُمْنَعْنَ مِنْ الْخُرُوجِ إلَى الْمَقَابِرِ لِمَا رُوِيَ «أَنَّ فَاطِمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - خَرَجَتْ فِي تَعْزِيَةٍ لِبَعْضِ الْأَنْصَارِ فَلَمَّا رَجَعَتْ قَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لَعَلَّك أَتَيْت الْمَقَابِرَ قَالَتْ لَا قَالَ لَوْ أَتَيْت مَا فَارَقْت جَدَّك يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَيْ كُنْت مَعَهُ فِي النَّارِ» وَالْأَصَحُّ أَنَّ الرُّخْصَةَ ثَابِتَةٌ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ جَمِيعًا فَقَدْ رُوِيَ أَنَّ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - كَانَتْ تَزُورُ قَبْرَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي كُلِّ وَقْتٍ وَأَنَّهَا لَمَّا خَرَجَتْ حَاجَّةً زَارَتْ قَبْرَ أَخِيهَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَأَنْشَدَتْ عِنْدَ الْقَبْرِ قَوْلَ الْقَائِلِ:
وَكُنَّا كَنَدْمَى فِي حَزِيمَةِ حِقْبَةٍ ... مِنْ الدَّهْرِ حَتَّى قِيلَ لَنْ تَتَصَدَّعَا
فَلَمَّا تَفَرَّقْنَا كَأَنِّي وَمَالِكًا ... لِطُولِ اجْتِمَاعٍ لَمْ نَبِتْ لَيْلَةً مَعًا
وَالنَّهْيُ عَنْ إمْسَاكِ لُحُومِ الْأَضَاحِيّ فِي الِابْتِدَاءِ كَانَ لِلضِّيقِ وَالشِّدَّةِ فَنَهَاهُمْ عَنْ الْإِمْسَاكِ لِيَتَّسِعَ تَوَسُّعُهُمْ عَلَى مُعْسِرِهِمْ وَلَمَّا عُدِمَ ذَلِكَ الضِّيقُ أَذِنَ لَهُمْ فِي الْإِمْسَاكِ.
فَأَمَّا النَّهْيُ عَنْ الشُّرْبِ فِي الْأَوَانِي الْمُغْتَلِمَةِ فَقَدْ كَانَ تَحْقِيقًا لِلزَّجْرِ عَنْ شُرْبِ الْمُسْكِرِ الْحَرَامِ فَقَدْ كَانُوا أَلِفُوا شُرْبَهَا وَقَدْ كَانَ يَشُقُّ عَلَيْهِمْ الِانْزِجَارُ عَنْ الْعَادَةِ الْمَأْلُوفَةِ وَلِهَذَا أَمَرَ بِكَسْرِ الدِّنَانِ وَشَقِّ الزَّوَايَا وَلَمَّا حَصَلَ الِانْزِجَارُ أَذِنَ لَهُمْ فِي الشُّرْبِ فِي الْأَوَانِي وَبَيَّنَ أَنَّ الْمُحَرَّمَ شُرْبُ الْمُسْكِرِ وَأَنَّ الظَّرْفَ لَا يُحِلُّ شَيْئًا وَلَا يُحَرِّمُهُ كَذَا

نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 3  صفحه : 186
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست