responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 3  صفحه : 182
وَمِنْ الْحُجَّةِ الدَّالَّةِ أَنَّ التَّوَجُّهَ إلَى الْكَعْبَةِ فِي الِابْتِدَاءِ إنْ ثَبَتَ بِالْكِتَابِ فَقَدْ نُسِخَ بِالسُّنَّةِ الْمُوجِبَةِ لِلتَّوَجُّهِ إلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَالثَّابِتُ بِالسُّنَّةِ مِنْ التَّوَجُّهِ إلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ نُسِخَ بِالْكِتَابِ، وَالشَّرَائِعُ الثَّابِتَةُ بِالْكُتُبِ السَّالِفَةِ نُسِخَتْ بِشَرِيعَتِنَا وَمَا ثَبَتَ ذَلِكَ إلَّا بِتَبْلِيغِ الرَّسُولِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «وَتَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ آيَةً فِي قِرَاءَتِهِ فَلَمَّا أُخْبِرَ بِهِ قَالَ أَلَمْ يَكُنْ فِيكُمْ أُبَيٌّ فَقَالَ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ لَكِنِّي ظَنَنْت أَنَّهَا نُسِخَتْ فَقَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَوْ نُسِخَتْ لَأَخْبَرْتُكُمْ» وَإِنَّمَا ظَنَّ النَّسْخَ مِنْ غَيْرِ كِتَابٍ يُتْلَى وَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ وَقَالَتْ عَائِشَةُ «مَا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ حَتَّى أَبَاحَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ مِنْ النِّسَاءِ مَا شَاءَ» فَكَانَ نَسْخًا لِلْكِتَابِ بِالسُّنَّةِ وَصَالَحَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَهْلَ مَكَّةَ عَلَى رَدِّ نِسَائِهِمْ ثُمَّ نُسِخَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ} [الممتحنة: 10]
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَتَعْرِيضِ الزَّوْجِ الْمُسْلِمِ مِنْ الْغَنِيمَةِ أَوْ مِنْ صَدَاقٍ وَجَبَ رَدُّهُ عَلَى أَهْلِ الْحَرْبِ كُلُّ ذَلِكَ مَنْسُوخٌ عِنْدَ جَمِيعِ أَهْلِ الْعِلْمِ قَوْلُهُ.

(وَمِنْ الْحُجَّةِ) كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَتَوَجَّهُ إلَى الْكَعْبَةِ فِي الصَّلَاةِ حِينَ كَانَ بِمَكَّةَ وَلَمَّا هَاجَرَ إلَى الْمَدِينَةِ كَانَ يَتَوَجَّهُ إلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ فِي الصَّلَاةِ سِتَّةَ عَشْرَ شَهْرًا ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ بِالتَّوَجُّهِ إلَى الْكَعْبَةِ فَقَالَ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إنْ كَانَ التَّوَجُّهُ إلَى الْكَعْبَةِ فِي الِابْتِدَاءِ يَعْنِي كَانَ بِمَكَّةَ ثَابِتًا بِالْكِتَابِ فَقَدْ نُسِخَ بِالسُّنَّةِ الْمُوجِبَةِ لِلتَّوَجُّهِ إلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَإِنَّهُ ثَابِتٌ بِالسُّنَّةِ ظَاهِرًا؛ لِأَنَّهُ لَا يُتْلَى فِي الْقُرْآنِ فَيَكُونُ دَلِيلَ جَوَازِ نَسْخِ الْكِتَابِ بِالسُّنَّةِ، وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ ذَلِكَ فَلَا شَكَّ فِي أَنَّ التَّوَجُّهَ إلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ الثَّابِتَ بِالسُّنَّةِ ظَاهِرًا قَدْ نُسِخَ بِالْكِتَابِ وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة: 144] فَيَكُونُ دَلِيلًا عَلَى جَوَازِ نَسْخِ السُّنَّةِ بِالْكِتَابِ، فَإِنْ قِيلَ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ التَّوَجُّهَ إلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ كَانَ ثَابِتًا بِالسُّنَّةِ بَلْ هُوَ ثَابِتٌ بِالْكِتَابِ، فَإِنَّهُ كَانَ مِنْ شَرِيعَةِ مَنْ قَبْلَنَا وَشَرِيعَةُ مَنْ قَبْلَنَا تَلْزَمُنَا حَتَّى يَقُومَ الدَّلِيلُ عَلَى انْتِسَاخِهِ وَهَذَا حُكْمٌ ثَابِتٌ بِالْكِتَابِ وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ} [الأنعام: 90] .
قُلْنَا عِنْدَك شَرِيعَةُ مَنْ قَبْلَنَا تَلْزَمُنَا بِطَرِيقِ أَنَّهَا تَصِيرُ شَرِيعَةً لَنَا بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَوْلًا أَوْ عَمَلًا فَلَا يَخْرُجُ بِهَذَا مِنْ أَنْ يَكُونَ نَسْخُ السُّنَّةِ بِالْكِتَابِ مَعَ أَنَّ نَاسِخَ مَا كَانَ فِي شَرِيعَةِ مَنْ قَبْلَنَا قَدْ ثَبَتَ بِفِعْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ كَانَ بِمَكَّةَ، فَإِنَّهُ كَانَ يُصَلِّي إلَى الْكَعْبَةِ ثُمَّ بَعْدَمَا قَدِمَ الْمَدِينَةَ لَمَّا صَلَّى إلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ انْتَسَخَتْ السُّنَّةُ بِالسُّنَّةِ ثُمَّ لَمَّا نَزَلَتْ فَرْضِيَّةُ التَّوَجُّهِ إلَى الْكَعْبَةِ انْتَسَخَتْ السُّنَّةُ بِالْكِتَابِ وَالشَّرَائِعُ الثَّابِتَةُ بِالْكُتُبِ السَّالِفَةِ نُسِخَتْ بِشَرِيعَتِنَا بِلَا خِلَافٍ وَمَا ثَبَتَتْ هِيَ إلَّا بِتَبْلِيغِ الرَّسُولِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَتَبْلِيغُهُ قَدْ يَكُونُ بِالْوَحْيِ الْمَتْلُوِّ وَغَيْرِ الْمَتْلُوِّ فَيَكُونُ ذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى جَوَازِ نَسْخِ الْكِتَابِ بِالسُّنَّةِ.
وَعِبَارَةُ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ فِيهِ وَلَا خِلَافَ أَنَّ مَا كَانَ فِي شَرِيعَةِ مَنْ قَبْلَنَا ثَبَتَ انْتِسَاخُهُ فِي حَقِّنَا بِقَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِخِلَافِهِ وَهَذَا نَسْخُ الْكِتَابِ بِالسُّنَّةِ، وَإِنَّمَا ظَنَّ النَّسْخَ مِنْ غَيْرِ كِتَابٍ يُتْلَى، فَإِنَّهُ كَانَ كَاتِبَ الْوَحْيِ وَلَمْ يَرُدَّ النَّبِيُّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَلَيْهِ ظَنَّهُ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ فِعْلَهُ فَدَلَّ عَلَى جَوَازِ نَسْخِ التِّلَاوَةِ بِغَيْرِ الْكِتَابِ، وَإِذَا ثَبَتَ جَوَازُ نَسْخِ التِّلَاوَةِ ثَبَتَ جَوَازُ نَسْخِ الْحُكْمِ؛ لِأَنَّ وُجُوبَ التِّلَاوَةِ وَالْعَمَلَ بِحُكْمِ الْمُتَوَكِّلِ وَاحِدٌ مِنْهُمَا ثَابِتٌ بِالْكِتَابِ قَالَ أَبُو الْيُسْرِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - هَذَا لَيْسَ بِقَوِيٍّ؛ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ كَانَ الْقُرْآنُ يَنْزِلُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَرُبَّمَا اعْتَقَدَ أَنَّهَا نُسِخَتْ بِآيَةٍ أُخْرَى قُبَيْلَ هَذَا الزَّمَانِ وَلَمْ تَبْلُغْهُ لِضِيقِ الْوَقْتِ فَلَا يَتَعَيَّنُ النَّسْخُ بِالْحَدِيثِ وَلَعَلَّهُ ظَنَّ النَّسْخَ بِالْإِنْسَاءِ.
وَكَانَ نَسْخًا لِلْكِتَابِ وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {لا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ} [الأحزاب: 52] أَيْ لَا يَحِلُّ لَك النِّسَاءُ سِوَى هَؤُلَاءِ اللَّاتِي اخْتَرْنَك مِنْ بَعْدُ أَيْ مِنْ بَعْدِ مَا اخْتَرْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ بِالسُّنَّةِ وَهِيَ إخْبَارُ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - إيَّاهَا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَبَاحَ لَهُ ذَلِكَ وَأَشَارَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إلَى أَنَّ الصَّحَابَةَ اتَّفَقُوا عَلَى كَوْنِهِ مَنْسُوخًا وَنَاسِخُهُ لَا يُتْلَى فِي الْكِتَابِ فَعَرَفْنَا أَنَّهُمْ اعْتَقَدُوا جَوَازَ نَسْخِ الْكِتَابِ بِغَيْرِهِ قَالَ أَبُو الْيُسْرِ وَهَذَا لَا يَقْوَى؛ لِأَنَّ هَذَا الْحِلَّ لَمْ يَثْبُتْ يَعْنِي حِلَّ مَا زَادَ عَلَى التِّسْعِ بَعْدَمَا حَرُمَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {لا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ} [الأحزاب: 52] لَمْ يَثْبُتْ؛ لِأَنَّ تَحْرِيمَ مَا زَادَ عَلَى التِّسْعِ مُحْكَمٌ لَا يَحْتَمِلُ النَّسْخَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ مِنْ بَعْدُ

نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 3  صفحه : 182
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست