responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 2  صفحه : 69
فَإِنْ قِيلَ فَهَلَّا صَحَّتْ اسْتِعَارَةُ النِّكَاحِ لِلْبَيْعِ وَالْمُنَاسَبَةُ الَّتِي ذَكَرْتُمْ قَائِمَةٌ؛ لِأَنَّهَا تَقُومُ بِالطَّرَفَيْنِ جَمِيعًا لَا مَحَالَةَ لَا يُنَاسِبُ الشَّيْءُ غَيْرَهُ إلَّا وَذَلِكَ يُنَاسِبُهُ كَالْأَخَوَيْنِ قِيلَ لَهُ الِاتِّصَالُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ عَلَى نَوْعَيْنِ أَحَدُهُمَا اتِّصَالُ الْحُكْمِ بِالْعِلَّةِ وَالثَّانِي اتِّصَالُ الْفَرْعِ بِمَا هُوَ سَبَبٌ مَحْضٌ لَيْسَ بِعِلَّةٍ وُضِعَتْ لَهُ فَالْأَوَّلُ يُوجِبُ الِاسْتِعَارَةَ مِنْ الطَّرَفَيْنِ؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ لَمْ تُشْرَعْ إلَّا لِحُكْمِهَا وَالْحُكْمُ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِعِلَّتِهِ فَاسْتَوَى الِاتِّصَالُ فَعُمِّمَتْ الِاسْتِعَارَةُ.

وَلِهَذَا قُلْنَا فِيمَنْ قَالَ إنْ مَلَكْت عَبْدًا فَهُوَ حُرٌّ فَمَلَكَ نِصْفَ عَبْدٍ ثُمَّ بَاعَهُ ثُمَّ مَلَكَ النِّصْفَ الْبَاقِي لَمْ يَعْتِقْ حَتَّى يَجْتَمِعَ الْكُلُّ فِي مِلْكِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQلَا يَثْبُتُ بِهَا الْمِلْكُ.
وَكَذَا لَفْظُ الْوَصِيَّةِ لَا يُوجِبُ الْمِلْكَ بِنَفْسِهِ أَصْلًا بَلْ مُوجِبُهُ الْخِلَافَةُ مُضَافَةٌ إلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ وَلَوْ صَرَّحَ بِلَفْظِ النِّكَاحِ مُضَافًا لَا يَصِحُّ أَيْضًا (فَإِنْ قِيلَ) الْهِبَةُ أَيْضًا لَا تُوجِبُ الْمِلْكَ مَا لَمْ يَنْضَمَّ إلَيْهَا الْقَبْضُ (قُلْنَا) الْهِبَةُ لَا تُوجِبُ إضَافَةَ الْمِلْكِ وَلَكِنْ لِضَعْفٍ فِي السَّبَبِ لِتَعَرِّيهِ عَنْ الْعِوَضِ بِتَأَخُّرِ الْمِلْكِ إلَى أَنْ يَتَقَوَّى بِالْقَبْضِ، وَيَنْعَدِمُ ذَلِكَ الضَّعْفُ إذَا اُسْتُعْمِلَ فِي النِّكَاحِ؛ لِأَنَّ الْعِوَضَ يَجِبُ بِهِ بِنَفْسِهِ، وَلِهَذَا جَازَ اسْتِعْمَالُهُ فِي حَقِّ الصَّغِيرَةِ وَالْكَبِيرَةِ فَلِهَذَا كَانَ مُوجِبًا مِلْكَ النِّكَاحِ بِنَفْسِهِ مَعَ أَنَّ الْمَمْلُوكَ بِالنِّكَاحِ بِنَفْسِ الْعَقْدِ يَصِيرُ كَالْمَقْبُوضِ، وَلِهَذَا لَوْ مَاتَتْ عَقِيبَ الْعَقْدِ تَقَرَّرَ الْبَدَلُ فَكَانَ هَذَا بِمَنْزِلَةِ هِبَةِ عَيْنٍ فَسَدَ الْمَوْهُوبُ لَهُ فَيُوجِبُ الْمِلْكَ بِنَفْسِهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَقَالَ الْقَاضِي الْإِمَامُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إنَّ تَرَاخِيَ الْمِلْكِ عَنْ الْهِبَةِ لَيْسَ مِنْ مُوجِبِ الْهِبَةِ فَإِنَّ الْقَبْضَ لَوْ سَبَقَ الْهِبَةَ مُلِّكَ بِنَفْسِهَا وَلَكِنْ نَفَيَا عَنْ الْمُتَبَرِّعِ عُهْدَةَ مَا لَمْ يَتَبَرَّعْ بِهِ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ صَارَ عِبَارَةً عَنْ نِكَاحٍ مُطْلَقٍ ثُمَّ النِّكَاحُ لَا يَقَعُ تَبَرُّعًا لِيَتَأَخَّرَ الْمِلْكُ نَفْيًا لِلْعُهْدَةِ عَنْهَا عَلَى أَنَّ النِّكَاحَ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَمْلِكَ صَحِيحٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ.
قَوْلُهُ (فَإِنْ قِيلَ فَهَلَّا صَحَّتْ) هَذَا السُّؤَالُ يَرِدُ عَلَى قَوْلِهِ فَصَحَّتْ الِاسْتِعَارَةُ لِهَذَا الِاتِّصَالِ بَيْنَ السَّبَبَيْنِ وَالْحُكْمَيْنِ. وَتَوْجِيهُهُ أَنْ يُقَالَ لَوْ صَحَّتْ اسْتِعَارَةُ الْبَيْعِ لِلنِّكَاحِ لِلِاتِّصَالِ بَيْنَهُمَا مِنْ حَيْثُ السَّبَبِيَّةُ يَلْزَمُ أَنْ تَصِحَّ اسْتِعَارَةُ النِّكَاحِ لِلْبَيْعِ وَالْهِبَةِ أَيْضًا لِقِيَامِ الِاتِّصَالِ الَّذِي ذَكَرْتُمْ؛ لِأَنَّ الِاتِّصَالَ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ طَرَفَيْنِ لِيَقُومَ بِهِمَا وَلَا يَتَّصِلُ الشَّيْءُ بِغَيْرِهِ إلَّا وَأَنْ يَكُون ذَلِكَ الْغَيْرُ مُتَّصِلًا بِهِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْإِضَافِيَّاتِ كَالْأُخُوَّةِ لَمَّا افْتَقَرَتْ إلَى طَرَفَيْنِ تَثْبُتُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَقَدْ وَافَقْتُمُونَا عَلَى فَسَادِ هَذِهِ الِاسْتِعَارَةِ فَيَدُلُّ عَلَى فَسَادِ الْأُولَى. فَأَجَابَ وَقَالَ الِاتِّصَالُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ عَلَى نَوْعَيْنِ كَامِلٌ وَنَاقِصٌ.
فَالْأَوَّلُ هُوَ أَنْ يَكُونَ الِاتِّصَالُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُفْتَقِرًا إلَى الْآخَرِ كَاتِّصَالِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْعِلَّةِ وَالْمَعْلُولِ بِصَاحِبِهِ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِعِلَّتِهِ فَيَكُونُ مِنْ حَيْثُ الْوُجُودُ مُفْتَقِرًا إلَيْهَا وَكَذَا الْعِلَّةُ تُشْرَعُ وَلَمْ تُقْصَدْ لِذَاتِهَا وَإِنَّمَا شُرِعَتْ لِلْحُكْمِ حَتَّى لَا يَكُونَ مَشْرُوعَةً فِي مَحَلٍّ لَا يُتَصَوَّرُ شَرْعِيَّةُ الْحُكْمِ فِيهِ، نَحْوُ بَيْعِ الْحُرِّ وَنِكَاحِ الْمَحَارِمِ فَكَانَتْ مُفْتَقِرَةً إلَى الْحُكْمِ مِنْ حَيْثُ الْغَرَضُ. وَهَذَا النَّوْعُ مِنْ الِاتِّصَالِ يُوجِبُ أَيْ يُجَوِّزُ الِاسْتِعَارَةَ مِنْ الطَّرَفَيْنِ لِتَحَقُّقِ الِاتِّصَالِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ بِعَدَمِ اسْتِغْنَاءِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنْ صَاحِبِهِ.

قَوْلُهُ (وَلِهَذَا قُلْنَا) أَيْ وَلِأَنَّ جَوَازَ الِاسْتِعَارَةِ يَعُمُّ الْجَانِبَيْنِ قُلْنَا فِيمَنْ قَالَ إلَى آخِرِهِ. وَالْمَسْأَلَةُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ. أَحَدُهَا الْحَلِفُ عَلَى مِلْكِ عَبْدٍ مُنَكَّرٍ بِأَنْ قَالَ إنْ مَلَكْت عَبْدًا فَهُوَ حُرٌّ فَمَلَكَ نِصْفَ عَبْدٍ وَبَاعَهُ ثُمَّ مَلَكَ النِّصْفَ الْبَاقِيَ عَتَقَ هَذَا النِّصْفُ فِي الْقِيَاسِ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا يَعْتِقُ وَجْهُ الْقِيَاسِ أَنَّ الشَّرْطَ مِلْكُ الْعَبْدِ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ شَرْطِ الِاجْتِمَاعِ وَقَدْ حَصَلَ فَيَعْتِقُ هَذَا النِّصْفُ كَمَا فِي فَصْلِ الشِّرَاءِ وَكَمَا فِي الْعَبْدِ الْمُعَيَّنِ.
وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ مِلْكَ الْمُطْلَقِ يَقَعُ عَلَى كَمَالِهِ وَذَلِكَ بِصِفَةِ الِاجْتِمَاعِ فَاخْتَصَّ بِهِ أَلَا تَرَى أَنَّ الرَّجُلَ إذَا قَالَ إنْ مَلَكْت مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَعَبْدِي حُرٌّ أَنَّهُ يَقَعُ عَلَى اجْتِمَاعِ الْمِلْكِ وَهَذَا أَيْضًا اسْتِحْسَانٌ.
وَأَلَا تَرَى أَنَّ الرَّجُلَ يَقُولُ وَاَللَّهِ مَا مَلَكْت مِائَتَيْ دِرْهَمٍ قَطُّ وَلَعَلَّهُ قَدْ مَلَكَهَا وَزِيَادَةً مُتَفَرِّقَةً

نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 2  صفحه : 69
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست