responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 2  صفحه : 330
إذَا لَمْ يُقْصَدْ ضِدُّهُ بِنَهْيٍ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا حُكْمَ فِيهِ أَصْلًا وَقَالَ الْجَصَّاصُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يُوجِبُ النَّهْيَ عَنْ ضِدِّهِ إنْ كَانَ لَهُ ضِدٌّ وَاحِدٌ أَوْ أَضْدَادٌ كَثِيرَةٌ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ يُوجِبُ كَرَاهَةَ ضِدِّهِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَقْتَضِي كَرَاهَةَ ضِدِّهِ، وَهَذَا أَصَحُّ عِنْدَنَا، وَأَمَّا بِالنَّهْيِ عَنْ الشَّيْءِ فَهَلْ لَهُ حُكْمٌ فِي ضِدِّهِ فَعَلَى هَذَا أَيْضًا قَالَ الْفَرِيقُ الْأَوَّلُ لَا حُكْمَ لَهُ فِيهِ وَقَالَ الْجَصَّاصُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إنْ كَانَ لَهُ ضِدٌّ وَاحِدٌ كَانَ أَمْرًا بِهِ، وَإِنْ كَانَ لَهُ أَضْدَادٌ لَمْ يَكُنْ أَمْرًا بِشَيْءٍ مِنْهَا وَقَالَ بَعْضُهُمْ يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ ضِدُّهُ فِي مَعْنَى سِتَّةٍ وَاجِبَةٍ، وَعَلَى الْقَوْلِ الْمُخْتَارِ يُحْتَمَلُ أَنْ يَقْتَضِيَ ذَلِكَ احْتَجَّ الْفَرِيقُ الْأَوَّلُ بِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْقِسْمَيْنِ سَاكِتٌ عَنْ غَيْرِهِ وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ السُّكُوتَ لَا يَصْلُحُ دَلِيلًا أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يَصْلُحُ دَلِيلًا لِمَا وُضِعَ لَهُ فِيمَا يَتَنَاوَلُهُ إلَّا بِطَرِيقِ التَّعْلِيلِ فَلِغَيْرِ مَا وُضِعَ لَهُ أَوْلَى
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَهُوَ فِعْلٌ يُضَادُّهُ مَنْهِيًّا عَنْهُ، وَكُلُّ مَنْهِيٍّ عَنْهُ تَرْكُهُ وَهُوَ فِعْلٌ يُضَادُّهُ مَأْمُورٌ بِهِ إذَا كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا تَرْكٌ مَخْصُوصٌ وَضِدٌّ مُتَعَيِّنٌ، وَكَذَا عِنْدَنَا فِي كُلِّ مَا لَهُ أَضْدَادٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ جَمِيعًا. وَعِنْدَهُمْ فِيمَا لَهُ أَضْدَادٌ تَقْسِيمٌ يَطُولُ ذِكْرُهُ. غَيْرَ أَنَّ عِنْدَنَا كَانَ الْأَمْرُ بِالشَّيْءِ نَهْيًا عَنْ ضِدِّهِ وَعَلَى الْقَلْبِ؛ لِأَنَّ كَلَامَ اللَّهِ تَعَالَى عِنْدَنَا وَاحِدٌ، وَهُوَ بِنَفْسِهِ أَمْرٌ بِمَا أَمَرَ وَنَهْيٌ عَمَّا نَهَى فَكَانَ مَا هُوَ الْأَمْرُ بِالشَّيْءِ نَهْيًا عَنْ ضِدِّهِ وَعَلَى الْعَكْسِ وَعِنْدَ الْمُعْتَزِلَةِ كَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى هَذِهِ الْعِبَارَاتُ وَلِلْأَمْرِ صِيغَةٌ مَخْصُوصَةٌ، وَكَذَا لِلنَّهْيِ فَلَا يُتَصَوَّرُ كَوْنُ الْأَمْرِ نَهْيًا لَا كَوْنُ النَّهْيِ أَمْرًا، وَلَا شَكَّ أَنَّ ضِدَّ الْمَأْمُورِ بِهِ مَنْهِيٌّ عَنْهُ وَضِدُّ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ مَأْمُورٌ بِهِ فَاخْتَلَفَتْ عِبَارَاتُهُمْ فَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ الْأَمْرَ بِالشَّيْءِ يَدُلُّ عَلَى النَّهْيِ عَنْ ضِدِّهِ وَالنَّهْيَ عَنْ الشَّيْءِ يَدُلُّ عَلَى الْأَمْرِ بِضِدِّهِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ الْأَمْرُ بِالشَّيْءِ يَقْتَضِي نَهْيًا عَنْ ضِدِّهِ، وَكَذَا عَلَى الْقَلْبِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُطْلِقُ مَا يَتَّفِقُ لَهُ مِنْ اللَّفْظِ، وَلَا يُفَرِّقُ بَيْنَ لَفْظِ الدَّلَالَةِ، وَلَفْظِ الِاقْتِضَاءِ. ثُمَّ فِي تَحْقِيقِ هَذِهِ الْأَقْوَالِ وَتَرْجِيحِ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ كَلَامٌ طَوِيلٌ طَوَيْنَا ذِكْرَهُ، وَمَنْ طَلَبَهُ فِي مَظَانَّةِ ظَفِرَ بِهِ وَالْغَرَضُ بَيَانُ الْمَذَاهِبِ، وَالتَّنْبِيهُ عَلَى أَنَّ مَا اخْتَارَ الشَّيْخُ فِي الْكِتَابِ خِلَافُ اخْتِيَارِ الْعَامَّةِ، وَهُوَ اخْتِيَارُ الْقَاضِي الْإِمَامِ أَبِي زَيْدٍ وَشَمْسِ الْأَئِمَّةِ وَصَدْرِ الْإِسْلَامِ، وَمُتَابِعِيهِمْ.
قَوْلُهُ (إذَا لَمْ يَقْصِدْ ضِدَّهُ بِنَهْيٍ) احْتِرَازٌ عَمَّا إذَا قَصَدَ الضِّدَّ بِالنَّهْيِ مِثْلُ قَوْله تَعَالَى: {فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ} [البقرة: 222] . فَإِنَّ الضِّدَّ فِي مِثْلِ هَذِهِ الصُّورَةِ حَرَامٌ بِلَا خِلَافٍ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَقْتَضِي كَرَاهَةَ ضِدِّهِ يَعْنِي إذَا كَانَ الْأَمْرُ لِلْإِيجَابِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ قَوْلِهِ يَقْتَضِي.
وَقَوْلُهُ يُوجِبُ ظَاهِرٌ فَإِنَّ الْإِيجَابَ أَقْوَى مِنْ الِاقْتِضَاءِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُسْتَعْمَلُ فِيمَا إذَا كَانَ الْحُكْمُ ثَابِتًا بِالْعِبَارَةِ أَوْ الْإِشَارَةِ أَوْ الدَّلَالَةِ فَيُقَالُ النَّصُّ يُوجِبُ ذَلِكَ فَأَمَّا إذَا كَانَ ثَابِتًا بِالِاقْتِضَاءِ فَلَا يُقَالُ يُوجِبُ بَلْ يُقَالُ يَقْتَضِي عَلَى مَا عَرَفْت. فِي مَعْنَى سُنَّةٍ وَاجِبَةٍ أَيْ سُنَّةٍ مُؤَكَّدَةٍ قَرِيبَةٍ إلَى الْوَاجِبِ وَعَلَى الْقَوْلِ الْمُخْتَارِ يُحْتَمَلُ أَنْ يَقْتَضِيَ ذَلِكَ أَيْ يَقْتَضِيَ كَوْنُ الضِّدِّ فِي مَعْنَى سُنَّةٍ مُؤَكَّدَةٍ يَعْنِي إذَا كَانَ النَّهْيُ لِلتَّحْرِيمِ
1 -
قَوْلُهُ (وَقَدْ ذَكَرْنَا) يَعْنِي ذَكَرْنَا أَنَّ التَّعْلِيقَ بِالشَّرْطِ لَا يُوجِبُ نَفْيَ الْمُعَلَّقِ بِالشَّرْطِ قَبْلَ وُجُودِ الشَّرْطِ؛ لِأَنَّهُ مَسْكُوتٌ عَنْهُ فَيَبْقَى عَلَى مَا كَانَ قَبْلَ التَّعْلِيقِ فَكَذَا الضِّدُّ هَاهُنَا مَسْكُوتٌ عَنْهُ فَيَبْقَى عَلَى مَا كَانَ قَبْلَ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ. أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يَصْلُحُ دَلِيلًا لِمَا وُضِعَ لَهُ أَيْ الْأَمْرُ بِالشَّيْءِ وُضِعَ لِطَلَبِ ذَلِكَ الشَّيْءِ وَإِيجَابِهِ، وَلَا دَلَالَةَ لَهُ عَلَى ثُبُوتِ مُوجِبِهِ فِيمَا لَمْ يَتَنَاوَلْهُ إلَّا بِطَرِيقِ التَّعْلِيلِ فَلَأَنْ لَا يَكُونَ دَلِيلًا عَلَى ثُبُوتِ مَا لَمْ يُوضَعْ لَهُ، وَهُوَ التَّحْرِيمُ فِيمَا لَمْ يَتَنَاوَلْهُ كَانَ أَوْلَى. بَيَانُهُ فِي قَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «الْحِنْطَةُ بِالْحِنْطَةِ» . أَيْ بِيعُوا الْحِنْطَةَ فَمُوجِبُهُ إيجَابُ التَّسْوِيَةِ كَيْلًا وَحُرْمَةُ الْفَضْلِ فِيمَا تَنَاوَلَهُ النَّصُّ، وَهُوَ الْأَشْيَاءُ السِّتَّةُ، وَلَا دَلَالَةَ فِي ثُبُوتِ مُوجِبِهِ فِي غَيْرِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ أَصْلًا إلَّا بِطَرِيقِ التَّعْلِيلِ فَلَمَّا لَمْ يَصْلُحْ دَلِيلًا فِي غَيْرِ مَا تَنَاوَلَهُ لِمَا وُضِعَ لَهُ كَيْفَ يَصْلُحُ دَلِيلًا فِيمَا لَمْ يَتَنَاوَلْهُ لِغَيْرِ مَا وُضِعَ لَهُ. فَعَلَى قَوْلِ هَؤُلَاءِ الذَّمُّ وَالْإِثْمُ عَلَى تَارِكِ الِائْتِمَارِ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِمَا أَمَرَ بِهِ لَا بِمُقَابَلَةِ فِعْلِ الْكَفِّ أَوْ الضِّدِّ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِحَرَامٍ عِنْدَهُمْ، وَكَذَا الْمَدْحُ وَالثَّوَابُ لِمَنْ لَمْ يَشْرَبْ الْخَمْرَ أَوْ لَمْ يُبَاشِرْ الزِّنَا بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ لَمْ يُبَاشِرْ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ الْقَبِيحَ لَا بِمُقَابَلَةِ فِعْلِ الضِّدِّ أَيْضًا.
قَالُوا وَلِهَذَا يَذُمُّ الْعُقَلَاءُ تَارِكَ الصَّلَاةِ بِأَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ لَا بِالْقِيَامِ وَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ

نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 2  صفحه : 330
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست