responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 2  صفحه : 349
وَسَبَبُ وُجُوبِ الصَّوْمِ أَيَّامُ شَهْرِ رَمَضَانَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة: 185] أَيْ فَلْيَصُمْ فِي أَيَّامِهِ وَالْوَقْتُ مَتَى جُعِلَ سَبَبًا كَانَ ظَرْفًا صَالِحًا لِلْأَدَاءِ وَاللَّيْلُ لَا يَصْلُحُ لَهُ فَعُلِمَ أَنَّ الْيَوْمَ سَبَبُهُ بِدَلَالَةِ نِسْبَتِهِ إلَيْهِ وَتَعَلُّقِهِ بِهِ وَتَعْلِيقُ الْحُكْمِ بِالشَّيْءِ شَرْعًا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ سَبَبُهُ هَذَا هُوَ الْأَصْلُ فِي الْبَابِ، وَقَدْ تَكَرَّرَ بِتَكَرُّرِهِ وَنُسِبَ إلَيْهِ فَقِيلَ صَوْمُ شَهْرِ رَمَضَانَ وَصَحَّ الْأَدَاءُ بَعْدَهُ مِنْ الْمُسَافِرِ وَقَدْ تَأَخَّرَ الْخِطَابُ بِهِ وَلِهَذَا وَجَبَ عَلَى صَبِيٍّ يَبْلُغُ فِي بَعْضِ شَهْرِ رَمَضَانَ، وَكَافِرٍ يُسْلِمُ بِقَدْرِ مَا أَدْرَكَهُ؛ لِأَنَّ كُلَّ يَوْمٍ سَبَبٌ لِصَوْمِهِ بِمَنْزِلَةِ كُلِّ مِنْ أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ، وَقَدْ مَرَّتْ أَحْكَامُ هَذَا الْقِسْمِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَقْتٍ وَاحِدٍ أَيْضًا.
وَيَجُوزُ تَعْجِيلُهُ بَعْدَ وُجُودِ مَا يَقَعُ بِهِ الْغِنَى، وَهُوَ مِلْكُ النِّصَابِ فَدَلَّ أَنَّهُ سَبَبٌ؛ لِأَنَّ جَوَازَ الْأَدَاءِ لَا يَثْبُتُ قَبْلَ السَّبَبِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ مَلَكَ مَا دُونَ النِّصَابِ فَعَجَّلَ الزَّكَاةَ ثُمَّ تَمَّ لَهُ مِلْكُ النِّصَابِ وَحَالَ الْحَوْلُ لَا يَنُوبُ الْمُؤَدَّى عَنْ الزَّكَاةِ لِعَدَمِ السَّبَبِ.
وَقَوْلُهُ غَيْرَ أَنَّ الْغِنَى جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ لَمَّا تَحَقَّقَ السَّبَبُ بِمِلْكِ النِّصَابِ وَثَبَتَ الْغِنَى يَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ الْأَدَاءُ فِي الْحَالِ، وَلَا يَتَأَخَّرُ إلَى مُضِيِّ الْحَوْلِ. فَقَالَ أَصْلُ الْغِنَى، وَإِنْ كَانَ يَثْبُتُ بِمِلْكِ النِّصَابِ إلَّا أَنَّ تَكَامُلَهُ مُتَوَقِّفٌ عَلَى النَّمَاءِ؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ إلَى الْمَالِ يَتَجَدَّدُ زَمَانًا فَزَمَانًا، وَالْمَالُ إذَا لَمْ يَكُنْ نَامِيًا تُفْنِيهِ الْحَوَائِجُ لَا مَحَالَةَ عَنْ قَرِيبٍ، وَإِذَا كَانَ نَامِيًا تَعَيَّنَ النَّمَاءُ لِدَفْعِ الْحَوَائِجِ فَبَقِيَ أَصْلُ الْمَالِ فَاضِلًا عَنْ الْحَاجَةِ فَيَحْصُلُ بِهِ الْغِنَى، وَيَتَيَسَّرُ عَلَيْهِ الْأَدَاءُ مِنْهُ فَشُرِطَ النَّمَاءُ لِوُجُوبِ الْأَدَاءِ تَحْقِيقًا لِلْغِنَى وَالْيُسْرِ اللَّذَيْنِ بُنِيَتْ هَذِهِ الْعِبَادَةُ عَلَيْهِمَا، وَلَا نَمَاءَ إلَّا بِالزَّمَانِ فَأُقِيمَ الْحَوْلُ مَقَامَ النَّمَاءِ؛ لِأَنَّهُ مُدَّةٌ مُسْتَجْمِعَةٌ لِلْفُصُولِ الْأَرْبَعَةِ الْمُخْتَلِفَةِ الَّتِي لَهَا تَأْثِيرٌ فِي حُصُولِ النَّمَاءِ مِنْ عَيْنِ السَّائِمَةِ بِالدَّرِّ وَالنَّسْلِ، وَمِنْ أَمْوَالِ التِّجَارَةِ بِالرِّبْحِ بِزِيَادَةِ الْقِيمَةِ لِرَغَبَاتِ النَّاسِ فِي كُلِّ فَصْلٍ إلَى مَا يُنَاسِبُهُ فَصَارَ مُضِيُّ الْحَوْلِ شَرْطًا لِوُجُوبِ الْأَدَاءِ. ثُمَّ يَلْزَمُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا أَنَّ بِتَكَرُّرِ الشَّرْطِ لَا يَتَكَرَّرُ الْوَاجِبُ، وَقَدْ يَتَكَرَّرُ الْوُجُوبُ هَاهُنَا فِي مَالٍ وَاحِدٍ بِاعْتِبَارِ الْأَحْوَالِ الْمُتَكَرِّرَةِ فَأَشَارَ إلَى الْجَوَابِ عَنْهُ، وَقَالَ الْمَالُ الْوَاحِدُ يَتَجَدَّدُ النَّمَاءُ فِيهِ بِمَنْزِلَةِ الْمُتَجَدِّدِ بِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّ الْمَالَ بِوَصْفِ النَّمَاءِ صَارَ سَبَبًا لِلْوُجُوبِ فَيَكُونُ تَجَدُّدُهُ بِمَنْزِلَةِ تَجَدُّدِ الْمَالِ كَالرَّأْسِ فِي صَدَقَةِ الْفِطْرِ لَمَّا صَارَ سَبَبًا بِوَصْفِ الْمُؤْنَةِ صَارَ بِمَنْزِلَةِ الْمُتَجَدِّدِ بِتَجَدُّدِ الْمُؤْنَةِ فَعَرَفْنَا أَنَّ تَكَرُّرَ الْوُجُوبِ بِاعْتِبَارِ تَكَرُّرِ السَّبَبِ تَقْدِيرًا.

[سَبَبُ وُجُوبِ الصَّوْمِ]
قَوْلُهُ (وَسَبَبُ وُجُوبِ الصَّوْمِ) يَعْنِي صَوْمَ شَهْرِ رَمَضَانَ وَاللَّامُ لِلْعَهْدِ أَيَّامَ شَهْرِ رَمَضَانَ. اتَّفَقَ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ مَشَايِخِنَا مِثْلُ الْقَاضِي الْإِمَامِ أَبِي زَيْدٍ وَشَمْسِ الْأَئِمَّةِ وَالشَّيْخِ الْمُصَنِّفِ وَصَدْرِ الْإِسْلَامِ أَبِي الْيُسْرِ، وَمَنْ تَابَعَهُمْ عَلَى أَنَّ سَبَبَ وُجُوبِ الصَّوْمِ الشَّهْرُ؛ لِأَنَّهُ يُضَافُ إلَيْهِ وَيَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِهِ وَيَصِحُّ الْأَدَاءُ بَعْدَ دُخُولِ الشَّهْرِ، وَلَا يَصِحُّ قَبْلَهُ لَكِنَّهُمْ اخْتَلَفُوا بَعْدَ ذَلِكَ. فَذَهَبَ الْإِمَامُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إلَى أَنَّ السَّبَبَ مُطْلَقُ شُهُودِ الشَّهْرِ حَتَّى اسْتَوَى فِي السَّبَبِيَّةِ الْأَيَّامُ وَاللَّيَالِيُ مُتَمَسِّكًا بِأَنَّ الشَّهْرَ اسْمٌ لِجُزْءٍ مِنْ الزَّمَانِ مُشْتَمِلٌ عَلَى الْأَيَّامِ وَاللَّيَالِي، وَإِنَّمَا جَعَلَهُ الشَّرْعُ سَبَبًا لِإِظْهَارِ فَضِيلَةِ هَذَا الْوَقْتِ، وَهِيَ ثَابِتَةٌ لِلْأَيَّامِ وَاللَّيَالِي جَمِيعًا وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّ مَنْ كَانَ مُفِيقًا فِي أَوَّلِ لَيْلَةٍ مِنْ الشَّهْرِ ثُمَّ جُنَّ قَبْلَ أَنْ يُصْبِحَ، وَمَضَى الشَّهْرُ، وَهُوَ مَجْنُونٌ ثُمَّ أَفَاقَ يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ، وَلَوْ لَمْ يَتَقَرَّرْ السَّبَبُ فِي حَقِّهِ بِمَا شَهِدَ مِنْ الشَّهْرِ فِي حَالِ الْإِفَاقَةِ لَمْ يَلْزَمْهُ الْقَضَاءُ، وَكَذَلِكَ الْمَجْنُونُ إذَا أَفَاقَ فِي لَيْلَةٍ ثُمَّ جُنَّ قَبْلَ أَنْ يُصْبِحَ ثُمَّ أَفَاقَ بَعْدَ مُضِيِّ الشَّهْرِ يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ.
وَكَذَا نِيَّةُ أَدَاءِ الْفَرْضِ تَصِحُّ بَعْدَ وُجُودِ اللَّيْلَةِ الْأُولَى بِغُرُوبِ الشَّمْسِ قَبْلَ أَنْ يُصْبِحَ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ نِيَّةَ أَدَاءِ الْفَرْضِ قَبْلَ تَصَوُّرِ سَبَبِ الْوُجُوبِ لَا تَصِحُّ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ نَوَى قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ لَا تَصِحُّ نِيَّتُهُ. وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ» . فَإِنَّهُ نَظِيرُ قَوْله تَعَالَى: {أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} [الإسراء: 78] . وَلَا مَعْنَى لِقَوْلِ مَنْ قَالَ لَوْ كَانَ سَبَبًا لَجَازَ الْأَدَاءُ فِيهِ؛ لِأَنَّ صِحَّةَ السَّبَبِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى تَمَكُّنِ الْأَدَاءِ فِيهِ فَإِنَّ مَنْ أَسْلَمَ فِي آخِرِ الْوَقْتِ يَلْزَمُهُ فَرْضُ الْوَقْتِ، وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ التَّمَكُّنُ مِنْ الْأَدَاءِ فِيهِ

نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 2  صفحه : 349
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست