responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 3  صفحه : 113
وَاحْتَجَّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ} [الأنبياء: 98] ثُمَّ لَحِقَهُ الْخُصُوصُ بِقَوْلِهِ {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى} [الأنبياء: 101] مُتَرَاخِيًا عَنْ الْأَوَّلِ وَهَذَا الِاسْتِدْلَال بَاطِلٌ عِنْدَنَا؛ لِأَنَّ صَدْرَ الْآيَةِ لَمْ يَكُنْ مُتَنَاوِلًا لِعِيسَى وَالْمَلَائِكَةِ - عَلَيْهِمْ السَّلَامُ -؛ لِأَنَّ كَلِمَةَ مَا لِذَوَاتِ غَيْرِ الْعُقَلَاءِ لَكِنَّهُمْ كَانُوا مُتَعَنِّتِينَ فَزَادَ فِي الْبَيَانِ إعْرَاضًا عَنْ تَعَنُّتِهِمْ وَاحْتَجَّ بِقَوْلِهِ {إِنَّا مُهْلِكُو أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ} [العنكبوت: 31] وَهَذَا عَامٌّ خَصَّ مِنْهُ آلَ لُوطٍ مُتَرَاخِيًا
ـــــــــــــــــــــــــــــQسَلْكًا فَسَلَكَ سُلُوكًا {مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ} [هود: 40] أَيْ مِنْ كُلِّ جِنْسٍ مِنْ الْحَيَوَانِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى وَاثْنَيْنِ تَأْكِيدٌ لِزَوْجَيْنِ وَقُرِئَ بِالْإِضَافَةِ أَيْ مِنْ كُلِّ زَوْجَيْنِ مِنْ أَجْنَاسِ الْحَيَوَانِ اثْنَيْنِ ذَكَرًا وَأُنْثَى لِئَلَّا يَنْقَطِعَ تَنَاسُلُهَا بِالْغَرَقِ وَاسْلُكْ عُطِفَ عَلَى زَوْجَيْنِ أَوْ عَلَى اثْنَيْنِ يَعْنِي أَدْخِلْ فِيهَا نِسَاءَك وَأَوْلَادَك.
وَوَجْهُ التَّمَسُّكِ أَنَّ الْأَصْلَ عَامٌّ يَتَنَاوَلُ جَمِيعَ بَنِيهِ وَلِذَلِكَ قَالَ نُوحٌ {رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ} [هود: 45] أَرَادَ بِهِ كَنْعَانَ، وَقَدْ لَحِقَهُ خُصُوصٌ مُتَرَاخٍ بِقَوْلِهِ عَزَّ اسْمُهُ {إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ} [هود: 46] فَدَلَّ أَنَّ تَأْخِيرَ التَّخْصِيصِ جَائِزٌ فَأَجَابَ الشَّيْخُ عَنْهُ بِوَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّا لَا نُسَلِّمُ لُحُوقَ التَّخْصِيصِ الْمُتَرَاخِي بِهِ بَلْ الْبَيَانُ كَانَ مُتَّصِلًا بِهِ فَإِنَّهُ تَعَالَى اسْتَثْنَى مِنْ الْأَهْلِ مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ أَيْ سَبَقَ وَعْدُ إهْلَاكِهِ فَإِنَّهُ وَعَدَهُ بِإِهْلَاكِ الْكُفَّارِ جَمِيعًا وَأَرَادَ بِهِ امْرَأَتَهُ وَاغِلَةَ وَابْنَهُ كَنْعَانُ وَكَانَا كَافِرَيْنِ.
وَالثَّانِي أَنَّ الْأَهْلَ مُشْتَرَكٌ يَحْتَمِلُ أَهْلَ النِّسْبَةِ وَأَهْلَ الْمُتَابَعَةِ فِي الدِّينِ فَتَوَهَّمَ نُوحٌ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنَّ الْمُرَادَ أَهْلُ النِّسْبَةِ فَسَأَلَ خَلَاصَ ابْنِهِ بِنَاءً عَلَيْهِ فَبَيَّنَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ الْمُرَادَ هُوَ الْأَهْلُ مِنْ حَيْثُ الْمُتَابَعَةُ فِي الدِّينِ لَا أَهْلُ النِّسْبَةِ وَأَنَّ ابْنَهُ الْكَافِرَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ لِكُفْرِهِ فَلَا يَكُونُ دَاخِلًا فِي وَعْدِ النَّجَاةِ وَتَأْخِيرُ بَيَانِ الْمُشْتَرَكِ جَائِزٌ وَقَوْلُهُ إلَّا أَنَّ نُوحًا جَوَابُ سُؤَالٍ يَرِدُ عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ أَنَّ نُوحًا - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بَعْدَ الْوَعْدِ بِإِهْلَاكِ الْكُفَّارِ كَانَ مَنْهِيًّا عَنْ الْكَلَامِ فِيهِمْ قَالَ تَعَالَى {وَلا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ} [هود: 37] فَلَوْ كَانَ قَوْلُهُ {إِلا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ} [هود: 40] مُنْصَرِفًا إلَى مَا ذَكَرْتُمْ لَمَا اسْتَجَازَ نُوحٌ سُؤَالَ خَلَاصِ ابْنِهِ بِقَوْلِهِ {رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي} [هود: 45] فَأَجَابَ بِمَا ذُكِرَ فِي الْكِتَابِ وَهُوَ ظَاهِرٌ.
وَمِنْهَا قَوْله تَعَالَى {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ} [الأنبياء: 98] أَيْ حَطَبُهَا وَالْحَصَبُ مَا يُحْصَبُ بِهِ أَيْ يُرْمَى يُقَالُ حَصَبَتْهُمْ السَّمَاءُ إذَا رَمَتْهُمْ بِالْحَصْبَاءِ فَعَلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ.
وَهَذَا عَامٌّ لَحِقَهُ خُصُوصٌ مُتَرَاخٍ أَيْضًا فَإِنَّهُ لَمَّا نَزَلَ «جَاءَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزِّبَعْرَى إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ أَلَيْسَ عِيسَى وَعُزَيْرٌ وَالْمَلَائِكَةُ قَدْ عُبِدُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَفَتَرَاهُمْ يُعَذَّبُونَ فِي النَّارِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى} [الأنبياء: 101] » أَيْ السَّعَادَةُ أَوْ الْبُشْرَى أَوْ التَّوْفِيقُ لِلطَّاعَةِ أُولَئِكَ عَنْهَا أَيْ عَنْ النَّارِ مُبْعَدُونَ فَأَجَابَ بِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ ذَلِكَ تَخْصِيصٌ إذْ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ دُخُولِ الْمَخْصُوصِ تَحْتَ الْعُمُومِ لَوْلَا الْمُخَصِّصُ وَأُولَئِكَ لَمْ يَدْخُلُوا فِي هَذَا الْعَامِّ لِاخْتِصَاصِ مَا بِمَا لَا يَعْقِلُ عَلَى أَنَّ الْخِطَابَ كَانَ لِأَهْلِ مَكَّةَ وَأَنَّهُمْ كَانُوا عَبَدَةَ الْأَوْثَانِ وَمَا كَانَ فِيهِمْ مَنْ يَعْبُدُ عِيسَى وَالْمَلَائِكَةَ فَلَمْ يَكُنْ الْكَلَامُ مُتَنَاوِلًا لَهُمْ وَلَا يُقَالُ لَوْ لَمْ يَدْخُلُوا لَمَا أَوْرَدَهُمْ ابْنُ الزِّبَعْرَى نَقْضًا عَلَى الْآيَةِ وَهُوَ مِنْ الْفُصَحَاءِ وَلَرَدَّ الرَّسُولُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يَسْكُتْ عَنْ تَخْطِئَتِهِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ لَعَلَّ سُؤَالَ ابْنِ الزِّبَعْرَى كَانَ بِنَاءً عَلَى ظَنِّهِ أَنَّ مَا ظَاهِرَةٌ فِيمَنْ يَعْقِلُ أَوْ مُسْتَعْمَلَةٌ فِيهِ مَجَازًا كَمَا اُسْتُعْمِلَتْ فِي قَوْله تَعَالَى {وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالأُنْثَى} [الليل: 3] {وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ} [الكافرون: 3] ، وَقَدْ اُتُّفِقَ عَلَى وُرُودِهِ بِمَعْنَى الَّذِي الْمُتَنَاوِلِ لِلْعُقَلَاءِ إلَّا أَنَّهُ أَخْطَأَ؛ لِأَنَّهَا ظَاهِرَةٌ فِيمَا لَا يَعْقِلُ دُونَ مَنْ يَعْقِلُ وَالْأَصْلُ فِي الْكَلَامِ هُوَ الْحَقِيقَةُ.
وَأَمَّا عَدَمُ رَدِّ الرَّسُولِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَلَيْهِ فَغَيْرُ مُسَلَّمٍ لِمَا رُوِيَ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَالَ لِابْنِ الزِّبَعْرَى لَمَّا ذَكَرَ مَا ذَكَرَ رَادًّا عَلَيْهِ مَا أَجْهَلَك بِلُغَةِ قَوْمِك أَمَا عَلِمْت أَنَّ مَا لِمَا لَا يَعْقِلُ وَمَنْ لِمَنْ يَعْقِلُ» هَكَذَا ذُكِرَ فِي شَرْحِ أُصُولِ الْفِقْهِ لِابْنِ الْحَاجِبِ.
وَلَئِنْ سَلَّمْنَا أَنَّهُ سَكَتَ إلَى حِينِ نُزُولِ الْوَحْيِ فَذَلِكَ لِمَا عُرِفَ مِنْ تَعَنُّتِ الْقَوْمِ

نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 3  صفحه : 113
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست