responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 1  صفحه : 151
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البقرة: 184] أَيْ لَا يُطِيقُونَهُ وَهَذَا مُخْتَصَرٌ بِالْإِجْمَاعِ وَثَبَتَ فِي الْحَجِّ بِحَدِيثِ «الْخَثْعَمِيَّةِ أَنَّهَا قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ أَبِي أَدْرَكَهُ الْحَجُّ وَهُوَ شَيْخٌ كَبِيرٌ لَا يَسْتَمْسِكُ عَلَى الرَّاحِلَةِ أَفَيُجْزِئُنِي أَنْ أَحُجَّ عَنْهُ فَقَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَرَأَيْت لَوْ كَانَ عَلَى أَبِيك دَيْنٌ فَقَضَيْتِيهِ أَكَانَ يُقْبَلُ مِنْك فَقَالَتْ نَعَمْ قَالَ فَدَيْنُ اللَّهِ أَحَقُّ»
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَمَّا عَدَمُهَا صُورَةً فَظَاهِرٌ.
وَأَمَّا مَعْنًى فَلِأَنَّ مَعْنَى الصَّوْمِ إتْعَابُ النَّفْسِ بِالْكَفِّ عَنْ قَضَاءِ الشَّهْوَتَيْنِ، وَمَعْنَى الْفِدْيَةِ تَنْقِيصُ الْمَالِ وَدَفْعُ حَاجَةِ الْغَيْرِ فَلَمْ يَكُنْ الْفِدْيَةُ مِثْلًا لِلصَّوْمِ قِيَاسًا أَيْ رَأْيًا وَفِي قَوْلِهِ؛ لِأَنَّا لَا نَعْقِلُ الْمُمَاثَلَةَ لُطْفٌ وَرِعَايَةُ أَدَبٍ لَيْسَ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ فِيمَا بَعْدَهُ وَكَذَلِكَ لَيْسَ بَيْنَ أَفْعَالِ الْحَجِّ وَنَفَقَةِ الْإِحْجَاجِ مُمَاثَلَةٌ بِوَجْهٍ يُعْرَفُ ذَلِكَ بِالذَّوْقِ.
وَإِنَّمَا جَاءَ التَّفْرِقَةُ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ قَدْ قِيلَ: إنَّ بَيْنَ الْفِدْيَةِ وَالصَّوْمِ مُمَاثَلَةً وَهِيَ أَنَّهُ لَمَّا صَرَفَ طَعَامَ يَوْمٍ إلَى مِسْكِينٍ فَقَدْ مَنَعَ النَّفْسَ عَنْ الِارْتِفَاقِ بِذَلِكَ الطَّعَامِ فَكَأَنَّهُ لَمْ يُوصِلْ إلَى نَفْسِهِ حَظَّهَا مِنْ الطَّعَامِ يَوْمًا وَهَذَا مَعْنَى الصَّوْمِ وَلَمْ يَقُلْ الْمُمَاثَلَةَ بِوَجْهٍ عَنْ أَحَدٍ بَيْنَ الْإِنْفَاقِ وَأَفْعَالِ الْحَجِّ فَكَأَنَّ الشَّيْخَ نَظَرَ إلَى ذَلِكَ الْمَعْنَى وَنَفَاهُ بِأَلْطَفِ عِبَارَةٍ.
وَقَوْلُهُ لَكِنَّا اسْتِدْرَاكٌ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى يَعْنِي لَمَّا لَمْ يَكُنْ الْفِدْيَةُ مِثْلًا مَعْقُولًا لِلصَّوْمِ وَكَذَا الْإِنْفَاقُ لِلْحَجِّ لَا يَجُوزُ إثْبَاتُهُ بِالرَّأْيِ لَكِنَّا جَوَّزْنَاهُ أَيْ الْمَذْكُورَ وَهُوَ الْفِدْيَةُ بِالنَّصِّ قَوْلُهُ (قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ} [البقرة: 184] أَيْ وَعَلَى الْمُطِيقِينَ الَّذِينَ لَا عُذْرَ لَهُمْ إنْ أَفْطَرُوا، فِدْيَةُ طَعَامِ مِسْكِينٍ نِصْفُ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ أَوْ صَاعٍ مِنْ غَيْرِهِ عِنْدَنَا.
وَكَانَ ذَلِكَ فِي بَدْءِ الْإِسْلَامِ فُرِضَ عَلَيْهِمْ الصَّوْمُ وَلَمْ يَتَعَوَّدُوهُ فَاشْتَدَّ عَلَيْهِمْ فَرَخَّصَ لَهُمْ فِي الْإِفْطَارِ وَالْفِدْيَةِ وَقَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَطُوقُونَهُ وَيُطِيقُونَهُ أَيْ يُكَلِّفُونَهُ عَلَى جَهْدٍ مِنْهُمْ وَعُسْرٍ وَهُمْ الشُّيُوخُ وَالْعَجَائِزُ وَحُكْمُ هَؤُلَاءِ الْإِفْطَارُ وَالْفِدْيَةُ وَهُوَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ غَيْرُ مَنْسُوخٍ.
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ هَذَا مَعْنَى يُطِيقُونَهُ أَيْ يَصُومُونَهُ جَهْدَهُمْ وَطَاقَتَهُمْ وَمَبْلَغَ وُسْعِهِمْ كَذَا فِي الْكَشَّافِ، وَذُكِرَ فِي التَّيْسِيرِ وَفِي قِرَاءَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وَعَلَى الَّذِينَ يُطَوَّقُونَهُ أَيْ يُكَلَّفُونَهُ فَلَا يُطِيقُونَهُ، وَفِي قِرَاءَةِ حَفْصَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - وَعَلَى الَّذِينَ لَا يُطِيقُونَهُ وَقِيلَ هُوَ الشَّيْخُ الْفَانِي فَعَلَى هَذَا لَا يَكُونُ مَنْسُوخًا فَإِنَّهُ حُكْمٌ ثَابِتٌ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ.
قَوْلُهُ (وَهَذَا مُخْتَصَرٌ) أَيْ قَوْله تَعَالَى {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ} [البقرة: 184] ، أَوْ وَهَذَا النَّصُّ مُخْتَصَرٌ أَيْ حُذِفَ عَنْهُ حَرْفُ لَا كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى، {يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا} [النساء: 176] ، بِالْإِجْمَاعِ أَيْ بِإِجْمَاعِ الْقَائِلِينَ بِأَنَّهُ غَيْرُ مَنْسُوخٍ، أَوْ مَعْنَاهُ بِدَلَالَةِ الْإِجْمَاعِ فَإِنَّ حُكْمَ الشَّيْخِ الْفَانِي وَمَنْ بِمَعْنَاهُ مَجْمَعٌ عَلَيْهِ وَهُوَ مُسْتَفَادٌ مِنْ الْكِتَابِ وَلَا يُسْتَفَادُ مِنْهُ بِدُونِ حَرْفِ لَا فَيَكُونُ مَحْذُوفًا لَا مَحَالَةَ فَيَكُونُ النَّصُّ مُخْتَصَرًا ضَرُورَةً.
وَيُمْكِنُ أَنْ يَجْرِيَ عَلَى ظَاهِرِهِ أَيْ هَذَا النَّصُّ مُخْتَصَرٌ بِالْإِجْمَاعِ أَمَّا عِنْدَ مَنْ جَعَلَهُ غَيْرَ مَنْسُوخٍ فَلِمَا ذَكَرْنَا وَأَمَّا عِنْدَ مَنْ جَعَلَهُ مَنْسُوخًا فَلِأَنَّ التَّقْدِيرَ عِنْدَهُ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَ الصَّوْمَ فَلَا يَصُومُونَ فَعَلَيْهِمْ فَدِيَةٌ وَلَمَّا ثَبَتَ أَنَّهُ مُخْتَصَرٌ لَا يُمْكِنُ الْعَمَلُ بِظَاهِرِهِ رَجَّحْنَا مَا ذَكَرْنَا بِقِرَاءَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَحَفْصَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - قَوْلُهُ (وَثَبَتَ) أَيْ قِيَامُ الْإِنْفَاقِ مَقَامَ الْأَفْعَالِ فِي الْحَجِّ بِحَدِيثِ الْخَثْعَمِيَّةِ وَهِيَ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ مِنْ الْمُهَاجِرَاتِ وَالْحَدِيثُ مَذْكُورٌ فِي الْكِتَابِ.
وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - «أَنَّ امْرَأَةً مِنْ خَثْعَمَ قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ فَرِيضَةَ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ فِي الْحَجِّ أَدْرَكْت أَبِي شَيْخًا كَبِيرًا لَا يَثْبُتُ عَلَى الرَّاحِلَةِ أَفَأَحُجُّ عَنْهُ قَالَ نَعَمْ» قَالَ «وَقَالَ رَجُلٌ إنَّ أُخْتِي نَذَرَتْ أَنْ تَحُجَّ وَأَنَّهَا مَاتَتْ فَقَالَ النَّبِيُّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، لَوْ كَانَ عَلَيْهَا دَيْنٌ أَكُنْت قَاضِيَهُ قَالَ نَعَمْ فَاقْضِ اللَّهَ فَهُوَ أَحَقُّ بِالْقَضَاءِ» كَذَا فِي الْمَصَابِيحِ لَا يَسْتَمْسِكُ عَلَى الرَّاحِلَةِ

نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 1  صفحه : 151
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست