responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 1  صفحه : 85
وَمِنْ ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: 230] قَالَ مُحَمَّدٌ وَالشَّافِعِيُّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ: قَوْلُهُ حَتَّى تَنْكِحَ كَلِمَةٌ وُضِعَتْ لِمَعْنًى خَاصٍّ، وَهُوَ لِلْغَايَةِ وَالنِّهَايَةِ فَمَنْ جَعَلَهُ مُحْدِثًا حِلًّا جَدِيدًا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عَمَلًا بِهَذِهِ الْكَلِمَةِ وَلَا بَيَانًا؛ لِأَنَّهَا ظَاهِرَةٌ فِيمَا وُضِعَتْ لَهُ بَلْ كَانَ إبْطَالًا، وَلَكِنَّهَا تَكُونُ غَايَةً وَنِهَايَةً وَالْغَايَةُ وَالنِّهَايَةُ بِمَنْزِلَةِ الْبَعْضِ لِمَا وُصِفَ بِهَا وَبَعْضُ الشَّيْءِ لَا يَنْفَصِلُ عَنْ كُلِّهِ فَيَلْغُو قَبْلَ وُجُودِ الْأَصْلِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQسَوَّى بَيْنَ شَرِيفٍ، وَمَنْ هُوَ أَدْنَى مِنْهُ فِي الْمَكَانِ يَلْزَمُ رَفْعُ دَرَجَةِ الْأَدْنَى إنْ أَجْلَسَهُ فِي مَكَانِ الشَّرِيفِ أَوْ حَطُّ دَرَجَةِ الشَّرِيفِ إنْ أَجْلَسَهُ فِي مَكَانِ الْأَدْنَى، وَلَكِنَّهُمْ يَقُولُونَ إنَّمَا يَلْزَمُ ذَلِكَ لَوْ قُلْنَا بِأَنَّ مَا ثَبَتَ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ ثَابِتٌ عِلْمًا وَعَمَلًا وَنَحْنُ لَا نَقُولُ بِهِ بَلْ نَقُولُ مَا ثَبَتَ بِالْكِتَابِ قَطْعِيٌّ مُوجِبٌ لِلْعِلْمِ وَالْعَمَلِ وَمَا ثَبَتَ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ مُوجِبٌ لِلْعَمَلِ دُونَ الْعِلْمِ حَتَّى لَا يَكْفُرَ جَاحِدُهُ كَمَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِفَرْضِيَّةِ الْوِتْرِ وَفَرْضِيَّةِ التَّرْتِيبِ بَيْنَ الْفَوَائِتِ فَأَنَّى يَلْزَمُ مَا ذَكَرْتُمْ وَجَوَابُهُ سَيَأْتِي فِي بَابِ الْعَزِيمَةِ وَالرُّخْصَةِ

قَوْلُهُ (وَمِنْ ذَلِكَ) أَيْ وَمِنْ الْخَاصِّ الَّذِي ذَكَرْنَا، اعْلَمْ أَنَّ الصَّحَابَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - اخْتَلَفُوا فِي مَسْأَلَةِ الْهَدْمِ وَصُورَتُهَا مَشْهُورَةٌ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وَطْءُ الزَّوْجِ الثَّانِي يَهْدِمُ حُكْمَ مَا مَضَى مِنْ الطَّلْقَاتِ وَاحِدًا كَانَ أَمْ ثَلَاثَةً وَبِهِ قَالَ إبْرَاهِيمُ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - وَقَالَ عُمَرُ وَعَلِيٌّ وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ وَعِمْرَانُ بْنُ الْحُصَيْنِ وَأَبُو هُرَيْرَةَ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ -: لَا يَهْدِمُ مَا دُونَ الثَّلَاثِ وَبِهِ قَالَ مُحَمَّدٌ وَزُفَرُ وَالشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ -، وَمَبْنَى الْمَسْأَلَةِ عَلَى أَنَّ الزَّوْجَ الثَّانِيَ أَيْ إصَابَتَهُ فِي الطَّلْقَاتِ الثَّلَاثِ مُثْبِتٌ حِلًّا جَدِيدًا أَمْ هُوَ غَايَةٌ لِلْحُرْمَةِ الثَّابِتَةِ بِهَا فَقَطْ فَعِنْدَ الْأَوَّلِينَ هُوَ مُثْبِتٌ لِلْحِلِّ، وَعِنْدَ الْآخَرِينَ هُوَ غَايَةٌ، تَمَسَّكَ الْفَرِيقُ الْآخَرُ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ الزَّوْجَ الثَّانِيَ غَايَةً لِلْحُرْمَةِ بِقَوْلِهِ جَلَّ ذِكْرُهُ {فَإِنْ طَلَّقَهَا} [البقرة: 230] أَيْ الطَّلْقَةَ الثَّالِثَةَ، {فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ} [البقرة: 230] أَيْ بَعْدَ ذَلِكَ التَّطْلِيقِ، {حَتَّى تَنْكِحَ} [البقرة: 230] أَيْ تَتَزَوَّجَ زَوْجًا غَيْرَهُ أَيْ رَجُلًا أَجْنَبِيًّا وَسَمَّاهُ زَوْجًا بِاعْتِبَارِ الْعَاقِبَةِ كَتَسْمِيَةِ الْعِنَبِ خَمْرًا وَكَلِمَةُ حَتَّى لِلْغَايَةِ وَضْعًا وَلَا تَأْثِيرَ لِلْغَايَةِ فِي إثْبَاتِ مَا بَعْدَهَا بَلْ هِيَ مَنْهِيَّةٌ فَقَطْ، فَإِذَا انْتَهَى الْمُغَيَّا ثَبَتَ الْحُكْمُ فِيمَا بَعْدُ بِالسَّبَبِ السَّابِقِ كَمَا فِي الْأَيْمَانِ الْمُوَقَّتَةِ يَنْتَهِي الْحُرْمَةُ الثَّابِتَةُ بِهَا بِالْغَايَةِ ثُمَّ يَثْبُتُ الْإِبَاحَةُ بِالسَّبَبِ السَّابِقِ وَكَمَا فِي الصَّوْمِ يَنْتَهِي حُرْمَةُ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ بِاللَّيْلِ ثُمَّ يَثْبُتُ الْحِلُّ بَعْدَ الْإِبَاحَةِ الْأَصْلِيَّةِ.
وَكَذَا الْحُكْمُ فِي تَحْرِيمِ الْبَيْعِ إلَى قَضَاءِ الْجُمُعَةِ وَتَحْرِيمِ الِاصْطِيَادِ عَلَى الْمُحْرِمِ إلَى انْتِهَاءِ الْإِحْرَامِ وَالظِّهَارِ الْمُوَقَّتِ التَّكْفِيرُ، فَكَذَا هَهُنَا بِإِصَابَةِ الزَّوْجِ الثَّانِي يَنْتَهِي الْحُرْمَةُ ثُمَّ يَثْبُتُ الْحِلُّ بِالسَّبَبِ السَّابِقِ، وَهُوَ كَوْنُهَا مِنْ بَنَاتِ آدَمَ خَالِيَةً عَنْ أَسْبَابِ الْحُرْمَةِ، وَلَا يُقَالُ قَدْ اضْمَحَلَّ الْحِلُّ الْأَوَّلُ بِضِدِّهِ فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَثْبُتَ حِلٌّ آخَرُ يَضْمَحِلُّ بِهِ الْحُرْمَةُ لِاسْتِحَالَةِ عَوْدِ الْحِلِّ الْأَوَّلِ، لِأَنَّا نَقُولُ نَحْنُ لَا نُنْكِرُ ذَلِكَ لَكِنَّهُ إنَّمَا يَثْبُتُ بِالسَّبَبِ الَّذِي يَثْبُتُ بِهِ الْأَوَّلُ، وَهُوَ أَنَّهَا مِنْ بَنَاتِ آدَمَ لَا بِالزَّوْجِ الثَّانِي الَّذِي هُوَ غَايَةٌ؛ لِأَنَّ إضَافَةَ الْحُكْمِ إلَى السَّبَبِ الَّذِي ظَهَرَ أَثَرُهُ مَرَّةً أَوْلَى مِنْ إضَافَتِهِ إلَى سَبَبٍ لَمْ يَظْهَرْ أَثَرُهُ أَصْلًا كَمَنْ آجَرَ دَارِهِ فَخَرَجَتْ الْمَنَافِعُ عَنْ مِلْكِهِ ثُمَّ انْتَهَتْ الْإِجَارَةُ صَارَتْ الْمَنَافِعُ مَمْلُوكَةً لَهُ بِمِلْكٍ جَدِيدٍ غَيْرِ الْأَوَّلِ لِزَوَالِ الْأَوَّلِ بِالتَّمْلِيكِ وَعَدَمِ ارْتِفَاعِ سَبَبِ الزَّوَالِ وَلَكِنْ بِالسَّبَبِ السَّابِقِ، وَهُوَ مِلْكُ الدَّارِ لَا بِانْتِهَاءِ الْإِجَارَةِ، فَمَنْ جَعَلَ الزَّوْجَ الثَّانِيَ مُثْبِتًا حِلًّا جَدِيدًا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عَمَلًا بِالْكِتَابِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْتَضِي ذَلِكَ بَلْ يَقْتَضِي كَوْنَهُ غَايَةً فَقَطْ، بَلْ كَانَ إبْطَالًا؛ لِأَنَّ الْكِتَابَ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ الزَّوْجُ الثَّانِي غَايَةً وَكَوْنُهُ غَايَةً يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ وُجُودُهُ وَعَدَمُهُ قَبْلَ الثَّلَاثِ بِمَنْزِلَةٍ وَجَعْلُهُ مُثْبِتًا حِلًّا جَدِيدًا يَقْتَضِي

نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 1  صفحه : 85
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست