responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 1  صفحه : 156
وَبِإِرَاقَةِ الدَّمِ وَإِزَالَةِ التَّمَوُّلِ عَنْ الْبَاقِي عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ عَلَى مَا نُبَيِّنُ فِي مَسْأَلَةِ التَّضْحِيَةِ أَيَمْنَعُ الرُّجُوعَ فِي الْهِبَةِ أَمْ لَا فَنَقَلَ إلَى هَذَا تَطْبِيبًا لِلطَّعَامِ وَتَحْقِيقًا لِمَعْنَى الْعِيدِ بِالضِّيَافَةِ إلَّا أَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ التَّضْحِيَةُ أَصْلًا فَلَمْ نَعْتَبِرْ هَذَا الْمَوْهُومَ فِي مُعَارَضَةِ الْمَنْصُوصِ الْمُتَيَقَّنِ، فَإِذَا فَاتَ هَذَا الْمُتَيَقَّنُ بِفَوَاتِ وَقْتِهِ وَجَبَ الْعَمَلُ بِالْمَوْهُومِ مَعَ الِاحْتِمَالِ احْتِيَاطًا أَيْضًا وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ كَانَ بِهَذَا الطَّرِيقِ لَا أَنَّهُ مِثْلُ الْأُضْحِيَّةِ أَنَّهُ إذَا جَاءَ الْعَامُ الْقَابِلُ لَمْ يَنْتَقِلْ الْحُكْمُ إلَى الْأُضْحِيَّةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQيَرْجِعَ فِيهَا وَيَجْزِيَهُ الْأُضْحِيَّةَ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ مَعَ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ.
وَجْهُ قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ مِلْكَ الْمَوْهُوبِ لَهُ لَمْ يَزُلْ عَنْ الْعَيْنِ وَالذَّبْحِ نُقْصَانٌ فِيهَا فَلَا يَمْنَعُ الرُّجُوعَ فِيمَا بَقِيَ كَشَاةِ الْقَصَّابِ، وَهَذَا؛ لِأَنَّ الْقُرْبَةَ لَمْ تَقَعْ بِعَيْنِ الشَّاةِ بَلْ بِالْإِرَاقَةِ بِدَلِيلِ أَنَّ مَا أُدِّيَتْ بِهِ الْقُرْبَةُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَبْقَى عَلَى مِلْكِهِ وَالْمَذْبُوحُ بَاقٍ عَلَى مِلْكِهِ يَأْكُلُهُ وَيَضْمَنُ لَهُ مُسْتَهْلِكُهُ وَيُورَثُ عَنْهُ وَيَبِيعُهُ فَيَجُوزُ إلَّا أَنَّهُ يَتَصَدَّقُ بِثَمَنِهِ وَذَلِكَ لَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْمِلْكِ فَإِنَّ الْأَمْلَاكَ الْخَبِيثَةَ سَبِيلُهَا التَّصَدُّقُ بِهَا مَعَ قِيَامِ الْمِلْكِ وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ أَدَاءَ الْقُرْبَةِ لَمْ يَقَعْ إلَّا بِالْإِرَاقَةِ بَقِيَ الْحُكْمُ فِيمَا وَرَاءَ الدَّمِ عَلَى مَا لَوْ ذَبَحَ لَا لِلْأُضْحِيَّةِ وَالرُّجُوعُ فِيهَا لَا يُغَيِّرُ حُكْمَ الْإِرَاقَةِ؛ لِأَنَّ الْفَائِتَ لَا يَعْمَلُ فِيهِ الْفَسْخُ وَنَظِيرُهُ وَهَبَ شَاتَيْنِ فَضَحَّى بِأَحَدَيْهِمَا وَأَكَلَهَا ثُمَّ رَجَعَ فِي الْأُخْرَى أَوْ ذَبَحَ شَاةَ الْهِبَةِ وَبَاعَ جِلْدَهَا وَرَجَعَ الْوَاهِبُ فِيمَا بَقِيَ لَا يَبْطُلُ الْبَيْعُ.
وَلِأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ الْقُرْبَةَ كَمَا يَتَأَدَّى بِالدَّمِ يَتَأَدَّى بِأَجْزَاءِ الشَّاةِ بِدَلِيلِ أَنَّ سَلَامَتَهَا مُعْتَبَرَةٌ لِلْجَوَازِ ابْتِدَاءً وَبَعْدَ الذَّبْحِ لَوْ بَاعَ شَيْئًا مِنْهَا يَتَصَدَّقُ بِثَمَنِهِ لِمَكَانِ أَنَّهُ بَقِيَ قُرْبَةً فَيَجِبُ صَرْفُهُ إلَى حَيْثُ لَا يَبْطُلُ بِهِ حَقُّ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلَوْ لَمْ يَتَعَلَّقْ مَعْنَى الْقُرْبَةِ بِمَا بَقِيَ لَبَقِيَ عَلَى حُكْمِ سَائِرِ الْأَغْنَامِ فَتَأَدَّى الْقُرْبَةُ بِإِرَاقَةِ الدَّمِ وَبِإِبْطَالِ حَقِّ التَّمَوُّلِ مِنْ الْبَاقِي فَلِذَلِكَ لَمْ يَبْطُلْ أَصْلُ الْمِلْكِ؛ لِأَنَّ الْقُرْبَةَ لَمْ تَتَأَدَّ بِهِ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ الرُّجُوعُ؛ لِأَنَّهُ يَبْطُلُ مَا أَدَّى مِنْ الْقُرْبَةِ بِالْعَيْنِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَصِيرُ بَعْدَ الرُّجُوعِ مَالًا يُتَمَوَّلُ كَسَائِرِ الْأَمْوَالِ كَذَا فِي الْأَسْرَارِ.
فَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَدَّ سُقُوطَ التَّمَوُّلِ نَقْصًا فِيهِ لَا بِاعْتِبَارِ ظُهُورِ مَعْنَى الْقُرْبَةِ فِيهِ وَنَحْنُ اعْتَبَرْنَاهُ أَثَرَ الْقُرْبَةِ.
ثُمَّ الْغَرَضُ مِنْ إيرَادِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي أَثْنَاءِ الْكَلَامِ أَنَّ مَعْنَى التَّصَدُّقِ فِي النَّقْلِ إلَى التَّضْحِيَةِ حَاصِلٌ أَيْضًا مِنْ وَجْهٍ؛ لِأَنَّ التَّصَدُّقَ تَنْقِيصُ الْمَالِ بِإِيصَالِ مَنْفَعَتِهِ إلَى الْفَقِيرِ وَالتَّضْحِيَةَ تَنْقِيصُ الْمَالِ بِالْإِرَاقَةِ أَوْ التَّنْقِيصُ مَعَ إزَالَةِ التَّمَوُّلِ عَنْ الْبَاقِي فَيَكُونُ بَيْنَهُمَا نَوْعُ مُمَاثَلَةٍ.
قَالَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي شَرْح التَّقْوِيمِ: إنَّ اللَّهَ تَعَالَى نَقَلَ الْقُرْبَةَ مِنْ التَّمْلِيكِ إلَى الْإِرَاقَةِ فَثَبَتَ الْمُمَاثَلَةُ بَيْنَهُمَا شَرْعًا مِنْ حَيْثُ إنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَقَامَ الْإِرَاقَةَ مُقَامَ التَّمْلِيكِ وَفِيهِ شُبْهَةُ الْمُمَاثَلَةِ فَإِنَّ مُحَمَّدًا قَالَ الْقُرْبَةُ لَا تَتِمُّ إلَّا بِالتَّمْلِيكِ حَتَّى لَوْ وَهَبَ شَاةً فَضَحَّى الْمَوْهُوبُ لَا يَنْقَطِعُ حَقُّ الْوَاهِبِ قَبْلَ التَّمْلِيكِ، فَدَلَّ أَنَّ الْقُرْبَةَ لَا تَتِمُّ إلَّا بِالتَّمْلِيكِ، فَإِذَا كَانَ بَيْنَهُمَا مُمَاثَلَةٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، فَإِذَا ذَهَبَ وَقْتُ التَّضْحِيَةِ وَجَبَ التَّمْلِيكُ بِالشَّاةِ أَوْ الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّهُ مِثْلٌ مِنْ حَيْثُ إنَّ الشَّرْعَ أَقَامَ أَحَدَهُمَا مُقَامَ الْآخَرِ.
وَقَوْلُهُ إلَّا أَنَّهُ يَحْتَمِلُ جَوَابَ سُؤَالٍ وَهُوَ أَنْ يُقَالَ لَمَّا ثَبَتَ أَصَالَةُ التَّصَدُّقِ فِي التَّضْحِيَةِ بِمَا ذَكَرْتُمْ وَالنَّقْلِ إلَى الْإِرَاقَةِ لِمَعْنَى الضِّيَافَةِ يَنْبَغِي أَنْ يَخْرُجَ عَنْ الْعُهْدَةِ بِالتَّصَدُّقِ فِي أَيَّامِ النَّحْرِ أَيْضًا كَمَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ لَوْ صَلَّى الظُّهْرَ فِي مَنْزِلِهِ يَخْرُجُ عَنْ الْعُهْدَةِ، وَإِنْ كَانَ مَأْمُورًا بِأَدَاءِ الْجُمُعَةِ لِكَوْنِ الظُّهْرِ أَصْلًا فَأَجَابَ وَقَالَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ إرَاقَةُ الدَّمِ أَصْلًا مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ مَعْنَى التَّصَدُّقِ وَهِيَ وَاجِبَةٌ بِالنَّصِّ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ فَلَا يُعْتَبَرُ الْمَوْهُومُ فِي مُقَابَلَتِهِ بِخِلَافِ صَلَاةِ الظُّهْرِ فَإِنَّ أَصَالَتَهَا ثَبَتَ بِالنَّصِّ أَيْضًا كَوُجُوبِ الْجُمُعَةِ فَيَجُوزُ أَنْ تُقَابِلَ الْجُمُعَةَ قَوْلُهُ (وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ) أَيْ وُجُوبَ التَّصَدُّقِ.
كَانَ بِهَذَا الطَّرِيقِ وَهُوَ احْتِمَالُ كَوْنِهِ أَصْلًا فِي التَّضْحِيَةِ لَا أَنَّهُ مِثْلٌ لِلْأُضْحِيَّةِ غَيْرُ مَعْقُولٍ كَالْفِدْيَةِ لِلصَّوْمِ،

نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 1  صفحه : 156
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست