responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 2  صفحه : 308
وَحُكْمُ السُّنَّةِ أَنْ يُطَالَبَ الْمَرْءُ بِإِقَامَتِهَا مِنْ غَيْرِ افْتِرَاضٍ وَلَا وُجُوبٍ لِأَنَّهَا طَرِيقَةٌ أُمِرْنَا بِإِحْيَائِهَا فَيَسْتَحِقُّ اللَّائِمَةَ بِتَرْكِهَا إلَّا أَنَّ السُّنَّةَ عِنْدَنَا قَدْ تَقَعُ عَلَى سُنَّةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَغَيْرِهِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مُطْلَقُهَا طَرِيقَةُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
ـــــــــــــــــــــــــــــQعَهْدِ قَوْمِك بِالْجَاهِلِيَّةِ لَنَقَضْت بِنَاءَ الْكَعْبَةِ، وَأَظْهَرْت قَوَاعِدَ الْخَلِيلِ، وَأَدْخَلْت الْحَطِيمَ فِي الْبَيْتِ، وَأَلْصَقْت الْعَتَبَةَ بِالْأَرْضِ وَجَعَلْت لَهُ بَابَيْنِ بَابًا شَرْقِيًّا وَبَابًا غَرْبِيًّا، وَلَئِنْ عِشْت إلَى قَابِلٍ لَأَفْعَلَن ذَلِكَ» . فَجَعَلْنَا الطَّوَافَ بِهِ. أَيْ بِالْحَطِيمِ وَاجِبًا بِهَذَا الْخَبَرِ أَوْ جَعَلْنَا الطَّوَافَ عَلَى الْحَطِيمِ بِهِ أَيْ بِهَذَا الْخَبَرِ وَاجِبًا. لَا يُعَارِضُ الْأَصْلَ أَيْ لَا يُسَاوِيهِ حَتَّى لَوْ تَرَكَهُ يُؤْمَرُ بِإِعَادَةِ الطَّوَافِ مِنْ الْأَصْلِ أَوْ إعَادَتِهِ عَلَى الْحَطِيمِ مَا دَامَ بِمَكَّةَ لِيَتَحَقَّقَ الْعَمَلُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ. وَلَوْ رَجَعَ مِنْ غَيْرِ إعَادَةٍ يُجْزِيهِ وَيُجْبَرُ بِالدَّمِ لِوُجُودِ أَصْلِ الْفَرْضِ، وَهُوَ الدَّوَرَانُ حَوْلَ الْبَيْتِ مَعَ تَمَكُّنِ النُّقْصَانِ فِيهِ بِتَرْكِ الطَّوَافِ عَلَى الْحَطِيمِ. وَلَوْ تَوَجَّهَ إلَى الْحَطِيمِ لَا يَجُوزُ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّ كَوْنَهُ مِنْ الْبَيْتِ ثَبَتَ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ فَلَا يَتَأَدَّى بِهِ مَا ثَبَتَ فَرْضًا بِالْكِتَابِ، وَهُوَ التَّوَجُّهُ إلَى الْكَعْبَةِ.

قَوْلُهُ (وَحُكْمُ السُّنَّةِ) كَذَا قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - حُكْمُ السُّنَّةِ هُوَ الِاتِّبَاعُ فَقَدْ ثَبَتَ بِالدَّلِيلِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُتَّبَعٌ فِيمَا سَلَكَ مِنْ طَرِيقِ الدِّينِ، وَكَذَا الصَّحَابَةُ بَعْدَهُ، وَهَذَا الِاتِّبَاعُ الثَّابِتُ بِمُطْلَقِ السُّنَّةِ خَالٍ عَنْ صِفَةِ الْفَرْضِيَّةِ وَالْوُجُوبِ إلَّا أَنْ تَكُونَ مِنْ أَعْلَامِ الدِّينِ نَحْوُ صَلَاةِ الْعِيدِ وَالْآذَانِ وَالْإِقَامَةِ وَالصَّلَاةِ بِالْجَمَاعَةِ فَإِنَّ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الْوَاجِبِ عَلَى مَا نُبَيِّنُهُ بَعْدُ وَذَكَرَ أَبُو الْيُسْرِ، وَأَمَّا السُّنَّةُ فَكُلُّ نَفْلٍ وَاظَبَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِثْلُ التَّشَهُّدِ فِي الصَّلَوَاتِ وَالسُّنَنِ الرَّوَاتِبِ وَحُكْمُهَا أَنَّهُ يُنْدَبُ إلَى تَحْصِيلِهَا وَيُلَامُ عَلَى تَرْكِهَا مَعَ لُحُوقِ إثْمٍ يَسِيرٍ وَكُلُّ نَفْلٍ لَمْ يُوَاظِبْ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَلْ تَرَكَهُ فِي حَالَةٍ كَالطَّهَارَةِ لِكُلِّ صَلَاةٍ وَتَكْرَارِ الْغُسْلِ فِي أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ وَالتَّرْتِيبِ فِي الْوُضُوءِ فَإِنَّهُ يُنْدَبُ إلَى تَحْصِيلِهِ، وَلَكِنْ لَا يُلَامُ عَلَى تَرْكِهِ، وَلَا يُلْحَقُ بِتَرْكِهِ وِزْرٌ.
وَأَمَّا التَّرَاوِيحُ فِي رَمَضَانَ فَإِنَّهُ سُنَّةُ الصَّحَابَةِ فَإِنَّهُ لَمْ يُوَاظِبْ عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَلْ وَاظَبَ عَلَيْهَا الصَّحَابَةُ، وَهَذَا مِمَّا يُنْدَبُ إلَى تَحْصِيلِهِ وَيُلَامُ عَلَى تَرْكِهِ، وَلَكِنَّهُ دُونَ مَا وَاظَبَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنَّ سُنَّةَ النَّبِيِّ أَقْوَى مِنْ سُنَّةِ الصَّحَابَةِ.، وَهَذَا عِنْدَنَا، وَأَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ يَقُولُونَ السُّنَّةُ نَفْلٌ وَاظَبَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَأَمَّا النَّفَلُ الَّذِي وَاظَبَ عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ فَلَيْسَ بِسُنَّةٍ، وَهُوَ عَلَى أَصْلِهِمْ مُسْتَقِيمٌ فَإِنَّهُمْ لَا يَرَوْنَ، أَقْوَالَ الصَّحَابَةِ حُجَّةً فَلَا يَجْعَلُونَ أَفْعَالَهُمْ أَيْضًا سُنَّةً وَعِنْدَنَا أَقْوَالُ الصَّحَابَةِ حُجَّةٌ فَيَكُونُ أَفْعَالُهُمْ سُنَّةً؛ لِأَنَّهَا طَرِيقَةٌ أُمِرْنَا بِإِحْيَائِهَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: 21] . وَقَوْلُهُ عَزَّ اسْمُهُ {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: 7] . وَبِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي» الْحَدِيثَ. وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ تَرَكَ سُنَّتِي لَمْ يَنَلْ شَفَاعَتِي» .
وَالْإِحْيَاءُ فِي الْفِعْلِ فَتَرْكُ الْفِعْلِ يَسْتَوْجِبُ اللَّائِمَةَ أَيْ الْمَلَامَةَ فِي الدُّنْيَا وَحِرْمَانَ الشَّفَاعَةِ فِي الْعُقْبَى. إلَّا أَنَّ السُّنَّةَ اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ أَيْ لَا خِلَافَ فِي أَنَّ تَفْسِيرَ السُّنَّةِ وَحُكْمَهَا مَا ذَكَرْنَا الِاخْتِلَافُ فِي أَنَّ إطْلَاقَ لَفْظِ السُّنَّةِ يَقَعُ عَلَى سُنَّةِ الرَّسُولِ أَوْ يَحْتَمِلُ سُنَّتَهُ وَسُنَّةَ غَيْرِهِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الرَّاوِيَ إذَا قَالَ مِنْ السُّنَّةِ كَذَا فَعِنْدَ عَامَّةِ أَصْحَابِنَا الْمُتَقَدِّمِينَ، وَأَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَجُمْهُورِ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ يُحْمَلُ عَلَى سُنَّةِ الرَّسُولِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ صَاحِبُ الْمِيزَانِ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ. وَعِنْدَ الشَّيْخِ أَبِي الْحَسَنِ الْكَرْخِيِّ مِنْ أَصْحَابِنَا وَأَبِي بَكْرٍ الصَّيْرَفِيِّ

نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 2  صفحه : 308
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست