responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 1  صفحه : 296
وَلِهَذَا قُلْنَا إنَّ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى {وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} [الأنعام: 121] عَامٌّ لَمْ يَلْحَقْهُ خُصُوصٌ لِأَنَّ النَّاسِيَ فِي مَعْنَى الذَّاكِرِ لِقِيَامِ الْمِلَّةِ مَقَامَ الذِّكْرِ فَلَا يَجُوزُ تَخْصِيصُهُ بِالْقِيَاسِ وَخَبَرِ الْوَاحِدِ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ {وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا} [آل عمران: 97] لَمْ يَلْحَقْهُ الْخُصُوصُ فَلَا يَصِحُّ تَخْصِيصُهُ بِالْآحَادِ وَالْقِيَاسِ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ الْعَامُّ يُوجِبُ الْحُكْمَ لَا عَلَى الْيَقِينِ وَعَلَى هَذَا مَسَائِلُهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَبْسُوطِ (فَإِنْ قِيلَ) الْمُرَادُ مِنْ الْآيَةِ إمَّا مَا ذُبِحَ لِغَيْرِ اللَّهِ كَمَا قَالَ الْكَلْبِيُّ أَوْ ذَبَائِحُ الْمُشْرِكِينَ لِلْأَوْثَانِ كَمَا قَالَ عَطَاءٌ أَوْ الْمَيْتَةُ وَالْمُنْخَنِقَةُ كَمَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ بِدَلِيلِ قَوْله تَعَالَى {وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ} [الأنعام: 121] وَأَكْلُ مَتْرُوكِ التَّسْمِيَةِ لَا يُوجِبُ الْفِسْقَ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ شَهَادَةُ مَنْ يَأْكُلُهُ وَبِدَلِيلِ قَوْلِهِ عَزَّ اسْمُهُ {وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ} [الأنعام: 121] أَيْ لَيُوَسْوِسَونَ إلَى أَوْلِيَائِهِمْ مِنْ الْمُشْرِكِينَ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنَّمَا كَانُوا يُجَادِلُونَهُمْ فِي تَحْرِيمِ الْمَيْتَةِ وَيَقُولُونَ إنَّكُمْ تَأْكُلُونَ مَا قَتَلْتُمُوهُ وَلَا تَأْكُلُونَ مَا قَتَلَهُ اللَّهُ لَا فِي مَتْرُوكِ التَّسْمِيَةِ.
وَبِدَلِيلِ قَوْلِهِ جَلَّ ذِكْرُهُ {وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ} [الأنعام: 121] وَإِنَّمَا يَكْفُرُ الْإِنْسَانُ إذَا أَطَاعَ الْكُفَّارَ فِي إبَاحَةِ الْمَيْتَةِ لَا فِي مَتْرُوكِ التَّسْمِيَةِ (قُلْنَا) الْآيَةُ بِظَاهِرِهَا وَعُمُومِهَا يَتَنَاوَلُ مَتْرُوكَ التَّسْمِيَةِ عَمْدًا وَغَيْرَهُ وَالْعِبْرَةُ لِعُمُومِ اللَّفْظِ لَا لِخُصُوصِ السَّبَبِ وقَوْله تَعَالَى {وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ} [الأنعام: 121] قُلْنَا أَكْلُ مَتْرُوكِ التَّسْمِيَةِ فِسْقٌ أَيْضًا حَتَّى إنَّ مَنْ يَعْتَقِدُ حُرْمَتَهُ يَفْسُقُ بِأَكْلِهِ وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَلَكِنْ مَنْ أَكَلَهُ مُعْتَقِدًا إبَاحَتَهُ إنَّمَا لَا يَفْسُقُ لِتَأْوِيلِهِ كَمَا لَا يُحْرَمُ الْبَاغِي عَنْ الْمِيرَاثِ بِقَتْلِ الْعَادِلِ لِأَنَّهُ يَقْتُلُهُ مُتَأَوِّلًا قَوْله تَعَالَى {وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ} [الأنعام: 121] قُلْنَا سَلَّمْنَا أَنَّ هَذَا النَّصَّ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ سَبَبَ نُزُولِ الْآيَةِ مُجَادَلَتُهُمْ فِي الْمَيْتَةِ إلَّا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَجَابَ بِجَوَابٍ أَعَمَّ مِمَّا سَأَلُوا كَمَا هُوَ دَأْبُ التَّنْزِيلِ وَهِيَ الْحُرْمَةُ عَلَى وَصْفٍ يَشْمَلُ الْمَيْتَةَ وَغَيْرَهَا وَهُوَ تَرْكُ ذِكْرِ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى لِأَنَّ التَّحْرِيمَ بِوَصْفٍ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ الْوَصْفَ هُوَ الْمُوجِبُ لِلْحُرْمَةِ كَالْمَيْتَةِ فَيَكُونُ الْآيَةُ بَيَانًا أَنَّ الْمَيْتَةَ حُرِّمَتْ لِكَوْنِهَا مَتْرُوكَةَ التَّسْمِيَةِ وَأَنَّ هَذَا الْوَصْفَ مُؤَثِّرٌ فِي إثْبَاتِ الْحُرْمَةِ كَمَا أَنَّ وَصْفَ الْمَوْتِ مُؤَثِّرٌ فِيهِ فَإِذَا حُمِلَتْ عَلَى الْمَيِّتَةِ وَعَلَى ذَبَائِحِ الْمُشْرِكِينَ كَمَا ذَكَرَهُ الْخَصْمُ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ هَذَا الْوَصْفِ الْمَذْكُورِ كَانَ فِيهِ إبْطَالُ الْوَصْفِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ فِي الْمَبْسُوطِ كَانَ ابْنُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - لَا يَفْصِلُ بَيْنَ النِّسْيَانِ وَالْعَمْدِ وَيُحَرِّمُ الْمَتْرُوكَ نَاسِيًا أَيْضًا وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُ الظَّوَاهِرِ وَكَانَ عَلِيٌّ وَابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - يَفْصِلَانِ بَيْنَ النَّاسِي وَالْعَامِدِ كَمَا هُوَ مَذْهَبُنَا فَقَدْ كَانُوا مُجْمِعِينَ عَلَى الْحُرْمَةِ إذَا تَرَكَ التَّسْمِيَةَ عَامِدًا وَإِنَّمَا يَخْتَلِفُونَ إذَا تَرَكَهَا نَاسِيًا وَكَفَى بِإِجْمَاعِهِمْ حُجَّةً وَلِهَذَا قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مَتْرُوكُ التَّسْمِيَةِ عَامِدًا لَا يُسْمَعُ فِيهِ الِاجْتِهَادُ وَلَوْ قَضَى الْقَاضِي بِجَوَازِ الْبَيْعِ فِيهِ لَا يَجُوزُ قَضَاؤُهُ لِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلْإِجْمَاعِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
قَوْلُهُ (وَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا} [آل عمران: 97] مُبَاحُ الدَّمِ بِرِدَّةٍ أَوْ زِنًا أَوْ قَطْعِ طَرِيقٍ أَوْ قِصَاصٍ إذَا الْتَجَأَ إلَى الْحَرَمِ لَا يُقْتَلُ فِيهِ عِنْدَنَا وَلَا يُؤْذَى لِيَخْرُجَ وَلَكِنْ لَا يُطْعَمُ وَلَا يُسْقَى وَلَا يُجَالَسُ وَلَا يُبَايَعُ حَتَّى يُضْطَرَّ إلَى الْخُرُوجِ فَيُقْتَلَ خَارِجَ الْحُرُمِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا} [آل عمران: 97] عَلَّقَ الْأَمْنَ بِالشَّرْطِ فَيَثْبُتُ عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ لَا أَنْ يَكُونَ ثَابِتًا قَبْلَهُ فَكَانَ مَعْنَاهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ صَارَ آمِنًا، وَلَا يَتَحَقَّقُ الْأَمْنُ إلَّا بِإِزَالَةِ الْخَوْفِ، وَغَيْرُ الْجَانِي لَيْسَ بِخَائِفٍ فَلَا يُتَصَوَّرُ ثُبُوتُ الْأَمْنِ فِي حَقِّهِ فَعَرَفْنَا أَنَّ النَّصَّ مُتَنَاوِلٌ لِلْجَانِي فَيَثْبُتُ الْأَمْنُ فِي حَقِّهِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يُقْتَلُ فِيهِ لِأَنَّ الْجَانِيَ قَدْ خُصَّ مِنْ الْآيَةِ بِمَا رُوِيَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا دَخَلَ مَكَّةَ يَوْمَ الْفَتْحِ أَمَرَ بِقَتْلِ نَفَرٍ مِنْهُمْ ابْنُ خَطَلٍ فَوَجَدُوهُ مُتَعَلِّقًا بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ فَقَتَلُوهُ» .
وَقَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «الْحَرَمُ لَا يُعِيذُ عَاصِيًا وَلَا فَارًّا بِدَمٍ» وَبِالْقِيَاسِ عَلَى الطَّرَفِ فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ عَلَيْهِ قِصَاصٌ فِي الطَّرَفِ فَدَخَلَ الْحَرَمَ اُسْتُوْفِيَ مِنْهُ فِي الْحَرَمِ

نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 1  صفحه : 296
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست