responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 3  صفحه : 168
وَكَانَ ذَلِكَ ابْتِلَاءً اسْتَقَرَّ حُكْمُ الْأَمْرِ عِنْدَ الْمُخَاطَبِ وَهُوَ إبْرَاهِيمُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْه فِي آخِرِ الْحَالِ عَلَى أَنَّ الْمُبْتَغَى مِنْهُ فِي حَقِّ الْوَلَدِ أَنْ يَصِيرَ قُرْبَانًا بِنِسْبَةِ حُسْنِ الْحُكْمِ إلَيْهِ مُكْرَمًا بِالْفِدَاءِ الْحَاصِلِ لِمَعَرَّةِ الذَّبْحِ مُبْتَلًى بِالصَّبْرِ وَالْمُجَاهَدَةِ إلَى حَالِ الْمُكَاشَفَةِ وَإِنَّمَا النَّسْخُ بَعْدَ اسْتِقْرَارِ الْمُرَادِ بِالْأَمْرِ لَا قَبْلَهُ، وَقَدْ سُمِّيَ فِدَاءً فِي الْكِتَابِ لَا نَسْخًا فَيَثْبُتُ أَنَّ النَّسْخَ لَمْ يَكُنْ لِعَدَمِ رُكْنِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQبِطَرِيقِ الْفِدَاءِ كَانَ هُوَ مُمْتَثِلًا لِلْحُكْمِ الثَّابِتِ بِالْأَمْرِ فَلَا يَسْتَقِيمُ الْقَوْلُ بِالنَّسْخِ فِيهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَبْتَنِي عَلَى النَّهْيِ الَّذِي هُوَ ضِدُّ الْأَمْرِ وَلَا تَصَوُّرَ لِاجْتِمَاعِهِمَا فِي شَيْءٍ وَاحِدٍ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ فَتَبَيَّنَ بِهِ أَنَّ الْحُسْنَ وَالْقُبْحَ لَمْ يَجْتَمِعَا فِي شَيْءٍ وَاحِدٍ لِانْتِفَاءِ النَّهْيِ الْمُوجِبِ لِلْقُبْحِ النَّاسِخِ لِلْأَمْرِ بَلْ نَفَى الْأَمْرَ كَمَا كَانَ مُوجِبًا لِلْحُسْنِ إلَّا أَنَّ الْفِعْلَ انْتَقَلَ إلَى الشَّاةِ لِمَا قُلْنَا قَوْلُهُ.
(وَكَانَ ذَلِكَ ابْتِلَاءً) كَأَنَّهُ جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ مَا الْحِكْمَةُ فِي إضَافَةِ إيجَابِ الذَّبْحِ إلَى الْوَلَدِ إذَا لَمْ يَتَحَقَّقْ فِعْلُ الذَّبْحِ فِيهِ فَقَالَ كَانَ ذَلِكَ ابْتِلَاءً فِي حَقِّ الْخَلِيلِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - حَتَّى يَظْهَرَ مِنْهُ الِانْقِيَادُ وَالِاسْتِسْلَامُ وَالصَّبْرُ عَلَى مَا بِهِ مِنْ حُرْقَةِ الْقَلْبِ عَلَى وَلَدِهِ وَفِي حَقِّ الْوَلَدِ بِالْمُجَاهَدَةِ وَالصَّبْرِ عَلَى مَعَرَّةِ الذَّبْحِ إلَى حَالِ الْمُكَاشَفَةِ وَاسْتَقَرَّ حُكْمُ الْأَمْرِ عِنْدَ الْمُخَاطَبِ وَهُوَ إبْرَاهِيمُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي آخِرِ الْحَالِ عَلَى أَنَّ الْمُبْتَغَى أَيْ الْمَطْلُوبَ مِنْهُ أَيْ مِنْ الْأَمْرِ فِي حَقِّ الْوَلَدِ أَنْ يَصِيرَ قُرْبَانًا بِهَذِهِ الْجِهَةِ وَهِيَ نِسْبَةُ الذَّبْحِ إلَيْهِ بِأَنْ يُقَالَ ذَبِيحُ اللَّهِ لَا أَنْ يَصِيرَ قُرْبَانًا بِحَقِيقَةِ الْقَتْلِ مُكْرَمًا خَبَرٌ آخَرُ لِيَصِيرَ أَيْ وَأَنْ يَصِيرَ مُكْرَمًا بِالْفِدَاءِ الْحَاصِلِ لِمَعَرَّةِ الذَّبْحِ اللَّامُ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْحَاصِلِ وَضَمَّنَ الْحَاصِلَ مَعْنَى الدَّافِعِ أَيْ بِالْفِدَاءِ الَّذِي حَصَلَ دَافِعًا لِمَعَرَّةِ الذَّبْحِ أَيْ لِشِدَّتِهِ أَوْ بِالْفِدَاءِ الَّذِي حَصَلَ لِأَجْلِ دَفْعِ مَعَرَّتِهِ مُبْتَلًى خَبَرُ آخَرُ لَهُ أَيْضًا أَيْ وَأَنْ يَصِيرَ مُبْتَلًى بِالصَّبْرِ وَالْمُجَاهَدَةِ إلَى حَالَةِ الْمُكَاشَفَةِ وَهِيَ حَالَةُ الْفِدَاءِ فَإِنَّهُ صَبَرَ إلَى هَذِهِ الْحَالَةِ وَقَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ اللَّهُ تَعَالَى بِقَوْلِهِ {فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ} [الصافات: 103] فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ لَيْسَ بِنَسْخٍ وَقَدْ سُمِّيَ أَيْ ذَبْحُ الشَّاةِ فِدَاءً فِي الْكِتَابِ أَيْ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى فِي قَوْلِهِ {وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ} [الصافات: 107] وَالْفِدَاءُ اسْمٌ لِمَا يَكُونُ وَاجِبًا بِالسَّبَبِ الْمُوجِبِ لِلْأَصْلِ فَثَبَتَ أَنَّ النَّسْخَ لَمْ يَكُنْ لِعَدَمِ رُكْنِهِ وَهُوَ كَوْنُهُ بَيَانًا لِانْتِهَاءِ الْحُكْمِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ الْأَوَّلَ وَهُوَ وُجُوبُ الذَّبْحِ بَاقٍ بَعْدَ صَيْرُورَةِ الشَّاةِ فِدَاءً وَإِذَا لَمْ يَكُنْ نَسْخًا لَمْ يَلْزَمْ اجْتِمَاعُ الْحُسْنِ وَالْقُبْحِ فِي شَيْءٍ وَاحِدٍ فِي زَمَانٍ وَاحِدٍ لِمَا ذَكَرْنَا.
(فَإِنْ قِيلَ) لَا نُسَلِّمُ أَنَّ ذَبْحَ الشَّاةِ وَجَبَ بِحُكْمِ الْأَمْرِ بِالذَّبْحِ الْمُضَافِ إلَى الْوَلَدِ؛ لِأَنَّ أَحَدًا لَا يَفْهَمُ مِنْ الْأَمْرِ بِذَبْحِ الْوَلَدِ ذَبْحَ الشَّاةِ بَلْ نُسِخَ ذَلِكَ الْأَمْرُ بِأَمْرٍ مُبْتَدَأٍ مُضَافٍ إلَى الشَّاةِ وَانْتَهَى نِهَايَتَهُ كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ عَامَّةُ الْأُصُولِيِّينَ وَتُبَيِّنُ أَنَّهُ كَانَ مَأْمُورًا بِالِاشْتِغَالِ بِمُقَدِّمَاتِ الذَّبْحِ وَهُوَ قَدْرُ مَا أَتَى بِهِ عَلَى مَا قَالَ تَعَالَى {فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ} [الصافات: 103] أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَمَّا ائْتَمَرَ بِذَلِكَ الْقَدْرِ سَمَّاهُ اللَّهُ تَعَالَى مُحَقِّقًا لِلرُّؤْيَا وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَالَ {إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ} [الصافات: 102] وَهَذَا يُنْبِئُ عَنْ الِاشْتِغَالِ بِمُقَدِّمَةِ الذَّبْحِ لَا عَنْ الِاشْتِغَالِ بِحَقِيقَتِهِ إذْ لَوْ كَانَ مَأْمُورًا بِحَقِيقَتِهِ لَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ: إنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي ذَبَحْتُك إلَّا أَنَّ الشَّاةَ سُمِّيَتْ فِدَاءً لِتَصَوُّرِهَا بِصُورَةِ الْفِدَاءِ وَهُوَ أَنَّ ذَبْحَهَا كَانَ عَقِيبَ الذَّبْحِ الْمُضَافِ إلَى الْوَلَدِ قُلْنَا لَا يُمْكِنُ إثْبَاتُ أَمْرٍ آخَرَ وَهُوَ غَيْرُ مَذْكُورٍ فِي الْقُرْآنِ وَلَوْ جَعَلْنَا الشَّاةَ مَذْبُوحَةً بِأَمْرٍ مُبْتَدَأٍ لَا يَكُونُ فِدَاءً لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ الْفِدَاءَ مَا يَقْبَلُ مَكْرُوهًا مُتَوَجِّهًا عَلَى غَيْرِهِ فَمَتَى أُقِيمَ حُكْمُ الْأَمْرِ فِي الْوَلَدِ وَحَصَلَ الِائْتِمَارُ لَا تَكُونُ الشَّاةُ قَابِلَةً مَكْرُوهًا مُتَوَجِّهًا عَلَيْهِ فَلَا تَكُونُ فِدَاءً وَلِأَنَّهُ إنَّمَا رَأَى فِي الْمَنَامِ ذَبْحَ الْوَلَدِ مُقَدِّمَةَ الذَّبْحِ فَلَا يَجُوزُ حَمْلُهُ عَلَى أَنَّهُ كَانَ مَأْمُورًا بِمُقَدِّمَاتِهِ؛ لِأَنَّ فِيهِ مُخَالَفَةَ النَّصِّ وَنِسْبَةُ إبْرَاهِيمَ وَوَلَدِهِ - عَلَيْهِمَا السَّلَامُ - إلَى أَنَّهُمَا اعْتَقَدَا وُجُوبَ مَا لَا يَحِلُّ وَهُوَ ذَبْحُ الْوَلَدِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَقُلْ ذَبَحْتُك؛ لِأَنَّهُ يُنْبِئُ عَنْ فِعْلٍ مَاضٍ

نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 3  صفحه : 168
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست