responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 3  صفحه : 18
وَأَمَّا الْقِسْمُ الْأَخِيرُ فَلِأَنَّ الصَّحَابَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - هُمْ الْأُصُولُ فِي نَقْلِ الشَّرِيعَةِ فَإِعْرَاضُهُمْ يَدُلُّ عَلَى انْقِطَاعِهِ وَانْتِسَاخِهِ وَذَلِكَ أَنْ يَخْتَلِفُوا فِي حَادِثَةٍ بِآرَائِهِمْ وَلَمْ يُحَاجَّ بَعْضُهُمْ فِي ذَلِكَ بِحَدِيثٍ كَانَ ذَلِكَ زِيَافَةً؛ لِأَنَّ اسْتِعْمَالَ الرَّأْيِ وَالْإِعْرَاضَ عَنْ النَّصِّ غَيْرُ سَائِغٍ وَذَلِكَ مِثْلُ حَدِيثِ الطَّلَاقُ بِالرِّجَالِ وَالْعِدَّةُ بِالنِّسَاءِ؛ لِأَنَّ الصَّحَابَةَ اخْتَلَفُوا وَلَمْ يَرْجِعُوا إلَيْهِ وَكَذَلِكَ اخْتَلَفُوا فِي زَكَاةِ الصَّبِيِّ وَلَمْ يَرْجِعُوا إلَى قَوْلِهِ «ابْتَغُوا فِي أَمْوَالِ الْيَتَامَى خَيْرًا
ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي تِلْكَ الْحَوَادِثِ لِقَرَائِنَ اخْتَصَّتْ بِهِ أَوْ لِصَيْرُورَتِهِ مَشْهُورًا عِنْدَ بُلُوغِهِ إيَّاهُمْ وَقَوْلُهُمْ: إنَّهُ يُفِيدُ ظَنَّ الصِّدْقِ غَيْرَ مُسَلَّمٍ؛ لِأَنَّ عَدَمَ شُهْرَتِهِ يُعَارِضُ ظَنَّ الصِّدْقِ فَلَا يَحْصُلُ الظَّنُّ مَعَ الْمُعَارِضِ بِخِلَافِ الْقِيَاسِ؛ لِأَنَّهُ لَا مُعَارِضَ لَهُ وَذَلِكَ أَيْ شُذُوذُ الْحَدِيثِ مَعَ اشْتِهَارِ الْحَادِثَةِ مِثْلُ حَدِيثِ الْجَهْرِ بِالتَّسْمِيَةِ، وَهُوَ مَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَجْهَرُ بِبَسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ» وَرَوَى أَبُو قِلَابَةَ عَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ «النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - كَانُوا يَجْهَرُونَ بِبَسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ» وَلَمَّا شَذَّ مَعَ اشْتِهَارِ الْحَادِثَةِ وَمَعَ أَنَّهُ مُعَارَضٌ بِأَحَادِيثَ أَقْوَى مِنْهُ فِي الصِّحَّةِ دَالَّةٍ عَلَى خِلَافِهِ لَمْ يُعْمَلْ بِهِ وَمِثْلُ حَدِيثِ مَسِّ الذَّكَرِ الَّذِي رَوَتْهُ بُسْرَةُ؛ فَإِنَّهُ شَاذٌّ لِانْفِرَادِهَا بِرِوَايَتِهِ مَعَ عُمُومِ الْحَاجَةِ إلَى مَعْرِفَتِهِ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى زِيَافَتِهِ إذْ الْقَوْلُ بِأَنَّ النَّبِيَّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - خَصَّهَا بِتَعْلِيمِ هَذَا الْحُكْمِ مَعَ أَنَّهَا لَا تَحْتَاجُ إلَيْهِ وَلَمْ يَعْلَمْ سَائِرُ الصَّحَابَةِ مَعَ شِدَّةِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ شِبْهُ الْمُحَالِ، كَذَا ذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -.
وَلَا يُقَالُ: قَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ أَيْضًا ابْنُ عُمَرَ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَجَابِرٌ وَسَالِمٌ وَزَيْدُ بْنُ خَالِدٍ وَعَائِشَةُ وَأُمُّ حَبِيبَةَ وَغَيْرُهُمْ فَكَيْفَ يَكُونُ شَاذًّا مَعَ رِوَايَةِ هَؤُلَاءِ الْكِبَارِ؟ ، لِأَنَّا نَقُولُ: تِلْكَ الرِّوَايَاتُ مُضْطَرِبَةُ الْأَسَانِيدِ غَيْرُ صَحِيحَةٍ لِضَعْفِ رِجَالِهَا وَلِمُعَارَضَتِهَا أَيْضًا بِرِوَايَاتٍ صَحِيحَةٍ تُخَالِفُهَا عَلَى مَا بَيَّنَهَا أَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي شَرْحِ الْآثَارِ فَلَا يَنْتَفِي الشُّذُوذُ بِهَا وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِثْلُ خَبَرِ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتْهُ النَّارُ وَخَبَرِ الْوُضُوءِ مِنْ حَمْلِ الْجِنَازَةِ وَخَبَرِ رَفْعِ الْيَدَيْنِ عَنْ الرُّكُوعِ وَعِنْدَ رَفْعِ الرَّأْسِ مِنْ الرُّكُوعِ وَنَحْوِهَا.

[الصَّحَابَةَ إذَا اخْتَلِفُوا فِي حَادِثَةٍ بِآرَائِهِمْ وَلَمْ يُحَاجَّ بَعْضُهُمْ فِي ذَلِكَ بِحَدِيثٍ]
قَوْلُهُ (وَأَمَّا الْقِسْمُ الْأَخِيرُ) أَيْ مِنْ النَّوْعِ الْأَوَّلِ مِنْ الِانْقِطَاعِ الْبَاطِنِ، وَقَدْ تَفَرَّدَ بِهَذَا النَّوْعِ مِنْ الرَّدِّ لِلْحَدِيثِ بَعْضُ أَصْحَابِنَا الْمُتَقَدِّمِينَ وَعَامَّةُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ غَيْرُهُمْ مِنْ الْأُصُولِيِّينَ وَأَهْلِ الْحَدِيثِ قَائِلِينَ بِأَنَّ الْحَدِيثَ إذَا ثَبَتَ وَصَحَّ سَنَدُهُ فَخِلَافُ الصَّحَابِيِّ إيَّاهُ وَتَرْكُهُ الْعَمَلَ وَالْمُحَاجَّةُ بِهِ لَا يُوجِبُ رَدَّهُ؛ لِأَنَّ الْخَبَرَ حُجَّةٌ عَلَى كَافَّةِ الْأُمَّةِ وَالصَّحَابِيُّ مَحْجُوجٌ بِهِ كَغَيْرِهِ؛ فَإِنَّ قَوْله تَعَالَى {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} [الأحزاب: 36] وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: 7] وَرَدَا عَامَّيْنِ مِنْ غَيْرِ تَخْصِيصٍ لِبَعْضِ الْأُمَّةِ دُونَ الْبَعْضِ وَمَنْ رَدَّهُ احْتَجَّ بِأَنَّ الصَّحَابَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - هُمْ الْأُصُولُ فِي نَقْلِ الدِّينِ لَمْ يُتَّهَمُوا بِتَرْكِ الِاحْتِجَاجِ بِمَا هُوَ حُجَّةٌ وَالِاشْتِغَالُ بِمَا لَيْسَ بِحُجَّةٍ مَعَ أَنَّ عِنَايَتَهُمْ بِالْحُجَجِ كَانَتْ أَقْوَى مِنْ عِنَايَةِ غَيْرِهِمْ بِهَا فَتَرْكُ الْمُحَاجَاةِ وَالْعَمَلِ بِهِ عِنْدَ ظُهُورِ الِاخْتِلَافِ فِيهِمْ دَلِيلٌ ظَاهِرٌ عَلَى أَنَّهُ سَهْوٌ مِمَّنْ رَوَاهُ بَعْدَهُمْ أَوْ مَنْسُوخٌ وَلَكِنَّهُمْ يَقُولُونَ: إنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ دَلِيلًا إذَا بَلَغَهُمْ الْخَبَرُ ثُمَّ لَمْ يُحَاجُّوا بِهِ فَلَعَلَّهُمْ لَمْ يُحَاجُّوا بِهِ لِعَدَمِ بُلُوغِهِ إيَّاهُمْ؛ فَإِنَّهُمْ قَدْ تَفَرَّقُوا فِي الْبِلَادِ بَعْدَ وَفَاةِ الرَّسُولِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَيَجُوزُ أَنَّ مَنْ سَمِعَ الْخَبَرَ لَمْ يَكُنْ حَاضِرًا عِنْدَ اخْتِلَافِهِمْ وَلَمْ يَبْلُغْهُ اخْتِلَافُهُمْ لِيَرْوِيَ لَهُمْ الْخَبَرَ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَرُدَّ بِمِثْلِهِ لِحَدِيثٍ إذَا ثَبَتَتْ عَدَالَةُ رُوَاتِهِ وَذَلِكَ أَيْ الْحَدِيثُ الْمُنْقَطِعُ بِهَذَا الطَّرِيقِ مِثْلُ حَدِيثِ الطَّلَاقِ بِالرِّجَالِ الَّذِي تَمَسَّكَ بِهِ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي اعْتِبَارِ عَدَدِ الطَّلَاقِ بِحَالِ الرَّجُلِ، وَهُوَ مَا رَوَى زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ النَّبِيِّ

نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 3  صفحه : 18
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست