responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : قواعد الأحكام في مصالح الأنام نویسنده : ابن عبد السلام    جلد : 2  صفحه : 71
وَعَلَى الْجُمْلَةِ فَمَصَالِحُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ كُلُّ قِسْمٍ مِنْهَا فِي مَنَازِلَ مُتَفَاوِتَاتٍ. فَأَمَّا مَصَالِحُ الدُّنْيَا فَتَنْقَسِمُ إلَى الضَّرُورَاتِ وَالْحَاجَاتِ وَالتَّتِمَّاتِ وَالتَّكْمِلَاتِ. فَالضَّرُورَاتُ: كَالْمَآكِلِ وَالْمَشَارِبِ وَالْمَلَابِسِ وَالْمَسَاكِنِ وَالْمَنَاكِحِ وَالْمَرَاكِبِ الْجَوَالِبِ لِلْأَقْوَاتِ وَغَيْرِهَا مِمَّا تَمَسُّ إلَيْهِ الضَّرُورَاتُ، وَأَقَلُّ الْمُجْزِئُ مِنْ ذَلِكَ ضَرُورِيٌّ، وَمَا كَانَ فِي ذَلِكَ فِي أَعَلَا الْمَرَاتِبِ كَالْمَآكِلِ الطَّيِّبَاتِ وَالْمَلَابِسِ النَّاعِمَاتِ، وَالْغُرَفِ الْعَالِيَاتِ، وَالْقُصُورِ الْوَاسِعَاتِ، وَالْمَرَاكِبِ النَّفِيسَاتِ وَنِكَاحِ الْحَسْنَاوَاتِ، وَالسَّرَارِي الْفَائِقَاتِ، فَهُوَ مِنْ التَّتِمَّاتِ وَالتَّكْمِلَاتِ، وَمَا تَوَسَّطَ بَيْنَهُمَا فَهُوَ مِنْ الْحَاجَاتِ.
وَأَمَّا مَصَالِحُ الْآخِرَةِ فَفِعْلُ الْوَاجِبَاتِ وَاجْتِنَابُ الْمُحَرَّمَاتِ مِنْ الضَّرُورِيَّاتِ وَفِعْلُ السُّنَنِ الْمُؤَكَّدَاتِ الْفَاضِلَاتِ مِنْ الْحَاجَاتِ، وَمَا عَدَا ذَلِكَ مِنْ الْمَنْدُوبَاتِ التَّابِعَةِ لِلْفَرَائِضِ وَالْمُسْتَقِلَّات فَهِيَ مِنْ التَّتِمَّاتِ وَالتَّكْمِلَاتِ.
وَفَاضِلُ كُلِّ قِسْمٍ مِنْ الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ مُقَدَّمٌ عَلَى مَفْضُولِهِ، فَيُقَدَّمُ مَا اشْتَدَّتْ الضَّرُورَةُ إلَيْهِ عَلَى مَا مَسَّتْ الْحَاجَةُ إلَيْهِ.
فَإِنْ قِيلَ: قَدْ سَاوَى الشَّرْعُ فِي الْقِسْمَةِ الْعَامَّةِ عَلَى تَفَاوُتِ الْحَاجَاتِ دُونَ الْفَضَائِلِ وَالْمَنَاقِبِ فَهَلَّا كَانَتْ قِسْمَةُ الْقَضَاءِ وَالْقَدَرِ كَذَلِكَ؟ فَالْجَوَابُ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّ قِسْمَةَ الْقَدَرِ لَوْ كَانَتْ كَقِسْمَةِ الشَّرْعِ لَأَدَّى إلَى أَنْ يَعْجِزَ النَّاسُ عَنْ قِيَامِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ الْمَصَالِحِ الْمَذْكُورَةِ، وَأَدَّى ذَلِكَ إلَى هَلَاكِ الْعَالَمِ وَتَعْطِيلِ مَصَالِحِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.
الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ الْغَرَضَ بِقِسْمَةِ الْقَدَرِ أَنْ يَنْظُرَ الْغَنِيُّ إلَى مَنْ دُونَهُ امْتِحَانًا لِشُكْرِهِ، وَيَنْظُرَ الْفَقِيرُ إلَى الْغَنِيِّ اخْتِبَارًا لِصَبْرِهِ، وَقَدْ نَصَّ الْقُرْآنُ عَلَى هَذَا

نام کتاب : قواعد الأحكام في مصالح الأنام نویسنده : ابن عبد السلام    جلد : 2  صفحه : 71
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست