responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 1  صفحه : 207
وَصَارَتْ هَذِهِ الْقُدْرَةُ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ نَظِيرَ اسْتِطَاعَةِ الْفِعْلِ الَّتِي لَا تَسْبِقُ الْفِعْلَ وَلِهَذَا قُلْنَا بَطَلَ وُجُوبُ الزَّكَاةِ بِالدَّيْنِ؛ لِأَنَّهُ يُنَافِي الْغَنَاءَ وَالْيُسْرَ وَلَا يَلْزَمُ أَنَّ الدَّيْنَ لَا يَمْنَعُ وُجُوبَ الْكَفَّارَةِ وَهُوَ يُنَافِي الْيُسْرَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQجَازَ وَإِنْ قَدَرَ عَلَى الصَّوْمِ بَعْدُ فَثَبَتَ أَنَّ الْقُدْرَةَ الْمَشْرُوطَةَ فِيهَا مُيَسِّرَةٌ فَكَانَتْ أَيْ الْكَفَّارَاتُ مِنْ قَبِيلِ الزَّكَاةِ، وَإِنَّمَا خُصَّ الطَّعَامُ بِالذِّكْرِ مَعَ أَنَّ الْحُكْمَ فِي الصَّوْمِ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ آخِرُ مَا يُنْقَلُ إلَيْهِ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ كَالصَّوْمِ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ.
وَلَمَّا ذَكَرَ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ الْكَفَّارَةَ مِنْ قَبِيلِ الزَّكَاةِ وَقَدْ فَارَقَتْهَا، فِي أَنَّ الْوَاجِبَ فِيهَا يَعُودُ بَعْدَ هَلَاكِ الْمَالِ بِإِصَابَةِ مَالٍ آخَرَ قَبْلَ الْأَدَاءِ وَلَا يَعُودُ فِي الزَّكَاةِ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا دُونَ الزَّكَاةِ، وَفِي أَنَّ الْوَاجِبَ بِالِاسْتِهْلَاكِ فِيهَا يَنْتَقِلُ إلَى الصَّوْمِ كَمَا يَنْتَقِلُ بِالْهَلَاكِ وَفِي الزَّكَاةِ خَالَفَ الِاسْتِهْلَاكُ الْهَلَاكَ كَمَا قَرَّرْنَا وَهَذَا يُشِيرُ إلَى أَنَّهَا فَوْقَ الزَّكَاةِ تَعَرَّضَ لِلْجَوَابِ عَنْ الْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ: إلَّا أَنَّ الْمَالَ هَهُنَا غَيْرُ عَيْنٍ يَعْنِي الْوَاجِبَ غَيْرُ مُتَعَلِّقٍ بِهَذَا الْمَالِ قَبْلَ الْأَدَاءِ وَالْقُدْرَةُ الْمُيَسِّرَةُ تَثْبُتُ بِمِلْكِ الْمَالِ وَلَا تَخْتَصُّ بِمَالٍ دُونَ آخَرَ؛ لِأَنَّ الْمَالَ إنَّمَا اُعْتُبِرَ هَهُنَا لِكَوْنِهِ صَالِحًا لِلتَّقَرُّبِ بِهِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى فَيَحْصُلُ بِهِ الثَّوَابُ لِيَصِيرَ مُقَابِلًا بِالْأَثِمِ الَّذِي عَلَيْهِ وَلِهَذَا لَمْ يُشْتَرَطْ فِيهِ النَّمَاءُ فَكَانَ الْمَالُ الْمَوْجُودُ وَقْتَ الْحِنْثِ وَالْمُسْتَفَادُ بَعْدَهُ فِيهِ سَوَاءً بِخِلَافِ الزَّكَاةِ؛ لِأَنَّهَا مُتَعَلِّقَةٌ بِالْعَيْنِ فَلَا تَبْقَى الْقُدْرَةُ بِهَلَاكِ الْعَيْنِ عَلَى مَا مَرَّ مِنْ بَعْدُ أَيْ مِنْ بَعْدِ الْحِنْثِ أَوْ مِنْ بَعْدِ الْهَلَاكِ، دَامَتْ أَيْ ثَبَتَتْ.
وَعَنْ الثَّانِي بِقَوْلِهِ وَلِهَذَا أَيْ وَلِكَوْنِ الْمَالِ غَيْرَ عَيْنٍ سَاوَى الِاسْتِهْلَاكُ الْهَلَاكَ فِي الْكَفَّارَاتِ حَتَّى إنَّ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ التَّكْفِيرُ بِالْمَالِ إذَا أَتْلَفَ مَالَهُ جَازَ لَهُ التَّكْفِيرُ بِالصَّوْمِ كَمَا إذَا هَلَكَ بِغَيْرِ صُنْعٍ مِنْهُ بِخِلَافِ الزَّكَاةِ حَيْثُ فَارَقَ الِاسْتِهْلَاكُ الْهَلَاكَ كَمَا ذَكَرْنَا، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ بَقَاءَ الْوَاجِبِ بَعْدَ فَوَاتِ الْقُدْرَةِ إنَّمَا يَكُونُ بِكَوْنِهِ مُوَقَّتًا كَالصَّلَاةِ فَإِنَّهَا لَمَّا شُرِعَتْ مُوَقَّتَةً كَانَ التَّأْخِيرُ عَنْ الْوَقْتِ جِنَايَةً عَلَى نَفْسِ الْحَقِّ بِالتَّفْوِيتِ أَوْ بِالتَّعَدِّي عَلَى مَحَلِّ الْوَاجِبِ بِأَنْ كَانَ مُتَعَلِّقًا بِمَحِلِّ عَيْنٍ كَالزَّكَاةِ وَهَهُنَا الْوَاجِبُ لِمَا لَمْ يَكُنْ مُوَقَّتًا لِيُعَدَّ تَفْوِيتُهُ عَنْ الْوَقْتِ جِنَايَةً وَلَمْ يَكُنْ الْمَالُ مُتَعَيِّنًا أَيْضًا لِيَصِيرَ اسْتِهْلَاكُهُ تَعَدِّيًا كَانَ الِاسْتِهْلَاكُ كَالْهَلَاكِ ضَرُورَةً إلَيْهِ أُشِيرَ فِي طَرِيقَةِ الْإِمَامِ الْبُرَغْرِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -.
قَوْلُهُ (وَصَارَتْ هَذِهِ الْقُدْرَةُ) أَيْ الْقُدْرَةُ الْمَالِيَّةُ فِي الْكَفَّارَةِ، عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ أَيْ عَلَى تَقْدِيرِ أَنَّهَا تَدُومُ بِأَيِّ مَالٍ أَصَابَهُ نَطِيرَ الِاسْتِطَاعَةِ الَّتِي لَا تَسْبِقُ الْفِعْلَ مِنْ حَيْثُ إنَّ وُجُودَهَا يُعْتَبَرُ حَالَةَ الْأَدَاءِ لَا قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ كَالِاسْتِطَاعَةِ لَا يَتَقَدَّمُ الْفِعْلُ وَلَا يَتَأَخَّرُ عَنْهُ حَتَّى لَوْ كَانَ مُوسِرًا وَقْتَ الْحِنْثِ مُعْسِرًا وَقْتَ الْأَدَاءِ يُجْزِيهِ التَّكْفِيرُ بِالصَّوْمِ وَلَوْ كَانَ عَلَى الْعَكْسِ لَا يَجْزِيهِ.
قَوْلُهُ (وَلِهَذَا قُلْنَا) أَيْ وَلِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ الزَّكَاةَ تَجِبُ بِقُدْرَةٍ مُيَسِّرَةٍ وَأَنَّ مِنْ شَرْطِ وُجُوبِهَا الْغَنَاءُ قُلْنَا بَطَلَ وُجُوبُ الزَّكَاةِ بِالدَّيْنِ أَيْ بِالدَّيْنِ الَّذِي اقْتَرَنَ بِوُجُوبِ الزَّكَاةِ لَكِنْ إذَا لَحِقَهُ دَيْنٌ بَعْدَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فَذَلِكَ لَا يُسْقِطُ الزَّكَاةَ كَذَا فِي فَتَاوَى الْقَاضِي الْإِمَامِ فَخْرِ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -؛ لِأَنَّ مَا عُرِفَ مَانِعًا لَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ رَافِعًا؛ لِأَنَّهُ أَيْ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ يُنَافِي الْغِنَى وَالْيُسْرَ؛ لِأَنَّ الْغِنَى إنَّمَا يَحْصُلُ بِمَا يَفْضُلُ عَنْ حَاجَتِهِ وَهَذَا الْمَالُ مَشْغُولٌ بِالْحَاجَةِ الْأَصْلِيَّةِ إذْ الْحَاجَةُ إلَى قَضَاءِ الدَّيْنِ أَصْلِيَّةٌ فَلَا يَحْصُلُ الْغَنَاءُ بِمِلْكِ قَدْرِ الدَّيْنِ وَلِهَذَا حَلَّ لَهُ أَخْذُ الصَّدَقَةِ وَهِيَ لَا تَحِلُّ لِلْغَنِيِّ، وَكَذَلِكَ الْيُسْرُ فِيمَا إذَا كَانَ لِلْمُؤَدِّي فَضْلُ مَالٍ غَيْرُ مَشْغُولٍ بِحَاجَتِهِ وَنَعْنِي بِمَشْغُولِيَّةِ الْمَالِ بِالْحَاجَةِ أَنَّهُ مُتَعَيِّنٌ لِقَضَاءِ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ تَفْرِيغَ الذِّمَّةِ عَنْ الدَّيْنِ وَاجِبٌ وَلَا يَحْصُلُ ذَلِكَ إلَّا بِهَذَا الْمَالِ فَكَانَ كَالْمَصْرُوفِ إلَى الدَّيْنِ كَالْمَاءِ الْمُعَدِّ

نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 1  صفحه : 207
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست