responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 2  صفحه : 164
{وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ} [البقرة: 214] بِالنَّصْبِ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا إلَى أَنْ يَقُولَ الرَّسُولُ فَلَا يَكُونُ فِعْلُهُمْ سَبَبًا لِمَقَالَةِ الرَّسُولِ وَيَنْتَهِي فِعْلُهُمْ عِنْدَ مَقَالَتِهِ عَلَى مَا هُوَ مَوْضُوعُ الْغَايَاتِ أَنَّهَا إعْلَامُ الِانْتِهَاءِ مِنْ غَيْرِ أَثَرٍ وَالثَّانِي وَزُلْزِلُوا لِكَيْ يَقُولَ الرَّسُولُ فَيَكُونُ فِعْلُهُمْ سَبَبًا لِمَقَالَتِهِ وَهَذَا لَا يُوجِبُ الِانْتِهَاءَ وَقُرِئَ حَتَّى يَقُولُ بِالرَّفْعِ عَلَى مَعْنَى جُمْلَةٍ مُبْتَدَأَةٍ أَيْ حَتَّى الرَّسُولُ يَقُولُ ذَلِكَ فَلَا يَكُونُ فِعْلُهُمْ سَبَبًا وَيَكُونُ مُتَنَاهِيًا بِهِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ فِي الزِّيَادَاتِ فِي رَجُلٍ قَالَ لِرَجُلٍ عَبْدِي حُرٌّ إنْ لَمْ أَضْرِبْك حَتَّى تُصْبِحَ أَوْ حَتَّى تَشُكِّي يَدِي أَوْ حَتَّى يَشْفَعَ فُلَانٌ أَوْ حَتَّى يَدْخُلَ اللَّيْلُ أَنَّ هَذِهِ غَايَاتٌ حَتَّى إذَا أَقْلَعَ قَبْلَ الْغَايَاتِ حَنِثَ لِأَنَّ الْفِعْلَ بِطَرِيقِ التَّكْرَارِ يَحْتَمِلُ الِامْتِدَادَ فِي حُكْمِ الْبِرِّ وَالْكَفُّ عَنْهُ مُحْتَمَلُهُ فِي حُكْمِ الْحِنْثِ لَا مَحَالَةَ وَهَذِهِ الْأُمُورُ دِلَالَاتُ الْإِقْلَاعِ عَنْ الضَّرْبِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ {وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ} [الأنفال: 39] وَيَضْمَحِلُّ عَنْهُمْ كُلُّ دِينٍ بَاطِلٍ.
وَيَبْقَى فِيهِمْ دَيْنُ الْإِسْلَامِ وَحْدَهُ قَوْلُهُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ} [البقرة: 214] أَوَّلُ الْآيَةِ {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ} [البقرة: 214] أَمْ مُنْقَطِعَةٌ وَمَعْنَى الْهَمْزَةِ فِيهَا لِلتَّقْرِيرِ وَإِنْكَارِ الْحُسْبَانِ وَاسْتِبْعَادِهِ لَمَّا ذَكَرَ مَا كَانَتْ عَلَيْهِ الْأُمَمُ مِنْ الِاخْتِلَافِ عَلَى النَّبِيِّينَ بَعْدَ مَجِيءِ الْبَيِّنَاتِ. وَلِمَا فِيهَا مَعْنَى التَّوَقُّعِ أَيْ إتْيَانُ ذَلِكَ مُتَوَقَّعٌ مُنْتَظَرٌ أَيْ أَحَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ مِنْ غَيْرِ بَلَاءٍ وَلَا مَكْرُوهٍ {وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ} [البقرة: 214] . أَيْ حَالُهُمْ الَّتِي هِيَ مَثَلٌ فِي الشِّدَّةِ. ثُمَّ بَيَّنَ الْمَثَلَ فَقَالَ {مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ} [البقرة: 214] الشِّدَّةُ وَالضَّرَّاءُ الْمَرَضُ وَالْجُوعُ وَزُلْزِلُوا وَأُزْعِجُوا إزْعَاجًا شَدِيدًا شَبِيهًا بِالزَّلْزَلَةِ بِمَا أَصَابَهُمْ مِنْ الْأَهْوَالِ وَالْأَفْزَاعِ. {حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ} [البقرة: 214] قُرِئَ بِالنَّصْبِ وَالرَّفْعِ وَلِلنَّصَبِ وَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا أَنْ تَكُونَ حَتَّى بِمَعْنَى إلَى أَيْ حُرِّكُوا بِأَنْوَاعِ الْبَلَايَا إلَى الْغَايَةِ الَّتِي قَالَ الرَّسُولُ وَهُوَ الْيَسَعُ أَوْ شُعَيْبٌ {مَتَى نَصْرُ اللَّهِ} [البقرة: 214] أَيْ بَلَغَ بِهِمْ الضَّجَرُ وَلَمْ يَبْقَ لَهُمْ صَبْرٌ حَتَّى قَالُوا ذَلِكَ. وَمَعْنَاهُ طَلَبُ النَّصْرِ وَتَمَنِّيه وَاسْتِطَالَةُ زَمَنِ الشِّدَّةِ {أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ} [البقرة: 214] . عَلَى إرَادَةِ الْقَوْلِ يَعْنِي فَقِيلَ لَهُمْ ذَلِكَ إجَابَةً لَهُمْ إلَى طَلَبَتِهِمْ مِنْ عَاجِلِ النَّصْرِ فَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَا يَكُونُ فِعْلُهُمْ أَيْ زَلْزَلَتُهُمْ وَامْتِحَانُهُمْ بِالْبَلَايَا سَبَبًا لِمَقَالَةِ الرَّسُولِ بَلْ يَنْتَهِي فِعْلُهُمْ عِنْدَ مَقَالَتِهِ.
وَلَا يُقَالُ لَيْسَ لَهُمْ فِعْلٌ بَلْ وَقَعَ الزِّلْزَالُ عَلَيْهِمْ فَكَيْفَ جَعَلَ ذَلِكَ فِعْلَهُمْ. لِأَنَّا نَقُولُ لَمَّا زُلْزِلُوا كَانَ التَّزَلْزُلُ مَوْجُودًا مِنْهُمْ لِأَنَّهُمْ إذَا حُرِّكُوا كَانَ التَّحَرُّكُ مَوْجُودًا مِنْهُمْ خُصُوصًا عَلَى اصْطِلَاحِ أَهْلِ النَّحْوِ فَإِنَّهُمْ هُمْ الْفَاعِلُونَ بِسَبَبِ أَنَّ الزِّلْزَالَ أُسْنِدَ إلَيْهِمْ عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ. عَلَى مَا هُوَ مَوْضُوعُ الْغَايَاتِ أَنَّهَا أَعْلَامُ الِانْتِهَاءِ مِنْ غَيْرِ أَثَرٍ يَعْنِي أَنَّ الْغَايَةَ عَلَامَةٌ عَلَى انْتِهَاءِ الْمُغَيَّا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ لَهَا أَثَرٌ فِي انْتِهَائِهِ كَالْمِيلِ لِلطَّرِيقِ وَالْمَنَارَةِ لِلْمَسْجِدِ وَالْإِحْصَانِ لِلرَّجْمِ فَإِنَّهَا أَعْلَامٌ عَلَى هَذِهِ الْأَشْيَاءِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُضَافَ إلَيْهَا وُجُودُ تِلْكَ الْأَشْيَاءِ. أَوْ مَعْنَاهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ لِلْمُغَيَّا أَثَرٌ فِي إيجَادِ الْغَايَةِ وَإِثْبَاتِهَا كَحُدُودِ الدَّارِ أَعْلَامٌ عَلَى انْتِهَائِهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ لِلدَّارِ أَثَرٌ فِي إيجَادِهَا. وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى لَامِ كَيْ كَقَوْلِك أَسْلَمْت حَتَّى أَدْخُلَ الْجَنَّةَ أَيْ وَزُلْزِلُوا لِكَيْ يَقُولَ الرَّسُولُ ذَلِكَ الْقَوْلَ. فَعَلَى هَذَا يَكُونُ فِعْلُهُمْ أَيْ زَلْزَلَتُهُمْ سَبَبًا لِمَقَالَتِهِ وَهُوَ لَا يُوجِبُ الِانْتِهَاءَ بَلْ يَكُونُ دَاعِيًا إلَيْهِ. وَوَجْهُ الرَّفْعِ أَنْ يَكُونَ الْفِعْلُ بَعْدَهُ بِمَعْنَى الْحَالِ كَقَوْلِهِمْ شَرِبَتْ الْإِبِلُ حَتَّى يَجِيءُ الْبَعِيرُ يَجُرُّ بَطْنَهُ إلَّا أَنَّهَا حَالٌ مَاضِيَةٌ مَحْكِيَّةٌ فَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ بَقِيَ فِيهِ مَعْنَى الْغَايَةِ وَيَكُونُ هَذَا نَظِيرُ قَوْلِهِ أَوْ غَايَةً وَهِيَ جُمْلَةٌ مُبْتَدَأَةٌ قَوْلُهُ (لِأَنَّ الْفِعْلَ) أَيْ الْفِعْلَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ وَهُوَ الضَّرْبُ.
يَحْتَمِلُ الِامْتِدَادَ بِطَرِيقِ التَّكْرَارِ يَعْنِي لَا امْتِدَادَ لِفِعْلٍ مَا حَقِيقَةً لِأَنَّهُ عَرَضٌ لَا يَبْقَى فَلَا يُتَصَوَّرُ امْتِدَادُهُ لَكِنَّ بَعْضَ الْأَفْعَالِ قَدْ يُحْتَمَلُ الِامْتِدَادُ بِتَجَدُّدِ الْأَمْثَالِ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ كَالْجُلُوسِ وَالرُّكُوبِ. وَالضَّرْبِ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ فَكَانَ شَرْطُ الْبِرِّ وَهُوَ الْمَدُّ إلَى الْغَايَةِ الْمَضْرُوبَةِ لَهُ مُتَصَوَّرًا وَإِذَا كَانَ مُحْتَمَلًا لِلِامْتِدَادِ بِالطَّرِيقِ الَّذِي قُلْنَا كَانَ الْكَفُّ عَنْهُ أَيْ عَنْ الْفِعْلِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ بِأَنْ يُقْلِعَ قَبْلَ الْغَايَةِ مُحْتَمَلُ هَذَا الْفِعْلِ لَا مَحَالَةَ فَيَكُونُ شَرْطُ الْحِنْثِ مُتَصَوَّرًا أَيْضًا وَلَا بُدَّ مِنْ تَصَوُّرِ شَرْطِ الْحِنْثِ لِانْعِقَادِ الْيَمِينِ حَتَّى لَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَأَقْتُلَنَّ فُلَانًا. وَفُلَانٌ مَيِّتٌ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ بِمَوْتِهِ لَا يَحْنَثُ لِأَنَّ شَرْطَ الْحِنْثِ غَيْرُ مُتَصَوَّرٍ هُنَا كَشَرْطِ الْبِرِّ كَذَا فِي بَعْضِ الشُّرُوحِ. وَهَذِهِ الْأُمُورُ أَيْ الْأَفْعَالُ الْمَذْكُورَةُ مِنْ الصِّيَامِ وَاشْتِكَاءِ الْيَدِ أَيْ تَأَلُّمِهَا وَشَفَاعَةِ فُلَانٍ وَدُخُولِ

نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 2  صفحه : 164
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست