responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 3  صفحه : 102
وَمِنْ النَّاسِ مَنْ رَجَّحَ بِفَضْلِ عَدَدِ الرُّوَاةِ وَاسْتَدَلَّ بِمَا قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي مَسَائِلِ الْمَاءِ وَالطَّعَامِ وَالشَّرَابِ إنَّ قَوْلَ الِاثْنَيْنِ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْقَلْبَ يَشْهَدُ بِذَلِكَ لِمَزِيَّةٍ فِي الصِّدْقِ إلَّا أَنَّ هَذَا خِلَافُ السَّلَفِ فَإِنَّهُمْ لَمْ يُرَجِّحُوا بِزِيَادَةِ الْعَدَدِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَاءِ وَالطَّعَامِ وَالشَّرَابِ مِنْ جِنْسِ مَا يُعْرَفُ بِدَلِيلِهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَخَذَ الْمَاءَ مِنْ وَادٍ جَارٍ فِي إنَاءٍ طَاهِرٍ وَلَمْ يَغِبْ ذَلِكَ الْإِنَاءُ عَنْهُ كَانَ فِي الْإِخْبَارِ بِطَهَارَتِهِ مُعْتَمِدًا عَلَى دَلِيلٍ مُوجِبٍ لِلْعِلْمِ كَالْمُخْبِرِ بِنَجَاسَتِهِ فَيَتَحَقَّقُ التَّعَارُضُ وَيَجِبُ التَّرْجِيحُ بِالْأَصْلِ لِمَا ذُكِرَ فِي الْكِتَابِ.
قَوْلُهُ (وَمِنْ النَّاسِ مَنْ رَجَّحَ بِفَضْلِ عَدَدٍ فِي الرُّوَاةِ) وَلَا يُرَجَّحُ أَحَدُ الْخَبَرَيْنِ عَلَى الْآخَرِ بِأَنْ يَكُونَ رُوَاتُهُ أَكْثَرَ مِنْ رُوَاةِ الْآخَرِ عِنْدَ عَامَّةِ أَصْحَابِنَا وَهُوَ قَوْلُ بَعْضِ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَذَهَبَ أَكْثَرُهُمْ إلَى صِحَّةِ التَّرْجِيحِ بِكَثْرَةِ الرُّوَاةِ وَبِهِ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْجُرْجَانِيُّ مِنْ أَصْحَابِنَا وَأَبُو الْحَسَنِ الْكَرْخِيُّ فِي رِوَايَةٍ؛ لِأَنَّ التَّرْجِيحَ إنَّمَا يَحْصُلُ بِقُوَّةٍ لِأَحَدِ الْخَبَرَيْنِ لَا تُوجَدُ فِي الْآخَرِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ كَثْرَةَ الرُّوَاةِ نَوْعُ قُوَّةٍ فِي أَحَدِ الْخَبَرَيْنِ؛ لِأَنَّ قَوْلَ الْجَمَاعَةِ أَقْوَى فِي الظَّنِّ وَأَبْعَدُ مِنْ السَّهْوِ وَأَقْرَبُ إلَى إفَادَةِ الْعِلْمِ مِنْ قَوْلِ الْوَاحِدِ؛ لِأَنَّ خَبَرَ كُلِّ وَاحِدٍ يُفِيدُ ظَنًّا وَلَا يَخْفَى أَنَّ الظُّنُونَ الْمُجْتَمِعَةَ كُلَّمَا كَانَتْ أَكْثَرَ كَانَتْ أَغْلَبَ عَلَى الظَّنِّ حَتَّى يَنْتَهِي إلَى الْقَطْعِ، وَلِهَذَا رَجَّحَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي كِتَابِ الِاسْتِحْسَانِ قَوْلَ الِاثْنَيْنِ عَلَى قَوْلِ الْوَاحِدِ فِيمَا إذَا أَخْبَرَ وَاحِدٌ بِطَهَارَةِ الْمَاءِ أَوْ بِحِلِّ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَاثْنَانِ بِالنَّجَاسَةِ أَوْ بِالْحُرْمَةِ أَوْ عَلَى الْقَلْبِ يَجِبُ الْعَمَلُ بِخَبَرِ الِاثْنَيْنِ لِمَا ذَكَرْنَا، يُؤَيِّدُهُ أَنَّ فِي بَابِ الشَّهَادَةِ يُرَجَّحُ خَبَرُ الِاثْنَيْنِ عَلَى خَبَرِ الْوَاحِدِ حَتَّى كَانَ خَبَرُ الْمَثْنَى حُجَّةً لِطُمَأْنِينَةِ الْقَلْبِ إلَيْهِ دُونَ خَبَرِ الْوَاحِدِ فَكَذَلِكَ فِي الْأَخْبَارِ، وَقَدْ اشْتَهَرَ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - الِاعْتِمَادُ عَلَى خَبَرِ الْمَثْنَى دُونَ الْوَاحِدِ، وَلَنَا أَنَّ خَبَرَ الْوَاحِدِ وَخَبَرَ الِاثْنَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ وَأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فِي إيقَاعِ الْعِلْمِ سَوَاءٌ فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يُوجِبُ عِلْمَ غَالِبِ الرَّأْيِ فَلَا يَتَرَجَّحُ أَحَدُ الْخَبَرَيْنِ بِكَثْرَةِ الْمُخْبِرِينَ كَمَا فِي الشَّهَادَةِ فَإِنَّهَا لَا تَتَرَجَّحُ بِكَثْرَةِ الْعَدَدِ لِاسْتِوَاءِ الِاثْنَيْنِ وَمَا فَوْقَهُمَا فِي إيقَاعِ الْعِلْمِ وَكَوْنُ كُلِّ وَاحِدٍ حُجَّةً وَلَيْسَ هَذَا مِثْلَ الْإِخْبَارِ عَنْ نَجَاسَةِ الْمَاءِ وَطَهَارَتِهِ فَإِنَّ الْمُخْبِرَ هُنَاكَ يُخْبِرُ عَنْ مُعَايَنَةٍ وَحَقِيقَةٍ فَكَانَ فِي مَعْنَى الشَّهَادَةِ وَقَوْلُ الْوَاحِدِ لَيْسَ بِحُجَّةٍ مِنْ حَيْثُ الشَّهَادَةُ وَقَوْلُ الِاثْنَيْنِ حُجَّةٌ فَكَانَ الْعَمَلُ بِهِ أَوْجَبَ.
أَمَّا هَاهُنَا فَالْخَبَرُ لَا يُخْبِرُ عَنْ مُعَايَنَةٍ فَكَانَ خَبَرًا مَحْضًا وَخَبَرُ الْوَاحِدِ وَالِاثْنَيْنِ فِيهِ سَوَاءٌ هَذَا هُوَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ، كَذَا ذَكَرَهُ أَبُو الْيُسْرِ وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ الْمُخْبِرُ هَاهُنَا يُخْبِرُ عَنْ مُعَايَنَةٍ أَيْضًا فَإِنَّهُ يُخْبِرُ عَنْ سَمَاعِهِ مِنْ الرَّسُولِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَوْ مِنْ غَيْرِهِ مِنْ الرُّوَاةِ فَكَانَ فِي مَعْنَى الشَّهَادَةِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَتَرَجَّحَ خَبَرُ الِاثْنَيْنِ عَلَى الْوَاحِدِ، وَالصَّحِيحُ مَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ هَذَا النَّوْعَ مِنْ التَّرْجِيحِ قَوْلُ مُحَمَّدٍ خَاصَّةً فَقَدْ ذَكَرَ نَظِيرَهُ فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ أَنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ بِالسِّيَرِ ثَلَاثُ فِرَقٍ: أَهْلُ الشَّامِ وَأَهْلُ الْحِجَازِ وَأَهْلُ الْعِرَاقِ فَكُلُّ مَا اتَّفَقَ فِيهِ الْفَرِيقَانِ مِنْهُمْ عَلَى قَوْلٍ أَخَذْتُ بِذَلِكَ وَتَرَكْتُ مَا انْفَرَدَ بِهِ فَرِيقٌ وَاحِدٌ وَهَذَا تَرْجِيحٌ بِكَثْرَةِ الْقَائِلِينَ صَارَ إلَيْهِ مُحَمَّدٌ، وَأَبَى ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ.
قَالَ وَالصَّحِيحُ مَا قَالَا فَإِنَّ كَثْرَةَ الْعَدَدِ لَا تَكُونُ دَلِيلَ قُوَّةِ الْحُجَّةِ قَالَ تَعَالَى، {وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ} [الأنعام: 37] {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ} [يوسف: 103] .
وَقَالَ {مَا يَعْلَمُهُمْ إِلا قَلِيلٌ} [الكهف: 22] {وَقَلِيلٌ مَا هُمْ} [ص: 24] ثُمَّ السَّلَفُ مِنْ الصَّحَابَةِ وَغَيْرِهِمْ لَمْ يُرَجِّحُوا بِكَثْرَةِ الْعَدَدِ فِي بَابِ الْعَمَلِ بِأَخْبَارِ الْآحَادِ فَالْقَوْلُ بِهِ يَكُونُ قَوْلًا بِخِلَافِ إجْمَاعِهِمْ أَرَأَيْتَ لَوْ وَصَلَ إلَى السَّامِعِ أَحَدُ الْخَبَرَيْنِ

نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 3  صفحه : 102
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست