responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 1  صفحه : 224
ثُمَّ إذَا انْقَضَى الْجُزْءُ الْأَوَّلُ فَلَمْ يُؤَدَّ انْتَقَلَتْ السَّبَبِيَّةُ إلَى الْجُزْءِ الثَّانِي ثُمَّ كَذَلِكَ يَنْتَقِلُ لِمَا قُلْنَا مِنْ ضَرُورَةِ تَقَدُّمِ السَّبَبِ عَلَى وَقْتِ الْأَدَاءِ وَكَانَ مَا يَلِي الْأَدَاءَ بِهِ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ لَمَّا وَجَبَ نَقْلُ السَّبَبِيَّةِ عَنْ الْجُمْلَةِ إلَى الْأَقَلِّ لَمْ يَجُزْ تَقْرِيرُهُ عَلَى مَا يَسْبِقُ قُبَيْلَ الْأَدَاءِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُؤَدِّي إلَى التَّخَطِّي عَنْ الْقَلِيلِ بِلَا دَلِيلٍ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَنَّهُ لَوْ لَمْ يُدْرِكْ عِدَّةً مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ بِأَنْ مَاتَ مِنْ مَرَضِهِ أَوْ فِي سَفَرِهِ يَلْقَى اللَّهَ تَعَالَى وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَوْ أَدْرَكَ بَعْضَ الْأَيَّامِ دُونَ الْبَعْضِ وَجَبَ عَلَيْهِ بِقَدْرِ مَا أَدْرَكَ فَأَمَّا أَنْ يَقُولَ بِوُجُوبِ الْأَصْلِ دُونَ وُجُوبِ الْأَدَاءِ فَكُلًّا، وَهَذَا كُلُّهُ بِخِلَافِ الزَّكَاةِ وَسَائِرِ الْوَاجِبَاتِ الْمَالِيَّةِ فَإِنَّ هُنَاكَ الْوَاجِبُ هُوَ الْمَالُ وَالْأَدَاءُ فِعْلٌ فِي ذَلِكَ فَيَجِبُ عِنْدَ تَحَقُّقِ الْأَسْبَابِ الْأَمْوَالُ فِي ذِمَمِ الصِّبْيَانِ وَجَعَلَ ذَلِكَ شَرْعًا كَمَا لَوْ وُضِعَ عِنْدَ الصَّبِيِّ مَالٌ مُعَيَّنٌ فَيَجِبُ عَلَى الْوَلِيِّ أَدَاءُ مَا وُضِعَ فِي ذِمَّةِ الصَّبِيِّ مِنْ الْمَالِ وَتَفْرِيغُهَا عَنْهُ كَمَا لَوْ وُضِعَ فِي بَيْتِ الصَّبِيِّ مَالٌ وَهَذَا لَا يُمْكِنُ تَصْوِيرُهُ فِي الْأَفْعَالِ، هَذَا كَلَامُهُ أَوْرَدْته بِلَفْظِهِ وَحَاصِلُهُ مَنْعُ الْمُغَايَرَةِ بَيْنَ الْوُجُوبِ وَوُجُوبِ الْأَدَاءِ وَدَعْوَى اسْتِحَالَتِهَا فِي الْوَاجِبِ الْبَدَنِيِّ.
، وَالْجَوَابُ أَنَّ الْأَمْرَ لَيْسَ عَلَى مَا زَعَمَ فَإِنَّا وَإِنْ سَلَّمْنَا أَنَّ الصَّوْمَ أَوْ الصَّلَاةَ هُوَ الْفِعْلُ وَأَدَاءَ الصَّوْمِ هُوَ الْفِعْلُ أَيْضًا لَكِنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُمَا وَاحِدٌ.
وَبَيَانُهُ أَنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ مِنْ الْأَجْسَامِ وَالْأَعْرَاضِ وُجُودًا فِي الذِّهْنِ وَيُدْرَكُ ذَلِكَ بِالْعَقْلِ وَيُسَمَّى مَاهِيَّةً وَوُجُودًا فِي الْخَارِجِ وَيُدْرَكُ ذَلِكَ بِالْحِسِّ فَنَفْسُ الْوُجُوبِ عِبَارَةٌ عَنْ اشْتِغَالِ الذِّمَّةِ بِوُجُوبِ الْفِعْلِ الذِّهْنِيِّ وَوُجُوبُ الْأَدَاءِ عِبَارَةٌ عَنْ وُجُوبِ إخْرَاجِ ذَلِكَ الْفِعْلِ مِنْ الْعَدَمِ إلَى الْوُجُودِ الْخَارِجِيِّ وَلَا شَكَّ أَنَّ إخْرَاجَهُ مِنْ الْعَدَمِ إلَى الْوُجُودِ غَيْرُ ذَلِكَ التَّصَوُّرِ الْمَوْجُودِ فِي الذِّهْنِ وَإِنْ كَانَ مُطَابِقًا لَهُ وَلِهَذَا لَا يَتَبَدَّلُ ذَلِكَ التَّصَوُّرُ بِتَبَدُّلِ الْوُجُودِ الْخَارِجِيِّ بِالْعَدَمِ بَلْ هُوَ بَاقٍ عَلَى حَالِهِ.
وَالْبَدَنِيُّ كَالْمَالِيِّ بِلَا فَرْقٍ فَإِنَّ أَصْلَ الْوُجُوبِ فِي الْمَالِ عِبَارَةٌ عَنْ لُزُومِ مَالٍ مُتَصَوَّرٍ فِي الذِّمَّةِ، وَلُزُومُ الْأَدَاءِ عِبَارَةٌ عَنْ إخْرَاجِهِ مِنْ الْعَدَمِ إلَى الْوُجُودِ الْخَارِجِيِّ إلَّا أَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ فِي وُسْعِهِ ذَلِكَ أُقِيمَ مَالٌ آخَرُ مِنْ جِنْسِهِ مَقَامَ ذَلِكَ الْمَالِ الْوَاجِبِ فِي حَقِّ صِحَّةِ الْأَدَاءِ وَالْخُرُوجِ عَنْ الْعُهْدَةِ وَجُعِلَ كَأَنَّهُ ذَلِكَ الْمَالُ الْوَاجِبُ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِمْ الدُّيُونُ تُقْضَى بِأَمْثَالِهَا لَا بِأَعْيَانِهَا فَثَبَتَ بِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ الْمُغَايَرَةَ بَيْنَهُمَا ثَابِتَةٌ مِنْ غَيْرِ اسْتِحَالَةٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

قَوْلُهُ (ثُمَّ إذَا انْقَضَى الْجُزْءُ الْأَوَّلُ فَلَمْ يُؤَدَّ) أَيْ لَمْ يُشْرَعْ فِي الْأَدَاءِ، انْتَقَلَتْ السَّبَبِيَّةُ إلَى الْجُزْءِ الثَّانِي، ثُمَّ كَذَلِكَ تَنْتَقِلُ أَيْ مَا انْتَقَلَ مِنْ السَّبَبِيَّةِ إلَى الثَّانِي يَنْتَقِلُ إلَى آخِرِ أَجْزَاءِ الْوَقْتِ جُزْءًا فَجُزْءًا مِثْلُ انْتِقَالِهَا إلَى الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ لَمَّا ثَبَتَ أَنَّ كُلَّ الْوَقْتِ لَيْسَ بِسَبَبٍ بَلْ السَّبَبُ جُزْءٌ مِنْهُ وَالْبَاقِي ظَرْفٌ وَشَرْطٌ كَانَ الْجُزْءُ الْقَائِمُ أَوْلَى بِالسَّبَبِيَّةِ مِنْ الْجُزْءِ الْفَائِتِ فَيُجْعَلُ الْقَائِمُ خَلَفًا عَنْ الْفَائِتِ فِي كَوْنِهِ سَبَبًا إلَى أَنْ يَبْلُغَ آخِرَ الْوَقْتِ فَيَصِيرَ ذَلِكَ الْجُزْءُ هُوَ السَّبَبَ عَيْنًا لَكِنْ عَلَى تَقْدِيرِ الشَّرْعِ فِيهِ فَإِذَا لَمْ يَشْرَعْ فِيهِ حَتَّى خَرَجَ الْوَقْتُ فَالْوُجُوبُ يُضَافُ إلَى كُلِّ الْوَقْتِ كَذَا فِي شَرْحِ التَّقْوِيمِ لِلْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَلَا يُقَالُ لَا ضَرُورَةَ فِي نَقْلِ السَّبَبِيَّةِ وَجَعْلِ الْقَائِمِ خَلَفًا عَنْ الْفَائِتِ إذْ الْفَوَاتُ لَا يَمْنَعُ مِنْ تَقَرُّرِ السَّبَبِيَّةِ كَمَا إذَا فَاتَ الْوَقْتُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ دَلَّ عَلَى ذَلِكَ تَغَيُّرُ الْأَحْكَامِ فِي السَّفَرِ وَالْإِقَامَةِ وَالْحَيْضِ وَالطُّهْرِ وَنَحْوِهَا بَعْدَ الْجُزْءِ الْأَوَّلِ فَأَنَّ السَّبَبِيَّةَ لَوْ تَقَرَّرَتْ عَلَيْهِ لَمَا تَغَيَّرَتْ الْأَحْكَامُ بِهَذِهِ الْعَوَارِضِ بَعْدَ انْقِضَائِهِ كَمَا لَا يَتَغَيَّرُ بِهَا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْوَقْتِ.
وَإِنَّمَا لَمْ يَمْنَعْ تَقَرُّرُ السَّبَبِيَّةِ فَوَاتَ الْوَقْتِ لِعَدَمِ مَا يُعَارِضُهُ بَعْدَهُ وَأَمَّا هَهُنَا فَالْجُزْءُ الثَّانِي يُعَارِضُ الْأَوَّلَ وَهُوَ مَوْجُودٌ بَعْدَ فَوَاتِ الْأَوَّلِ فَكَانَ أَوْلَى بِالسَّبَبِيَّةِ.
قَوْلُهُ (لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ ضَرُورَةِ تَقَدُّمِ السَّبَبِ عَلَى وَقْتِ الْأَدَاءِ) يَعْنِي كَمَا أَنَّ

نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 1  صفحه : 224
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست