responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 1  صفحه : 109
وَلِعَامَّةِ الْعُلَمَاءِ أَنَّ صِيغَةَ الْأَمْرِ لَفْظٌ خَاصٌّ مِنْ تَصَارِيفِ الْفِعْلِ، وَكَمَا أَنَّ الْعِبَارَاتِ لَا تَقْصُرُ عَنْ الْمَعَانِي، فَكَذَلِكَ الْعِبَارَاتُ فِي أَصْلِ الْوَضْعِ مُخْتَصَّةٌ بِالْمُرَادِ وَلَا يَثْبُتُ الِاشْتِرَاكُ إلَّا بِعَارِضٍ، فَكَذَلِكَ صِيغَةُ الْأَمْرِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَأُصُولِ أَبِي الْيُسْرِ وَغَيْرِهَا أَلَا تَرَى أَنَّ اللَّعِينَ قَادِرٌ عَلَى الْوَسْوَسَةِ وَالدُّعَاءِ إلَى الشَّرِّ؛ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَادِرًا عَلَى الْإِضْلَالِ وَالْإِغْوَاءِ فَأَنَّى يَكُونُ هَذَا مِنْ بَابِ التَّقْرِيعِ، وَلَا حَاجَةَ إلَى ذِكْرِ التَّقْرِيعِ هَهُنَا؛ وَإِنْ ذُكِرَ فِي بَعْضِ الْكُتُبِ؛ لِأَنَّهُ فِي بَيَانِ الْمَعَانِي الْأَصْلِيَّةِ لِيَثْبُتَ الِاشْتِرَاكُ عَلَى زَعْمِ الْخَصْمِ وَهَذَا مِنْ الْمَعَانِي الْمَجَازِيَّةِ بِالِاتِّفَاقِ فَلَا حَاجَةَ إلَى ذِكْرِهِ، وَمَا ذَكَرْنَا هُوَ الْمُتَمَسَّكُ لِلْبَاقِينَ مِنْ الْقَائِلِينَ بِالِاشْتِرَاكِ اللَّفْظِيِّ إلَّا أَنَّهُمْ قَالُوا حَمْلُهُ عَلَى الْإِبَاحَةِ أَوْ التَّهْدِيدِ الَّذِي هُوَ الْمَنْعُ بَعِيدٌ؛ لِأَنَّا نُدْرِكُ التَّفْرِقَةَ فِي اللُّغَاتِ كُلِّهَا بَيْنَ قَوْلِهِ افْعَلْ وَقَوْلِهِ لَا تَفْعَلْ وَبَيْنَ قَوْلِهِ إنْ شِئْت فَافْعَلْ؛ وَإِنْ شِئْت لَا تَفْعَلْ حَتَّى إذَا قَدَّرْنَا انْتِفَاءَ الْقَرَائِنِ كُلِّهَا وَقَدَّرْنَا هَذِهِ الصِّيغَةَ مَنْقُولَةً عَنْ غَائِبٍ لَا فِي فِعْلٍ مُعَيَّنٍ مِنْ قِيَامٍ أَوْ قُعُودٍ أَوْ صَلَاةٍ أَوْ صِيَامٍ حَتَّى يَتَوَهَّمَ فِيهِ قَرِينَةً دَالَّةً بَلْ فِي الْفِعْلِ مُطْلَقًا سَبَقَ إلَى فَهْمِنَا اخْتِلَافُ مَعَانِي هَذِهِ الصِّيَغِ وَعَلِمْنَا قَطْعًا أَنَّهَا لَيْسَتْ بِأَلْفَاظٍ مُتَرَادِفَةٍ عَلَى مَعْنًى وَاحِدٍ كَمَا أَنَّا نُدْرِكُ التَّفْرِقَةَ بَيْنَ قَوْلِهِمْ قَامَ زَيْدٌ وَيَقُومُ زَيْدٌ فِي أَنَّ الْأَوَّلَ لِلْمَاضِي وَالثَّانِيَ لِلْمُسْتَقْبَلِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ يُعَبَّرُ بِالْمَاضِي عَنْ الْمُسْتَقْبَلِ وَبِالْعَكْسِ لِقَرَائِنَ تَدُلُّ، وَكَمَا مَيَّزُوا الْمَاضِيَ عَنْ الْمُسْتَقْبَلِ مَيَّزُوا الْأَمْرَ عَنْ النَّهْيِ وَقَالُوا: الْأَمْرُ قَوْلُهُ افْعَلْ وَالنَّهْيُ لَا تَفْعَلْ؛ وَإِنَّهُمَا لَا يُنْبِئَانِ عَنْ مَعْنَى قَوْلِهِ إنْ شِئْت فَافْعَلْ؛ وَإِنْ شِئْت فَلَا تَفْعَلْ.
وَهَذَا أَمْرٌ نَعْلَمُهُ بِالضَّرُورَةِ مِنْ اللُّغَاتِ فَعُلِمَ بِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ قَوْلَهُ افْعَلْ يَدُلُّ عَلَى تَرْجِيحِ جَانِبِ الْفِعْلِ عَلَى جَانِبِ التَّرْكِ وَالتَّهْدِيدُ الَّذِي هُوَ الْمَنْعُ خِلَافُهُ، وَكَذَا قَوْلُهُ أَبَحْتُ لَك إنْ شِئْت فَافْعَلْ؛ وَإِنْ شِئْت فَلَا تَفْعَلْ يَرْفَعُ التَّرْجِيحَ فَبَقِيَ الِاشْتِرَاكُ بَيْنَ النَّدْبِ وَالْوُجُوبِ، وَمَنْ قَالَ: إنَّهُ مُشْتَرَكٌ بِالِاشْتِرَاكِ الْمَعْنَوِيِّ قَالَ جَعْلُهُ حَقِيقَةً فِي الْإِذْنِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ أَوْ الطَّلَبِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ الْوُجُوبِ وَالنَّدْبِ أَوْلَى دَفْعًا لِلِاشْتِرَاكِ وَالْمَجَازِ، ثُمَّ الْوَاقِفِيَّةُ إنَّمَا قَالُوا بِوُجُوبِ الصَّلَاةِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَقِيمُوا الصَّلاةَ} [الأنعام: 72] بِقَرِينَةِ {إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} [النساء: 103] وَبِمَا وَرَدَ مِنْ التَّهْدِيدَاتِ فِي تَرْكِ الصَّلَاةِ وَمَا وَرَدَ مِنْ تَكْلِيفِ الصَّلَاةِ فِي حَالِ شِدَّةِ الْخَوْفِ وَالْمَرَضِ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ.
وَأَمَّا فِي الزَّكَاةِ فَقَدْ اقْتَرَنَ بِقَوْلِهِ {وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة: 43] قَوْله تَعَالَى {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ} [التوبة: 34] الْآيَةُ وَأَمَّا فِي الصَّوْمِ فَبِقَوْلِهِ {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ} [البقرة: 183] وَقَوْلُهُ عَزَّ اسْمُهُ {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 184] وَإِيجَابُ تَدَارُكِهِ عَلَى الْحَائِضِ، وَكَذَلِكَ الزِّنَا وَالْقَتْلُ وَغَيْرُهُمَا مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ وَرَدَتْ فِيهَا تَهْدِيدَاتٌ وَدَلَالَاتٌ تَوَارَدَتْ عَلَى طُولِ مُدَّةِ النُّبُوَّةِ لَا تُحْصَى.
قَوْلُهُ (وَلِعَامَّةِ الْعُلَمَاءِ) أَيْ الَّذِينَ قَالُوا بِأَنَّ لِلْأَمْرِ مُوجِبًا مُتَعَيِّنًا أَنَّ صِيغَةَ الْأَمْرِ لَفْظٌ خَاصٌّ مِنْ تَصَارِيفِ الْفِعْلِ، وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ صِيغَةُ الْأَمْرِ أَحَدُ تَصَارِيفِ الْفِعْلِ كَمَا قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ؛ لِأَنَّ النِّزَاعَ وَقَعَ فِي خُصُوصِهِ فَلَا يَسْتَقِيمُ أَنْ يُجْعَلَ مُقَدِّمَةَ الدَّلِيلِ، وَكَمَا أَنَّ الْعِبَارَاتِ لَا تُقْصَرُ عَنْ الْمَعَانِي حَتَّى كَانَتْ كَافِيَةً فِي الدَّلَالَةِ عَلَى الْمَعَانِي وَلَمْ يَحْتَجْ إلَى شَيْءٍ آخَرَ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ فِي الْبَابِ الْمُتَقَدِّمِ فَكَذَلِكَ الْعِبَارَاتُ مُخْتَصَّةٌ بِالْمَعَانِي أَيْ كُلُّ عِبَارَةٍ مُخْتَصَّةٍ بِمَعْنًى فِي أَصْلِ الْوَضْعِ وَالْمُرَادُ بِالْمُرَادِ الْجِنْسُ.
وَلَا يَثْبُتُ الِاشْتِرَاكُ أَيْ فِي الْعِبَارَةِ إلَّا بِعَارِضٍ لِمَا مَرَّ أَنَّ الْغَرَضَ مِنْ وَضْعِ الْكَلَامِ إفْهَامَ الْمُرَادِ لِلسَّامِعِ وَالِاشْتِرَاكُ يُخِلُّ بِهِ

نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 1  صفحه : 109
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست