responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 2  صفحه : 398
لِأَنَّ نَقْلَهُ فِي الْأَصْلِ إنَّمَا ثَبَتَ بِقَوْمٍ هُمْ أَئِمَّةُ الْهُدَى وَخَيْرُ الْوَرَى وَلِأَنَّ نَظْمَ الْقُرْآنِ مُعْجِزٌ يَتَعَلَّقُ بِهِ أَحْكَامٌ عَلَى الْخُصُوصِ مِثْلُ جَوَازِ الصَّلَاةِ وَحُرْمَةِ التِّلَاوَةِ عَلَى الْحَائِضِ وَالْجُنُبِ فَاعْتُبِرَ فِي نَقْلِهِ نَظْمُهُ وَبُنِيَ عَلَيْهِ مَعْنَاهُ فَأَمَّا السُّنَّةُ فَإِنَّ الْمَعْنَى أَصْلُهَا وَالنَّظْمُ غَيْرُ لَازِمٍ فِيهَا؛ لِأَنَّ نَقْلَ الْقُرْآنِ مِمَّنْ لَا يَضْبِطُ الصِّيغَةَ بِمَعْنَاهَا إنَّمَا يَصِحُّ إذَا بَذَلَ مَجْهُودَهُ وَاسْتَفْرَغَ وُسْعَهُ وَلَوْ فُعِلَ ذَلِكَ فِي السُّنَّةِ لَصَارَ ذَلِكَ حُجَّةً إلَّا أَنَّهُ لَمَّا عُدِمَ ذَلِكَ عَادَةً شَرَطْنَا كَمَالَ الضَّبْطِ لِيَصِيرَ حُجَّةً وَمَعْنَى قَوْلِنَا أَنْ يَسْمَعَهُ حَقَّ سَمَاعِهِ أَنَّ الرَّجُلَ قَدْ يَنْتَهِي إلَى الْمَجْلِسِ وَقَدْ مَضَى صَدْرٌ مِنْ الْكَلَامِ فَرُبَّمَا يَخْفَى عَلَى الْمُتَكَلِّمِ هُجُومُهُ لِيُعِيدَ عَلَيْهِ مَا سَبَقَ مِنْ كَلَامِهِ فَعَلَى السَّامِعِ الِاحْتِيَاطُ فِي مِثْلِهِ ثُمَّ قَدْ يَزْدَرِي السَّامِعُ بِنَفْسِهِ فَلَا يَرَاهَا أَهْلًا لِتَبْلِيغِ الشَّرِيعَةِ فَيُقَصِّرُ فِي بَعْضِ مَا أُلْقِي إلَيْهِ ثُمَّ يُفْضَى بِهِ فَضْلُ اللَّهِ تَعَالَى إلَى أَنْ يَتَصَدَّى لِإِقَامَةِ الشَّرِيعَةِ وَقَدْ قَصَّرَ فِي بَعْضِ مَا لَزِمَهُ فَلِذَلِكَ شَرَطْنَا مُرَاقَبَتَهُ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQالشَّيْخِ وَهُوَ مَذْهَبُنَا فِي التَّرْجِيحِ لَيْسَ لِبَيَانِ خِلَافِ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ بَلْ لِبَيَانِ نَفْسِ الْمَذْهَبِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ فِيهِ خِلَافٌ لَا نَعْرِفُهُ مِمَّنْ لَا ضَبْطَ لَهُ أَيْ لَا يَضْبِطُ الْمَعْنَى الشَّرْعِيَّ، وَلَا اللُّغَوِيَّ؛ لِأَنَّ نَقْلَهُ فِي الْأَصْلِ أَيْ أَصْلِ نَقْلِ الْقُرْآنِ ثَبَتَ لِقَوْمٍ كَانُوا أَئِمَّةَ الْهُدَى وَخَيْرَ الْوَرَى أَيْ الْخَلْقِ وَكَذَلِكَ فِي كُلِّ قَرْنٍ إلَى يَوْمِنَا هَذَا فَوَقَعَ الْأَمْنُ عَنْ الْغَلَطِ وَالتَّصْحِيفِ بِنَقْلِهِمْ فَيَكُونُ نَقْلُ مَنْ لَا ضَبْطَ لَهُ تَبَعًا لِنَقْلِهِمْ فَيُقْبَلُ وَلِأَنَّ نَظْمَ الْقُرْآنِ مُعْجِزٌ فَإِنَّ إعْجَازَهُ مُتَعَلِّقٌ بِالنَّظْمِ وَالْمَعْنَى جَمِيعًا فَكَانَ النَّظْمُ فِيهِ مَقْصُودًا كَالْمَعْنَى وَالْمَعْنَى مُودَعٌ فِي اللَّفْظِ فَيَكُونُ الْمَعْنَى تَبَعًا لِلَّفْظِ وَلِذَلِكَ حَرُمَ عَلَى الْحَائِضِ وَالْجُنُبِ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ وَمَا حَرُمَ ذُكِرَ مَعْنَاهُ بِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَكَذَلِكَ جَوَازُ الصَّلَاةِ يَتَعَلَّقُ بِقِرَاءَةِ النَّظْمِ دُونَ الْمَعْنَى عِنْدَ الْعَامَّةِ أَوْ عِنْدَ الْكُلِّ عَلَى تَقْدِيرِ صِحَّةِ الرُّجُوعِ عَنْ أَصْلِ الْمَذْهَبِ وَإِذَا كَانَ الْأَصْلُ هُوَ النَّظْمَ وَالْكُلُّ فِي ضَبْطِ النَّظْمِ سَوَاءٌ صَحَّ النَّقْلُ عَنْ الْكُلِّ، وَفِي الْإِخْبَارِ الْمَعْنَى هُوَ الْمَقْصُودُ وَالنَّاسُ مُخْتَلِفُونَ فِي النَّقْلِ بِالْمَعْنَى فَصَحَّ النَّقْلُ مِمَّنْ يَعْقِلُ الْمَعْنَى، وَهُوَ الْفَقِيهُ دُونَ مَنْ لَا يَعْقِلُهُ بَذَلَ مَجْهُودَهُ وَاسْتَفْرَغَ وُسْعَهُ تَرَادُفٌ إذْ اسْتِفْرَاغُ الْوُسْعِ بَذْلُ الطَّاقَةِ أَيْضًا وَلَوْ فَعَلَ ذَلِكَ فِي السُّنَّةِ أَيْ بَذَلَ مَجْهُودَهُ فِي ضَبْطِ اللَّفْظِ مِنْ غَيْرِ ضَبْطِ الْمَعْنَى فِي الْخَبَرِ كَانَ حُجَّةً أَيْضًا وَهُوَ مَعْنَى مَا ذُكِرَ فِي الْمُعْتَمَدِ وَغَيْرِهِ أَنَّ حَدِيثَ مَنْ لَا يَعْرِفُ مَعْنَى مَا يَنْقُلُهُ كَالْأَعْجَمِيِّ لَا يُرَدُّ؛ لِأَنَّ جَهْلَهُ بِمَعْنَى الْكَلَامِ لَا يَمْنَعُ مِنْ ضَبْطِهِ لِلْحَدِيثِ؛ وَلِهَذَا يُمْكِنُ لِلْأَعْجَمِيِّ أَنْ يَحْفَظَ الْقُرْآنَ، وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ مَعْنَاهُ وَقَدْ قَبِلَتْ الصَّحَابَةُ أَخْبَارَ الْأَعْرَابِ، وَإِنْ لَمْ يَعْرِفُوا كَثِيرًا مِنْ مَعَانِي الْكَلَامِ الَّتِي يَفْتَقِرُ إلَيْهَا فِي الِاسْتِدْلَالِ.
وَقَدْ يَزْدَرِي السَّامِعُ بِنَفْسِهِ أَيْ يَسْتَخِفُّهَا وَيَسْتَحْقِرُهَا إلَى أَنْ يَتَصَدَّى لِإِقَامَةِ الشَّرِيعَةِ أَيْ يَتَعَرَّضُ لَهَا عَلَى مَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ لَقَدْ أَتَى عَلَيْنَا زَمَانٌ لَسْنَا نُسْأَلُ وَلَسْنَا هُنَاكَ ثُمَّ قَضَى اللَّهُ أَنْ بَلَغْنَا مِنْ الْأَمْرِ مَا تَرَوْنَ قِيلَ هَذَا إشَارَةٌ مِنْهُ إلَى زَمَنِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - فَقَدْ كَانَتْ الصَّحَابَةُ مُتَوَافِرِينَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَمَا كَانَ يُحْتَاجُ إلَى ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَقِيلَ هَذَا مِنْهُ إشَارَةٌ إلَى حَاصِلِ صِغَرِهِ وَجَهْلِهِ؛ وَإِنَّمَا قَصَدَ بِهَذَا التَّحَدُّثَ بِنِعْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى حَيْثُ رَفَعَهُ مِنْ تِلْكَ الدَّرَجَةِ إلَى مَا بَلَّغَهُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ قَالَ هَذَا حِينَ كَانَ بِالْكُوفَةِ وَلَهُ أَرْبَعَةُ آلَافِ تِلْمِيذٍ يَتَعَلَّمُونَ بَيْنَ يَدَيْهِ حَتَّى رُوِيَ أَنَّهُ لَمَّا قَدِمَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الْكُوفَةِ خَرَجَ إلَيْهِ ابْنُ مَسْعُودٍ مَعَ أَصْحَابِهِ حَتَّى سَدُّوا الْأُفُقَ فَلَمَّا رَآهُمْ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ مُلِئَتْ هَذِهِ الْقَرْيَةُ عِلْمًا وَفِقْهًا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ فَلِذَلِكَ شَرَطْنَا مُرَاقَبَتَهُ أَيْ مُرَاقَبَةَ السَّمَاعِ فَإِنْ تَحَقَّقَ سَمَاعُهُ كَمَا هُوَ حَقُّهُ وَتَمَّ ضَبْطُهُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ يَرْوِيهِ وَإِلَّا لَمْ يُجَازِفْ فِي الرِّوَايَةِ فَإِنَّ بِكَثْرَةِ رِوَايَةِ مَنْ كَانَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ فِي الِابْتِدَاءِ يُسْتَدَلُّ عَلَى قِلَّةِ مُبَالَاتِهِ فَيُرَدُّ خَبَرُهُ؛ وَلِهَذَا ذَمَّ السَّلَفُ الصَّالِحُ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ - كَثْرَةَ الرِّوَايَةِ وَكَانَ الصِّدِّيقُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَكْبَرَ الصَّحَابَةِ وَأَدْوَمَهُمْ صُحْبَةً وَكَانَ أَقَلَّهُمْ رِوَايَةً وَقَالَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَقِلُّوا الرِّوَايَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَنَا شَرِيكُكُمْ يَعْنِي فِي تَقْلِيلِ الرِّوَايَةِ.
وَلَمَّا قِيلَ لِزَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، أَلَا تَرْوِي لَنَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - شَيْئًا قَالَ قَدْ كَبِرْنَا وَنَسِينَا، وَالرِّوَايَةُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ أَمْرٌ شَدِيدٌ؛ وَلِهَذَا قَلَّتْ رِوَايَاتُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - حَتَّى قَالَ بَعْضُ الطَّاغِينَ إنَّهُ كَانَ لَا يَعْرِفُ الْحَدِيثَ وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَمَا ظَنُّوا بَلْ كَانَ أَعْلَمَ عَصْرِهِ بِالْحَدِيثِ وَلَكِنْ لِمُرَاعَاةِ شَرْطِ كَمَالِ الضَّبْطِ قَلَّتْ رِوَايَتُهُ كَذَا قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -.

نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 2  صفحه : 398
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست