responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 1  صفحه : 71
وَإِلَى قَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «أَنْتَ وَمَالُك لِأَبِيك» وَقَوْلُهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي أَوَّلِ الْآيَةِ الْمُطَلَّقَاتُ، وَهُوَ الظَّاهِرُ بِدَلِيلِ أَنَّ مَا قَبْلَ الْآيَةِ وَمَا بَعْدَهَا فِي ذِكْرِ الْمُطَلَّقَاتِ فَالْمُرَادُ إيجَابُ أَصْلِ الرِّزْقِ وَالْكِسْوَةِ عَلَى طَرِيقِ الْأَجْرِ؛ لِأَنَّهُنَّ يَحْتَجْنَ إلَى مَا يُقِمْنَ بِهِ أَبْدَانَهُنَّ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ إنَّمَا يَغْتَذِي بِاللَّبَنِ؛ وَإِنَّمَا يَحْصُلُ لَهَا ذَلِكَ بِالِاغْتِذَاءِ وَتَحْتَاجُ هِيَ إلَى التَّسَتُّرِ فَكَانَ هَذَا مِنْ الْحَوَائِجِ الضَّرُورِيَّةِ كَذَا فِي التَّيْسِيرِ.
وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ مِنْهَا الْمَنْكُوحَاتُ بِدَلِيلِ ذِكْرِ الرِّزْقِ وَالْكِسْوَةِ دُونَ الْأَجْرِ فَالْمُرَادُ إيجَابُ فَضْلِ الطَّعَامِ وَالْكِسْوَةِ الَّذِي تَحْتَاجُ إلَيْهِ فِي حَالَةِ الرَّضَاعِ لَا أَصْلُ النَّفَقَةِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ وَاجِبٌ بِالنِّكَاحِ، وَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ الْكَلَامُ مَسُوقٌ لِبَيَانِ إيجَابِ أَصْلِ النَّفَقَةِ أَوْ فَضْلِهَا عَلَى الْأَبِ، وَفِي ذِكْرِ الْمَوْلُودِ لَهُ دُونَ ذِكْرِ الْوَالِدِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ النَّسَبَ إلَى الْأَبِ؛ لِأَنَّهُ تَعَالَى أَضَافَ الْوَلَدَ إلَيْهِ بِحَرْفِ الِاخْتِصَاصِ فَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ هُوَ الْمُخْتَصُّ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ حَتَّى لَوْ كَانَ الْأَبُ قُرَشِيًّا وَالْأُمُّ أَعْجَمِيَّةً يُعَدُّ الْوَلَدُ قُرَشِيًّا فِي بَابِ الْكَفْأَةِ وَالْإِمَامَةِ الْكُبْرَى وَفِي الْعَكْسِ بِالْعَكْسِ، وَلِهَذَا قِيلَ:
وَإِنَّمَا أُمَّهَاتُ النَّاسِ أَوْعِيَةٌ ... مُسْتَوْدَعَاتٌ وَلِلْأَنْسَابِ آبَاءُ
وَفِيهِ تَنْبِيهٌ أَيْضًا عَلَى عِلَّةِ إيجَابِ هَذِهِ النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ عَلَى الْآبَاءِ أَيْ الْوَالِدَاتِ لَمَّا وَلَدْنَ لَهُمْ فَكَانَ عَلَيْهِمْ أَنْ يَرْزُقُوهُنَّ وَيَكْسُوهُنَّ إذَا أَرْضَعْنَ أَوْلَادَهُمْ كَالْأَظْآرِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ ذَكَرَهُ بِاسْمِ الْوَالِدِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ هَذَا الْمَعْنَى، وَهُوَ قَوْله تَعَالَى، {وَاخْشَوْا يَوْمًا لا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ} [لقمان: 33] ، الْآيَةَ.
قَوْلُهُ (وَإِلَى قَوْلِهِ) أَيْ قَوْلِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «أَنْتَ وَمَالُك لِأَبِيك» ، رَوَى عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ «أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَقَالَ إنَّ لِي مَالًا؛ وَإِنَّ وَالِدِي يَحْتَاجُ إلَى مَالِي قَالَ أَنْتَ وَمَالُك لِوَالِدِك، وَفِي رِوَايَةٍ لِوَالِدَيْك» كَذَا فِي الْمَصَابِيحِ، وَذَكَرَ فِي الْكَشَّافِ «شَكَا رَجُلٌ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَبَاهُ وَأَنَّهُ يَأْخُذُ مَالَهُ فَدَعَا بِهِ، فَإِذَا هُوَ شَيْخٌ يَتَوَكَّأُ عَلَى عَصًا فَسَأَلَهُ فَقَالَ إنَّهُ كَانَ ضَعِيفًا وَأَنَا قَوِيٌّ، وَفَقِيرًا وَأَنَا غَنِيٌّ فَكُنْت لَا أَمْنَعُهُ شَيْئًا مِنْ مَالِي وَالْيَوْمَ أَنَا ضَعِيفٌ. وَهُوَ قَوِيٌّ، وَأَنَا فَقِيرٌ وَهُوَ غَنِيٌّ وَيَبْخَلُ عَلَيَّ بِمَالِهِ فَبَكَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَقَالَ مَا مِنْ حَجَرٍ وَلَا مَدَرٍ يَسْمَعُ هَذَا إلَّا بَكَى ثُمَّ قَالَ لِلْوَلَدِ أَنْتَ وَمَالُك لِأَبِيك»
، وَذَكَرَ الْإِمَامُ ظَهِيرُ الدِّينِ الْبُخَارِيُّ فِي فَوَائِدِهِ «أَنَّ شَيْخًا أَتَى النَّبِيَّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَقَالَ إنَّ ابْنِي هَذَا لَهُ مَالٌ كَثِيرٌ؛ وَإِنَّهُ لَا يُنْفِقُ عَلَيَّ مِنْ مَالِهِ فَنَزَلَ جَبْرَائِيلُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَقَالَ إنَّ هَذَا الشَّيْخَ قَدْ أَنْشَأَ فِي ابْنِهِ أَبْيَاتًا مَا قُرِعَ سَمْعٌ بِمِثْلِهَا فَاسْتَنْشَدَهَا فَأَنْشَدَهَا الشَّيْخُ وَقَالَ:
غَذَوْتُك مَوْلُودًا وَمُنْتُك يَافِعًا ... تُعَلُّ بِمَا أَحْنِي عَلَيْك وَتَنْهَلُ
إذَا لَيْلَةٌ ضَاقَتْك بِالسُّقْمِ لَمْ أَبِتْ ... لِسُقْمِك إلَّا بَاكِيًا أَتَمَلْمَلُ
كَأَنِّي أَنَا الْمَطْرُوقُ دُونَك بِاَلَّذِي ... طُرِقْت بِهِ دُونِي وَعَيْنِي تَهْمُلُ
فَلَمَّا بَلَغْت السِّنَّ وَالْغَايَةَ الَّتِي ... إلَيْهَا مَدَى مَا كُنْت فِيك أُؤَمِّلُ
جَعَلْت جَزَائِي غِلْظَةً وَفَظَاظَةً ... كَأَنَّك أَنْتَ الْمُنْعِمُ الْمُتَفَضِّلُ
فَلَيْتَك إذْ لَمْ تَرْعَ حَقَّ أُبُوَّتِي ... فَعَلْت كَمَا الْجَارُ الْمُجَاوِرُ يَفْعَلُ
تَرَاهُ مُعِدًّا لِلْخِلَافِ كَأَنَّهُ ... بِرَدٍّ عَلَى أَهْلِ الصَّوَابِ مُؤَكَّلُ
فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالَ أَنْتَ وَمَالُك لِأَبِيك» ، فَهَذَا الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ لِلْأَبِ حَقُّ التَّمَلُّكِ فِي مَالِ وَلَدِهِ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ؛ وَإِنْ دَلَّ عَلَى ثُبُوتِ حَقِيقَةِ الْمِلْكِ لَهُ لَكِنَّهُ لَمَّا تَخَلَّفَ بِالْإِجْمَاعِ وَبِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، «الرَّجُلُ أَحَقُّ بِمَالِهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ» ، ثَبَتَ بِهِ حَقُّ التَّمَلُّكِ لَهُ فِي مَالِهِ فَيَتَمَلَّكُهُ

نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 1  صفحه : 71
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست