responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 2  صفحه : 42
فَالصَّاعُ نَكِرَةٌ زِيدَ عَلَيْهَا لَامُ التَّعْرِيفِ وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ مَعْهُودٌ يَنْصَرِفُ إلَيْهِ فَانْصَرَفَ إلَى جِنْسِ مَا أُرِيدَ بِهِ وَلَوْ أُرِيدَ بِهِ عَيْنُهُ لَصَارَ عَامًّا فَإِذَا أُرِيدَ بِهِ مَا يُحِلُّهُ وَيُجَاوِرُهُ مَجَازًا كَانَ كَذَلِكَ لِوُجُودِ دَلَالَتِهِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ اُسْتُعِيرَ لَهُ ذَلِكَ بِعَيْنِهِ لِيَعْمَلَ فِي ذَلِكَ عَمَلَهُ فِي مَوْضِعِهِ كَالثَّوْبِ يَلْبَسُهُ الْمُسْتَعِيرُ كَانَ أَثَرُهُ فِي دَفْعِ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ مِثْلَ عَمَلِهِ إذَا لَبِسَ بِحَقِّ الْمِلْكِ إلَّا أَنَّهُمَا يَتَفَاوَتَانِ لُزُومًا وَبَقَاءً.

وَالْمَجَازُ طَرِيقٌ مُطْلَقٌ لَا ضَرُورِيٌّ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْحَقِيقَةِ مُؤَثِّرًا فِي الْعُمُومِ.
قَوْلُهُ (وَالصَّاعُ نَكِرَةٌ) أَيْ لَفْظُ الصَّاعِ فِي قَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «وَلَا الصَّاعَ بِالصَّاعَيْنِ» قَبْلَ دُخُولِ اللَّامِ عَلَيْهِ كَانَ نَكِرَةً يَعْنِي لَوْ تَصَوَّرْنَاهُ بِدُونِ اللَّامِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ كَانَ نَكِرَةً فَزِيدَ عَلَيْهَا لَامُ التَّعْرِيفِ وَلَيْسَ ثَمَّ مَعْهُودٌ فَانْصَرَفَ إلَى الْجِنْسِ فَأَوْجَبَ التَّعْمِيمَ وَفِي ضَمِّ قَوْلِهِ وَيُجَاوِرُهُ إلَى مَا يُحِلُّهُ إشَارَةً إلَى الْمَعْنَى الْمُجَوِّزِ لِلْمَجَازِ أَيْ جَوَازِ إرَادَةِ مَا يُحِلُّهُ بِاعْتِبَارِ الْمُجَاوَرَةِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ اُسْتُعِيرَ ذَلِكَ بِعَيْنِهِ الضَّمِيرِ فِي أَنَّهُ لِشَأْنٍ أَيْ أَنَّ الشَّأْنَ اسْتِعَارَةُ ذَلِكَ اللَّفْظِ الَّذِي صَارَ عَامًّا بِدَلِيلٍ وَهُوَ الصَّاعُ مَثَلًا فِيمَا نَحْنُ فِيهِ لِيَعْمَلَ فِي ذَلِكَ أَيْ فِيمَا اُسْتُعِيرَ لَهُ وَهُوَ مَا يُحِلُّهُ وَيُجَاوِرُهُ عَمَلُهُ أَيْ كَعَمَلِهِ فِي مَحَلِّهِ وَهُوَ مَوْضُوعُهُ الْأَصْلِيُّ وَلَمَّا كَانَ عَمَلُهُ فِي مَحَلِّهِ إثْبَاتُ الْعُمُومِ كَانَ كَذَلِكَ فِيمَا اُسْتُعِيرَ لَهُ أَيْضًا لِوُجُودِ دَلَالَتِهِ وَهِيَ لَامُ التَّعْرِيفِ.
قَوْلُهُ (إلَّا أَنَّهُمَا يَتَفَاوَتَانِ) جَوَابٌ عَمَّا ذَكَرْنَا أَنَّ الْحَقِيقَةَ تَتَرَجَّحُ عِنْدَ التَّعَارُضِ أَيْ هُمَا مُسْتَوِيَانِ فِي الْعُمُومِ وَالْخُصُوصِ وَلَكِنَّهُمَا يَفْتَرِقَانِ فِي اللُّزُومِ وَالْبَقَاءِ فَإِنَّ الْحَقِيقَةَ لَازِمَةٌ بَاقِيَةٌ حَتَّى لَمْ يَصِحَّ نَفْيُهَا عَنْ مَوْضُوعِهَا وَالْمَجَازُ لَيْسَ بِلَازِمٍ بَاقٍ حَتَّى صَحَّ نَفْيُهُ كَالثَّوْبِ الْمَلْبُوسِ لَا يُسْتَرَدُّ إذَا كَانَ مَمْلُوكًا وَيُسْتَرَدُّ إذَا كَانَ عَارِيَّةً، وَلِهَذَا تَتَرَجَّحُ الْحَقِيقَةُ عِنْدَ التَّعَارُضِ؛ لِأَنَّهَا أَلْزَمُ وَأَدْوَمُ وَالْمَطْلُوبُ بِكُلِّ كَلِمَةٍ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ مَا هِيَ مَوْضُوعَةٌ لَهُ فِي الْأَصْلِ فَيَتَرَجَّحُ ذَلِكَ حَتَّى يَقُومَ دَلِيلُ الْمَجَازِ بِمَنْزِلَةِ الْمَلْبُوسِ يَتَرَجَّحُ جِهَةُ الْمِلْكِ لِلَّابِسِ فِيهِ حَتَّى يَقُومَ دَلِيلُ الْعَارِيَّةِ كَذَا قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَهَذَا التَّرَجُّحُ لَا يَدُلُّ عَلَى كَوْنِ الْمَجَازِ ضَرُورِيًّا كَتَرْجِيحِ الْمُحْكَمِ عَلَى الظَّاهِرِ لَا يَدُلُّ عَلَى كَوْنِهِ ضَرُورِيًّا وَعَلَى انْتِفَاءِ الْعُمُومِ عَنْهُ.

قَوْلُهُ (وَالْمَجَازُ طَرِيقٌ مُطْلَقٌ) أَيْ طَرِيقٌ جَازَ سُلُوكُهُ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ فَإِنَّا نَجِدُ الْفَصِيحَ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ الْقَادِرَ عَلَى التَّعْبِيرِ عَنْ مَقْصُودِهِ بِالْحَقِيقَةِ يَعْدِلُ إلَى التَّعْبِيرِ عَنْهُ بِالْمَجَازِ لَا لِحَاجَةٍ وَلَا لِضَرُورَةٍ وَقَدْ ظَهَرَ اسْتِحْسَانُ النَّاسِ لِلْمَجَازَاتِ فَوْقَ مَا ظَهَرَ مِنْ اسْتِحْسَانِهِمْ لِلْحَقَائِقِ فَتَبَيَّنَ بِهَذَا أَنَّ قَوْلَهُمْ هُوَ ضَرُورِيٌّ فَاسِدٌ وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّ الْقُرْآنَ فِي أَعْلَى رُتَبِ الْفَصَاحَةِ وَأَرْفَعِ دَرَجِ الْبَلَاغَةِ، وَالْمَجَازُ مَوْجُودٌ فِيهِ عُدَّ مِنْ غَرِيبِ بَدَائِعِهِ وَعَجِيبِ بَلَاغَتِهِ قَوْله تَعَالَى {وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ} [الإسراء: 24] وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلذُّلِّ جَنَاحٌ وَقَوْلُهُ {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ} [الحجر: 94] أَيْ أَظْهِرْهُ غَايَةَ الْإِظْهَارِ فَكَانَ التَّعْبِيرُ عَنْهُ بِالصَّدْعِ أَبْلَغَ وَهُوَ فِي الْأَصْلِ لِصَدْعِ الزُّجَاجِ وَقَوْلُهُ عَزَّ اسْمُهُ {وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي} [هود: 44] وَقَوْلُهُ جَلَّ ذِكْرُهُ {تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ} [آل عمران: 15] وَالْجَرْيُ لِلْمَاءِ لَا لِلْأَنْهَارِ وَقَوْلُهُ عَلَتْ كَلِمَتُهُ {فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ} [الكهف: 77] وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا لَا يُعَدُّ وَلَا يُحْصَى وَاَللَّهُ تَعَالَى عَلِيٌّ أَيْ مُنَزَّهٌ عَنْ الْعَجْزِ وَالضَّرُورَاتِ فَثَبَتَ أَنَّهُ لَيْسَ بِضَرُورِيٍّ وَلَا يُقَالُ الْمُقْتَضَى ضَرُورِيٌّ عِنْدَكُمْ حَتَّى أَنْكَرْتُمْ جَوَازَ عُمُومِهِ أَصْلًا مَعَ أَنَّهُ مَوْجُودٌ فِي الْقُرْآنِ فَلْيَكُنْ الْمَجَازُ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّا نَقُولُ الضَّرُورَةُ فِي الْمُقْتَضَى رَاجِعَةٌ إلَى الْكَلَامِ وَالسَّامِعِ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَثْبُتُ ضَرُورَةً تَصْحِيحُ الْكَلَامِ شَرْعًا لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى الْإِخْلَالِ بِفَهْمِ السَّامِعِ، وَالضَّرُورَةُ فِي الْمَجَازِ لَوْ ثَبَتَتْ كَانَتْ رَاجِعَةً إلَى الْمُتَكَلِّمِ؛ لِأَنَّ ثُبُوتَهُ لِتَوْسِعَةِ طَرِيقِ التَّكَلُّمِ عَلَى الْمُتَكَلِّمِ.
وَلِهَذَا ذُكِرَ الْمَجَازُ فِي أَقْسَامِ اسْتِعْمَالِ النَّظْمِ الَّذِي هُوَ رَاجِعٌ إلَى الْمُتَكَلِّمِ وَالْمُقْتَضَى فِي أَقْسَامِ الْوُقُوفِ عَلَى الْمُرَادِ الَّذِي هُوَ حَظُّ السَّامِعِ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ جَازَ أَنْ يُوجَدَ الْمُقْتَضَى

نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 2  صفحه : 42
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست