responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 2  صفحه : 359
(بَابُ بَيَانِ أَقْسَامِ) (السُّنَّةِ)
قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - اعْلَمْ أَنَّ سُنَّةَ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - جَامِعَةٌ لِلْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَالْخَاصِّ وَالْعَامِّ وَسَائِرِ الْأَقْسَامِ الَّتِي سَبَقَ ذِكْرُهَا، وَكَانَتْ السُّنَّةُ فَرْعًا لِلْكِتَابِ فِي بَيَانِ تِلْكَ الْأَقْسَامِ بِأَحْكَامِهَا فَلَا نُعِيدُهَا، وَإِنَّمَا هَذَا الْبَابُ لِبَيَانِ وُجُوهِ الِاتِّصَالِ وَمَا يَتَّصِلُ بِهَا فِيمَا يُفَارِقُ الْكِتَابَ وَتَخْتَصُّ السُّنَنُ بِهِ وَذَلِكَ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ قِسْمٌ فِي كَيْفِيَّةِ الِاتِّصَالِ بِنَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وَقِسْمٌ فِي الِانْقِطَاعِ، وَقِسْمٌ فِي بَيَانِ مَحَلِّ الْخَبَرِ الَّذِي جُعِلَ حُجَّةً فِيهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQمَعْنَى قَوْلِ النَّاسِ الْعَقْلُ مُوجِبٌ أَيْ دَلِيلٌ، وَمُعَرِّفٌ لِوُجُوبِ الْإِيمَانِ بِالنَّظَرِ فِي سَبَبِهِ، وَهُوَ النِّعَمُ بِالْعَقْلِ. وَوَجَبَتْ الصَّلَاةُ شُكْرًا لِنِعْمَةِ الْأَعْضَاءِ السَّلِيمَةِ فَيُعْرَفُ بِمَا يَلْحَقُهُ مِنْ الْمَشَقَّةِ قَدْرَ الرَّاحَةِ الَّتِي يَنَالُهَا بِالتَّقَلُّبِ عَلَى حَسْبِ إرَادَتِهِ إذْ النِّعْمَةُ مَجْهُولَةٌ فَإِذَا فُقِدَتْ عُرِفَتْ. وَوَجَبَ الصَّوْمُ شُكْرًا لِنِعْمَةِ اقْتِضَاءِ الشَّهَوَاتِ وَالِاسْتِمْتَاعِ بِهَا مُدَّةً فَيَعْرِفُ بِمَا يُقَاسِي مِنْ مَرَارَةِ الْجُوعِ وَشِدَّةِ الظَّمَأِ فِي الْهَوَاجِرِ قَدْرَ مَا يَتَنَاوَلُ مِنْ صُنُوفِ الْأَطْعِمَةِ الشَّهِيَّةِ وَالْأَشْرِبَةِ الْبَارِدَةِ. وَوَجَبَتْ الزَّكَاةُ شُكْرًا لِنِعْمَةِ الْمَالِ فَيَعْرِفُ بِمَا يَجِدُ طَبِيعَتَهُ مِنْ الْمَشَقَّةِ فِي زَوَالِ الْمَحْبُوبِ إلَى مَنْ لَا يَتَحَمَّلُ لَهُ مِنْهُ، وَلَا تَكْثُرُ لَهُ عَدَدًا، وَلَا يَطْمَعُ مِنْهُ مُكَافَأَةً قَدْرَ مَا حَوَّلَ مِنْ أَصْنَافِ الْمَالِ وَأُوتِيَ مِنْ النَّشْطَةِ فِي فَنُونِهَا. وَوَجَبَ الْحَجُّ شُكْرًا لِلنِّعْمَةِ أَيْضًا فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا أَضَافَ الْبَيْتَ إلَى نَفْسِهِ كَرَامَةً لَهُ، وَإِظْهَارًا لِشَرَفِهِ صَارَ أَمَانُ الْخَلْقِ لِحُرْمَتِهِ فَوَجَبَ زِيَارَتُهُ أَدَاءً لِشُكْرِ هَذِهِ النِّعْمَةِ وَتَحْصِيلًا لِلْأَمَانِ مِنْ النِّيرَانِ وَلِيَعْرِفَ بِمُقَاسَاةِ شَدَائِدِ السَّفَرِ قَدْرَ التَّقَلُّبِ فِي النِّعَمِ فِي حَالَةِ الْإِقَامَةِ بَيْنَ الْأَهْلِ وَالْأَوْلَادِ فَثَبَتَ بِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ أَسْبَابَ هَذِهِ الْعِبَادَاتِ النِّعَمُ.
وَإِلَى هَذَا الطَّرِيقِ مَالَ صَدْرُ الْإِسْلَامِ أَبُو الْيُسْرِ وَشَيْخُ الْإِسْلَامِ عَلَاءُ الدِّينِ صَاحِبُ الْمِيزَانِ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَإِذْ قَدْ فَرَغْنَا عَنْ شَرْحِ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ مِنْ الْكِتَابِ بِتَوْفِيقِ الْمَلِكِ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ، كَاشِفِينَ لِلْحُجُبِ عَنْ حَقَائِقِ مَعَانِيهِ، رَافِعِينَ لِلْأَسْتَارِ عَنْ دَقَائِقِ مَبَانِيهِ، فَلْنَنْتَقِلْ إلَى تَحْقِيقِ الْقِسْمِ الثَّانِي وَتَقْرِيرِهِ، مُسْتَمِدِّينَ لِلتَّوْفِيقِ مِنْ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى تَهْدِيَتِهِ وَتَنْقِيرِهِ، شَاكِرِينَ لَهُ عَلَى نِعَمِهِ، وَأَفْضَالِهِ، وَمُصَلِّينَ عَلَى خَيْرِ الْبَرِيَّةِ مُحَمَّدٌ وَآلِهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ أَوَّلًا وَآخِرًا.

[بَابُ بَيَانِ أَقْسَامِ السُّنَّةِ]
إنَّمَا اخْتَارَ لَفْظَ السُّنَّةِ دُونَ لَفْظِ الْخَبَرِ كَمَا ذَكَرَ غَيْرُهُ؛ لِأَنَّ لَفْظَ السُّنَّةِ شَامِلٌ لِقَوْلِ الرَّسُولِ، وَفِعْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وَمُنْطَلِقٌ عَلَى طَرِيقَةِ الرَّسُولِ وَالصَّحَابَةِ عَلَى مَا مَرَّ بَيَانُهُ وَالشَّيْخُ قَدْ أَلْحَقَ بِآخِرِ هَذَا الْقِسْمِ بَيَانَ أَفْعَالِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وَأَقْوَالِ الصَّحَابَةِ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ - فَاخْتَارَ لَفْظَةً تَشْمَلُ الْكُلَّ. ثُمَّ السُّنَّةُ وَالْمُرَادُ بِهَا قَوْلُ الرَّسُولِ هَاهُنَا تُشَارِكُ الْكِتَابَ فِي الْأَقْسَامِ الْمَذْكُورَةِ مِنْ الْخَاصِّ إلَى الْمُقْتَضَى؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - حُجَّةٌ مِثْلُ الْكِتَابِ، وَهُوَ كَلَامٌ مُسْتَجْمِعٌ لِوُجُوهِ الْفَصَاحَةِ وَالْبَلَاغَةِ فَيَجْرِي فِيهِ هَذِهِ الْأَقْسَامُ أَيْضًا وَيَكُونُ بَيَانُهَا فِي الْكِتَابِ بَيَانًا فِيهَا؛ لِأَنَّهَا فَرْعُ الْكِتَابِ فِي كَوْنِهَا حُجَّةً.
وَتُفَارِقُهُ فِي طُرُقِ الِاتِّصَالِ إلَيْنَا فَإِنَّ الْكِتَابَ لَيْسَ لَهُ إلَّا طَرِيقٌ وَاحِدٌ، وَهُوَ التَّوَاتُرُ وَلِلسُّنَّةِ طُرُقٌ مُخْتَلِفَةٌ كَمَا سَتَقِفُ عَلَيْهَا فَهَذَا الْبَابُ، وَهُوَ الَّذِي شُرِعَ فِيهِ إلَى بَابِ الْمُعَارَضَةِ لِبَيَانِ تِلْكَ الطُّرُقِ، وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا.، وَقَوْلُهُ وَيَخْتَصُّ السُّنَنُ بِهِ تَأْكِيدٌ، وَلَا يُقَالُ التَّوَاتُرُ لَا يَخْتَصُّ بِالسُّنَنِ بَلْ هُوَ مَوْجُودٌ فِي الْكِتَابِ فَكَيْفَ يَصِحُّ إيرَادُهُ هَاهُنَا؛ لِأَنَّا نَقُولُ اخْتِلَافُ الطُّرُقِ مُخْتَصٌّ بِالسُّنَنِ وَالتَّوَاتُرُ دَاخِلٌ فِي الطُّرُقِ فَيَصِحُّ إيرَادُهُ.، وَلَمَّا كَانَ هَذَا الْقِسْمُ كَلَامًا فِي أَخْبَارٍ لَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ حَقِيقَةِ الْخَبَرِ، وَأَقْسَامِهِ.
فَنَقُولُ: الْخَبَرُ يُطْلَقُ عَلَى قَوْلٍ مَخْصُوصٍ مِنْ الْأَقْوَالِ وَيُطْلَقُ عَلَى الْإِشَارَاتِ الْحَالِيَّةِ وَالدَّلَالَاتِ الْمَعْنَوِيَّةِ كَمَا يُقَالُ أَخْبَرَتْنِي عَيْنَاك.
وَمِنْهُ قَوْلُ أَبِي الطَّيِّبِ:
وَكَمْ لِظَلَامِ اللَّيْلِ عِنْدَكَ مِنْ يَدٍ ... تُخْبِرُ أَنَّ الْمَانَوِيَّةَ تَكْذِبُ
وَلَكِنَّهُ

نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 2  صفحه : 359
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست