responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 2  صفحه : 40
وَطَرِيقُ مَعْرِفَةِ الْمَجَازِ التَّأَمُّلُ فِي مَوَاضِعِ الْحَقَائِقِ وَأَمَّا فِي الْحُكْمِ فَهُمَا سَوَاءٌ إلَّا عِنْدَ التَّعَارُضِ فَإِنَّ الْحَقِيقَةَ أَوْلَى مِنْهُ وَمِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ مَنْ قَالَ لَا عُمُومَ لِلْمَجَازِ وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «لَا تَبِيعُوا الطَّعَامَ بِالطَّعَامِ إلَّا سَوَاءً بِسَوَاءٍ» فَاحْتَجَّ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِعُمُومِهِ وَأَبَى أَنْ يُعَارِضَهُ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ فِي النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الدِّرْهَمِ بِالدِّرْهَمَيْنِ وَالصَّاعِ بِالصَّاعَيْنِ؛ لِأَنَّ الصَّاعَ مَجَازٌ عَمَّا يَحْوِيهِ وَلَا عُمُومَ لَهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالنَّقْلِ عَنْهُ وَطَرِيقُ مَعْرِفَةِ الْمَجَازِ التَّأَمُّلُ فِي مَوَاضِعِ الْحَقَائِقِ لِيَمْتَازَ الْوَصْفُ الْخَاصُّ الْمَشْهُورُ مِنْ غَيْرِ امْتِيَازِ الْوَصْفِ الْمُؤَثِّرِ فِي بَابِ الْقِيَاسِ عَنْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الْمَجَازَ لَا يَصِحُّ بِكُلِّ وَصْفٍ وَحَاصِلُهُ أَنَّ جَوَازَ اسْتِعْمَالِ الْمَجَازِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى السَّمَاعِ بَلْ يَتَوَقَّفُ عَلَى مَعْرِفَةِ طَرِيقِهِ الَّذِي سَلَكَهُ أَهْلُ اللِّسَانِ فِي اسْتِعْمَالِهِ وَهُوَ رِعَايَةُ الِاتِّصَالِ بَيْنَ مَحَلِّ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ بِوَجْهٍ وَقَدْ مَرَّ مِنْ قَبْلُ أَمَّا فِي الْحُكْمِ أَيْ فِي إثْبَاتِ الْحُكْمِ وَإِيجَابِ الْعَمَلِ فَالْحَقِيقَةُ وَالْمَجَازُ سَوَاءٌ إلَّا عِنْدَ التَّعَارُضِ يَعْنِي إذَا تَعَارَضَ فِي كَلَامٍ وَاحِدٍ جِهَةَ كَوْنِهِ مُسْتَعْمَلًا فِي مَوْضُوعِهِ وَجِهَةَ كَوْنِهِ مُسْتَعْمَلًا فِي غَيْرِ مَوْضُوعِهِ كَانَ حَمْلُهُ عَلَى الْحَقِيقَةِ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْحَقِيقَةَ أَصْلٌ وَالْمَجَازَ عَارِضٌ.
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ إذَا تَعَارَضَ كَلَامٌ هُوَ حَقِيقَةٌ وَكَلَامٌ آخَرُ هُوَ مَجَازٌ كَانَتْ الْحَقِيقَةُ أَوْلَى مِنْ الْمَجَازِ وَرَاجِحَةً عَلَيْهِ وَرَأَيْت فِي بَعْضِ نُسَخِ أُصُولِ الْفِقْهِ أَنَّ الْحَقِيقَةَ تُرَجَّحُ عَلَى الْمَجَازِ لِعَدَمِ افْتِقَارِهَا إلَى الْقَرِينَةِ الْمُخِلَّةِ بِالتَّفَاهُمِ لِخَفَائِهَا وَعَدَمِ الِاطِّلَاعِ عَلَيْهَا وَلَكِنِّي مَا ظَفِرْت بِهِ فِي شَيْءٍ مِنْ كُتُبِ أَصْحَابِنَا صَرِيحًا فَكَانَ حَمْلُ كَلَامِ الشَّيْخِ عَلَى الْمَعْنَى الْأَوَّلِ أَوْلَى لِتَأَيُّدِهِ بِمَا ذَكَرَ الْقَاضِي الْإِمَامُ فِي التَّقْوِيمِ أَنَّ الْمَجَازَ أَحَدُ نَوْعِ الْكَلَامِ وَلَهُ مِنْ الْأَنْوَاعِ الْعُمُومُ وَالْأَحْكَامُ مَا لِلْحَقِيقَةِ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَعْمَلٌ بِمَنْزِلَتِهَا إلَّا أَنَّ الْمُطْلَقَ مِنْ الْكَلَامِ لِحَقِيقَتِهِ حَتَّى يَقُومَ الدَّلِيلُ عَلَى مَجَازِهِ؛ لِأَنَّ مَعْنَى الْحَقِيقَةِ أَصْلٌ وَالثَّانِي طَارِئٌ عَلَيْهِ فَلَا يَثْبُتُ إلَّا بِدَلِيلِهِ.
قَوْلُهُ (فَاحْتَجَّ الشَّافِعِيُّ بِعُمُومِهِ وَأَبَى أَنْ يُعَارِضَهُ) إلَى آخِرِهِ بَيَانُهُ أَنَّ قَوْلَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «لَا تَبِيعُوا الطَّعَامَ بِالطَّعَامِ» يَدُلُّ بِعِبَارَتِهِ وَعُمُومِهِ عَلَى حُرْمَةِ بَيْعِ الْمَطْعُومِ بِالْمَطْعُومِ قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا مُسَاوِيًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مُسَاوٍ؛ لِأَنَّ الطَّعَامَ مُعَرَّفٌ بِاللَّامِ فَيَقْتَضِي الِاسْتِغْرَاقَ إلَّا أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ عَارَضَهُ فِي الْكَثِيرِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ قَوْلِهِ سَوَاءً بِسَوَاءٍ الْمُسَاوَاةُ فِي الْكَيْلِ بِالْإِجْمَاعِ فَبَقِيَ مَا وَرَاءَهُ دَاخِلًا تَحْتَ الْعُمُومِ فَيَحْرُمُ بَيْعُ حَفْنَةٍ بِحَفْنَةٍ وَبِحَفْنَتَيْنِ وَتُفَّاحَةٍ بِتُفَّاحَةٍ وَبِتُفَّاحَتَيْنِ وَبِإِشَارَتِهِ يَقْتَضِي كَوْنَ الطُّعْمِ عِلَّةً؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ مَتَى تَرَتَّبَ عَلَى اسْمٍ مُشْتَقٍّ كَانَ مَأْخَذُهُ عِلَّةً لِذَلِكَ الْحُكْمِ كَالسَّرِقَةِ وَالزِّنَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: 38] {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا} [النور: 2] عَلَى مَا عُرِفَ وَالطَّعَامُ اسْمٌ لِمَا يُؤْكَلُ مُشْتَقٌّ مِنْ الطُّعْمِ وَهُوَ الْأَكْلُ فَكَانَ الطُّعْمُ هُوَ الْعِلَّةُ.
وَإِذَا ثَبَتَ كَوْنُهُ عِلَّةً وَقَدْ انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّ الْعِلَّةَ لَيْسَتْ إلَّا أَحَدَ أَوْصَافِ النَّصِّ لَمْ يَبْقَ الْكَيْلُ عِلَّةً ضَرُورَةً فَلَا يَحْرُمُ بَيْعُ الْغَيْرِ الْمَطْعُومِ كَالْجِصِّ وَالنُّورَةِ مُتَفَاضِلًا لِعَدَمِ الْعِلَّةِ الْمُوجِبَةِ لِلْحُرْمَةِ وَهِيَ الطُّعْمُ وَحَدِيثُ الصَّاعِ وَهُوَ مَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «لَا تَبِيعُوا الدِّرْهَمَ بِالدِّرْهَمَيْنِ وَلَا الصَّاعَ بِالصَّاعَيْنِ فَإِنِّي أَخْشَى عَلَيْكُمْ الرَّمَاءَ» وَفِي بَعْضِ الرَّاوِيَاتِ الرَّمَاءُ يَعْنِي الرِّبَا إذْ الرَّمَاءُ الزِّيَادَةُ وَالرِّبَا وَأُرْمَى الشَّيْءَ إرْمَاءً أَيْ زَادَ وَأَرْمَى فُلَانٌ أَيْ أَرْبَى يَدُلُّ بِعِبَارَتِهِ وَعُمُومِهِ أَنَّ الرِّبَا يَجْرِي فِي غَيْرِ الْمَطْعُومِ كَالْجِصِّ وَالنُّورَةِ؛ لِأَنَّ الصَّاعَ مُحَلًّى فَاللَّامُ التَّعْرِيفِ فَاسْتَغْرَقَ جَمِيعَ مَا يُحِلُّهُ مِنْ الْمَطْعُومِ وَغَيْرِهِ فَيَحْرُمُ بَيْعُ الْجِصِّ وَالنُّورَةِ مُتَفَاضِلًا وَبِإِشَارَتِهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْكَيْلَ هَذَا لِعِلَّةٍ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْمُرَادُ مِنْ الصَّاعِ مَا يُكَالُ بِهِ صَارَ تَقْدِيرُ الْكَلَامِ وَلَا مَا يُكَالُ بِصَاعٍ بِمَا يُكَالُ بِصَاعَيْنِ أَوْ وَلَا مَكِيلٍ بِمَكِيلَيْنِ فَيَقْتَضِي جَوَازَ بَيْعِ حَفْنَةٍ بِحَفْنَتَيْنِ وَتُفَّاحَةٍ بِتُفَّاحَتَيْنِ لِعَدَمِ مَعْنَى الْكَيْلِ عَلَى خِلَافِ مَا اقْتَضَاهُ الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ فَهَذَا هُوَ

نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 2  صفحه : 40
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست