responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 2  صفحه : 371
وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْحَدِيثِ يُوجِبُ عِلْمَ الْيَقِينِ لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّهُ أَوْجَبَ الْعَمَلَ، وَلَا عَمَلَ مِنْ غَيْرِ عِلْمٍ، وَقَدْ وَرَدَ الْآحَادُ فِي أَحْكَامِ الْآخِرَةِ مِثْلُ عَذَابِ الْقَبْرِ وَرُؤْيَةِ اللَّهِ تَعَالَى بِالْأَبْصَارِ وَلَا حَظَّ لِذَلِكَ إلَّا الْعِلْمُ قَالُوا: وَهَذَا الْعِلْمُ يَحْصُلُ كَرَامَةً مِنْ اللَّهِ تَعَالَى فَثَبَتَ عَلَى الْخُصُوصِ لِلْبَعْضِ دُونَ الْبَعْضِ كَالْوَطْءِ تَعَلَّقَ مِنْ بَعْضٍ دُونَ بَعْضٍ وَدَلِيلُنَا فِي أَنَّ خَبَرَ الْوَاحِدِ يُوجِبُ الْعَمَلَ وَاضِحٌ مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ وَالدَّلِيلِ الْمَعْقُولِ أَمَّا الْكِتَابُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ} [آل عمران: 187] وَكُلُّ وَاحِدٍ إنَّمَا يُخَاطَبُ بِمَا فِي وُسْعِهِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ خَبَرُهُ حُجَّةً لَمَا أَمَرَ بِبَيَانِ الْعِلْمِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْأَحْكَامِ مَعَ أَنَّهُ لَا يُفِيدُ إلَّا الظَّنَّ فَقَالَ هُوَ مِنْ بَابِ الضَّرُورَةِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْحَادِثَةَ إذَا وَقَعَتْ، وَلَمْ يَكُنْ فِيهَا نَصٌّ يُعْمَلُ بِهِ يُحْتَاجُ إلَى الْقِيَاسِ ضَرُورَةً.؛ وَلِأَنَّ الْقِيَاسَ لَيْسَ بِمُثْبِتٍ بَلْ هُوَ مُظْهِرٌ وَخَبَرُ الْوَاحِدِ مُثْبِتٌ وَالْإِظْهَارُ دُونَ الْإِثْبَاتِ.
وَهَذَا عَلَى قَوْلِ مَنْ جَوَّزَ التَّمَسُّكَ بِالْقِيَاسِ مِنْهُمْ فَأَمَّا عَلَى قَوْلِ مَنْ لَمْ يَجْعَلْ الْقِيَاسَ حُجَّةً مِثْلُ النَّظَّامِ، وَأَهْلِ الظَّاهِرِ فَلَا حَاجَةَ إلَى الْفَرْقِ. قَوْلُهُ (وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ) كَذَا ذَهَبَ أَكْثَرُ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ إلَى أَنَّ الْأَخْبَارَ الَّتِي حَكَمَ أَهْلُ الصَّنْعَةِ بِصِحَّتِهَا تُوجِبُ عِلْمَ الْيَقِينِ بِطَرِيقِ الضَّرُورَةِ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ. وَذَهَبَ دَاوُد الظَّاهِرِيُّ إلَى أَنَّهَا تُوجِبُ عِلْمًا اسْتِدْلَالِيًّا، وَأَشَارَ الشَّيْخُ إلَى شُبْهَةِ الْفَرِيقَيْنِ فَمَنْ قَالَ إنَّهُ يُوجِبُ الْعِلْمَ الِاسْتِدْلَالِيَّ تَمَسَّكَ بِأَنَّ خَبَرَ الْوَاحِدِ لَوْ لَمْ يُفِدْ الْعِلْمَ لَمَا جَازَ اتِّبَاعُهُ لِنَهْيِهِ تَعَالَى عَنْ اتِّبَاعِ الظَّنِّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} [الإسراء: 36] . وَذَمِّهِ عَلَى اتِّبَاعِهِ فِي قَوْلِهِ جَلَّ جَلَالُهُ: {إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلا الظَّنَّ} [الأنعام: 116] ، {وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ} [البقرة: 169] . وَقَدْ انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَى وُجُوبِ الِاتِّبَاعِ عَلَى مَا تَبَيَّنَ فَيَسْتَلْزِمُ إفَادَةَ الْعِلْمِ لَا مَحَالَةَ.
وَمَنْ قَالَ إنَّهُ يُوجِبُ عِلْمًا ضَرُورِيًّا قَالَ إنَّا نَجِدُ فِي أَنْفُسِنَا فِي خَبَرِ الْوَاحِدِ الَّذِي وُجِدَ شَرَائِطُ صِحَّتِهِ الْعِلْمَ بِالْمُخْبَرِ بِهِ ضَرُورَةً مِنْ غَيْرِ اسْتِدْلَالٍ وَنَظَرٍ بِمَنْزِلَةِ الْعِلْمِ الْحَاصِلِ بِالْمُتَوَاتِرِ. وَيُرَدُّ عَلَيْهِمْ أَنَّهُ لَوْ كَانَ ضَرُورِيًّا لَمَا، وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِيهِ، وَلَاسْتَوَى الْكُلُّ فِيهِ فَقَالُوا هَذَا الْعِلْمُ يَحْصُلُ كَرَامَةً مِنْ اللَّهِ تَعَالَى فَيَجُوزُ أَنْ يَخْتَصَّ بِهِ الْبَعْضُ وَوُقُوعُ الِاخْتِلَافِ لَا يَمْنَعُ مِنْ كَوْنِهِ ضَرُورِيًّا كَالْعِلْمِ الْحَاصِلِ بِالْمُتَوَاتِرِ فَإِنَّهُ ضَرُورِيٌّ، وَقَدْ وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِيهِ قَوْلُهُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} [آل عمران: 187] الْآيَةَ، أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ أَخَذَ الْمِيثَاقَ وَالْعَهْدَ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيُبَيِّنُوهُ لِلنَّاسِ، وَلَا يَكْتُمُوهُ عَنْهُمْ فَكَانَ هَذَا أَمْرًا بِالْبَيَانِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَنَهْيًا لَهُ عَنْ الْكِتَابِ؛ لِأَنَّهُمْ إنَّمَا يُكَلَّفُونَ بِمَا فِي وُسْعِهِمْ، وَلَيْسَ فِي وُسْعِهِمْ أَنْ يَجْتَمِعُوا ذَاهِبِينَ إلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْخَلْقِ شَرْقًا وَغَرَبَا بِالْبَيَانِ فَيَتَعَيَّنُ أَنَّ الْوَاجِبَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَدَاءُ مَا عِنْدَهُ مِنْ الْأَمَانَةِ وَالْوَفَاءِ بِالْعَهْدِ؛ وَلِأَنَّ الْحُكْمَ فِي الْجَمْعِ الْمُضَافِ إلَى جَمَاعَةٍ أَنَّهُ يَتَنَاوَلُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ؛ وَلِأَنَّ أَخْذَ الْمِيثَاقِ مِنْ أَصْلِ الدِّينِ وَالْخِطَابُ لِجَمَاعَةٍ بِمَا هُوَ أَصْلُ الدِّينِ يَتَنَاوَلُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْأَفْرَادِ ثُمَّ ضَرُورَةُ تَوَجُّهِ الْأَمْرِ بِالْإِظْهَارِ إلَى كُلِّ وَاحِدٍ أَمْرُ السَّامِعِ بِالْقَبُولِ مِنْهُ وَالْعَمَلِ بِهِ إذْ أَمْرُ الشَّرْعِ لَا يَخْلُوَا عَنْ فَائِدَةٍ حَمِيدَةٍ، وَلَا فَائِدَةَ فِي الْأَمْرِ بِالْبَيَانِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْكِتْمَانِ سِوَى هَذَا. وَاعْتُرِضَ عَلَيْهِ بِأَنَّ انْحِصَارَ الْفَائِدَةِ عَلَى الْقَبُولِ غَيْرُ مُسَلَّمٍ بَلْ الْفَائِدَةُ هِيَ الِابْتِلَاءُ فَيُسْتَحَقُّ الثَّوَابُ إنْ امْتَثَلُوا وَالْعِقَابُ إنْ لَمْ يَمْتَثِلُوا أَلَا تَرَى أَنَّ الْفَاسِقَ مِنْهُمْ دَاخِلٌ فِي هَذَا الْخِطَابِ مَأْمُورٌ بِالْبَيَانِ بِحَيْثُ لَوْ امْتَنَعَ عَنْهُ يَأْثَمُ ثُمَّ لَا يُقْبَلُ ذَلِكَ مِنْهُ، وَكَذَا الْأَنْبِيَاءُ - عَلَيْهِمْ السَّلَامُ - مَأْمُورِينَ بِالتَّبْلِيغِ، وَإِنْ عُلِمَ قَطْعًا بِالْوَحْيِ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ مِنْهُمْ. وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ لِلْبَيَانِ وَالتَّبْلِيغِ طَرَفَيْنِ طَرَفِ الْمُبَلِّغِ وَطَرَفِ السَّامِعِ، وَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِكُلِّ طَرَفٍ فَائِدَةٌ ثُمَّ مَا ذَكَرْتُمْ مِنْ الْفَائِدَةِ مُخْتَصٌّ بِجَانِبِ الْمُبَلِّغِ، وَلَيْسَ فِي طَرَفِ السَّامِعِ فَائِدَةٌ سِوَى وُجُوبِ الْقَبُولِ وَالْعَمَلِ بِهِ.
وَلَا يُقَالُ بَلْ فِيهِ فَائِدَةٌ أُخْرَى، وَهِيَ جَوَازُ الْعَمَلِ بِهِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ جَوَازُ الْعَمَلِ مُسْتَلْزِمٌ لِوُجُوبِهِ؛ لِأَنَّ مَنْ قَالَ بِالْجَوَازِ قَالَ بِالْوُجُوبِ، وَمَنْ أَنْكَرَ الْوُجُوبَ أَنْكَرَ الْجَوَازَ، وَأَمَّا الْفَاسِقُ فَلَا نُسَلِّمُ وُجُوبَ الْبَيَانِ عَلَيْهِ

نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 2  صفحه : 371
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست