responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 2  صفحه : 304
وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ النَّصَّ الَّذِي لَا شُبْهَةَ فِيهِ أَوْجَبَ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ فِي الصَّلَاةِ، وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} [المزمل: 20] وَخَبَرُ الْوَاحِدِ وَفِيهِ شُبْهَةٌ تُعَيِّنُ الْفَاتِحَةَ فَلَمْ يَجُزْ تَغَيُّرُ الْأَوَّلِ بِالثَّانِي بَلْ يَجِبُ الْعَمَلُ بِالثَّانِي عَلَى أَنَّهُ تَكْمِيلٌ لِحُكْمِ الْأَوَّلِ مَعَ قَرَارِ الْأَوَّلِ وَذَلِكَ فِيمَا قُلْنَا وَكَذَلِكَ الْكِتَابُ أَوْجَبَ الرُّكُوعَ وَخَبَرُ الْوَاحِدِ أَوْجَبَ التَّعْدِيلَ، وَكَذَلِكَ الطَّوَافُ مَعَ الطَّهَارَةِ فَمَنْ رَدَّ خَبَرَ الْوَاحِدِ فَقَدْ ضَلَّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ وَمَنْ سَوَّاهُ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ الْمُتَوَاتِرَةِ فَقَدْ أَخْطَأَ فِي رَفْعِهِ عَنْ مَنْزِلَتِهِ وَوَضْعِ الْأَعْلَى عَنْ مَنْزِلَتِهِ، وَإِنَّمَا الطَّرِيقُ الْمُسْتَقِيمُ مَا قُلْنَا وَكَذَلِكَ السَّعْيُ فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQتَخْصِيصُ كُلِّ وَاحِدٍ بِقِسْمٍ تَحَكُّمًا. وَنَحْنُ نَقُولُ إنَّهُ إنْ أَنْكَرَ الِاسْمَ أَيْ أَنْكَرَ كَوْنَهُمَا مُتَبَايِنَيْنِ لُغَةً فَلَا مَعْنَى لَهُ لِمَا بَيَّنَّا مِنْ مَعْنَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَمُبَايَنَةُ أَحَدِ الْمَعْنَيَيْنِ لِلْآخَرِ، وَإِنْ أَنْكَرَ الْحُكْمَ أَيْ أَنْكَرَ التَّفْرِقَةَ بَيْنَهُمَا حُكْمًا بِأَنْ قَالَ لَا تَفَاوُتَ بَيْنَهُمَا فِي لُزُومِ الْعَمَلِ بَطَلَ إنْكَارُهُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ التَّفْرِقَةَ بَيْنَ مَا ثَبَتَ بِدَلِيلٍ مَقْطُوعٍ بِهِ وَبَيْنَ مَا ثَبَتَ بِدَلِيلٍ مَظْنُونٍ ظَاهِرَةٌ، إذْ ثُبُوتُ الْمَدْلُولِ عَلَى حَسَبِ الدَّلِيلِ فَمَتَى كَانَ التَّفَاوُتُ ثَابِتًا بَيْنَ الدَّلِيلَيْنِ لَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِهِ بَيْنَ الْمَدْلُولَيْنِ.
وَأَمَّا قَوْلُهُمْ تَخْصِيصُ كُلِّ لَفْظٍ بِقِسْمٍ تَحَكُّمٌ فَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّا نَخُصُّ الْفَرْضَ بِقِسْمٍ بِاعْتِبَارِ مَعْنَى الْقَطْعِ وَنَخُصُّ الْوَاجِبَ بِقِسْمٍ بِاعْتِبَارِ مَعْنَى السُّقُوطِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي بَيَّنَّا، وَلَا يُوجَدُ مَعْنَى الْقَطْعِ فِي الْوَاجِبِ، وَلَا مَعْنَى السُّقُوطِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي بَيَّنَّا فِي الْفَرْضِ فَأَنَّى يَلْزَمُ التَّحَكُّمُ، وَسَائِرُ الْأَسْمَاءِ الشَّرْعِيَّةِ وَالْعُرْفِيَّةِ بِهَذِهِ الْمَثَابَةِ.
قَالَ الْغَزَالِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَأَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَدْ اصْطَلَحُوا عَلَى تَخْصِيصِ اسْمِ الْفَرْضِ بِمَا يُقْطَعُ بِوُجُوبِهِ وَتَخْصِيصُ اسْمِ الْوَاجِبِ بِمَا ثَبَتَ ظَنًّا وَنَحْنُ لَا نُنْكِرُ انْقِسَامَ الْوَاجِبِ إلَى مَقْطُوعٍ وَمَظْنُونٍ، وَلَا حَجْرَ فِي اصْطِلَاحَاتٍ بَعْدَ تَفَهُّمِ الْمَعَانِي. فَصَارَ الْحَاصِلُ أَنَّ وُجُوبَ الْعَمَلِ فِي الْوَاجِبِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ مِثْلُ وُجُوبِ الْعَمَلِ فِي الْفَرْضِ وَالتَّفَاوُتِ بَيْنَهُمَا فِي ثُبُوتِ الْعِلْمِ وَعَدَمِهِ وَعِنْدَنَا التَّفَاوُتُ بَيْنَهُمَا ثَابِتٌ فِي وُجُوبِ الْعَمَلِ أَيْضًا حَتَّى كَانَ وُجُوبُ الْعَمَلِ فِي الْفَرْضِ أَقْوَى مِنْ وُجُوبِهِ فِي الْوَاجِبِ. وَبَيَانُ ذَلِكَ أَيْ بَيَانُ التَّفَاوُتِ الَّذِي بَيَّنَّا أَنَّ النَّصَّ الْمَقْطُوعَ بِهِ، وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} [المزمل: 20] . أَوْجَبَ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ فِي الصَّلَاةِ إذْ الْمُرَادُ مِنْهُ الْقُرْآنُ فِي الصَّلَاةِ بِالْإِجْمَاعِ. وَبِدَلِيلِ قَوْلِهِ عَزَّ اسْمُهُ {إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ} [المزمل: 20] . وَكَانَ قِيَامُ ثُلُثِ اللَّيْلِ فَرْضًا فَانْتَسَخَ أَصْلُهُ فِي قَوْلِهِ أَوْ تَقْدِيرُهُ فِي قَوْلِهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى. {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} [المزمل: 20] أَيْ فِي كُلِّ صَلَاةٍ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَوْ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي. وَبِأَنَّ الْأَمْرَ لِلْإِيجَابِ، وَلَا وُجُوبَ خَارِجِ الصَّلَاةِ فَيَتَعَيَّنُ الْقِرَاءَةُ فِي الصَّلَاةِ، وَهَذَا النَّصُّ بِإِطْلَاقِهِ وَعُمُومِهِ يَتَنَاوَلُ الْفَاتِحَةَ وَغَيْرَهَا فَيَخْرُجُ عَنْ الْعُهْدَةِ بِقِرَاءَةِ غَيْرِ الْفَاتِحَةِ كَمَا يَخْرُجُ بِقِرَاءَتِهَا. وَخَبَرُ الْوَاحِدِ، وَهُوَ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «لَا صَلَاةَ إلَّا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ» أَوْجَبَ الْفَاتِحَةَ عَلَيْنَا فَوَجَبَ الْعَمَلُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ تَغْيِيرُ مُوجِبِ الْكِتَابِ، وَذَلِكَ بِأَنْ يَجْعَلَ قِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ وَاجِبَةً يَجِبُ الْعَمَلُ بِهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ فَرْضًا لِيَتَقَرَّرَ الْكِتَابُ عَلَى حَالِهِ وَيَحْصُلُ الْعَمَلُ بِالدَّلِيلَيْنِ عَلَى مَرْتَبَتِهِمَا.
وَلَا يُقَالُ قَدْ خُصَّ مِنْ النَّصِّ مَا دُونَ الْآيَةِ بِالْإِجْمَاعِ، وَهُوَ قُرْآنٌ حَتَّى لَوْ أَنْكَرَهُ يَكْفُرُ فَيُخَصُّ مَا دُونَ الْفَاتِحَةِ بِالْخَبَرِ أَيْضًا.؛ لِأَنَّا نَقُولُ عَدَمُ جَوَازِ مَا دُونَ الْآيَةِ لَيْسَ بِاعْتِبَارِ التَّخْصِيصِ، وَلَكِنَّ ذَلِكَ لَا يُسَمَّى قِرَاءَةً عُرْفًا فَلَا يَدْخُلُ إطْلَاقُ قَوْله تَعَالَى فَاقْرَءُوا. وَلِهَذَا لَا يَحْرُمُ قِرَاءَةُ مَا دُونَ الْآيَةِ عَلَى الْجُنُبِ وَالْحَائِضِ؛ لِأَنَّهَا لَا تُسَمَّى قِرَاءَةً عُرْفًا كَمَا لَوْ تَكَلَّمَ بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ حَرْفٍ وَاحِدٍ مِنْهُ، وَلَكِنْ مَا دُونَ الْآيَةِ مِنْ الْقُرْآنِ حَقِيقَةً فَإِنْكَارُهُ يَكُونُ كُفْرًا كَإِنْكَارِ كَلِمَةٍ أَوْ حَرْفٍ. فَمَنْ رَدَّ خَبَرَ الْوَاحِدِ كَمَا رَدَّهُ الرَّافِضَةُ وَغَيْرُهُمْ فَقَدْ ضَلَّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ أَيْ عَنْ وَسَطِهِ، وَمَنْ سَوَّاهُ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ

نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 2  صفحه : 304
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست