responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 3  صفحه : 180
وَهَذَا النَّسْخُ مِنْ الْقَبِيلِ الثَّانِي وَبَيَانُهُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى فَوَّضَ الْإِيصَاءَ فِي الْأَقْرَبِينَ إلَى الْعِبَادِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 180] ثُمَّ تَوَلَّى بِنَفْسِهِ بَيَانَ ذَلِكَ الْحَقِّ وَقَصَرَهُ عَلَى حُدُودٍ لَازِمَةٍ تَعَيَّنَ بِهَا ذَلِكَ الْحَقُّ بِعَيْنِهِ فَتَحَوَّلَ مِنْ جِهَةِ الْإِيصَاءِ إلَى الْمِيرَاثِ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ} [النساء: 11] أَيْ الَّذِي فَوَّضَ إلَيْكُمْ تَوَلَّى بِنَفْسِهِ إذْ عَجَزْتُمْ عَنْ مَقَادِيرِهِ الْإِيصَاءَ أَلَا تَرَى قَوْلَهُ {لا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا} [النساء: 11] ، وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ فَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ» أَيْ بِهَذَا الْفَرْضِ نُسِخَ الْحُكْمُ الْأَوَّلُ وَانْتَهَى وَمِنْهُمْ مَنْ احْتَجَّ بِأَنَّ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى {فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ} [النساء: 15] نُسِخَ بِإِثْبَاتِ الرَّجْمِ بِالسُّنَّةِ إلَّا أَنَّا قَدْ رَوَيْنَا عَنْ عُمَرَ أَنَّ الرَّجْمَ كَانَ مِمَّا يُتْلَى وَلِأَنَّ قَوْلَهُ جَلَّ وَعَلَا {أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلا} [النساء: 15] مُجْمَلٌ فَسَرَّتْهُ السُّنَّةُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَكَنَسْخِ الْأَمْرِ بِذَبْحِ الْوَلَدِ إلَى الشَّاةِ عِنْدَ أَكْثَرِ الْأُصُولِيِّينَ وَهَذَا النَّسْخُ أَيْ نَسْخُ الْوَصِيَّةِ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ مِنْ النَّوْعِ الثَّانِي.
وَبَيَانُهُ أَيْ بَيَانُ كَوْنِهِ نَسْخًا بِطَرِيقِ التَّحْوِيلِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى فَوَّضَ الْإِيصَاءَ فِي الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إلَى الْعِبَادِ بِشَرْطِ أَنْ يُرَاعُوا الْحُدُودَ وَبَيَّنُوا حِصَّةَ كُلِّ قَرِيبٍ بِحَسَبِ قَرَابَتِهِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ بِالْمَعْرُوفِ ثُمَّ لَمَّا كَانَ الْمُوصِي لَا يُحْسِنُ التَّدْبِيرَ فِي مِقْدَارِ مَا يُوصِي لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِجَهْلِهِ وَرُبَّمَا كَانَ يَقْصِدُ إلَى الْمُضَارَّةِ فِي ذَلِكَ تَوَلَّى اللَّهُ تَعَالَى بِنَفْسِهِ بَيَانَ ذَلِكَ الْحَقِّ عَلَى وَجْهٍ يُتَيَقَّنُ بِهِ بِأَنَّهُ هُوَ الصَّوَابُ وَأَنَّ فِيهِ الْحِكْمَةَ الْبَالِغَةَ وَقَصَرَهُ عَلَى حُدُودٍ لَازِمَةٍ لَا يُمْكِنُ تَغْيِيرُهَا نَحْوُ السُّدُسِ وَالثُّلُثِ وَالثُّمُنِ وَغَيْرِهَا تَغَيَّرَ بِهَا الْحَقُّ أَيْ تَحَوَّلَ مِنْ جِهَةِ الْإِيصَاءِ إلَى الْمِيرَاثِ وَقَوْلُهُ فَتَحَوَّلَ تَفْسِيرُ التَّغْيِيرِ وَإِلَى هَذَا أَيْ إلَى مَا ذَكَرْنَا أَنَّهُ نَسْخٌ بِطَرِيقِ التَّحْوِيلِ أَشَارَ اللَّهُ تَعَالَى بِقَوْلِهِ {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ} [النساء: 11] حَيْثُ أَطْلَقَ لَفْظَ الْإِيصَاءِ أَيْ الْإِيصَاءُ الَّذِي فُوِّضَ إلَيْكُمْ تَوَلَّاهُ بِنَفْسِهِ إذْ عَجَزْتُمْ عَنْ مَقَادِيرِهِ لِجَهْلِكُمْ.
وَبِقَوْلِهِ جَلَّ ذِكْرُهُ {لا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا} [النساء: 11] أَيْ لَا تَعْلَمُونَ مَنْ أَنْفَعُ لَكُمْ مِنْ هَؤُلَاءِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَتَوَلَّى اللَّهُ تَعَالَى قِسْمَةَ الْمِيرَاثِ بَيْنَكُمْ كَمَا يَقْتَضِيهِ عِلْمُهُ وَحِكْمَتُهُ وَلَمْ يَكِلْهَا إلَيْكُمْ أَنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا بِالْحِكْمَةِ حَكِيمًا فِي الْقِسْمَةِ وَلَمَّا بَيَّنَ بِنَفْسِهِ ذَلِكَ الْحَقَّ بِعَيْنِهِ انْتَهَى حُكْمُ تِلْكَ الْوَصِيَّةِ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِأَقْوَى الطُّرُقِ كَمَنْ أَمَرَ غَيْرَهُ بِإِعْتَاقِ عَبْدِهِ ثُمَّ أَعْتَقَهُ بِنَفْسِهِ يَنْتَهِي بِهِ حُكْمُ الْوَكَالَةِ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِمُبَاشَرَةِ الْمُوَكِّلِ الْإِعْتَاقَ بِنَفْسِهِ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَوْلِهِ «إنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ فَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ» ، فَإِنَّ الْفَاءَ يَدُلُّ عَلَى سَبَبِيَّةِ الْأَوَّلِ كَقَوْلِك زَارَنِي فَأَكْرَمْتُهُ يَعْنِي انْتِفَاءَ الْوَصِيَّةِ بِاعْتِبَارِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ، فَإِنَّ الْوَصِيَّةَ إنَّمَا وَجَبَتْ لِتَبَيُّنِ حَقِّ الْقَرِيبِ، فَإِذَا تَبَيَّنَ حَقُّهُ بِبَيَانِ صَاحِبِ الشَّرْعِ لَمْ تَبْقَ الْوَصِيَّةُ مَشْرُوعَةً وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ بِهَذَا الْفَرْضِ أَيْ الْمَذْكُورِ فِي الْآيَةِ نُسِخَ الْحُكْمُ الْأَوَّلُ وَهُوَ وُجُوبُ الْوَصِيَّةِ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بَعْدَ تَقْرِيرِ هَذَا الْوَجْهِ وَلَكِنَّا نَقُولُ بِهَذَا الطَّرِيقِ يَجُوزُ أَنْ يَثْبُتَ انْتِهَاءُ حُكْمِ وُجُوبِ الْوَصِيَّةِ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ، فَأَمَّا انْتِفَاءُ حُكْمِ جَوَازِ الْوَصِيَّةِ لَهُمْ فَلَا يَثْبُتُ بِهَذَا الطَّرِيقِ أَلَا تَرَى أَنَّ بِالْحَوَالَةِ، وَإِنْ لَمْ يَبْقَ الدَّيْنُ وَاجِبًا فِي الذِّمَّةِ الْأُولَى فَقَدْ بَقِيَتْ الذِّمَّةُ مَحِلًّا صَالِحًا لِوُجُوبِ الدَّيْنِ فِيهَا وَلَيْسَ مِنْ ضَرُورَةِ انْتِفَاءِ وُجُوبِ الْوَصِيَّةِ لَهُمْ انْتِفَاءُ الْجَوَازِ كَالْوَصِيَّةِ لِلْأَجَانِبِ فَعَرَفْنَا أَنَّهُ إنَّمَا انْتَسَخَ وُجُوبُ الْوَصِيَّةِ لَهُمْ لِضَرُورَةِ نَفْيِ أَصْلِ الْوَصِيَّةِ وَذَلِكَ ثَابِتٌ بِالسُّنَّةِ وَهُوَ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ» فَمِنْ هَذَا الْوَجْهِ يَتَقَرَّرُ الِاسْتِدْلَال بِهَذِهِ الْآيَةِ قَوْلُهُ.
(وَمِنْهُمْ مَنْ احْتَجَّ) يَعْنِي فِي جَوَازِ نَسْخِ الْكِتَابِ بِالسُّنَّةِ بِأَنَّ حُكْمَ الْإِمْسَاكِ فِي الْبُيُوتِ فِي حَقِّ الزَّوَانِي الثَّابِتِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ} [النساء: 15] نُسِخَ بِالسُّنَّةِ وَهِيَ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «وَالثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ جَلْدُ مِائَةٍ وَرَجْمٌ بِالْحِجَارَةِ» إذْ لَيْسَ فِي الْكِتَابِ مَا يُمْكِنُ إضَافَةُ إيجَابِ الرَّجْمِ وَنَسْخُ الْإِمْسَاكِ إلَيْهِ وَهُوَ ضَعِيفٌ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُمْ يَقُولُونَ لَا نُسَلِّمُ نَسْخَهُ بِالسُّنَّةِ، فَإِنَّهَا لَا تَصْلُحُ نَاسِخَةً بِالِاتِّفَاقِ لِكَوْنِهَا مِنْ الْآحَادِ بَلْ النَّسْخُ ثَبَتَ بِالْكِتَابِ عَلَى مَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ الرَّجْمَ كَانَ مِمَّا يُتْلَى فِي الْقُرْآنِ. وَقَالَ

نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 3  صفحه : 180
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست