responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 1  صفحه : 88
لَعَنَ اللَّهُ الْمُحَلِّلَ وَالْمُحَلَّلَ لَهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQلَمْ يَكُنْ قَبْلُ وَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ سَبَبٍ وَقَدْ ثَبَتَ بَعْدَ الدُّخُولِ فَيُضَافُ إلَيْهِ بِخِلَافِ أَصْلِ الْحِلِّ؛ لِأَنَّهُ كَانَ ثَابِتًا قَبْلَ الْحُرْمَةِ الْغَلِيظَةِ وَسَبَبُهُ كَوْنُهَا مِنْ بَنَاتِ آدَمَ إلَّا أَنَّ حُكْمَهُ تَخَلَّفَ بِاعْتِرَاضِ الْحُرْمَةِ، فَإِذَا انْتَهَتْ أَمْكَنَ أَنْ يُقَالَ ثَبَتَ الْحِلُّ بِالسَّبَبِ السَّابِقِ، فَأَمَّا الْعَوْدُ فَلَمْ يَكُنْ ثَابِتًا قَبْلَ ذَلِكَ، وَقَدْ حَدَثَ بَعْدَ الْإِصَابَةِ فَيَكُونُ حَادِثًا بِهِ، وَعِبَارَةُ بَعْضِ الشُّرُوحِ أَنَّ الْعَوْدَ هُوَ الرَّدُّ إلَى الْحَالَةِ الْأُولَى وَفِي الْحَالَةِ الْأُولَى كَانَ الْحِلُّ ثَابِتًا مُطْلَقًا، وَلَمْ يَبْقَ فَيَكُونُ فِعْلُ الزَّوْجِ الثَّانِي مُثْبِتًا لِلْحِلِّ الَّذِي عُدِمَ؛ لِأَنَّهُ حَدَثَ بَعْدَهُ، وَهُوَ مَعْنَى مَا قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَفِي اشْتِرَاطِ الْوَطْءِ لِلْعَوْدِ إشَارَةٌ إلَى السَّبَبِ الْمُوجِبِ لِلْحِلِّ.
قَوْلُهُ (لَعَنَ اللَّهُ الْمُحَلِّلَ وَالْمُحَلَّلَ لَهُ) سَمَّاهُ مُحَلِّلًا وَالْمُحَلِّلُ حَقِيقَةً مَنْ يُثْبِتُ الْحِلَّ كَالْمُحْرِمِ مَنْ يُثْبِتُ الْحُرْمَةَ وَالْمُبَيِّضُ مَنْ يُثْبِتُ الْبَيَاضَ فَيَثْبُتُ لَهُ هَذِهِ الصِّفَةُ بِعِبَارَةِ النَّصِّ كَذَا قِيلَ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ إشَارَةٌ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ لَمْ يُسَقْ لَهُ بَلْ لِإِثْبَاتِ اللَّعْنِ إلَّا أَنَّ هَذِهِ إشَارَةٌ ظَاهِرَةٌ، وَالْأُولَى غَامِضَةٌ، وَإِلْحَاقُ اللَّعْنِ بِهِ لَا يَمْنَعُ الِاسْتِدْلَالَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ لِلتَّحْلِيلِ بَلْ لِشَرْطٍ فَاسِدٍ أَلْحَقَهُ بِالنِّكَاحِ، وَهُوَ ذِكْرُ الشَّرْطِ الْفَاسِدِ إنْ تَزَوَّجَهَا بِشَرْطِ التَّحْلِيلِ أَوْ لِقَصْدِهِ تَغْيِيرَ الْمَشْرُوعِ إنْ لَمْ يَشْرِطْ؛ لِأَنَّهُ مَشْرُوعٌ لِلتَّنَاسُلِ وَالْبَقَاءِ، وَهُوَ إنَّمَا قَصَدَ غَيْرَهُ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «إنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ ذَوَّاقٍ مِطْلَاقٍ» .
وَأَمَّا إلْحَاقُ اللَّعْنِ بِالْمُحَلَّلِ لَهُ فَلِأَنَّهُ مُسَبِّبٌ لِمِثْلِ هَذَا النِّكَاحِ وَالْمُسَبِّبُ شَرِيكُ الْمُبَاشِرِ فِي الْإِثْمِ وَالثَّوَابِ، وَالْأَشْبَهُ أَنَّ الْغَرَضَ مِنْ اللَّعْنِ إظْهَارُ خَسَاسَةِ الْمُحَلِّلِ بِمُبَاشَرَةِ مِثْلِ هَذَا النِّكَاحِ وَالْمُحَلَّلِ لَهُ بِمُبَاشَرَةِ مَا يَنْفِرُ عَنْهُ الطِّبَاعُ مِنْ عَوْدِهَا إلَيْهِ بَعْدَ مُضَاجَعَةِ غَيْرِهِ إيَّاهَا وَاسْتِمْتَاعِهِ بِهَا لَا حَقِيقَةُ اللَّعْنِ إذْ هُوَ الْأَلْيَقُ بِكَلَامِ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَقِّ أُمَّتِهِ؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مَا بُعِثَ لَعَّانًا وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِالتَّيْسِ الْمُسْتَعَارِ» وَعَلَى هَذَا قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «لَعَنَ اللَّهُ السَّارِقَ يَسْرِقُ الْبَيْضَةَ فَيُقْطَعُ يَدُهُ» ثُمَّ هَذَا الْحَدِيثُ؛ وَإِنْ كَانَ مِنْ الْآحَادِ لَكِنَّهُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ مُخَالِفًا لِلْكِتَابِ وَلَمْ يَلْزَمْ مِنْهُ نَسْخُهُ يَجِبُ الْعَمَلُ بِهِ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَ أَثْبَتَ كَوْنَ الزَّوْجِ الثَّانِي غَايَةً وَلَمْ يَنْفِ كَوْنَهُ مُثْبِتًا لِلْحِلِّ وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ ضَرُورَاتِ كَوْنِهِ غَايَةً أَيْضًا إذْ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ كَوْنِهِ غَايَةً وَبَيْنَ كَوْنِهِ مُثْبِتًا لِلْحِلِّ؛ لِأَنَّ انْتِهَاءَ الشَّيْءِ كَمَا يَكُونُ بِنَفْسِهِ يَكُونُ بِثُبُوتِ ضِدِّهِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى، {وَلا جُنُبًا إِلا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا} [النساء: 43] ، فَالِاغْتِسَالُ مُثْبِتٌ لِلطَّهَارَةِ وَمُنْهٍ لِلْجَنَابَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا ثَبَتَتْ الطَّهَارَةُ لَمْ تَبْقَ الْجَنَابَةُ وَكَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا} [النور: 27] أَيْ تَسْتَأْذِنُوا وَالِاسْتِئْذَانُ مُنْهٍ لِحُرْمَةِ الدُّخُولِ بِإِثْبَاتِ الْحِلِّ ابْتِدَاءً وَالْحَدِيثُ أَثْبَتَ كَوْنَهُ مُثْبِتًا لِلْحِلِّ فَيَجِبُ الْعَمَلُ بِهِ وَلَمَّا ثَبَتَ الْحِلُّ لِمَا ذَكَرْنَا لَمْ يَزُلْ إلَّا بِثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ كَالْحِلِّ الْأَوَّلِ (فَإِنْ قِيلَ) الْمُثْبِتُ لِلْحِلِّ رَافِعٌ لِلْحُرْمَةِ ضَرُورَةً وَالرَّافِعُ لِلشَّيْءِ لَا يَكُونُ غَايَةً لَهُ كَالطَّلَاقِ لِلنِّكَاحِ.
(قُلْنَا) مَا يَرْفَعُ الشَّيْءَ قَصْدًا فَهُوَ قَاطِعٌ لَهُ وَلَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ اسْمُ الْغَايَةِ كَالطَّلَاقِ، فَأَمَّا مَا يُثْبِتُ حُكْمًا آخَرَ مِنْ ضَرُورَةِ ثُبُوتِهِ انْتِفَاءَ الثَّابِتِ لِتَضَادٍّ بَيْنَهُمَا فَهُوَ غَايَةٌ لِمَا كَانَ ثَابِتًا لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ الشَّيْءَ يَنْتَهِي بِضِدِّهِ كَاللَّيْلِ بِالنَّهَارِ وَعَكْسِهِ وَمَسْأَلَتُنَا مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ (فَإِنْ قِيلَ) سَلَّمْنَا أَنَّهُ مُثْبِتٌ لِلْحِلِّ وَلَكِنَّهُ يَقْتَضِي عَدَمَ الْحِلِّ؛ لِأَنَّ إثْبَاتَ الثَّابِتِ مُحَالٌ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ تَزَوَّجَ مَنْكُوحَتَهُ

نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 1  صفحه : 88
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست