responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 2  صفحه : 300
حَتَّى صَارَ الْعَزْمُ يَمِينًا وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا} [طه: 115] أَيْ لَمْ يَكُنْ لَهُ قَصْدٌ مُؤَكَّدٌ فِي الْعِصْيَانِ، وَقَالَ جَلَّ ذِكْرُهُ: {كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ} [الأحقاف: 35] وَأَمَّا الرُّخْصَةُ فَتُنْبِئُ عَنْ الْيُسْرِ وَالسُّهُولَةُ يُقَالُ رَخُصَ السِّعْرُ إذَا تَيَسَّرَتْ الْإِصَابَةُ لِكَثْرَةِ الْأَشْكَالِ وَقِلَّةِ الرَّغَائِبِ.

وَالْعَزِيمَةُ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ فَرِيضَةٌ وَوَاجِبٌ وَسُنَّةٌ وَنَفْلٌ فَهَذِهِ أُصُولُ الشَّرْعِ وَإِنْ كَانَتْ مُتَفَاوِتَةً فِي أَنْفُسِهَا أَمَّا الْفَرْضُ فَمَعْنَاهُ التَّقْدِيرُ وَالْقَطْعُ فِي اللُّغَةِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا} [النور: 1] أَيْ قَدَّرْنَاهَا وَقَطَعْنَا الْأَحْكَامَ فِيهَا قَطْعًا، وَالْفَرَائِضُ فِي الشَّرْعِ مُقَدَّرَةٌ لَا تَحْتَمِلُ زِيَادَةً وَلَا نُقْصَانًا أَيْ مَقْطُوعَةً ثَبَتَتْ بِدَلِيلٍ لَا شُبْهَةَ فِيهِ مِثْلُ الْإِيمَانِ وَالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالْحَجِّ وَسُمِّيَتْ مَكْتُوبَةً وَهَذَا الِاسْمُ يُشِيرُ إلَى ضَرْبٍ مِنْ التَّخْفِيفِ فَفِي التَّقْدِيرِ وَالتَّنَاهِي يُسْرٌ، وَيُشِيرُ إلَى شِدَّةِ الْمُحَافَظَةِ وَالرِّعَايَةِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQكَيْفَ وَفِي بَعْضِ الرُّخَصِ يَجِبُ تَحْصِيلُهُ كَمَا فِي تَنَاوُلِ الْمَيْتَةِ وَالدَّمِ عِنْدَ الْإِكْرَاهِ وَالْمَخْمَصَةِ. قَالَ صَاحِبُ الْمِيزَانِ: وَهَذَا صَحِيحٌ وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُ أَصْحَابنَا هَذَا فَإِنَّ مَعْنَى الرُّخْصَةِ السُّهُولَةُ وَالْيُسْرُ وَذَلِكَ فِي سُقُوطِ الْحَظْرِ وَالْعُقُوبَةِ جَمِيعًا. وَالِاسْمَانِ مَعًا دَلِيلَانِ عَلَى الْمُرَادِ أَيْ يَدُلَّانِ لُغَةً عَلَى الْوَكَادَةِ وَالْيُسْرِ الْمُرَادَيْنِ فِي الشَّرْعِ مِنْهُمَا فَكَانَا اسْمَيْنِ شَرْعِيَّيْنِ مُرَاعًى فِيهِمَا مَعْنَى اللُّغَةِ. حَتَّى كَانَ الْعَزْمُ يَمِينًا.
وَلَوْ قَالَ أَعْزِمُ أَنْ أَفْعَلَ كَذَا كَانَ يَمِينًا عِنْدَنَا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَا يَكُونُ يَمِينًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْلِفْ بِاَللَّهِ، وَلَا بِصِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ. وَلَكِنَّا نَقُولُ الْعَزْمُ لُغَةً أَقْصَى مَا يُرَادُ مِنْ الْإِيجَابِ وَالتَّوْكِيدِ، وَالْإِنْسَانُ يُؤَكِّدُ كَلَامَهُ بِالْيَمِينِ. وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ عَزَمْتُ عَلَيْك أَنْ لَا تَصُومِي الْيَوْمَ الَّذِي مِتَّ فِيهِ فَأَفْطَرَتْ وَقَالَتْ مَا كُنْت لِأُتْبِعَهُ حِنْثًا فَعَرَّفْت الْعَزْمَ يَمِينًا فَإِنْ عَرَّفْته لُغَةً فَقَوْلُهَا حُجَّةٌ، وَإِنْ عَرَّفْته شَرْعًا فَكَذَلِكَ كَذَا فِي الْأَسْرَارِ. وَفِي الصِّحَاحِ عَزَمْت عَلَيْهِ أَيْ اقْتَسَمْت عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى.
{فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ} [الأحقاف: 35] . أَيْ فَاصْبِرْ عَلَى أَذَى قَوْمِك كَمَا صَبَرَ أُولُوا الْحَزْمِ وَالرَّأْيِ الصَّوَابِ مِنْ الرُّسُلِ عَلَى بَلَايَا اُبْتُلُوا بِهَا تَظْفَرُ بِالثَّوَابِ كَمَا ظَفِرُوا بِهِ ثُمَّ أَنَّهُمْ خَصُّوا مِنْ بَيْنِ الْأَنْبِيَاءِ، وَإِنْ كَانَ الْكُلُّ عَلَى الْحَقِّ لِانْتِفَاءِ الْوَهْنِ وَشُبْهَتِهِ فِي طَلَبِهِمْ لِلْحَقِّ وَزِيَادَةِ ثَبَاتِهِمْ عَلَيْهِ عِنْدَ تَوَجُّهِ الشَّدَائِدِ وَالْمَكَارِهِ إلَيْهِمْ وَقُوَّةِ صَبْرِهِمْ عَلَيْهِ فِيهَا. وَقِيلَ هُمْ سِتَّةٌ. نُوحٌ فَإِنَّهُ صَبَرَ عَلَى أَذَى قَوْمِهِ مُدَّةً طَوِيلَةً.، وَإِبْرَاهِيمُ صَبَرَ عَلَى النَّارِ وَذَبْحِ الْوَلَدِ.، وَإِسْحَاقُ عَلَى الذَّبْحِ. وَيَعْقُوبُ عَلَى فَقْدِ الْوَلَدِ وَذَهَابِ الْبَصَرِ. وَيُوسُفُ عَلَى الْجُبِّ وَالسِّجْنِ. وَأَيُّوبُ عَلَى الضُّرِّ. وَقِيلَ هُمْ أَصْحَابُ الشَّرَائِعِ نُوحٌ، وَإِبْرَاهِيمُ، وَمُوسَى وَعِيسَى، وَمُحَمَّدٌ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ مِنْ لِلتَّبْعِيضِ. وَقِيلَ الرُّسُلُ كُلُّهُمْ أُولُوا الْعَزْمِ، وَلَمْ يَبْعَثْ اللَّهُ رَسُولًا إلَّا كَانَ ذَا عَزْمٍ وَحَزْمٍ وَرَأْيٍ، وَكَمَالِ عَقْلٍ، وَمِنْ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ لِلتَّبْيِينِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ إلَيْهِ أُشِيرَ فِي التَّيْسِيرِ وَغَيْرِهِ.

[أَقْسَام الْعَزِيمَةُ]
وَالْعَزِيمَةُ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ الْفَرْضُ إلَى آخِرِهِ. يَدْخُلُ فِي هَذِهِ الْأَقْسَامِ الْفِعْلُ وَالتَّرْكُ فَإِنَّ تَرْكَ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ فَرْضٌ. إنْ كَانَ الدَّلِيلُ مَقْطُوعًا بِهِ كَتَرْكِ أَكْلِ الْمَيْتَةِ وَشُرْبِ الْخَمْرِ. وَوَاجِبٌ إنْ دَخَلَ فِيهِ شُبْهَةٌ كَتَرْكِ أَكْلِ الضَّبِّ وَاللَّعِبِ بِالشِّطْرَنْجِ. وَسُنَّةٌ أَوْ نَفْلٌ إنْ كَانَ دُونَهُ كَتَرْكِ مَا قِيلَ فِيهِ لَا بَأْسَ بِهِ. وَيُؤَيِّدُهُ مَا ذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْوَاجِبُ مَا يَكُونُ لَازِمُ الْأَدَاءِ شَرْعًا أَوْ وَاجِبَ التَّرْكِ فِيمَا يَرْجِعُ إلَى الْحِلِّ وَالْحُرْمَةِ. ذُكِرَ فِي بَعْضِ نُسَخِ الْأُصُولِ لِأَصْحَابِنَا الْفِعْلُ الصَّادِرُ عَنْ الْمُكَلَّفِ لَا يَخْلُو مِنْ أَنْ يَتَرَجَّحَ جَانِبُ الْأَدَاءِ فِيهِ أَوْ جَانِبُ التَّرْكِ أَوْ لَا هَذَا، وَلَا ذَلِكَ.
أَمَّا الْأَوَّلُ فَذَلِكَ إمَّا أَنْ يَكْفُرَ جَاحِدُهُ وَيُضَلَّلَ، وَهُوَ الْفَرْضُ. أَوْ لَا يَكْفُرُ وَذَلِكَ أَمَّا أَنْ يَتَعَلَّقَ الْعِقَابُ بِتَرْكِهِ، وَهُوَ الْوَاجِبُ. أَوْ لَا يَتَعَلَّقُ وَذَلِكَ إمَّا أَنْ يَكُونَ ظَاهِرًا وَاظَبَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وَهُوَ السُّنَّةُ الْمَشْهُورَةُ أَوْ لَا يَكُونُ، وَهُوَ النَّفَلُ وَالتَّطَوُّعُ وَالْمَنْدُوبُ. وَأَمَّا الثَّانِي فَإِمَّا أَنْ يَتَعَلَّقَ الْعِقَابُ بِالْإِتْيَانِ بِهِ، وَهُوَ الْحَرَامُ. أَوْ لَا يَتَعَلَّقُ، وَهُوَ الْمَكْرُوهُ. وَأَمَّا الثَّالِثُ فَهُوَ الْمُبَاحُ إذْ لَيْسَ فِي أَدَائِهِ ثَوَابٌ، وَلَا فِي تَرْكِهِ عِقَابٌ. وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ الْعَزِيمَةُ لَا تَخْلُو مِنْ أَنْ يَكْفُرَ جَاحِدُهَا أَوْ لَا وَالْأَوَّلُ هُوَ الْفَرْضُ. وَالثَّانِي لَا يَخْلُو مِنْ أَنْ

نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 2  صفحه : 300
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست