responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 2  صفحه : 230
فَأَمَّا تَضْيِيعُ الْمَاءِ فَقَاصِرٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَحْصُلُ بِالْعَزْلِ وَلَا تَفْسُدُ الْفِرَاشُ، وَكَذَلِكَ الزِّنَا كَامِلٌ بِحَالِهِ؛ لِأَنَّهُ غَالِبُ الْوُجُودِ بِالشَّهْوَةِ الدَّاعِيَةِ مِنْ الطَّرَفَيْنِ وَأَمَّا هَذَا الْفِعْلُ فَقَاصِرٌ بِحَالِهِ؛ لِأَنَّ الدَّاعِيَ إلَيْهِ شَهْوَةُ الْفَاعِلِ فَأَمَّا صَاحِبُهُ فَلَيْسَ فِي طَبْعِهِ دَاعٍ إلَيْهِ بَلْ الطَّبْعُ مَانِعٌ فَفَسَدَ الِاسْتِدْلَال بِالْكَامِلِ عَلَى الْقَاصِرِ فِي حُكْمٍ يُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ وَالتَّرْجِيحُ بِالْحُرْمَةِ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ الْحُرْمَةَ الْمُجَرَّدَةَ بِدُونِ هَذِهِ الْمَعَانِي غَيْرُ مُعْتَبَرٍ لِإِيجَابِ الْحَدِّ أَلَا تَرَى أَنَّ شُرْبَ الْبَوْلِ لَا يُوجِبُ الْحَدَّ مَعَ كَمَالِ الْحُرْمَةِ، وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ الشَّافِعِيَّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَحِلَّيْنِ فِي الْمَعْنَى الْمُوجِبِ لِلْحُكْمِ وَهِيَ مَعْدُومَةٌ هَهُنَا؛ لِأَنَّ الْمُتَنَازَعَ فِيهِ قَاصِرٌ عَنْ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ فِي الْمَعْنَى الَّذِي تَعَلَّقَ الْحُكْمُ بِهِ لِوَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْحُكْمَ فِي الزِّنَا إنَّمَا تَعَلَّقَ بِسَفْحِ الْمَاءِ عَلَى وَجْهٍ يُؤَدِّي إلَى فَسَادِ الْفِرَاشِ وَإِهْلَاكِ الْبَشَرِ حُكْمًا لَا بِمُجَرَّدِ السَّفْحِ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ يُخْلَقُ مِنْ مَاءِ الزِّنَا وَلَا يُمْكِنُ إيجَابُ تَرْبِيَتِهِ عَلَى الزَّانِي لِعَدَمِ ثُبُوتِ النَّسَبِ مِنْهُ وَلَا عَلَى الْأُمِّ لِعَجْزِهَا عَنْ الْكَسْبِ وَالْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ، فَيَهْلِكُ؛ وَلِذَا سَمَّى تَرْبِيَتَهُ إحْيَاءً قَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «مَنْ أَخَذَ لَقِيطًا فَقَدْ أَحْيَاهُ» وَلِهَذَا لَوْ أَكْرَهَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ بِالْقَتْلِ عَلَى الزِّنَاءِ لَا يُرَخَّصُ لَهُ الْإِقْدَامُ حَتَّى لَوْ أَقْدَمَ يَأْثَمُ كَمَا لَوْ أُكْرِهَ عَلَى قَتْلِ إنْسَانٍ، وَفِي اللِّوَاطَةِ لَمْ يُوجَدْ هَذَا الْمَعْنَى وَإِنَّمَا وُجِدَ مُجَرَّدُ تَضْيِيعِ الْمَاءِ وَأَنَّهُ قَدْ يَحِلُّ بِالْعَزْلِ فِي الْأَمَةِ بِغَيْرِ إذْنِهَا وَفِي الْمَنْكُوحَةِ الْحُرَّةِ بِإِذْنِهَا وَالْمَنْكُوحَةِ الْأَمَةِ بِإِذْنِهَا أَوْ بِإِذْنِ مَوْلَاهَا.
وَلَيْسَ فِيهِ إفْسَادُ الْفِرَاشِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ بِاشْتِبَاهِ النَّسَبِ وَلَا تَصَوُّرَ لِذَلِكَ فِي الرَّجُلِ إذْ الرَّجُلُ لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكُونَ فِرَاشًا فَكَانَ قَاصِرًا وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُجْبَرَ هَذَا النُّقْصَانُ بِزِيَادَةِ الْحُرْمَةِ مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي قَالَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَكُونُ مُقَايَسَةً وَلَا مَدْخَلَ لَهَا فِي الْحُدُودِ.
فَإِنْ قِيلَ: لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْحُكْمَ تَعَلَّقَ بِمَا ذَكَرْتُمْ فَإِنَّهُ لَوْ زَنَى بِعَجُوزٍ أَوْ بِعَقِيمٍ لَا زَوْجَ لَهَا يَجِبُ الْحَدُّ وَلَمْ يُوجَدْ إفْسَادُ الْفِرَاشِ وَلَا إهْلَاكُ الْوَلَدِ. وَكَذَا زِنَاءُ الْخَصِيِّ يُوجِبُ الْحَدَّ وَلَا مَاءَ لَهُ لِيُؤَدِّيَ إلَى فَسَادِ الْفِرَاشِ وَإِهْلَاكِ الْوَلَدِ.
قُلْنَا: الْمُعْتَبَرُ وَالْمَنْظُورُ إلَيْهِ فِي أَحْكَامِ الشَّرْعِ الْجِنْسُ لَا الْإِفْرَادُ وَجِنْسُ الزِّنَا لَا يَخْلُو عَنْ إفْسَادِ الْفِرَاشِ وَإِهْلَاكِ الْوَلَدِ بَلْ هُوَ الْغَالِبُ فِيهِ عَلَى أَنَّ مَحَلِّيَّةَ الْمَاءِ لَا يَنْعَدِمُ أَصْلًا فِي الْعَجُوزِ وَالْعَقِيمِ فَإِنَّ حُرْمَةَ الْمُصَاهَرَةِ تَثْبُتُ بِوَطْئِهِمَا وَكَذَا الْخَصِيُّ لَا يَنْعَدِمُ فِيهِ أَهْلِيَّةُ الْمَاءِ وَلِهَذَا يَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْهُ وَلَوْ انْعَدَمَ الْمَاءُ أَصْلًا لَا يَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْهُ كَمَا فِي الصَّبِيِّ.
وَالثَّانِي: أَنَّ الزِّنَا كَامِلٌ بِحَالٍ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ فِي الْكِتَابِ.
وَتَقْرِيرُهُ بِعِبَارَةِ الْإِمَامِ الْبُرْغَرِيِّ أَنَّ الْحُدُودَ شُرِعَتْ زَوَاجِرُ عَنْ الْإِقْدَامِ عَلَى الْجِنَايَاتِ وَإِنَّمَا يُحْتَاجُ إلَى الزَّاجِرِ الشَّرْعِيِّ فِيمَا يَمِيلُ الطَّبْعُ إلَيْهِ، فَأَمَّا فِيمَا يَنْزَجِرُ الْإِنْسَانُ عَنْهُ بِطَبْعِهِ فَلَا يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى الزَّاجِرِ الشَّرْعِيِّ كَشُرْبِ الْبَوْلِ لَا يُوجِبُ الْحَدَّ لِمَا ذَكَرْنَا وَالْحَاجَةُ إلَى الزَّاجِرِ فِي اللِّوَاطَةِ لَيْسَتْ كَالْحَاجَةِ إلَى الزَّاجِرِ فِي الزِّنَا.
أَمَّا فِي جَانِبِ الْمَفْعُولِ فَلِأَنَّ الْحَدَّ لَوْ وَجَبَ عَلَيْهِ إنَّمَا يَجِبُ اسْتِدْلَالًا بِالزِّنَا وَالزَّانِيَةُ إنَّمَا تَحْمِلُهَا الشَّهْوَةُ عَلَى الزِّنَا فَأَمَّا الْمَفْعُولُ بِهِ هَهُنَا فَيَمْتَنِعُ بِطَبْعِهِ عَنْ هَذَا الْفِعْلِ أَشَدُّ الِامْتِنَاعِ عَلَى مَا عَلَيْهِ أَصْلُ الْجِبِلَّةِ السَّلِيمَةِ فَلَا يُحْتَاجُ إلَى الزَّاجِرِ الشَّرْعِيِّ فَشَرْعُ الْحَدِّ عَلَى الزَّانِيَةِ لَا يَدُلُّ عَلَى شَرْعِ الْحَدِّ عَلَى هَذَا، وَكَذَلِكَ الْكَلَامُ فِي جَانِبِ الْفَاعِلِ لِأَنَّ طَبْعَهُ وَإِنْ كَانَ يَمِيلُ إلَى هَذَا الْفِعْلِ وَلَكِنَّ الْفِعْلَ لَا يَقُومُ بِهِ وَحْدَهُ وَإِنَّمَا يَقُومُ بِهِ وَبِآخَرَ لَا يَمِيلُ طَبْعُهُ إلَيْهِ وَفِي الزِّنَا يَقُومُ بِاثْنَيْنِ طَبْعُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَائِلٌ إلَيْهِ فَكَانَ أَغْلَبَ وُجُودًا أَوْ أَسْرَعَ حُصُولًا فَكَانَ أَحْوَجَ إلَى الزَّاجِرِ فَشَرْعُ الزَّاجِرِ فِيهِ لَا يَدُلُّ عَلَى شَرْعِهِ فِي الْمُتَنَازَعِ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْحُرْمَةَ الْمُجَرَّدَةَ يَعْنِي فِي الزِّنَا بِدُونِ هَذِهِ الْمَعَانِي وَهِيَ أَنْ يَكُونَ غَالِبُ الْوُجُودِ وَأَنْ يَكُونَ فِيهِ إهْلَاكُ الْبَشَرِ حُكْمًا

نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 2  صفحه : 230
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست