responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 2  صفحه : 318
وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّانِي فَمَا يُسْتَبَاحُ بِعُذْرٍ مَعَ قِيَامِ السَّبَبِ مُوجِبًا لِحُكْمِهِ غَيْرَ أَنَّ الْحُكْمَ مُتَرَاخٍ مِثْلُ الْمُسَافِرِ رُخِّصَ لَهُ أَنْ يُفْطِرَ بِنَاءً عَلَى سَبَبِ تَرَاخِي حُكْمِهِ، فَكَانَ دُونَ مَا اعْتَرَضَ عَلَى سَبَبِ حِلِّ حُكْمِهِ وَإِنَّمَا يُكْمِلَ الرُّخْصَةَ بِكَمَالِ الْعَزِيمَةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَعَنْ أَبِي عُمَرَ وَنَكَيْت فِي الْعَدُوِّ لَا غَيْرُ. وَعَنْ الْكِسَائِيّ كَذَلِكَ، وَلَمْ أَجِدْهُ مُعَدًّى بِنَفْسِهِ إلَّا فِي جَامِعِ الْغُورِيِّ قَالَ يَعْقُوبُ نَكَيْت الْعَدُوَّ إذَا قَتَلْت فِيهِمْ وَجَرَحْت قَالَ عَدِيُّ بْنُ زَيْدٍ:
إذَا أَنْتَ لَمْ تَنْفَعْ بِوُدِّكَ أَهْلَهُ ... وَلَمْ تَنْكَ بِالْبُوسَى عَدُوَّك فَابْعُدْ
قَوْلُهُ (وَكَذَلِكَ هَذَا) أَيْ، وَكَثُبُوتِ الْحُكْمِ فِي الْمُكْرَهِ عَلَى الْقَتْلِ ثُبُوتُهُ فِيمَنْ أُكْرِهَ عَلَى إتْلَافِهِ مَالَ غَيْرِهِ بِالْقَتْلِ رُخِّصَ لَهُ ذَلِكَ لِرُجْحَانِ حَقِّهِ فِي النَّفْسِ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ يَفُوتُ فِي النَّفْسِ صُورَةً وَمَعْنًى، وَحَقُّ غَيْرِهِ لَا يَفُوتُ مَعْنًى لِانْجِبَارِهِ بِالضَّمَانِ فَإِذَا صَبَرَ حَتَّى قُتِلَ كَانَ شَهِيدًا؛ لِأَنَّ السَّبَبَ الْمُوجِبَ لِلْحُرْمَةِ، وَهُوَ الْمِلْكُ وَحُكْمُهُ، وَهُوَ حُرْمَةُ التَّعَرُّضِ قَائِمَانِ فَإِنَّ حُرْمَةَ إتْلَافِ مَالِهِ لِمَكَانِ عِصْمَتِهِ وَاحْتِرَامِهِ وَذَلِكَ لَا يَخْتَلُّ بِالْإِكْرَاهِ فَكَانَ فِي الصَّبْرِ آخِذًا بِالْعَزِيمَةِ مُقِيمًا فَرْضَ الْجِهَادِ؛ لِأَنَّهُ أَتْلَفَ نَفْسَهُ صِيَانَةً لِحَقِّ ذَلِكَ الرَّجُلِ فِي مَالِهِ مِنْ حَيْثُ الصُّورَةُ فَيَكُونُ مُثَابًا كَذَا ذَكَرَ الشَّيْخُ فِي بَعْضِ كُتُبِهِ. وَذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَإِنْ أَبَى أَنْ يَفْعَلَ حَتَّى قُتِلَ كَانَ مَأْجُورًا إنْ شَاءَ اللَّهُ قَيَّدَهُ بِالِاسْتِثْنَاءِ وَلَمْ يَذْكُرْ الِاسْتِثْنَاءَ فِيمَا سِوَاهَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجِدْ فِيهَا نَصًّا بِعَيْنِهِ، وَإِنَّمَا قَالَهُ بِالْقِيَاسِ عَلَى الْإِكْرَاهِ عَلَى الْإِفْطَارِ، وَإِفْسَادِ الصَّلَاةِ، وَإِجْرَاءِ كَلِمَةِ الْكُفْرِ وَنَحْوِهَا، وَلَيْسَ هَذَا فِي مَعْنَى تِلْكَ الْمَسَائِلِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ؛ لِأَنَّ الِامْتِنَاعَ مِنْ الْإِتْلَافِ هَاهُنَا لَا يَرْجِعُ إلَى إعْزَازِ الدِّينِ فَلِهَذَا قَيَّدَهُ بِهِ، وَكَذَلِكَ صَائِمٌ أُكْرِهَ عَلَى الْإِفْطَارِ أَوْ اُضْطُرَّ إلَيْهِ بِمَخْمَصَةٍ يُرَخِّصُهُ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ فِي نَفْسِهِ يَفُوتُ أَصْلًا وَحَقُّ اللَّهِ تَعَالَى يَفُوتُ إلَى بَدَلٍ، وَهُوَ الْقَضَاءُ فَلَهُ أَنْ يُقَدِّمَ حَقَّ نَفْسِهِ. وَإِنْ صَبَرَ، وَلَمْ يُفْطِرْ حَتَّى قُتِلَ، وَهُوَ صَحِيحٌ مُقِيمٌ كَانَ مَأْجُورًا؛ لِأَنَّ حَقَّ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْوُجُوبِ لَمْ يَسْقُطْ فَكَانَ لَهُ بَذْلُ نَفْسِهِ لِإِقَامَةِ حَقِّ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَفِيهِ إظْهَارُ الصَّلَابَةِ فِي الدِّينِ، وَإِعْزَازِهِ. إلَّا أَنْ يَكُونَ مُسَافِرًا أَوْ مَرِيضًا فَلَمْ يُفْطِرْ حَتَّى قُتِلَ كَانَ آثِمًا؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَبَاحَ لَهُمَا الْإِفْطَارَ بِقَوْلِهِ. {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 184] . فَعِنْدَ خَوْفِ الْهَلَاكِ رَمَضَانُ فِي حَقِّهِمَا كَشَعْبَانَ فِي حَقِّ غَيْرِهِمَا فَيَكُونُ آثِمًا بِالِامْتِنَاعِ حَتَّى يَمُوتَ بِمَنْزِلَةِ الْمُضْطَرِّ فِي فَصْلِ الْمَيْتَةِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ الْعِبَادَاتِ مِثْلُ الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا وَالْحُقُوقِ الْمُحْتَرَمَةِ مِثْلُ مَا لَوْ أُكْرِهَ عَلَى الدَّلَالَةِ عَلَى مَالِ نَفْسِهِ أَوْ مَالِ إنْسَانٍ رُخِّصَ لَهُ الدَّلَالَةُ، وَلَوْ لَمْ يَفْعَلْ حَتَّى قُتِلَ لَمْ يَكُنْ آثِمًا؛ لِأَنَّهُ قَصَدَ الدَّفْعَ عَنْ مَالِهِ أَوْ مَالِ غَيْرِهِ وَذَلِكَ عَزِيمَةٌ قَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ» .

قَوْلُهُ (وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّانِي) ، وَهُوَ الَّذِي دُونَ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ فِي كَوْنِهِ رُخْصَةً فَمَا يُسْتَبَاحُ بِعُذْرٍ مَعَ قِيَامِ السَّبَبِ أَيْ السَّبَبِ الْمُحَرِّمِ مُوجِبًا لِحِكْمَةٍ، وَهُوَ الْحُرْمَةُ. إلَّا أَنَّ الْحُكْمَ مُتَرَاخٍ عَنْهُ فَمِنْ حَيْثُ إنَّ السَّبَبَ الْمُوجِبَ قَائِمٌ كَانَتْ الرُّخْصَةُ حَقِيقَةً، وَمِنْ حَيْثُ إنَّ الْحُكْمَ مُتَرَاخٍ غَيْرُ ثَابِتٍ فِي الْحَالِ كَانَ هَذَا الْقِسْمُ دُونَ الْأَوَّلِ فَإِنَّ كَمَالَ الرُّخْصَةِ بِكَمَالِ الْعَزِيمَةِ فَإِذَا كَانَ الْحُكْمُ ثَابِتًا مَعَ السَّبَبِ فَهُوَ أَقْوَى مِمَّا تَرَاخَى حُكْمُهُ عَنْهُ كَالْبَيْعِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ مَعَ الْبَيْعِ الْبَاتِّ وَالْبَيْعِ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ مَعَ الْبَيْعِ بِثَمَنٍ حَالٍّ فَإِنَّ الْحُكْمَ، وَهُوَ الْمِلْكُ فِي الْبَيْعِ وَالْمُطَالَبَةُ بِالثَّمَنِ ثَابِتٌ فِي الْبَاتِّ مُتَرَاخٍ عَنْ السَّبَبِ الْمَقْرُونِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ وَالْأَجَلِ كَذَا ذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ - رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ - مِثْلُ الْمُسَافِرِ رُخِّصَ لَهُ أَنْ يُفْطِرَ مَعَ السَّبَبِ الْمُوجِبِ لِلصَّوْمِ الْمُحَرِّمِ لِلْفِطْرِ، وَهُوَ شُهُودُ الشَّهِيدِ وَتَوَجَّهَ الْخِطَابُ الْعَامُّ

نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 2  صفحه : 318
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست