responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 2  صفحه : 61
لِأَنَّ كُلَّ مَوْجُودٍ مِنْ الصُّوَرِ لَهُ صُورَةٌ وَمَعْنًى لَا ثَالِثَ لَهُمَا فَلَا يُتَصَوَّرُ الِاتِّصَالُ بِوَجْهٍ ثَالِثٍ أَمَّا الْمَعْنَى فَمِثْلُ قَوْلِهِمْ لِلْبَلِيدِ حِمَارٌ وَلِلشُّجَاعِ أَسَدٌ لِاتِّصَالٍ وَمُشَابَهَةٍ فِي الْمَعْنَى بَيْنَهُمَا وَأَمَّا الصُّورَةُ فَمِثْلُ تَسْمِيَةِ الْمَطَرِ سَمَاءٌ قَالُوا مَازِلْنَا نَطَأُ السَّمَاءَ حَتَّى أَتَيْنَاكُمْ أَيْ الْمَطَرَ لِاتِّصَالٍ بَيْنَهُمَا صُورَةً؛ لِأَنَّ كُلَّ عَالٍ عِنْدَ الْعَرَبِ سَمَاءٌ وَالْمَطَرُ مِنْ السَّحَابِ يَنْزِلُ وَهُوَ سَمَاءٌ عِنْدَهُمْ فَسُمِّيَ بِاسْمِهِ وَقَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ} [النساء: 43] وَهُوَ الْمُطْمَئِنُّ مِنْ الْأَرْضِ يُسَمَّى الْحَدَثُ بِالْغَائِطِ لِمُجَاوِرَتِهِ صُورَةً فِي الْعَادَةِ وَقَالَ تَعَالَى {إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا} [يوسف: 36] أَيْ عِنَبًا لِاتِّصَالٍ بَيْنَهُمَا ذَاتًا؛ لِأَنَّ الْعِنَبَ مَرْكَبٌ بِثُفْلِهِ وَمَائِهِ وَقِشْرِهِ.

فَسَلَكْنَا فِي الْأَسْبَابِ الشَّرْعِيَّةِ وَالْعِلَلِ هَذَيْنِ الطَّرِيقَيْنِ فِي الِاسْتِعَارَةِ وَهُوَ الِاسْتِعَارَةُ بِالِاتِّصَالِ فِي الصُّورَةِ وَهُوَ السَّبَبِيَّةُ وَالتَّعْلِيلُ؛ لِأَنَّ الْمَشْرُوعَ لَيْسَ بِصُورَةٍ تُحَسُّ فَصَارَ الِاتِّصَالُ فِي السَّبَبِ نَظِيرَ الصُّوَرِ فِيمَا نُحِسُّ وَالِاتِّصَالُ فِي مَعْنَى الْمَشْرُوعِ كَيْفَ شُرِعَ اتِّصَالٌ هُوَ نَظِيرُ الْقِسْمِ الْآخَرِ مِنْ الْمَحْسُوسِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَتَسْمِيَةُ الشَّيْءِ بِاسْمِ مَا لَهُ بِهِ تَعَلُّقُ الْمُجَاوِرَةِ كَتَسْمِيَتِهِمْ قَضَاءَ الْحَاجَةِ بِالْغَائِطِ الَّذِي هُوَ الْمَكَانُ الْمُطْمَئِنُّ مِنْ الْأَرْضِ. وَتَسْمِيَةُ الشَّيْءِ بِاسْمِ مَا يَئُولُ إلَيْهِ كَتَسْمِيَةِ الْعِنَبِ بِالْخَمْرِ. وَتَسْمِيَتُهُ بِاسْمِ مَا كَانَ كَتَسْمِيَةِ الْإِنْسَانِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الضَّرْبِ ضَارِبًا. وَإِطْلَاقُ اسْمِ الْمَحَلِّ عَلَى الْحَالِّ كَقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «لَا يَفْضُضُ اللَّهُ فَاك» أَيْ أَسْنَانَك. وَعَكْسُهُ كَقَوْلِهِ جَلَّ جَلَالُهُ. {وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [آل عمران: 107] . أَيْ فِي الْجَنَّةِ؛ لِأَنَّهَا مَحَلُّ نُزُولِ الرَّحْمَةِ.
وَإِطْلَاقُ اسْمِ آلَةِ الشَّيْءِ عَلَيْهِ كَقَوْلِهِ عَزَّ قَائِلًا حِكَايَةً عَنْ إبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -. {وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الآخِرِينَ} [الشعراء: 84] . أَيْ ذِكْرًا حَسَنًا، أَطْلَقَ اسْمَ اللِّسَانِ وَأَرَادَ بِهِ الذِّكْرَ إذْ اللِّسَانُ آلَتُهُ. وَإِطْلَاقُ اسْمِ الشَّيْءِ عَلَى بَدَلِهِ كَقَوْلِهِمْ فُلَانٌ أَكَلَ الدَّمَ إذَا أَكَلَ الدِّيَةَ. وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
يَأْكُلْنَ كُلَّ لَيْلَةٍ إكَافًا
أَيْ ثَمَنَ إكَافٍ. وَإِطْلَاقُ النَّكِرَةِ فِي مَوْضِعِ الْإِثْبَاتِ لِلْعُمُومِ قَالَ تَعَالَى. {عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ} [التكوير: 14] . أَيْ كُلُّ نَفْسٍ. وَمِنْهُ دَعْ امْرَأً وَمَا اخْتَارَهُ أَيْ اُتْرُكْ كُلَّ امْرِئٍ وَاخْتِيَارِهِ. وَإِطْلَاقُ الْمُعَرَّفِ بِاللَّامِ وَإِرَادَةُ وَاحِدٍ مُنَكَّرٍ كَقَوْلِهِ تَعَالَى. {وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا} [البقرة: 58] . أَيْ بَابًا مِنْ أَبْوَابِهَا كَذَا نُقِلَ عَنْ أَئِمَّةِ التَّفْسِيرِ. وَإِطْلَاقُ اسْمِ أَحَدِ الضِّدَّيْنِ عَلَى الْآخَرِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى. {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} [الشورى: 40] . فَإِنَّهَا مِنْ الْمُبْتَدِئِ سَيِّئَةٌ وَمِنْ اللَّهِ حَسَنَةٌ. وَمِنْهُ مَا يُقَالُ قَاتَلَهُ اللَّهُ مَا أَحْسَنَ مَا قَالَ يُرِيدُونَ بِهِ الدُّعَاءَ لَهُ وَإِنْ كَانَ هُوَ الدُّعَاءَ عَلَيْهِ.
وَالْحَذْفُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى. {يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا} [النساء: 176] . أَيْ لِئَلَّا تَضِلُّوا. وَالزِّيَادَةُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى. {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: 11] . وَلَكِنَّ مَا حَصَرَهُ الشَّيْخُ فِي قَوْلِهِ وَذَلِكَ أَيْ الِاتِّصَالُ الَّذِي يَقَعُ بِهِ الِاسْتِعَارَةُ بِطَرِيقَيْنِ لَا ثَالِثَ لَهُمَا أَضْبَطُ مِمَّا ذَكَرُوهُ إذْ لَا يَكَادُ يَشِذُّ عَنْهُ شَيْءٌ مِمَّا ذَكَرُوهُ وَلَا يَخْفَى عَلَيْك تَدَاخُلُ بَعْضِهَا فِي بَعْضٍ.
قَوْلُهُ (كُلُّ مَوْجُودٍ مِنْ الصُّوَرِ) أَيْ مِنْ الْمَحْسُوسَاتِ الَّتِي يَجْرِي فِي أَسْمَائِهَا الْمَجَازُ. وَلَفْظُ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ فَإِنَّ كُلَّ مَوْجُودٍ مُصَوَّرٌ يَكُونُ لَهُ صُورَةٌ وَمَعْنًى مَا زِلْنَا نَطَأُ السَّمَاءَ حَتَّى أَتَيْنَاكُمْ أَيْ كُنَّا فِي طِينٍ وَرَدْغَةٍ بِسَبَبِ الْمَطَرِ إلَى أَنْ وَصْلَنَا إلَيْكُمْ وَقَالَ الشَّاعِرُ:
إذَا نَزَلَ السَّمَاءُ بِأَرْضِ قَوْمٍ ... رَعَيْنَاهُ وَإِنْ كَانُوا غِضَابًا
أَيْ إذَا نَزَلَ الْمَطَرُ بِأَرْضِ قَوْمٍ وَنَبَتَ الْكَلَأُ رَعَيْنَاهُ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْقَوْمُ كَارِهِينَ غِضَابًا وَلَمْ نَلْتَفِتْ إلَى غَضَبِهِمْ؛ لِاتِّصَالٍ بَيْنَهُمَا أَيْ بَيْنَ السَّحَابِ وَالْمَطَرِ صُورَةً؛ لِأَنَّ السَّمَاءَ اسْمٌ لِكُلِّ مَا عَلَاك فَأَظَلَّك. وَمِنْهُ قِيلَ لِسَقْفِ الْبَيْتِ سَمَاءٌ وَقَالَ تَعَالَى. {فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ} [الحج: 15] وَالْمَطَرُ يَنْزِلُ مِنْ السَّحَابِ وَهُوَ سَمَاءٌ عِنْدَهُمْ فَكَانَ بَيْنَ الْمَطَرِ وَالسَّحَابِ الَّذِي هُوَ السَّمَاءُ اتِّصَالٌ فَسُمِّيَ الْمَطَرُ بِاسْمِهِ وَهُوَ السَّمَاءُ.
سُمِّيَ بِهِ الْغَائِطُ أَيْ سُمِّيَ الْحَدَثُ بِاسْمِ الْمَكَانِ الْمُطَمْئِنِ وَهُوَ الْغَائِطُ. لِمُجَاوِرَتِهِ أَيْ لِمُجَاوِرَةِ الْحَدَثِ الْمَكَانَ الْمُطَمْئِنَ صُورَةً فِي الْعَادَةِ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ فِي الْمُطَمْئِنِ مِنْ الْأَرْضِ عَادَةً وَهُوَ مِنْ قَبِيلِ إطْلَاقِ اسْمِ الْمَحَلِّ عَلَى الْحَالِّ كَقَوْلِهِ تَعَالَى. {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [الأعراف: 31] . لِاتِّصَالٍ بَيْنَهُمَا أَيْ بَيْنَ الْعَصِيرِ الَّذِي يَصِيرُ خَمْرًا وَبَيْنَ الْعِنَبِ.؛ لِأَنَّ الْعِنَبَ مُرَكَّبٌ بِثُفْلِهِ هُوَ مَا سَفَلَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَيُقَالُ تَرَكْت بَنِي فُلَانٍ مُثَافَلِينَ أَيْ يَأْكُلُونَ الثُّفْلَ يَعْنُونَ الْحَبَّ وَذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ لَبَنٌ وَكَانَ طَعَامُهُمْ الْحَبَّ.

قَوْلُهُ (فَسَلَكْنَا فِي الْأَسْبَابِ الشَّرْعِيَّةِ وَالْعِلَلِ) وَالْأَحْكَامِ أَيْضًا أَيْ فِي الْمَشْرُوعَاتِ جَمْعَ هَذَيْنِ الطَّرِيقَيْنِ وَهُمَا الِاتِّصَالُ صُورَةً وَالِاتِّصَالُ مَعْنًى وَجَوَّزَنَا

نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 2  صفحه : 61
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست