responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 1  صفحه : 94
فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ صَاحِبَ الشَّرْعِ هُوَ الْمُتَوَلِّي لِلْإِيجَابِ وَالتَّقْدِيرِ؛ وَإِنَّ تَقْدِيرَ الْعَبْدِ امْتِثَالٌ بِهِ فَمَنْ جَعَلَ إلَى الْعَبْدِ اخْتِيَارَ الْإِيجَابِ وَالتَّرْكِ فِي الْمَهْرِ وَالتَّقْدِيرِ فِيهِ كَانَ إبْطَالًا لِمُوجِبِ هَذَا اللَّفْظِ الْخَاصِّ لَا عَمَلًا بِهِ وَلَا بَيَانًا لَهُ لِأَنَّهُ بَيِّنٌ
ـــــــــــــــــــــــــــــQلَفْظٌ خَاصٌّ لِمَعْنًى مَخْصُوصٍ، وَهُوَ التَّقْدِيرُ فَيَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ الْمَهْرُ مُقَدَّرًا بِحَيْثُ لَا يَجُوزُ النُّقْصَانُ عَنْهُ إلَّا أَنَّهُ فِي تَعْيِينِ الْمِقْدَارِ مُجْمَلٌ فَالْتُحِقَ السُّنَّةُ بَيَانًا بِهِ، وَهِيَ مَا رَوَى جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «لَا يُزَوِّجُ النِّسَاءَ إلَّا الْأَوْلِيَاءُ وَلَا يُزَوَّجْنَ إلَّا مِنْ الْأَكْفَاءِ وَلَا مَهْرَ أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةٍ» فَصَارَتْ الْعَشَرَةُ تَقْدِيرًا لَازِمًا فَمَنْ لَمْ يَجْعَلْهُ مُقَدَّرًا كَانَ مُبْطِلًا لَهُ لَا عَامِلًا بِهِ، وَلَكِنْ لِلْخَصْمِ أَنْ يَقُولَ لَا أُسَلِّمُ أَنَّ الْفَرْضَ خَاصٌّ فِي الْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرْت بَلْ الْفَرْضُ الْجَزُّ فِي الشَّيْءِ وَمِنْهُ قِيلَ فَرْضُ الْقَوْسِ لِلْجَزِّ الَّذِي يَقَعُ فِيهِ الْوَتَرُ، وَالْمِفْرَضُ لِلْحَدِيدَةِ الَّتِي يُجَزُّ بِهَا، وَالْفَرِيضُ لِلسَّهْمِ الْمَفْرُوضِ الَّذِي فُرِضَ فَوْقَهُ وَفُرْضَةُ النَّهْرِ لِثُلْمَتِهِ الَّتِي مِنْهَا يُسْتَقَى، وَالْفَرْضُ الْإِيجَابُ أَيْضًا، وَهُوَ مَشْهُورٌ، وَالْفَرْضُ الْبَيَانُ أَيْضًا قَالَ تَعَالَى: {سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا} [النور: 1] أَيْ بَيَّنَّاهَا فِي قَوْلِ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ الْمُفَسِّرِينَ، وَقَالَ، قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ، أَيْ بَيَّنَ فِي قَوْلِ جَمَاعَةٍ.
وَالْفَرْضُ التَّقْدِيرُ كَمَا ذَكَرْت فَيَكُونُ مُشْتَرَكًا لَا خَاصًّا، أَوْ هُوَ خَاصٌّ فِي الْقَطْعِ حَقِيقَةٌ فِيهِ عَلَى مَا قَالَ صَاحِبُ الْكَشَّافِ فِي أَوَّلِ سُورَةِ النُّورِ أَصْلُ الْفَرْضِ الْقَطْعُ، وَكَذَا قَالَ غَيْرُهُ مِنْ أَئِمَّةِ اللُّغَةِ ثُمَّ نُقِلَ إلَى الْإِيجَابِ وَالتَّقْدِيرِ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ مَقْطُوعٌ بِهِ، وَكَذَا الْمُقَدَّرُ مَقْطُوعٌ عَنْ الْغَيْرِ فَكَانَ مَجَازًا فِيهِمَا ثُمَّ عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ حَمَلَهُ عَلَى مَعْنَى الْإِيجَابِ هَهُنَا بِقَرِينَةِ {وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} [الأحزاب: 50] أَوْلَى مِنْ حَمْلِهِ عَلَى التَّقْدِيرِ؛ لِأَنَّ مَعْنَى الْإِيجَابِ يَسْتَقِيمُ فِي حَقِّ الْإِمَاءِ كَمَا يَسْتَقِيمُ فِي الْأَزْوَاجِ؛ لِأَنَّ مَا بِهِ قَوَامُهُنَّ مِنْ النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ وَاجِبٌ لَهُنَّ عَلَيْهِمْ كَوُجُوبِهِ وَوُجُوبِ الْمَهْرِ لِلْأَزْوَاجِ عَلَيْهِمْ وَلِهَذَا فَسَّرَهُ عَامَّةُ أَهْلِ التَّأْوِيلِ بِالْإِيجَابِ هَهُنَا فَأَمَّا مَعْنَى التَّقْدِيرِ فَلَا يَسْتَقِيمُ فِي حَقِّ الْإِمَاءِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُقَدِّرْ عَلَى الْمَوَالِي لِلْإِمَاءِ شَيْءٌ وَيَدُلُّ أَيْضًا عَلَى أَنَّ الْإِيجَابَ هُوَ الْمُرَادُ هَهُنَا كَلِمَةُ عَلَى، فَإِنَّهَا صِلَةُ الْإِيجَابِ لَا صِلَةُ التَّقْدِيرِ يُقَالُ فَرَضَ عَلَيْهِ أَيْ أَوْجَبَ وَلَا يُقَالُ فَرَضَ عَلَيْهِ بِمَعْنَى قَدَّرَ، فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ حَمْلَهُ عَلَى الْإِيجَابِ أَوْلَى لَا يَكُونُ تَرْكُ الْقَوْلِ بِالتَّقْدِيرِ فِي الْمَهْرِ إبْطَالًا. قَوْلُهُ (قَبْلَ ذَلِكَ) أَيْ مَجْمُوعُ قَوْلِهِ فَرَضْنَا عَلَى أَنَّ صَاحِبَ الشَّرْعِ هُوَ الْمُتَوَلِّي لِلْإِيجَابِ بِالْإِضَافَةِ إلَى ذَاتِهِ، وَالتَّقْدِيرُ بِلَفْظِ الْفَرْضِ وَأَنَّ تَقْدِيرَ الْعَبْدِ امْتِثَالٌ بِهِ قِيلَ مَعْنَاهُ أَنَّ مُهُورَ النِّسَاءِ مُقَدَّرَةٌ مَعْلُومَةٌ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَكِنَّهَا غَيْبٌ عَنَّا فَبِاصْطِلَاحِ الزَّوْجَيْنِ عَلَى مُقَدَّرٍ يَظْهَرُ ذَلِكَ الْمُقَدَّرُ الْمَعْلُومُ لَا أَنَّهُمْ يُقَدِّرُونَ مَا لَيْسَ بِمَقْدُورٍ اُعْتُبِرَ هَذَا بِقِيَمِ الْأَشْيَاءِ فَإِنَّهَا مُقَدَّرَةٌ مَعْلُومَةٌ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى ثُمَّ تَظْهَرُ بِتَقْوِيمِ الْمُقَوِّمِينَ وَنَظِيرُهُ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ، فَإِنَّ الْوَاجِبَ فِي حَقِّ كُلِّ أَحَدٍ مَعْلُومٌ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى مَسْتُورٌ عَنَّا وَيَظْهَرُ فِي ضِمْنِ الْفِعْلِ وَلَكِنْ فِيهِ بُعْدٌ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ إثْبَاتُ تَقْدِيرِ الْمَهْرِ، وَأَنَّهُ مَعْلُومٌ قَبْلَ الْفِعْلِ لِيَتَحَقَّقَ الِامْتِثَالُ كَتَقْدِيرِ نِصَابِ السَّرِقَةِ وَمَا ذَكَرُوهُ لَا يُفِيدُ هَذَا الْغَرَضَ وَيَلْزَمُ مِنْهُ أَنَّهُمَا لَوْ اصْطَلَحَا عَلَى الْخَمْسَةِ يَكُونُ ذَلِكَ إظْهَارًا لِلْمُقَدَّرِ أَيْضًا كَمَا لَوْ اصْطَلَحَا عَلَى الْعِشْرِينَ.
وَاَلَّذِي يَخْطُرُ بِبَالِي أَنَّ هَذَا جَوَابُ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ، وَهُوَ أَنْ يُقَالَ لَوْ كَانَ الْمَهْرُ مُقَدَّرًا بِمَا ذَكَرْتُمْ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَجُوزَ الزِّيَادَةُ عَلَيْهِ كَمَا لَا يَجُوزُ النُّقْصَانُ عَنْهُ اعْتِبَارًا بِأَعْدَادِ الرَّكَعَاتِ وَلَمَّا جَازَتْ الزِّيَادَةُ جَازَ النُّقْصَانُ أَيْضًا فَلَا يَكُونُ الْمَهْرُ مُقَدَّرًا؟ ، فَأَجَابَ بِأَنَّهُ مِنْ الْمَقَادِيرِ الَّتِي تَمْنَعُ النُّقْصَانَ دُونَ الزِّيَادَةِ كَمَقَادِيرِ الزَّكَوَاتِ

نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 1  صفحه : 94
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست