responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 2  صفحه : 106
وَمِنْ النَّاسِ مَنْ ظَنَّ أَنَّ التَّحْرِيمَ الْمُضَافَ إلَى الْأَعْيَانِ مِثْلِ الْمَحَارِمِ وَالْخَمْرِ مَجَازٌ لِمَا هُوَ مِنْ صِفَاتِ الْفِعْلِ فَيَصِيرُ وَصْفُ الْعَيْنِ بِهِ مَجَازًا وَهَذَا غَلَطٌ عَظِيمٌ لِأَنَّ التَّحْرِيمَ إذَا أُضِيفَ إلَى الْعَيْنِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَجَعَلَ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ مِنْ نَظَائِرِ الْمُقْتَضَى فَقَالَ فِي حَدِيثِ الرَّفْعِ عَيْنُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ غَيْرُ مَرْفُوعَةٍ إذْ لَوْ أُرِيدَ عَيْنُهَا لَصَارَ كَذِبًا وَهَذَا لَا يَجُوزُ عَلَى صَاحِبِ الشَّرْعِ فَاقْتَضَى ضَرُورَةَ زِيَادَةٍ وَهِيَ الْحُكْمُ لِيَصِيرَ مُفِيدًا وَصَارَ الْمَرْفُوعُ حُكْمَهَا وَثَبَتَ رَفْعُ الْحُكْمِ عَامًّا عِنْدَ الشَّافِعِيِّ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ حَتَّى بَطَلَ طَلَاقُ الْمُكْرَهِ وَالْمُخْطِئِ وَلَمْ يَفْسُدْ الصَّوْمُ بِالْأَكْلِ مُخْطِئًا لِأَنَّ الْمُقْتَضَى لَهُ عُمُومٌ عِنْدَهُ وَعِنْدَنَا يَرْتَفِعُ حُكْمُ الْآخِرَةِ لَا غَيْرُ لِأَنَّ بِذَلِكَ الْقَدْرِ يَصِيرُ مُفِيدًا فَيَزُولُ الضَّرُورَةُ فَلَا يَتَعَدَّى إلَى حُكْمٍ آخَرَ لِأَنَّ الْمُقْتَضَى لَا عُمُومَ لَهُ وَقَالَ فِي حَدِيثِ النِّيَّةِ لَمَّا ثَبَتَ حُكْمُ الْآخِرَةِ مُرَادًا وَبِهِ يَصِيرُ الْكَلَامُ مُفِيدًا لَمْ يَتَعَدَّ إلَى مَا وَرَاءَهُ وَصَارَ كَأَنَّهُ قَالَ إنَّمَا ثَوَابُ الْأَعْمَالِ بِالنِّيَّاتِ هَذَا مَعْنَى كَلَامِهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَلَمَّا خَالَفَهُ الشَّيْخُ الْمُصَنِّفُ وَشَمْسُ الْأَئِمَّةِ رَحِمَهُمَا اللَّهُ فِي الْمَحْذُوفِ وَفَرَّقَا بَيْنَ الْمَحْذُوفِ وَالْمُقْتَضَى وَجَوَّزَا عُمُومَ الْمَحْذُوفِ دُونَ الْمُقْتَضَى وَالْحَدِيثَانِ مِنْ قَبِيلِ الْمَحْذُوفِ دُونَ الْمُقْتَضَى عَلَى أَصْلِهِمَا اُضْطُرَّا إلَى تَخْرِيجِ الْحَدِيثَيْنِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَرِدُ نَقْضًا عَلَى مَا اخْتَارَا مِنْ جَوَازِ عُمُومِ الْمَحْذُوفِ فَبَنَيَا انْتِفَاءَ الْعُمُومِ فِيهِمَا عَلَى الِاشْتِرَاكِ دُونَ الِاقْتِضَاءِ وَفِيهِ مِنْ التَّمَحُّلِ مَا تَرَى.
وَقَدْ كُنْت فِيهِ بُرْهَةً مِنْ الزَّمَانِ فَلَمْ يَتَّضِحْ لِي وَجْهٌ يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ وَرَاجَعْت الْفُحُولَ فَلَمْ يُشِيرُوا عَلَيَّ بِجَوَابٍ شَافٍ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْحَقِيقَةِ

قَوْلُهُ (وَمِنْ النَّاسِ مَنْ ظَنَّ) اخْتَلَفُوا فِي التَّحْرِيمِ وَالتَّحْلِيلِ الْمُضَافَيْنِ إلَى الْأَعْيَانِ مِثْلُ قَوْله تَعَالَى {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} [النساء: 23] {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} [المائدة: 3] {أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ} [المائدة: 1] .
وَقَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «حُرِّمَتْ الْخَمْرُ لِعَيْنِهَا» «أُحِلَّتْ لَنَا مَيْتَتَانِ» عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ فَذَهَبَ الشَّيْخُ الْمُصَنِّفُ وَشَمْسُ الْأَئِمَّةِ وَصَاحِبُ الْمِيزَانِ وَمَنْ تَابَعَهُمْ إلَى أَنَّ ذَلِكَ بِطَرِيقِ الْحَقِيقَةِ كَالتَّحْرِيمِ وَالتَّحْلِيلِ الْمُضَافَيْنِ إلَى الْفِعْلِ فَيُوصَفُ الْمَحَلُّ أَوَّلًا بِالْحُرْمَةِ ثُمَّ ثَبَتَتْ حُرْمَةُ الْفِعْلِ بِنَاءً عَلَيْهِ فَيَثْبُتُ التَّحْرِيمُ عَامًّا وَذَهَبَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا الْعِرَاقِيِّينَ مِنْهُمْ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ الْكَرْخِيُّ وَمَنْ تَابَعَهُ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ تَحْرِيمُ الْفِعْلِ أَوْ تَحْلِيلُهُ لَا غَيْرُ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ عَامَّةُ الْمُعْتَزِلَةِ.
وَذَهَبَ قَوْمٌ مِنْ نَوَابِتِ الْقَدَرِيَّةِ كَأَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْبَصْرِيِّ وَأَصْحَابِ أَبِي هَاشِمٍ إلَى أَنَّهُ مُجْمَلٌ وَأَنَّ الِاحْتِجَاجَ فِي تَحْرِيمِ وَطْءِ الْأُمَّهَاتِ وَتَحْرِيمِ أَكْلِ الْمَيْتَةِ وَالدَّمِ وَإِبَاحَةِ أَكْلِ لُحُومِ الْأَنْعَامِ بِهَذِهِ الْآيَاتِ غَيْرُ صَحِيحٍ. تَمَسَّكَتْ هَذِهِ الطَّائِفَةُ بِأَنَّ الْقَوْلَ بِثُبُوتِ التَّحْرِيمِ وَالتَّحْلِيلِ عَلَى الْعُمُومِ بِحَيْثُ يُوصَفُ الْعَيْنُ وَالْفِعْلُ جَمِيعًا بِهِمَا مُتَعَذِّرٌ وَبِهَذِهِ النِّسْبَةِ أَوْرَدَ الشَّيْخُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي هَذَا الْبَابِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْحِلَّ وَالْحُرْمَةَ لَا يَكُونَانِ وَصْفَيْنِ لِلْأَعْيَانِ لِأَنَّهُمَا مِنْ التَّكْلِيفِ الَّذِي هُوَ مُتَوَقِّفٌ عَلَى الْقُدْرَةِ وَلِهَذَا يَتَعَلَّقُ بِهِمَا الثَّوَابُ وَالْعِقَابُ وَالْأَعْيَانُ لَيْسَتْ بِمَقْدُورَةٍ لَنَا فَلَا تَصْلُحُ مُتَعَلَّقَةً لِلتَّحْرِيمِ وَالتَّحْلِيلِ وَإِنَّمَا يَتَعَلَّقَانِ بِالْأَفْعَالِ الْمَقْدُورَةِ لَنَا وَهِيَ الْأَفْعَالُ الِاخْتِيَارِيَّةُ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ لَا بُدَّ مِنْ إضْمَارِ فِعْلٍ يَكُونُ هُوَ مُتَعَلَّقَ التَّحْرِيمِ وَالتَّحْلِيلِ حَذَرًا مِنْ إهْمَالِ الْخِطَابِ وَلَا يُمْكِنُ إضْمَارُ جَمِيعِ الْأَفْعَالِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْعَيْنِ لِأَنَّ الْإِضْمَارَ خِلَافُ الْأَصْلِ وَالضَّرُورَةُ تَنْدَفِعُ بِمَا دُونَ الْجَمِيعِ فَوَجَبَ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْبَعْضِ ثُمَّ ذَلِكَ الْبَعْضُ غَيْرُ مُتَعَيَّنٍ لِعَدَمِ دَلَالَةِ اللَّفْظِ عَلَيْهِ فَكَانَ مُجْمَلًا وَتَمَسَّكَ الْفَرِيقُ الثَّانِي بِأَنَّ الْعُرْفَ يَدُلُّ قَطْعًا عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ ذَلِكَ تَحْرِيمُ الْفِعْلِ الْمَقْصُودِ مِنْهُ فَإِنَّ مَنْ

نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 2  صفحه : 106
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست