responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 2  صفحه : 150
فَأَوْجَبَ التَّخْيِيرَ عَلَى احْتِمَالِ الْإِبَاحَةِ حَتَّى إذَا فَعَلَ الْكُلَّ جَازَ فَأَمَّا أَنْ يَكُونَ الْكُلُّ وَاجِبًا فَلَا عَلَى مَا زَعَمَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ وَكَذَلِكَ قَوْلُنَا فِي كَفَّارَةِ الْحَلْقِ وَجَزَاءِ الصَّيْدِ فَأَمَّا قَوْله تَعَالَى {أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ} [المائدة: 33] فَقَدْ جَعَلَهُ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ لِلتَّخْيِيرِ فَأَوْجَبُوا التَّخْيِيرَ فِي كُلِّ نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ قَطْعِ الطَّرِيقِ وَقُلْنَا نَحْنُ هَذِهِ ذُكِرَتْ عَلَى سَبِيلِ الْمُقَابَلَةِ بِالْمُحَارَبَةِ وَالْمُحَارَبَةُ مَعْلُومَةٌ بِأَنْوَاعِهَا عَادَةً بِتَخْوِيفٍ أَوْ أَخْذِ مَالٍ أَوْ قَتْلٍ أَوْ قَتْلٍ وَأَخْذِ مَالٍ فَاسْتَغْنَى عَنْ بَيَانِهَا وَاكْتَفَى بِإِطْلَاقِهَا بِدَلَالَةِ تَنْوِيعِ الْجَزَاءِ فَصَارَتْ أَنْوَاعُ الْجَزَاءِ مُقَابَلَةً بِأَنْوَاعِ الْمُحَارَبَةِ فَأَوْجَبَ التَّفْضِيلَ وَالتَّقْسِيمَ عَلَى حَسَبِ أَحْوَالِ الْجِنَايَةِ وَتَفَاوُتِ الْأَجْزِيَةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْبَدَلِ لِأَنَّهُ لَوْ تَرَكَ الْكُلَّ لَا يَأْثَمُ إلَّا إثْمَ الْوَاحِدِ وَلَوْ أَتَى بِالْكُلِّ لَا يُثَابُ ثَوَابَ الْوَاجِبِ إلَّا عَلَى الْوَاحِدِ وَذَلِكَ يُخَالِفُ حَدَّ الْوَاجِبِ تَعَيَّنَ أَنَّهُ أَمْرٌ بِأَحَدِ الْأَشْيَاءِ غَيْرِ عَيْنٍ وَهُوَ جَائِزٌ عَقْلًا فَإِنَّ السَّيِّدَ إذَا قَالَ لِعَبْدِهِ أَوْجَبْت عَلَيْك خِيَاطَةَ هَذَا الثَّوَابِ أَوْ بِنَاءَ هَذَا الْحَائِطِ فِي هَذَا الْيَوْمِ أَيُّهُمَا فَعَلْت اكْتَفَيْت بِهِ وَأَثَبْتُكَ بِهِ وَإِنْ تَرَكْتهمَا عَاقَبْتُك وَلَسْت أُوجِبُ الْجَمِيعَ وَإِنَّمَا أُوجِبُ وَاحِدًا لَا بِعَيْنِهِ أَيَّ وَاحِدٍ أَرَدْت كَانَ هَذَا كَلَامًا مَعْقُولًا وَلَا يُفْهَمُ مِنْهُ إيجَابُ الْجَمِيعِ لِلتَّصْرِيحِ بِنَقِيضِهِ فَكَذَا إذَا وَرَدَ الشَّرْعُ بِهِ وَلَيْسَ هَذَا تَكْلِيفُ مَا لَيْسَ فِي الْوُسْعِ لِقِيَامِ سَبَبِ حُصُولِ الْعِلْمِ بِالْوَاجِبِ عَيْنًا بِاخْتِيَارِ الْمُكَلَّفِ وَشُرُوعِهِ فِي الْفِعْلِ وَذَلِكَ كَافٍ لِصِحَّةِ التَّكْلِيفِ.
قَوْلُهُ (فَأَوْجَبَ التَّخْيِيرَ عَلَى احْتِمَالِ الْإِبَاحَةِ) التَّخْيِيرُ الثَّابِتُ بِكَلِمَةِ أَوْ عَلَى وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَثْبُتَ عَلَى وَجْهٍ لَا يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْكُلِّ كَقَوْلِك اضْرِبْ زَيْدًا أَوْ عَمْرًا كَانَ لَهُ أَنْ يَضْرِبَ أَيَّهمَا شَاءَ وَلَا يَجُوزُ لَهُ الْجَمْعُ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِيهِ الْحَظْرُ وَإِنَّمَا يَثْبُتُ الْإِبَاحَةُ بِعَارِضِ الْأَمْرِ وَأَنَّهُ يَتَنَاوَلُ وَاحِدًا مِنْ الْجُمْلَةِ فَتُقْصَرُ عَلَيْهِ وَالثَّانِي أَنْ يَثْبُتَ عَلَى وَجْهٍ يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْكُلِّ كَقَوْلِك جَالِسْ الْفُقَهَاءَ أَوْ الْمُحَدِّثِينَ كَانَ لَهُ أَنْ يُجَالِسَ أَيَّ فَرِيقٍ شَاءَ وَأَنْ يُجَالِسَهُمْ جَمِيعًا لِأَنَّ إبَاحَةَ مُجَالَسَتُهُمْ وَمُجَالَسَةُ غَيْرِهِمْ قَدْ كَانَتْ ثَابِتَةً قَبْلَ الْأَمْرِ فَبِالْأَمْرِ اقْتَصَرَتْ عَلَى الْمَذْكُورَيْنِ وَصَارَ مَعْنَى الْكَلَامِ اقْتَصِرْ عَلَى مُجَالَسَةِ هَؤُلَاءِ وَلَا تُجَالِسْ غَيْرَهُمْ ثُمَّ إنْ كَانَ الْأَمْرُ لِلْإِبَاحَةِ كَمَا فِي النَّظِيرِ الْمَذْكُورِ يَحْصُلُ الِامْتِثَالُ بِالْجَمِيعِ كَمَا يَحْصُلُ بِالْوَاحِدِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ وَهُوَ الِاقْتِصَارُ حَاصِلٌ بِالْجَمِيعِ كَمَا هُوَ حَاصِلٌ بِالْوَاحِدِ وَإِنْ كَانَ لِلْوُجُوبِ كَانَ الِامْتِثَالُ بِالْوَاحِدِ لَا غَيْرُ وَإِنْ أَتَى بِالْجَمِيعِ لِأَنَّ الْأَمْرَ لَا يَتَنَاوَلُ إلَّا وَاحِدًا مِنْ الْجُمْلَةِ وَلَكِنْ لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ الْإِتْيَانُ بِالْجَمِيعِ لِأَنَّ الْإِبَاحَةَ كَانَتْ ثَابِتَةً قَبْلَ الْأَمْرِ فَتَبْقَى عَلَى مَا كَانَتْ.
فَمِنْ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ قَوْلُ الرَّجُلِ لِآخَرَ طَلِّقْ مِنْ نِسَائِي فُلَانَةَ أَوْ فُلَانَةَ أَوْ أَعْتِقْ مِنْ عَبِيدِي فُلَانًا أَوْ فُلَانًا أَوْ بِعْ مِنْهُمْ فُلَانًا أَوْ فُلَانًا وَقَوْلُ الْمَرْأَةِ الطَّالِبَةِ لِلنِّكَاحِ مِنْ أَحَدِ الْكُفُوَيْنِ لِوَلِيِّهَا زَوِّجْنِي فُلَانًا أَوْ فُلَانًا يَثْبُتُ التَّخْيِيرُ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ وَلَا يَجُوزُ الْجَمْعُ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ كَانَتْ مَحْظُورَةً عَلَى الْمَأْمُورِ قَبْلَ الْأَمْرِ وَمِنْ الْقِسْمِ الثَّانِي خِصَالُ الْكَفَّارَةِ وَجَزَاءُ الصَّيْدِ وَصَدَقَةُ الْفِطْرِ فَيَثْبُتُ التَّخْيِيرُ فِيهَا عَلَى وَجْهٍ يُجَوِّزُ الْجَمْعَ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ كَانَتْ مُبَاحَةً قَبْلَ الْأَمْرِ فَبَقِيَتْ عَلَى الْإِبَاحَةِ فَاتَّضَحَ بِمَا ذَكَرْنَا مَعْنَى قَوْلِهِ فَأَوْجَبَ التَّخْيِيرَ عَلَى احْتِمَالِ الْإِبَاحَةِ وَظَهَرَ أَنَّهُ احْتِرَازٌ عَنْ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ قَوْله تَعَالَى {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [المائدة: 33] أَيْ يُحَارِبُونَ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْمَوَدَّةُ إذَا اسْتَحْكَمَتْ يُضِيفُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُحِبِّينَ فِعْلَ صَاحِبِهِ إلَى نَفْسِهِ وَفِي الْخَبَرِ الْإِلَهِيِّ «مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ بَارَزَنِي بِالْمُحَارَبَةِ» أَوْ ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ لِلتَّبَرُّكِ وَتَشْرِيفِ الرَّسُولِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} [الأنفال: 41] وَالْمُرَادُ مُحَارَبَةُ رَسُولِ اللَّهِ وَمُحَارَبَةُ الْمُؤْمِنِينَ فِي حُكْمِ مُحَارَبَتِهِ {وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا} [المائدة: 33] أَيْ مُفْسِدِينَ أَوْ لِأَنَّ سَعْيَهُمْ لَمَّا كَانَ عَلَى طَرِيقِ الْفَسَادِ نَزَلَ مَنْزِلَةَ وَيُفْسِدُونَ فَانْتَصَبَ فَسَادًا عَلَى الْمَعْنَى.
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَفْعُولًا لَهُ أَيْ لِلْفَسَادِ وَالسَّعْيُ هُوَ الْمَشْيُ بِسُرْعَةٍ وَاسْتُعِيرَ فِي الْكَسْبِ وَالتَّصَرُّفِ لِأَنَّهُ يَحْصُلُ بِهِ غَالِبًا وَالْمُرَادُ بِالْآيَةِ قُطَّاعُ الطَّرِيقِ عِنْدَ عَامَّةِ أَهْلِ التَّفْسِيرِ {أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا} [المائدة: 33] ذَهَبَ الْحَسَنُ وَالنَّخَعِيُّ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَمَالِكٌ إلَى أَنَّ الْإِمَامَ بِالْخِيَارِ فِي الْعُقُوبَاتِ الْمَذْكُورَةِ فِي حَقِّ كُلِّ قَاطِعِ طَرِيقٍ

نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 2  صفحه : 150
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست