responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 2  صفحه : 326
وَالثَّانِي أَنَّ التَّخْيِيرَ إذَا لَمْ يَتَضَمَّنْ رِفْقًا كَانَ رُبُوبِيَّةً، وَإِنَّمَا لِلْعِبَادِ اخْتِيَارُ الْأَرْفَقِ فَإِذَا لَمْ يَتَضَمَّنْ رِفْقًا كَانَ رُبُوبِيَّةً، وَلَا شَرِكَةَ لَهُ فِيهَا أَلَا تَرَى أَنَّ الشَّرْعَ تَوَلَّى وَضْعَ الشَّرَائِعِ جَبْرًا بِخِلَافِ التَّخْيِيرِ فِي أَنْوَاعِ الْكَفَّارَةِ وَنَحْوِهَا؛ لِأَنَّهُ يَخْتَارُ الْأَرْفَقَ عِنْدَهُ وَلِهَذَا لَمْ نَجْعَلْ رُخْصَةَ الصَّوْمِ إسْقَاطًا؛ لِأَنَّ النَّصَّ جَاءَ بِالتَّأْخِيرِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 184] لَا بِالصَّدَقَةِ بِالصَّوْمِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَلَا يَتَضَمَّنُ إلَّا كَمَالَ فَضْلِ ثَوَابٍ؛ لِأَنَّ تَمَامَ الثَّوَابِ فِي فِعْلِ الْعَبْدِ جَمِيعُ مَا عَلَيْهِ لَا فِي أَعْدَادِ الرَّكَعَاتِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا} [هود: 7] . اعْتَبَرَ حُسْنَ الْعَمَلِ لَا كَثْرَتَهُ وَقَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «أَفْضَلُ الصَّدَقَةِ جُهْدُ الْمُقِلِّ» . أَيْ طَاقَتُهُ فَجَعَلَ جُهْدَهُ أَفْضَلَ، وَإِنْ لَمْ يَمْلِكْ إلَّا دِرْهَمًا وَتَصَدَّقَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ تَصَدَّقَ بِكُلِّ مَالِهِ ثُمَّ الْمُسَافِرُ قَدْ أَتَى بِجَمِيعِ مَا عَلَيْهِ كَالْمُقِيمِ فَكَانَ كَالْجُمُعَةِ وَالْفَجْرِ مَعَ الظُّهْرِ فَإِنَّهُ لَا فَضْلَ لِظُهْرِ الْمُقِيمِ عَلَى فَجْرِهِ، وَلَا لِظُهْرِ الْعَبْدِ عَلَى جُمُعَةِ الْحُرِّ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ وَجَبَ الْقَوْلُ بِالسُّقُوطِ قَوْلُهُ (وَالثَّانِي أَنَّ التَّخْيِيرَ) كَذَا ذَكَرَ الْخَصْمُ أَنَّ ثُبُوتَ الْقَصْرِ مُتَعَلِّقٌ بِمَشِيئَتِهِ وَاخْتِيَارِهِ.
فَإِنْ اخْتَارَ الْقَصْرَ كَانَ فَرْضُهُ رَكْعَتَيْنِ، وَإِنْ لَمْ يَخْتَرْ ذَلِكَ كَانَ فَرْضُهُ أَرْبَعًا.، وَفِيهِ فَسَادٌ مِنْ وَجْهَيْنِ. أَحَدُهُمَا أَنَّ هَذَا تَخْيِيرٌ لَمْ يَتَضَمَّنْ رِفْقًا بِالْعَبْدِ وَالِاخْتِيَارُ الْخَالِي عَنْ الرِّفْقِ لَيْسَ إلَّا لِلَّهِ جَلَّ جَلَالُهُ فَإِنَّهُ تَعَالَى يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مِنْ غَيْرِ نَفْعٍ يَعُودُ إلَيْهِ أَوْ مَضَرَّةٍ تَنْدَفِعُ عَنْهُ فَإِثْبَاتُ مِثْلِ هَذَا التَّخْيِيرِ لِلْعَبْدِ يَنْزِعُ إلَى الشَّرِكَةِ فِيمَا هُوَ مِنْ خَصَائِصِ الرُّبُوبِيَّةِ فَيَكُونُ فَاسِدًا وَثَانِيهِمَا أَنَّ هَذَا التَّخْيِيرَ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ نَصْبُ شَرِيعَةٍ وَحُكْمٍ مُفَوَّضًا إلَى رَأْيِ الْعَبْدِ، وَمُعَلَّقًا بِهِ كَأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ شَرْعِيَّةُ الْقَصْرِ ثَابِتَةٌ فِي حَقِّكُمْ إنْ اخْتَرْتُمْ ذَلِكَ وَذَلِكَ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّهَا مَتَى عُلِّقَتْ بِرَأْيِهِمْ لَمْ يَكُنْ شَرْعًا فِي الْحَالِ كَالطَّلَاقِ الْمُعَلَّقِ بِالْمَشِيئَةِ، وَإِذَا شَاءَ الْعَبْدُ كَانَ الثُّبُوتُ مُضَافًا إلَى الْمَشِيئَةِ كَمَا فِي الطَّلَاقِ الْمُعَلَّقِ بِالْمَشِيئَةِ، وَلَا يَجُوزُ إضَافَةُ نَصْبِ الشَّرِيعَةِ إلَّا إلَى اللَّهِ تَعَالَى أَوْ إلَى الرُّسُلِ فَإِضَافَتُهُ إلَى غَيْرِهِمْ تُؤَدِّي إلَى الشَّرِكَةِ فِي خَاصَّةِ الرُّبُوبِيَّةِ أَوْ الرِّسَالَةِ. وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا فَاعْلَمْ أَنَّ الشَّيْخَ أَدْرَجَ فِي كَلَامِهِ الْمَعْنَيَيْنِ فَقَالَ التَّخْيِيرُ إذَا لَمْ يَتَضَمَّنْ رِفْقًا بِالْعَبْدِ كَانَ رُبُوبِيَّةً؛ لِأَنَّ الشَّيْئَيْنِ اللَّذَيْنِ ثَبَتَ التَّخْيِيرُ بَيْنَهُمَا إنْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثَابِتًا قَبْلَ اخْتِيَارِهِ كَانَ هَذَا تَخْيِيرًا لَهُ بَيْنَهُمَا مِنْ غَيْرِ جَرِّ نَفْعٍ وَدَفْعِ ضُرٍّ، وَمِثْلُ هَذَا الِاخْتِيَارِ لَا يَلِيقُ بِالْعَبْدِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثَابِتًا بَلْ الثَّابِتُ أَحَدُهُمَا وَثُبُوتُ الْآخَرِ مُتَعَلِّقٌ بِاخْتِيَارِهِ كَانَ هَذَا تَعْلِيقًا لِلشَّرْعِ بِاخْتِيَارِ الْعَبْدِ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَنْزِعُ إلَى الشَّرِكَةِ فِي الرُّبُوبِيَّةِ ثُمَّ اسْتَوْضَحَ الْمَعْنَى الْأَخِيرَ بِقَوْلِهِ أَلَا تَرَى أَنَّ الشَّرْعَ أَيْ الشَّارِعَ تَوَلَّى وَضْعَ الشَّرَائِعِ جَبْرًا حَتَّى نَفَّذَ أَوَامِرَ اللَّهِ تَعَالَى قَدْرَ مَا أُرِيدَ مِنْهَا مِنْ إبَاحَةٍ وَنَدْبٍ أَوْ وُجُوبٍ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ لِلْعِبَادِ اخْتِيَارٌ فِي ذَلِكَ فَلَوْ عَلَّقَ الْقَصْرَ بِاخْتِيَارِ الْعَبْدِ أَدَّى إلَى الشَّرِكَةِ فِي الرُّبُوبِيَّةِ، وَهِيَ بَاطِلَةٌ.
فَإِنْ قِيلَ الْمَشْرُوعُ بِالسَّفَرِ تَعَلُّقُ الْقَصْرِ بِقَوْلِ الْعَبْدِ، وَإِنَّهُ ثَابِتٌ بِنَفْسِهِ. قُلْنَا إنَّ الْمَشْرُوعَ الَّذِي اُبْتُلِينَا بِفِعْلِهِ هُوَ الصَّلَاةُ لَا الْقَصْرُ فَإِنَّهُ سُقُوطٌ وَالْعِبْرَةُ لِمَا هُوَ الْأَصْلُ فَلَا يَكُونُ صَيْرُورَةُ الصَّلَاةِ رَكْعَتَيْنِ أَوْ أَرْبَعًا إلَيْنَا، وَإِنَّمَا يَكُونُ إلَيْنَا الْأَدَاءُ لَا غَيْرُ هَذَا أَصْلُ الشَّرْعِ، وَإِلَى الْعَبْدِ مُبَاشَرَةُ الْعِلَلِ مِنْ سَفَرٍ أَوْ إقَامَةٍ دُونَ إثْبَاتِ الْأَحْكَامِ ثُمَّ الْأَدَاءُ بَعْد ثُبُوتَ الْأَحْكَامِ كَذَا فِي الْأَسْرَارِ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ أَلَا تَرَى ابْتِدَاءَ كَلَامٍ رَدًّا لِمَا عَلَّقَ الْخَصْمُ السُّقُوطَ بِمَشِيئَةِ الْعَبْدِ بِخِلَافِ التَّخْيِيرِ فِي أَنْوَاعِ الْكَفَّارَةِ أَيْ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ.
وَنَحْوُهَا مِثْلُ التَّخْيِيرِ الثَّابِتِ فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} [المائدة: 95] . الْآيَةَ وَالتَّخْيِيرُ الثَّابِتُ فِي الْحَلْقِ بِعُذْرٍ بِقَوْلِهِ عَزَّ اسْمُهُ: {فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} [البقرة: 196] . فَإِنَّهُ أَيْ مَنْ يَثْبُتُ لَهُ التَّخْيِيرُ. وَلِهَذَا أَيْ؛ وَلِأَنَّ لَفْظَةَ التَّصَدُّقِ هُوَ الَّذِي دَلَّ عَلَى الْإِسْقَاطِ فِي الْقَصْرِ لَمْ نَجْعَلْ رُخْصَةَ الصَّوْمِ إسْقَاطًا؛ لِأَنَّ النَّصَّ جَاءَ فِيهِ بِلَفْظِ التَّأْخِيرِ لَا بِالصَّدَقَةِ بِالصَّوْمِ

نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 2  صفحه : 326
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست